صب يذوب إلى لقاء مذيبه

صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذيِبِهِ

​صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذيِبِهِ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذيِبِهِ
يستعذبُ الآلام مِنْ تعذيبهِ
عمّى هواهُ عن الوشاةِ مُكتماً
فجرَتْ مدامعُهُ بِشَرْحِ غريبه
كم لائمٍ والسمعُ يدفعُ لَوْمَهُ
والقلبُ يدْفعُ قلْيَهُ بوجيبه
ملكَ القلوب هوى الحسان فقل لنا
كيفَ انتفاعُ جسومنا بقلوبه
وبم السلوّ إذا بدا لي مثمراً
خوطٌ يميسُ على ارتجاج كثيبه
والشوقُ يَزْخَرُ بَحْرُهُ بِقَبولهِ
ودبوره وشماله وجنوبه
وبنفسي القمر الذي أحيا الهوى
وأماتَهُ بطلوعِهِ وغروبه
قرّنوا بورد الخد عقرب صُدغه
وذَرَوْا ترابَ المسك فوق تريبه
والعين حيرى من تألق نوره
والنفس سكرى من تضوعِ طيبه
في طرفه مرض، ملاحته التي
ألقَتْ عليّ أنينَهُ بكروبه
أعيا الطبيب علاجه، يا سحرهُ
ألَدَيْكَ صَرْفٌ عن علاجِ طبيبه
إني لأذكره إذا أنْسَى الوغى
قلبَ المحبِّ المحضِ ذكر حبيبه
والسيفُ في ضرب السيوف بسلّةٍ
في ضحكِهِ، والموت في تقطيبه
وأقبَّ كاليعسوبِ تركبُ مَتْنَهُ
فركوب متن البحر دون ركوبه
متقمصٌ لوناً كأن سواده
غمس الغراب الجون في غربيبه
يرميك أول وهلة بنشاطه
كالماءِ فُضّ الختْمِ عن أنبوبه
بقديم سبقٍ يستقل ببعضه
وكريم عرْقٍ في المدى يجري به
وبأربعٍ جاءتك في تركيبها
بالطبْعِ مُفْرَغَةً على تركيبه
فكأنَّ حِدَّةَ طَرْفِهِ وفؤادِهِ
من أذنه نقلت إلى عرقوبه
ألقى على الأرض العريضة أرضه
ثم اشتكى ضيفاً لها بوثوبه
وجزَى ففاتَ البَرْق سبقاً وانتهى
من قبلِ خطفته إلى مطلوبه
فلشبه دهمته بدهمةٍ ليله
أمسى يفتشه بفرط لهيبه
ويرشّ سيفي بالنجيع مصارعاً
للأسْدِ يُسْكنُها بذيل عسيبه
ومهند مثل الخليج تصفقت
طُرُقُ النسيمِ عليه من تَنْشِيطهِ
ربّتْهُ في النيرانِ كَفّا قَيْنِهِ
فهو الزِّنادُ لهنّ يوم حروبه
وكأنَّما في مائِهِ وسعِيرِهِ
نملٌ يسير بسحبه ودبيبه
وإذا أصابَ قذال ذِمْرٍ قَدّهُ
ومشَتْ يدي معه إلى مَرْغوبه
وكأنما اقتسم الكميَّ مع الردى
ليكونَ منه نصيبه كنصيبه