صحيح ابن حبان/كتاب الإيمان

كتاب الإيمان


باب الفطرة

[ 128 ] أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه

ذكر إثبات الألف بين الأشياء الثلاثة التي ذكرناها

[ 129 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه قال أبو حاتم قوله كل مولود يولد على الفطرة أراد به على الفطرة التي فطره الله عليها جل وعلا يوم أخرجهم من صلب آدم لقوله جل وعلا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله يقول لا تبديل لتلك الخلقة التي خلقهم لها إما لجنة وإما لنار حيث أخرجهم من صلب آدم فقال هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار ألا ترى أن غلام الخضر قال طبعه الله يوم طبعه كافرا وهو بين أبوين مؤمنين فأعلم الله ذلك عبده الخضر ولم يعلم ذلك كليمه موسى على ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به حميد بن عبد الرحمن

[ 130 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتجون إبلكم هذه هل تحسون فيها من جدعاء ثم يقول أبو هريرة فاقرؤوا إن شئتم { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله } قال أبو حاتم قوله فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه مما نقول في كتبنا إن العرب تضيف الفعل إلى الآمر كما تضيفه إلى الفاعل فأطلق اسم التهود والتنصر والتمجس على من أمر ولده بشيء منها بلفظ الفعل لا أن المشركين هم الذين يهودون أولادهم أو ينصرونهم أو يمجسونهم دون قضاء الله عز وجل في سابق علمه في عبيده على حسب ما ذكرناه في غير موضع من كتبنا وهذا كقول بن عمر إن النبي حلق رأسه في حجته يريد به أن الحالق فعل ذلك به لا نفسه وهذا كقوله من حين يخرج أحدكم من بيته إلى الصلاة فخطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة يريد أن الله يأمر بذلك لا أن الخطوة تحط الخطيئة أو ترفع الدرجة وهذا كقول الناس الأمير ضرب فلانا ألف سوط يريدون أنه أمر بذلك لا أنه فعل بنفسه

ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس أنه مضاد للخبرين اللذين ذكرناهما قبل

[ 131 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أنبأنا يونس عن بن شهاب أن عطاء بن يزيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول سئل رسول الله عن ذراري المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عاملين

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه مضاد لخبر أبي هريرة الذي ذكرناه

[ 132 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا السري بن يحيى أبو الهيثم وكان عاقلا حدثنا الحسن عن الأسود بن سريع وكان شاعرا وكان أول من قص في هذا المسجد قال أفضى بهم القتل إلى أن قتلوا الذرية فبلغ النبي فقال أوليس خياركم أولاد المشركين ما من مولود يولد إلا على فطرة الإسلام حتى يعرب فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه قال أبو حاتم في خبر الأسود بن سريع هذا ما من مولود يولد إلا على فطرة الإسلام أراد به الفطرة التي يعتقدها أهل الإسلام التي ذكرناها قبل حيث أخرج الخلق من صلب آدم فإقرار المرء بتلك الفطرة من الإسلام فنسب الفطرة إلى الإسلام عند الاعتقاد على سبيل المجاورة

ذكر الخبر المصرح بأن قوله الله أعلم بما كانوا عاملين كان بعد قوله كل مولود يولد على الفطرة

[ 133 ] أخبرنا عمر بن سعيد الطائي بمنبح أخبرنا أحمد بن أبي بكر الزهري عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس من جدعاء قالوا يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير قال الله أعلم بما كانوا عاملين

ذكر العلة من أجلها قال أوليس خياركم أولاد المشركين

[ 134 ] سمعت أبا خليفة يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول سمعت الربيع بن مسلم يقول سمعت محمد بن زياد يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم يقول عجب ربنا من أقوام يقادون إلى الجنة في السلاسل قال أبو حاتم قوله عجب ربنا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ علم المخاطب بما يخاطب به في القصد إلا بهذه الألفاظ التي استعملها الناس فيما بينهم والقصد في هذا الخبر السبي الذي يسبيهم المسلمون من دار الشرك مكتفين في السلاسل يقادون بها إلى دور الإسلام حتى يسلموا فيدخلوا الجنة ولهذا المعنى أراد بقوله في خبر الأسود بن سريع أوليس خياركم أولاد المشركين وهذه اللفظة أطلقت أيضا بحذف من عنها يريد أوليس من خياركم

ذكر خبر أوهم من لم يحسن طلب العلم من مظانه أنه مضاد للأخبار التي تقدم ذكرنا لها

[ 135 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه مضاد للأخبار التي ذكرناها قبل

[ 136 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان قال سمعناه من الزهري عودا وبدءا عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال أخبرني الصعب بن جثامة قال مر بي رسول الله وأنا بالأبواء أو بودان فأهديت إليه لحم حمار وحش فرده علي فلما رأى الكراهية في وجهي قال إنه ليس بنا رد عليك ولكنا حرم وسئل النبي عن الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم قال هم منهم قال وسمعته يقول لا حمى إلا لله ورسوله

ذكر الخبر المصرح بأن نهيه عن قتل الذراري من المشركين كان بعد قوله هم منهم

[ 137 ] أخبرنا جعفر بن سنان القطان بواسط حدثنا العباس بن محمد بن حاتم حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن الصعب بن جثامة قال سمعت رسول الله يقول لا حمى إلا لله ولرسوله وسألته عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم قال نعم فإنهم منهم ثم نهى عن قتلهم يوم حنين

ذكر خبر قد أوهم من أغضى عن علم السنن واشتغل بضدها أنه يضاد الأخبار التي ذكرناها قبل

[ 138 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن العلاء بن المسيب عن فضيل بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت توفي صبي فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال النبي أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا قال أبو حاتم أراد النبي بقوله هذا ترك التزكية لأحد مات على الإسلام ولئلا يشهد بالجنة لأحد وإن عرف منه إتيان الطاعات والانتهاء عن المزجورات ليكون القوم أحرص على الخير وأخوف من الرب لا أن الصبي الطفل من المسلمين يخاف عليه النار وهذه مسألة طويلة قد أمليناها بفصولها والجمع بين هذه الأخبار في كتاب فصول السنن وسنمليها إن شاء الله بعد هذا الكتاب في كتاب الجمع بين الأخبار ونفي التضاد عن الآثار إن يسر الله تعالى ذلك وشاء

باب التكليف

ذكر الأخبار عن نفي تكليف الله عباده ما لا يطيقون

[ 139 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال لما نزلت على النبي هذه الآية لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير أتوا النبي فجثوا على الركب وقالوا لا نطيق لا نستطيع كلفنا من العمل ما لا نطيق ولا نستطيع فأنزل الله آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون إلى قوله غفرانك ربنا وإليك المصير فقال النبي لا تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فأنزل الله { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } قال نعم { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } قال نعم { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين } قال نعم

ذكر الإخبار عن الحالة التي من أجلها أنزل الله جل وعلا لا إكراه في الدين

[ 140 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا حسن بن علي الحلواني قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله { لا إكراه في الدين } قال كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من أبناء الأنصار فقالت الأنصار يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله هذه الآية { لا إكراه في الدين } قال سعيد بن جبير فمن شاء لحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام

ذكر البيان بأن الفرض الذي جعله الله جل وعلا نفلا جائز أن يفرض ثانيا فيكون ذلك الفعل الذي كان فرضا في البداية فرضا ثانيا في النهاية

[ 141 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج قال حدثنا سعيد بن حفص النفيلي قال قرأنا على معقل بن عبيد الله عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن رسول الله خرج ليلة في رمضان فصلى في المسجد فصلى رجال وراءه بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا بذلك فاجتمع أكثرهم منهم فخرج رسول الله الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا بذلك فاجتمع أهل المسجد ليلة الثالثة فخرج رسول الله فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله إلا لصلاة الفجر فلما قضيت صلاة الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتقعدوا عنها وكان رسول الله يرغبهم في قيام شهر رمضان من غير أن يأمرهم بقضاء أمر فيه يقول من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فخرج رسول الله والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضوان الله عليهم أجمعين

ذكر الإخبار عن العلة التي من أجلها إذا عدمت رفعت الأقلام عن الناس في كتبة الشيء عليهم

[ 142 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت قال رسول الله رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الغلام حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 143 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا بن وهب أخبرني جرير بن حازم عن سليمان بن مهران عن أبي ظبيان عن بن عباس قال مر علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه بمجنونة بني فلان قد زنت أمر عمر برجمها فردها علي وقال لعمر يا أمير المؤمنين أترجم هذه قال نعم قال أو ما تذكر أن رسول الله قال رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم قال صدقت فخلى عنها

ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا الخبرين الأولين اللذين ذكرناهما بأن القلم رفع عن الأقوام الذين ذكرناهم في كتبة الشر عليهم دون كتبة الخير لهم

[ 144 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان قال سمعته من إبراهيم بن عقبة قال سمعت كريبا يخبر عن بن عباس أن النبي صدر من مكة فلما كان بالروحاء استقبله ركب فسلم عليهم فقال من القوم قالوا المسلمون فمن أنتم قال رسول الله ففزعت امرأة منهم فرفعت صبيا لها من محفة وأخذت بعضلته فقالت يا رسول هل لهذا حج قال نعم ولك أجر قال إبراهيم فحدثت بهذا الحديث بن المنكدر فحج بأهله أجمعين

ذكر الإخبار عما وضع الله من الحرج عن الواجد في نفسه ما لا يحل له أن ينطق به

[ 145 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رجل يا رسول الله إنا لنجد في أنفسنا أشياء ما نحب أن نتكلم بها وإن لنا ما طلعت عليه الشمس فقال قد وجدتم ذلك قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان

ذكر خبر أوهم من لم يتفقه في صحيح الآثار ولا أمعن في معاني الأخبار أن وجود ما ذكرنا هو محض الإيمان

[ 146 ] أخبرنا أبو عروبة بحران قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا بن أبي عدي عن شعبة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة أنهم قالوا يا رسول الله إنا لنجد في أنفسنا شيئا لأن يكون أحدنا حممة أحب إليه من أن يتكلم به قال ذاك محض الإيمان قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه إذا وجد المسلم في قلبه أو خطر بباله من الأشياء التي لا يحل له النطق بها من كيفية الباري جل وعلا أو ما يشبه هذه فرد ذلك على قلبه بالإيمان الصحيح وترك العزم على شيء منها كان رده إياها من الإيمان بل هو من صريح الإيمان لا أن خطرات مثلها من الإيمان

ذكر الإباحة للمرء أن يعرض بقلبه شيء من وساوس الشيطان بعد أن يردها من غير اعتقاد القلب على ما وسوس إليه الشيطان

[ 147 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن منصور عن ذر عن عبد الله بن شداد عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه الشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به فقال الله أكبر الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة

ذكر البيان بأن حكم الواجد في نفسه ما وصفنا وحكم المحدث إياها به سيان ما لم ينطق به لسانه

[ 148 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا خالد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله إن أحدنا ليحدث نفسه بالشيء يعظم على أحدنا أن يتكلم به قال أوقد وجدتموه ذاك صريح الإيمان

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 149 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي ومحمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري بمكة وعدة قالوا حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء قال سمعت علي بن عثام يقول أتيت سعير بن الخمس أسأله عن حديث الوسوسة فلم يحدثني فأدبرت أبكي ثم لقيني فقال تعال حدثنا مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال سألنا رسول الله عن الرجل يجد الشيء لو خر من السماء فتخطفه الطير كان أحب إليه من أن يتكلم قال ذاك صريح الإيمان

ذكر الأمر للمرء بالإقرار لله جل وعلا بالوحدانية ولصفيه بالرسالة عند وسوسة الشيطان إياه

[ 150 ] أخبرنا العباس بن أحمد بن حسان السامي بالبصرة حدثنا كثير بن عبيد المذحجي حدثنا مروان بن معاوية أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله لن يدع الشيطان أن يأتي أحدكم فيقول من خلق السماوات والأرض فيقول الله فيقول فمن خلقك فيقول الله فيقول من خلق الله فإذا حس أحدكم بذلك فليقل آمنت بالله وبرسله

باب فضل الإيمان

[ 151 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا حفص بن عمر الحوضي حدثنا محرر بن قعنب الباهلي حدثنا رياح بن عبيدة عن ذكوان السمان عن جابر بن عبد الله قال بعثني رسول الله فقال ناد في الناس من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فخرج فلقيه عمر في الطريق فقال أين تريد قلت بعثني رسول الله بكذا وكذا قال ارجع فأبيت فلهزني لهزة في صدري ألمها فرجعت ولم أجد بدا قال يا رسول الله بعثت هذا بكذا وكذا قال نعم قال يا رسول الله إن الناس قد طمعوا وخشوا فقال أقعد

ذكر البيان بأن أفضل الأعمال هو الإيمان بالله

[ 152 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني حدثنا سفيان والداروردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح الغفاري عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيله

ذكر البيان بأن الواو الذي في خبر أبي ذر الذي ذكرناه ليس بواو وصل وإنما هو واو بمعنى ثم

[ 153 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال سأل رجل رسول الله فقال يا رسول الله أي العمل أفضل قال الإيمان بالله قال ثم ماذا قال ثم الجهاد في سبيل الله قال ثم ماذا قال ثم حج مبرور

باب فرض الإيمان

[ 154 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عيسى بن حماد قال حدثنا الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول بينا نحن جلوس في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال لهم أيكم محمد ورسول الله متكئ بين ظهرانيهم قال فقلنا له هذا الأبيض المتكىء فقال له الرجل يا بن عبد المطلب فقال له رسول الله قد أجبتك فقال الرجل يا محمد إني سائلك فمشتد عليك في المسألة فلا تجدن علي في نفسك فقال رسول الله سل ما بدا لك فقال الرجل نشدتك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم فقال رسول الله اللهم نعم قال فأنشدك الله آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة فقال رسول الله اللهم نعم قال فأنشدك الله آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة قال رسول الله اللهم نعم قال فأنشدك الله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا فقال رسول الله اللهم نعم فقال الرجل آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر

[ 155 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن الخطاب البلدي قال حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال كنا نهينا أن نسأل رسول الله عن شيء فكان يعجبنا أن يأتيه الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع فأتاه رجل منهم فقال يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال صدق قال فمن خلق السماء قال الله قال فمن خلق الأرض قال الله قال فمن نصب هذه الجبال قال الله قال فمن جعل فيها هذه المنافع قال الله قال فبالذي خلق السماء والأرض ونصب الجبال وجعل فيها هذه المنافع آلله أرسلك قال نعم قال زعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا قال صدق قال فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال زعم رسولك أن علينا صدقة في أموالنا قال صدق قال فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال زعم رسولك أن علينا صوم شهر في سنتنا قال صدق قال فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال زعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال صدق قال فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا قال نعم قال والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن شيئا فلما قفى قال رسول الله لئن صدق ليدخلن الجنة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه هذا النوع مثل الوضوء والتيمم والاغتسال من الجنابة والصلوات الخمس والصوم الفرض وما أشبه هذه الأشياء التي هي فرض على المخاطبين في بعض الأحوال لا الكل

[ 156 ] أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن بن عباس أن رسول الله لما بعث معاذا إلى اليمن قال إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم وإذا فعلوها فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم فإذا أطاعوا بهذا فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه هذا النوع مثل الحج والزكاة وما أشبههما من الفرائض التي فرضت على بعض العاقلين البالغين في بعض الأحوال لا الكل

[ 157 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا عباد بن عباد حدثنا أبو جمرة عن بن عباس قال قدم وفد عبد القيس على رسول الله فقالوا يا رسول الله إنا هذا الحي من ربيعة قد حالت بيننا وبينك كفار مضر ولا نخلص إليك إلا في شهر حرام فمرنا بأمر نعمل به وندعو إليه من وراءنا قال آمركم بأربع الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمس ما غنمتم وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير قال أبو حاتم روى هذا الخبر قتادة عن سعيد بن المسيب وعكرمة عن بن عباس وأبي نضرة عن أبي سعيد الخدري

ذكر البيان بأن الإيمان والإسلام اسمان لمعنى واحد

[ 158 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا وكيع عن حنظلة بن أبي سفيان سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوسا أن رجلا قال لابن عمر ألا تغزو فقال عبد الله بن عمر إني سمعت رسول الله يقول بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت قال أبو حاتم هذان خبران خرج خطابهما على حسب الحال لأنه ذكر الإيمان ثم عده أربع خصال ثم ذكر الإسلام وعدة خمس خصال وهذا ما نقول في كتبنا بأن العرب تذكر الشيء في لغتها بعدد معلوم ولا تريد بذكرها ذلك العدد نفيا عما وراءه ولم يرد بقوله إن الإيمان لا يكون إلا ما عد في خبر بن عباس لأنه ذكر في غير خبر أشياء كثيرة من الإيمان ليست في خبر بن عمر ولا بن عباس اللذين ذكرناهما

ذكر الخبر الدال على أن الإيمان والإسلام اسمان بمعنى واحد

[ 159 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال كان رسول الله يوما بارزا للناس إذ أتاه رجل يمشي فقال يا محمد ما الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر قال يا رسول الله فما الإسلام قال لا تشرك بالله شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال يا محمد ما الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال يا محمد فمتى الساعة قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل وسأحدثك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربتها ورأيت العراة الحفاة رؤوس الناس في خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة الآية ثم انصرف الرجل فالتمسوه فلم يجدوه فقال ذاك جبريل جاء ليعلم الناس دينهم

ذكر الخبر الدال على أن الإسلام والإيمان اسمان بمعنى واحد يشتمل ذلك المعنى على الأقوال والأفعال معا

[ 160 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه أنه قال يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما أتيتك حتى حلفت عدد أصابعي هذه أن لا آتيك فما الذي بعثك به قال الإسلام قال وما الإسلام قال أن تسلم قلبك لله وأن توجه وجهك لله وأن تصلي الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة أخوان نصيران لا يقبل الله من عبد توبة أشرك بعد إسلامه

ذكر الخبر الدال على أن الإيمان والإسلام اسمان بمعنى واحد

[ 161 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله المسلم يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء

ذكر الخبر الدال على أن هذا الخطاب مخرجه مخرج العموم والقصد فيه الخصوص أراد به بعض الناس لا الكل

[ 162 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ضافه ضيف كافر فأمر له رسول الله بشاة فشرب حلابها ثم أخرى فشرب حلابها حتى شرب حلاب سبع شياه ثم إنه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أمر له بأخرى فلم يستتمها فقال رسول الله إن المؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء

ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن الإسلام والإيمان بينهما فرقان

[ 163 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن النبي أعطى رجالا ولم يعط رجلا منهم شيئا فقلت يا رسول الله أعطيت فلانا وفلانا ولم تعط فلانا شيئا وهو مؤمن فقال رسول الله أو مسلم قالها ثلاثا قال الزهري نرى أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل

ذكر خبر أوهم بعض المستمعين ممن لم يطلب العلم من مظانه أنه مضاد للخبرين اللذين ذكرناهما

[ 164 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني الليث بن سعد عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن المقداد بن الأسود أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة وقال أسلمت لله أفأقتله بعد أن قالها فقال رسول الله لا تقتله قلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلة قبل أن يقول كلمته التي قال قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله فإن قتلته بمنزلتك قبل أن تقتله يريد به أنك تقتل قودا لأنه كان قبل أن أسلم حلال الدم وإذا قتلته بعد إسلامه صرت بحالة تقتل مثله قودا به لا أن قتل المسلم يوجب كفرا يخرج من الملة إذ الله قال { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى }

ذكر إثبات الإيمان للمقر بالشهادتين معا

[ 165 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن المثنى حدثنا بن أبي عدي عن حجاج الصواف حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال كانت لي غنيمة ترعاها جارية لي في قبل أحد والجوانية فاطلعت عليها ذات يوم وقد ذهب الذئب منها بشاة وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون فصككتها صكة فعظم ذلك علي فأتيت رسول الله فقلت أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة

ذكر البيان بأن الإيمان أجزاء وشعب لها أعلى وأدنى

[ 166 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا جرير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله قال الإيمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة فأرفعها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان قال أبو حاتم أشار النبي في هذا الخبر إلى الشيء الذي هو فرض على المخاطبين في جميع الأحوال فجعله أعلى الإيمان ثم أشار إلى الشيء الذي هو نفل للمخاطبين في كل الأوقات فجعله أدنى الإيمان فدل ذلك على أن كل شيء فرض على المخاطبين في كل الأحوال وكل شيء فرض على بعض المخاطبين في بعض الأحوال وكل شيء هو نفل للمخاطبين في كل الأحوال كله من الإيمان وأما الشك في أحد العددين فهو من سهيل بن أبي صالح في الخبر كذلك قاله معمر عن سهيل وقد رواه سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح مرفوعا وقال الإيمان بضع وستون شعبة ولم يشك وإنما تنكبنا خبر سليمان بن بلال في هذا الموضع واقتصرنا على خبر سهيل بن أبي صالح لنبين أن الشك في الخبر ليس من كلام رسول الله وإنما هو كلام سهيل بن أبي صالح كما ذكرناه

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به سهيل بن أبي صالح

[ 167 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي قال الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان قال أبو حاتم اختصر سليمان بن بلال هذا الخبر فلم يذكر ذكر الأعلى والأدنى من الشعب واقتصر على ذكر الستين دون السبعين والخبر في بضع وسبعين خبر متقصى صحيح لا ارتياب في ثبوته وخبر سليمان بن بلال خبر مختصر غير متقصى وأما البضع فهو اسم يقع على أحد أجزاء الأعداد لأن الحساب بناؤه على ثلاثة أشياء على الأعداد والفصول والتركيب فالأعداد من الواحد إلى التسعة والفصول هي العشرات والمئون والألوف والتركيب ما عدا ما ذكرنا وقد تتبعت معنى الخبر مدة وذلك أن مذهبنا أن النبي لم يتكلم قط إلا بفائدة ولا من سننه شيء لا يعلم معناه فجعلت أعد الطاعات من الإيمان فإذا هي تزيد على هذا العدد شيئا كثيرا فرجعت إلى السنن فعددت كل طاعة عدها رسول الله من الإيمان فإذا هي تنقص من البضع والسبعين فرجعت إلى ما بين الدفتين من كلام ربنا وتلوته آية آية بالتدبر وعددت كل طاعة عدها الله جل وعلا من الإيمان فإذا هي تنقص عن البضع والسبعين فضممت الكتاب إلى السنن وأسقطت المعاد منها فإذا كل شيء عده الله جل وعلا من الإيمان في كتابه وكل طاعة جعلها رسول الله من الإيمان في سننه تسع وسبعون شعبة لا يزيد عليها ولا ينقص منها شيء فعلمت أن مراد النبي كان في الخبر أن الإيمان بضع وسبعون شعبة في الكتاب والسنن فذكرت هذه المسألة بكمالها بذكر شعبة في كتاب وصف الإيمان وشعبه بما أرجو أن فيها الغنية للمتأمل إذا تأملها فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب والدليل على أن الإيمان أجزاء بشعب أن النبي قال في خبر عبد الله بن دينار الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله فذكر جزءا من أجزاء شعبة هي كلها فرض على المخاطبين في جميع الأحوال لأنه لم يقل وأني رسول الله والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار وما يشبه هذا من أجزاء هذه الشعبة واقتصر على ذكر جزء واحد منها حيث قال أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله فدل هذا على أن سائر الأجزاء من هذه الشعبة كلها من الإيمان ثم عطف فقال وأدناها إماطة الأذى عن الطريق فذكر جزءا من أجزاء شعبة هي نفل كلها للمخاطبين في كل الأوقات فدل ذلك على أن سائر الأجزاء التي هي من هذه الشعبة وكل جزء من أجزاء الشعب التي هي من بين الجزأين المذكورين في هذا الخبر اللذين هما من أعلى الإيمان وأدناه كله من الإيمان وأما قوله الحياء شعبة من الإيمان فهو لفظة أطلقت على شيء بكناية سببه وذلك أن الحياء جبلة في الإنسان فمن الناس من يكثر فيه ومنهم من يقل ذلك فيه وهذا دليل صحيح على زيادة الإيمان ونقصانه لأن الناس ليسوا كلهم على مرتبة واحدة في الحياء فلما استحال استواؤهم على مرتبة واحدة فيه صح أن من وجد فيه أكثر كان إيمانه أزيد ومن وجد فيه منه أقل كان إيمانه أنقص والحياء في نفسه هو الشيء الحائل بين المرء وبين ما يباعده من ربه عن المحظورات فكأنه جعل ترك المحظورات شعبة من الإيمان بإطلاق اسم الحياء عليه على ما ذكرناه

ذكر الإخبار عن وصف الإسلام والإيمان بذكر جوامع شعبهما

[ 168 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المنهال الضرير حدثنا يزيد بن زريع حدثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال خرجت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين وقلنا لعلنا لقينا رجلا من أصحاب محمد فنسأله عن القدر فلقينا بن عمر فظننت أنه يكل الكلام إلي فقلنا يا أبا عبد الرحمن قد ظهر عندنا أناس يقرؤون القرآن يتقفرون العلم تقفرا يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف قال فإن لقيتهم فأعلمهم أني منهم بريء وهم مني براء والذي يحلف به بن عمر لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ثم لم يؤمن بالقدر لم يقبل منه ثم قال حدثني عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال بينا رسول الله ذات يوم جالسا إذ جاء شديد سواد اللحية شديد بياض الثياب فوضع ركبته على ركبة النبي فقال يا محمد ما الإسلام قال شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت قال صدقت فعجبنا من سؤاله إياه وتصديقه إياه قال فأخبرني ما الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والقدر خيره وشره حلوه ومره قال صدقت قال فعجبنا من سؤاله إياه وتصديقه إياه قال فأخبرني ما الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك قال فأخبرني متى الساعة قال ما المسؤول بأعلم من السائل قال فما أمارتها قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان قال فتولى وذهب فقال عمر فلقيني النبي بعد ثالثة فقال يا عمر أتدري من الرجل قلت لا قال ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم

ذكر خبر ثان أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن الإيمان بكماله هو الإقرار باللسان دون أن يقرنه الأعمال بالأعضاء

[ 169 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا إبراهيم بن بسطام حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن الأعمش وحبيب بن أبي ثابت وعبد العزيز بن رفيع عن زيد بن وهب عن أبي ذر قال قال رسول الله من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق

ذكر الخبر المدحض قول من زعم من أئمتنا أن هذا الخبر كان بمكة في أول الإسلام قبل نزول الأحكام

[ 170 ] أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة حدثنا هشام بن عمار حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن زيد بن وهب قال أشهد لسمعت أبا ذر بالربذة يقول كنت أمشي مع رسول الله بحرة المدينة فاستقبلنا أحد فقال يا أبا ذر ما يسرني أن أحدا لي ذهبا أمسي وعندي منه دينار إلا أصرفه لدين ثم مشى ومشيت معه فقال يا أبا ذر قلت لبيك يا رسول الله وسعديك فقال إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة ثم قال يا أبا ذر لا تبرح حتى آتيك ثم انطلق حتى توارى فسمعت صوتا فقلت انطلق ثم ذكرت قول النبي لي فلبثت حتى جاء فقلت يا رسول الله إني سمعت صوتا فأردت أن أدركك فذكرت قولك لي فقال ذلك جبريل أتاني فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت يا رسول الله وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق أخبرناه القطان في عقبه حدثنا هشام بن عمار حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي الدرداء عن النبي مثله

ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن الإيمان هو الإقرار بالله وحده دون أن تكون الطاعات من شعبة

[ 171 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن أبي مالك الأشجعي قال سمعت أبي يقول سمعت رسول الله يقول من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه حرم ماله ودمه وحسابه على الله

ذكر وصف قوله وحد الله وكفر بما يعبد من دونه

[ 172 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي جمرة قال كنت أترجم بين بن عباس وبين الناس فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر فقال إن وفد عبد القيس أتوا رسول الله فقال رسول الله من الوفد أو من القوم قالوا ربيعة قال مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى قالوا يا رسول الله إنا نأتيك من شقة بعيدة إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة قال فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع أمرهم بالإيمان بالله وحده وقال هل تدرون ما الإيمان بالله وحده قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا الخمس من المغنم ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت قال شعبة وربما قال والنقير وربما قال المقير وقال احفظوه وأخبروه من وراءكم

ذكر البيان بأن الإيمان والإسلام شعب وأجزاء غير ما ذكرنا في خبر بن عباس وابن عمر بحكم الأمينين محمد وجبريل عليهما السلام

[ 173 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا يوسف بن واضح الهاشمي حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن يحيى بن يعمر قال قلت يا أبا عبد الرحمن يعنى لابن عمر إن أقواما يزعمون أن ليس قدر قال هل عندنا منهم أحد قلت لا قال فأبلغهم عني إذا لقيتهم إن بن عمر يبرأ إلى الله منكم وأنتم برآء منه حدثنا عمر بن الخطاب قال بينما نحن جلوس عند رسول الله في أناس إذ جاء رجل ليس عليه سحناء سفر وليس من أهل البلد يتخطى حتى ورك فجلس بين يدي رسول الله فقال يا محمد ما الإسلام قال الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة وأن تتم الوضوء وتصوم رمضان قال فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم قال نعم قال صدقت قال يا محمد ما الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالجنة والنار والميزان وتؤمن بالبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره قال فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن قال نعم قال صدقت قال يا محمد ما الإحسان قال الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك قال فإذا فعلت هذا فأنا محسن قال نعم قال صدقت قال فمتى الساعة قال سبحان الله ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن إن شئت نبأتك عن أشراطها قال أجل قال إذا رأيت العالة الحفاة العراة يتطاولون في البناء وكانوا ملوكا قال ما العالة الحفاة العراة قال العريب قال وإذا رأيت الأمة تلد ربتها فذلك من أشراط الساعة قال صدقت ثم نهض فولى فقال رسول الله علي بالرجل فطلبناه كل مطلب فلم نقدر عليه فقال رسول الله هل تدرون من هذا هذا جبريل أتاكم ليعلمكم دينكم خذوا عنه والذي نفسي بيده ما شبه علي منذ أتاني قبل مرتي هذه وما عرفته حتى ولى قال أبو حاتم تفرد سليمان التيمي بقوله خذوا عنه وبقوله تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء

ذكر البيان بأن الإيمان بكل ما جاء به المصطفى من الإيمان

[ 174 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وآمنوا بي وبما جئت به عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تفرد به الدراوردي قاله الشيخ

ذكر البيان بأن الإيمان بكل ما أتى به النبي من الإيمان مع العمل به

[ 175 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة عن واقد بن محمد عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله قال أبو حاتم تفرد به شعبة وفي هذا الخبر بيان واضح بأن الإيمان أجزاء وشعب تتباين أحوال المخاطبين فيها لأنه ذكر في هذا الخبر حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فهذا هو الإشارة إلى الشعبة التي هي فرض على المخاطبين في جميع الأحوال ثم قال ويقيموا الصلاة فذكر الشيء الذي هو فرض على المخاطبين في بعض الأحوال ثم قال ويؤتوا الزكاة فذكر الشيء الذي هو فرض على المخاطبين في بعض الأحوال فدل ذلك على أن كل شيء من الطاعات التي تشبه الأشياء الثلاثة التي ذكرها في هذا الخبر من الإيمان

ذكر إطلاق اسم الإيمان على من أتى ببعض أجزائه

[ 176 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده عن أبي أمامة قال قال رجل يا رسول الله ما الإيمان قال إذا سرتك حسناتك وساءتك سيئاتك فأنت مؤمن قال يا رسول الله فما الإثم قال إذا حاك في قلبك شيء فدعه

ذكر إطلاق اسم الإيمان على من أتى جزءا من بعض أجزائه

[ 177 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ حدثنا أبي حدثنا عاصم بن محمد عن عامر بن السمط عن معاوية بن إسحاق بن طلحة قال حدثني ثم استكتمني أن أحدث به ما عاش معاوية فذكر عامر قال سمعته وهو يقول حدثني عطاء بن يسار وهو قاضي المدينة قال سمعت بن مسعود وهو يقول قال رسول الله سيكون أمراء من بعدي يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن لا إيمان بعده قال عطاء فحين سمعت الحديث منه انطلقت به إلى عبد الله بن عمر فأخبرته فقال أنت سمعت بن مسعود يقول هذا كالمدخل عليه في حديثه قال عطاء فقلت هو مريض فما يمنعك أن تعوده قال فانطلق بنا إليه فانطلق وانطلقت معه فسأله عن شكواه ثم سأله عن الحديث قال فخرج بن عمر وهو يقلب كفه وهو يقول ما كان بن أم عبد يكذب على رسول الله

ذكر إطلاق اسم الإيمان على من أتى بجزء من أجزاء شعب الإقرار

[ 178 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن منصور عن ربعي عن علي عن النبي قال لا يؤمن العبد حتى يؤمن بأربع يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر

ذكر إطلاق اسم الإيمان على من أتى بجزء من أجزاء الشعبة التي هي المعرفة

[ 179 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ حدثنا أبي عن شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي قال لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين

ذكر إطلاق اسم الإيمان على من آمنه الناس على أنفسهم وأملاكهم

[ 180 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الإيمان شيء واحد ولا يزيد ولا ينقص

[ 181 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب بخبر غريب حدثنا أبو داود السنجي سليمان بن معبد حدثنا بن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب عن بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله قال الإيمان سبعون أو اثنان وسبعون بابا أرفعه لا إله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان قال أبو حاتم الاقتصار في هذا الخبر على هذا العدد المذكور في خبر بن الهاد مما نقول في كتبنا إن العرب تذكر العدد للشيء ولا تريد بذكرها ذلك العدد نفيا عما وراءه ولهذا نظائر نوعنا لهذا أنواعا سنذكرها بفصولها فيما بعد إن شاء الله

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن إيمان المسلمين واحد من غير أن يكون فيه زيادة أو نقصان

[ 182 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا معن بن عيسى قال حدثنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله يدخل الله أهل الجنة الجنة يدخل من يشاء برحمته ويدخل أهل النار النار ثم يقول أخرجوا من كان في قلبه حبة خردل من إيمان فيخرجون منها حمما فيلقون في نهر في الجنة فينبتون كما تنبت حبة في جانب السيل ألم ترها صفراء ملتوية

ذكر البيان بأن قوله أخرجوا من كان في قلبه حبة خردل من إيمان أراد به بعد إخراج من كان في قلبه قدر قيراط من إيمان

[ 183 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا يحيى بن أبي رجاء بن أبي عبيدة الحراني قال حدثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي قال إذا ميز أهل الجنة وأهل النار يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قامت الرسل فشفعوا فيقال اذهبوا فمن عرفتم في قلبه مثقال قيراط من إيمان فأخرجوه فيخرجون بشرا كثيرا ثم يقال اذهبوا فمن عرفتم في قلبه مثقال خردلة من إيمان فأخرجوه فيخرجون بشرا كثيرا ثم يقول جل وعلا أنا الآن أخرج بنعمتي وبرحمتي فيخرج أضعاف ما أخرجوا وأضعافهم قد امتحشوا وصاروا فحما فيلقون في نهر أو في نهر من أنهار الجنة فتسقط محاشهم على حافة ذلك النهر فيعودون بيضا مثل الثعارير فيكتب في رقابهم عتقاء الله ويسمون فيها الجهنميين الثعارير القثاء الصغار قاله الشيخ

ذكر الإخبار بأنهم يعودون بيضا بعد أن كانوا فحما يرش أهل الجنة عليهم الماء

[ 184 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف بن حمزة قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا بشر بن المفضل عن أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول الله أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم حتى إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أهل الجنة ثم قيل يا أهل الجنة أفيضوا عليهم قال فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل فقال رجل من القوم كأنه كان رسول الله بالبادية

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الإيمان لم يزل على حالة واحدة من غير أن يدخله نقص أو كمال

[ 185 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال يهودي لعمر لو علمنا معشر اليهود متى نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا { اليوم أكملت لكم دينكم } ولو نعلم اليوم الذي نزلت فيه لاتخذناه عيدا فقال عمر رضى الله تعالى عنه قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه والليلة التي أنزلت يوم الجمعة ونحن مع رسول الله بعرفات

ذكر خبر ثان يصرح بإطلاق لفظة مرادها نفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال لا الحكم على ظاهره

[ 186 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كلهم يحدثون عن أبي هريرة عن رسول الله قال لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المسلمون إليها أبصارهم وهو حين ينتهبها مؤمن فقلت للزهري ما هذا فقال على رسول الله البلاغ وعلينا التسليم

ذكر خبر ثالث يصرح بالمعنى الذي ذكرناه

[ 187 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد وابن كثير قالا حدثنا شعبة قال واقد بن عبد الله أخبرني عن أبيه أنه سمع بن عمر يحدث عن النبي قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض

ذكر البيان بأن العرب في لغتها تضيف الاسم إلى الشيء للقرب من التمام وتنفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال

[ 188 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني أنه قال صلى لنا رسول الله صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب

ذكر خبر آخر يصرح بصحة ما ذكرنا أن العرب تذكر في لغتها الشيء الواحد الذي هو من أجزاء شيء باسم ذلك الشيء نفسه

[ 189 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال ادع بها فجاءت فقال من ربك قالت الله قال من أنا قالت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة

ذكر البيان بأن قوله فإنها مؤمنة من الألفاظ التي ذكرنا أن العرب إذا كان الشيء له أجزاء وشعب تطلق اسم ذلك الشيء بكليته على بعض أجزائه وشعبه وإن لم يكن ذلك الجزء وتلك الشعبة ذلك الشيء بكماله

[ 190 ] أخبرنا حبان بن إسحاق بالبصرة قال حدثنا الفضل بن يعقوب الرخامي قال حدثنا أبو عامر العقدي قال حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله الإيمان بضع وسبعون بابا والحياء من الإيمان

ذكر البيان بأن قوله الإيمان بضع وسبعون بابا أراد به بضع وسبعون شعبة

[ 191 ] أخبرنا الحسين بن بسطام بالأبلة قال أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا حسين بن حفص قال حدثنا سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق

ذكر نفي اسم الإيمان عمن أتى ببعض الخصال التي تنقص بإتيانه إيمانه

[ 192 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي أبو هشام حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله قال قال رسول الله ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش

ذكر خبر يدل على صحة ما تأولنا لهذه الأخبار

[ 193 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب وموهب بن يزيد قالا حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله لا حليم إلا ذو عثرة ولا حكيم إلا ذو تجربة قال موهب قال لي أحمد بن حنبل أيش كتبت بالشام فذكرت له هذا الحديث قال لو لم تسمع إلا هذا لم تذهب رحلتك

ذكر خبر يدل على أن المراد بهذه الأخبار نفي الأمر عن الشيء للنقص عن الكمال

[ 194 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال خطبنا رسول الله فقال في الخطبة لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له

ذكر الخبر الدال على صحة ما ذكرنا أن معاني هذه الإخبار ما قلنا إن العرب تنفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال وتضيف الاسم إلى الشيء للقرب من التمام

[ 195 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسلم بن إبراهيم عن هشام بن أبي عبد الله حدثنا حماد بن أبي سليمان عن زيد بن وهب عن أبي ذر قال انطلق النبي نحو بقيع الغرقد فانطلقت خلفه فقال يا أبا ذر فقلت لبيك ثم سعديك وأنا فداؤك فقال المكثرون هم المقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله قالها ثلاثا ثم عرض لنا أحد فقال يا أبا ذر ما يسرني أنه لآل محمد ذهبا يمسي معهم دينار أو مثقال فقلت الله ورسوله أعلم ثم عرض لنا واد فاستبطنه النبي ونزل فيه وجلست على شفيره فظننت أن له حاجة فأبطأ علي وساء ظني فسمعت مناجاة فقال ذلك جبريل يخبرني لأمتي من شهد منهم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله دخل الجنة فقلت يا رسول الله وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق

ذكر إثبات الإسلام لمن سلم المسلمون من لسانه ويده

[ 196 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ بتستر قال حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي قال سمعت عبد الله بن عمرو ورب هذه البنية يعني الكعبة يقول سمعت رسول الله يقول المهاجر من هجر السيئات والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

ذكر البيان بأن من سلم المسلمون من لسانه ويده كان من أسلمهم إسلاما

[ 197 ] أخبرنا عبدان قال حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله يقول أسلم المسلمين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه ويده

ذكر إيجاب دخول الجنة لمن مات لم يشرك بالله شيئا وتعرى عن الدين والغلول

[ 198 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن المنهال الضرير وأمية بن بسطام قالا حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان عن رسول الله قال من جاء يوم القيامة بريئا من ثلاث دخل الجنة الكبر والغلول والدين

ذكر إيجاب الجنة لمن شهد لله جل وعلا بالوحدانية مع تحريم النار عليه به

[ 199 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني حيوة قال حدثنا بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن سعيد بن الصلت عن سهيل بن بيضاء من بني عبد الدار قال بينما نحن في سفر مع رسول الله فجلس من كان بين يديه ولحقه من كان خلفه حتى إذا اجتمعوا قال رسول الله إنه من شهد أن لا إله إلا الله حرمه الله على النار وأوجب له الجنة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه هذا خبر خرج خطابه على حسب الحال وهو من الضرب الذي ذكرت في كتاب فصول السنن أن الخبر إذا كان خطابه على حسب الحال لم يجز أن يحكم به في كل الأحوال وكل خطاب كان من النبي على حسب الحال فهو على ضربين أحدهما وجود حالة من أجلها ذكر ما ذكر لم تذكر تلك الحالة مع ذلك الخبر والثاني أسئلة سئل عنها النبي فأجاب عنها بأجوبة فرويت عنه تلك الأجوبة من غير تلك الأسئلة فلا يجوز أن يحكم بالخبر إذا كان هذا نعته في كل الأحوال دون أن يضم مجمله إلى مفسره ومختصره إلى متقصاه

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله جل وعلا بالوحدانية وكان ذلك عن يقين من قلبه لا أن الإقرار بالشهادة يوجب الجنة للمقر بها دون أن يقر بها بالإخلاص

[ 200 ] أخبرنا علي بن الحسين العسكري بالرقة قال حدثنا عبدان بن محمد الوكيل قال حدثنا بن أبي زائدة عن سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر أن معاذا لما حضرته الوفاة قال اكشفوا عني سجف القبة سمعت رسول الله يقول من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله دخل الجنة يريد به جنة دون جنة لأنها جنان كثيرة فمن أتى بالإقرار الذي هو أعلى شعب الإيمان ولم يدرك العمل ثم مات أدخل الجنة ومن أتى بعد الإقرار من الأعمال قل أو كثر أدخل الجنة جنة فوق تلك الجنة لأن من كثر عمله علت درجاته وارتفعت جنته لا أن الكل من المسلمين يدخلون جنة واحدة وإن تفاوتت أعمالهم وتباينت لأنها جنان كثيرة لا جنة واحدة

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما وصفنا عن يقين من قلبه ثم مات عليه

[ 201 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا خالد الحذاء عن الوليد بن مسلم أبي بشر قال سمعت حمران بن أبان يقول سمعت عثمان بن عفان يقول سمعت رسول الله يقول من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله جل وعلا بالوحدانية وقرن ذلك بالشهادة للمصطفى بالرسالة

[ 202 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال حدثنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان عن بن محيريز عن الصنابحي قال دخلت على عبادة بن الصامت وهو في الموت فبكيت فقال لي مه لم تبكي فوالله لئن استشهدت لأشهدن لك ولئن شفعت لأشفعن لك ولئن استطعت لأنفعنك ثم قال والله ما من حديث سمعته من رسول الله لكم فيه خير إلا حدثتكموه إلا حديثا واحدا وسوف أحدثكموه اليوم وقد أحيط بنفسي سمعت رسول الله يقول من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرمه الله على النار

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة وكان ذلك عن يقين منه

[ 203 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسدد بن مسرهد عن بن أبي عدي قال حدثنا حجاج الصواف قال أخبرني حميد بن هلال قال حدثني هصان بن كاهن قال جلست مجلسا فيه عبد الرحمن بن سمرة ولا أعرفه فقال حدثنا معاذ بن جبل قال قال رسول الله ما على الأرض نفس تموت لا تشرك بالله شيئا وتشهد أني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا غفر لها قلت أنت سمعته من معاذ قال فعنفني القوم فقال دعوه فإنه لم يسىء القول نعم سمعته من معاذ زعم أنه سمعه من رسول الله

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن شهد بما وصفنا عن يقين منه ثم مات على ذلك

[ 204 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال حدثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسار عن حمران بن أبان عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه فيموت على ذلك إلا حرمه الله على النار لا إله إلا الله

ذكر إعطاء الله جل وعلا نور الصحيفة من قال عند الموت ما وصفناه

[ 205 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب عن مسعر بن كدام عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن يحيى بن طلحة عن أمه سعدى المرية قالت مر عمر بن الخطاب بطلحة بعد وفاة رسول الله فقال ما لك مكتئبا أساءتك إمرة بن عمك قال لا ولكني سمعت رسول الله يقول إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا كانت له نورا لصحيفته وإن جسده وروحه ليجدان لها روحا عند الموت فقبض ولم أسأله فقال ما أعلمه إلا التي أراد عليها عمه ولو علم أن شيئا أنجى له منها لأمره

ذكر البيان بأن الله جل وعلا يثبت في الدارين من أتى بما وصفنا قبل

[ 206 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا حفص بن عمر الحوضي قال حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن البراء أن النبي قال المؤمن إذا شهد أن لا إله إلا الله وعرف محمدا رسول الله في قبره فذلك قول الله جل وعلا { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة }

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما وصفنا وقرن ذلك بالإقرار بالجنة والنار وآمن بعيسى

[ 207 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا صفوان بن صالح قال حدثنا الوليد عن بن جابر قال حدثني عمير بن هانئ حدثني جنادة بن أبي أمية قال حدثني عبادة بن الصامت قال قال رسول الله من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة والنار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء

ذكر دعاء المصطفى لمن شهد بالرسالة له وعلى من أبى ذلك

[ 208 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا بن وهب قال حدثني سعيد بن أبي أيوب عن أبي هانئ عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد أن رسول الله قال اللهم من آمن بك وشهد أني رسولك فحبب إليه لقاءك وسهل عليه قضاءك وأقلل له من الدنيا ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك وأكثر له من الدنيا

ذكر وصف الدرجات في الجنان لمن صدق الأنبياء والمرسلين عند شهادته لله جل وعلا بالوحدانية

[ 209 ] أخبرنا وصيف بن عبد الله الحافظ بأنطاكية قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا أيوب بن سويد قال حدثنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول الله إن أهل الجنة يرون أهل الغرف كما ترون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهما قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين

ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن أتى بما وصفنا من شعب الإيمان وقرن ذلك بسائر العبادات التي هي أعمال بالأبدان لا أن من أتى بالإقرار دون العمل تجب الجنة له في كل حال

[ 210 ] أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي قال حدثنا أحمد بن منصور زاج قال حدثنا النضر بن شميل قال أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله ما حق الله على العباد قالوا الله ورسوله أعلم قال أن يعبدوه ولا يشركوا به قال فما حقهم على الله إذا فعلوا ذلك قالوا الله ورسوله أعلم قال يغفر لهم ولا يعذبهم قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه في هذا الخبر بيان واضح بأن الأخبار التي ذكرناها قبل كلها مختصرة غير متقصاة وأن بعض شعب الإيمان إذا أتى المرء به لا توجب له الجنة في دائم الأوقات ألا تراه جعل حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وعبادة الله جل وعلا إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالأركان ثم المسلمون لما سألوه عن حقهم على الله فقالوا فما حقهم على الله إذا فعلوا ذلك ولم يقولوا فما حقهم على الله إذا قالوا ذلك ولا أنكر عليهم هذه اللفظة ففيما قلنا أبين البيان بأن الجنة لا تجب لمن أتى ببعض شعب الإيمان في كل الأحوال بل يستعمل كل خبر في عموم ما ورد خطابه على حسب الحال فيه على ما ذكرناه قبل

ذكر إيجاب الشفاعة لمن مات من أمة المصطفى وهو لا يشرك بالله شيئا

[ 211 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عبد الواحد بن غياث قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي المليح عن عوف بن مالك قال عرس بنا رسول الله ذات ليلة فافترش كل رجل منا ذراع راحلته قال فانتبهت في بعض الليل فإذا ناقة رسول الله ليس قدامها أحد فانطلقت أطلب رسول لله فإذا معاذ بن جبل وعبد الله بن قيس قائمان فقلت أين رسول الله فقالا لا ندري غير أنا سمعنا صوتا بأعلى الوادي فإذا مثل هدير الرحى قال فلبثنا يسيرا ثم أتانا رسول الله فقال إنه أتاني من ربي آت فيخبرني بأن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة وإني اخترت الشفاعة فقالوا يا رسول الله ننشدك بالله والصحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك قال فأنتم من أهل شفاعتي قال فلما ركبوا قال فإني أشهد من حضر أن شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله شيئا من أمتي

ذكر كتبة الله جل وعلا الجنة وإيجابها لمن آمن به ثم سدد بعد ذلك

[ 212 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني هلال بن أبي ميمونة قال حدثني عطاء بن يسار قال حدثني رفاعة بن عرابة الجهني قال صدرنا مع رسول الله من مكة فجعل ناس يستأذنون رسول الله فجعل يأذن لهم فقال رسول الله ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله أبغض إليكم من الشق الآخر قال فلم نر من القوم إلا باكيا قال يقول أبو بكر إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه في نفسي فقام رسول الله فحمد الله وأثنى عليه وكان إذا حلف قال والذي نفسي بيده أشهد عند الله ما منكم من أحد يؤمن بالله ثم يسدد إلا سلك به في الجنة ولقد وعدني ربي أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تتبوؤوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذراريكم مساكن في الجنة ثم قال إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول لا أسأل عن عبادي غيري من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له من ذا الذي يدعوني فأستجيب له حتى ينفجر الصبح

ذكر الإخبار عن إيجاب الجنة لمن حلت المنية به وهو لا يجعل مع الله ندا

[ 213 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن مكرم البزار بالبصرة حدثنا خلاد بن أسلم حدثنا النضر بن شميل حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت وسليمان وعبد العزيز بن رفيع قالوا سمعنا زيد بن وهب يحدث عن أبي ذر قال قال رسول الله أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق قال سليمان فقلت لزيد إنما يروى هذا عن أبي الدرداء قال أبو حاتم قوله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة يريد به إلا أن يرتكب شيئا أو عدته عليه دخول النار وله معنى آخر وهو أن من لم يشرك بالله شيئا ومات دخل الجنة لا محالة وإن عذب قبل دخوله إياها مدة معلومة

[ 214 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن معاذ بن جبل وعن عمير بن هانئ عن عبد الرحمن بن غنم أنه سمع معاذ بن جبل عن رسول الله قال قلت حدثني بعمل يدخلني الجنة قال بخ بخ سألت عن أمر عظيم وهو يسير لمن يسره الله به تقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة ولا تشرك بالله شيئا قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله لا تشرك بالله شيئا أراد به الأمر بترك الشرك

ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يجمع في الجنة بين المسلم وقاتله من الكفار إذ سدد بعد ذلك وأسلم

[ 215 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر وكلاهما يدخل الجنة يقاتل في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل في سبيل الله فيستشهد

ذكر أمر الله جل وعلا صفيه بقتال الناس حتى يؤمنوا بالله

[ 216 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد حدثنا أبي حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري حدثنا عبيد الله بن عبد الله أن أبا هريرة قال لما توفي رسول الله وكان أبو بكر رضى الله تعالى عنه بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبا بكر رضى الله تعالى عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة من حق المال ووالله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر لقتال عرفت أنه الحق

ذكر البيان بأن الخير الفاضل من أهل العلم قد يخفى عليه من العلم بعض ما يدركه من هو فوقه فيه

[ 217 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله واستخلف أبو بكر رضى الله تعالى عنه وكفر من كفر من العرب قال عمر رضى الله تعالى عنه لأبي بكر كيف تقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر رضى الله تعالى عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال عرفت أنه الحق

ذكر البيان بأن المرء إنما يعصم ماله ونفسه بالإقرار لله إذا قرنه بالشهادة للمصطفى بالرسالة

[ 218 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على الله وأنزل الله في كتابه فذكر قوما استكبروا فقال إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون وقال إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية الجاهلية فأنزل { الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } وألزمهم كلمة التقوى وهي لا إله إلا الله ومحمد رسول الله استكبر عنها المشركون يوم الحديبية

ذكر البيان بأن المرء إنما يحقن دمه وماله بالإقرار بالشهادتين اللتين وصفناهما إذا أقر بهما بإقامة الفرائض

[ 219 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة عن واقد بن محمد عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله

ذكر البيان بأن المرء إنما يحقن دمه وماله إذا آمن بكل ما جاء به المصطفى من الله جل وعلا وفعلها دون الاعتماد على الشهادتين اللتين وصفناهما قبل

[ 220 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وآمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله

ذكر خبر أوهم مستمعه أن من لقي الله عز وجل بالشهادة حرم عليه دخول النار في حالة من الأحوال

[ 221 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد ومحمد بن شعيب عن الأوزاعي حدثني المطلب بن حنطب عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبيه قال كنا مع النبي في غزوة فأصاب الناس مخمصة شديدة فاستأذنوا رسول الله في نحر بعض ظهرهم فقال عمر يا رسول الله فكيف بنا إذا لقينا عدونا جياعا رجالة ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو الناس ببقية أزودتهم فجاؤوا به يجيء الرجل بالحفنة من الطعام وفوق ذلك وكان أعلاهم الذي جاء بالصاع من التمر فجمعه على نطع ثم دعا الله بما شاء الله أن يدعو ثم دعا الناس بأوعيتهم فما بقي في الجيش وعاء إلا مملوء وبقي مثله فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله وأشهد عند الله لا يلقاه عبد مؤمن بهما إلا حجبتاه عن النار يوم القيامة أبو عمرة الأنصاري هذا اسمه ثعلبة بن عمرو بن محصن

ذكر الخبر الدال على أن قوله إلا حجبتاه عن النار أراد به إلا أن يرتكب شيئا يستوجب من أجله دخول النار ولم يتفضل المولى جل وعلا عليه بعفوه

[ 222 ] أخبرنا وصيف بن عبد الله الحافظ بأنطاكية حدثنا الربيع بن سليمان المرادي حدثنا بن وهب عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني حدثني أبي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال يدخل أهل الجنة الجنة ويدخل أهل النار النار ثم يقول جل وعلا انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان فأخرجوه قال فيخرجون منها حمما بعد ما امتحشوا فيلقون في نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة إلى جانب السيل قال رسول الله ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية

ذكر تحريم الله جل وعلا على النار من وحده مخلصا في بعض الأحوال دون البعض

[ 223 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب أن محمود بن الربيع الأنصاري أخبره أن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله ممن شهد بدرا من الأنصار أتى رسول الله فقال يا رسول الله إني أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي وإذا كان الأمطار سأل الوادي الذي بيني وبينهم ولم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم وددت أنك يا رسول الله تأتي فتصلي في بيتي أتخذه مصلى قال فقال رسول الله سأفعل قال عتبان فغدا رسول الله وأبو بكر الصديق حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله فأذنت له فلم يجلس حتى دخل البيت ثم قال أين تحب أن أصلي من بيتك قال فأشرت إلى ناحية من البيت فقام رسول الله فكبر وقمنا وراءه فصلى ركعتين ثم سلم قال وحبسناه على خزيرة صنعناها له قال فثاب رجال من أهل الدار حوله حتى اجتمع في البيت رجال ذوو عدد قال قائل منهم أين مالك بن الدخشن فقال بعضهم ذاك منافق ولا يحب الله ورسوله فقال له رسول الله لا تقل له ذلك ألا تراه نقد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله قالوا الله ورسوله أعلم إنما نرى وجهه ونصيحته للمنافقين قال رسول الله إن الله جل وعلا حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي به وجه الله قال بن شهاب ثم سألت الحصين بن محمد الأنصاري وهو أحد بني سالم وهو من سراتهم عن حديث محمود بن الربيع فصدقه بذلك

ذكر البيان بأن الله جل وعلا بتفضله لا يدخل النار من كان في قلبه أدنى شعبة من شعب الإيمان على سبيل الخلود

[ 224 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الغفار بن عبد الله الزبيري قال حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبر ولا يدخل النار من كان في قلبه حبة خردل من إيمان

ذكر البيان بأن الله جل وعلا بتفضله قد يغفر لمن أحب من عباده ذنوبه بشهادته له ولرسوله وإن لم يكن له فضل حسنات يرجو بها تكفير خطاياه

[ 225 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله قال أخبرنا الليث بن سعد قال حدثني عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن المعافري الحبلي قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول قال رسول الله إن الله سيخلص رجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مد البصر ثم يقول له أتنكر شيئا من هذا أظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر أو حسنة فيبهت الرجل ويقول لا يا رب فيقول بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول أحضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول إنك لا تظلم قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة قال فلا يثقل اسم الله شيء

ذكر الإخبار بأن الله قد يغفر بتفضله لمن لم يشرك به شيئا جميع الذنوب التي كانت بينه وبينه

[ 226 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال حدثنا حماد بن إسماعيل عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن المعرور بن سويد عن أبي ذر عن النبي قال قال الله تبارك وتعالى يا بن آدم لو لقيتني بمثل الأرض خطايا لا تشرك بي شيئا لقيتك بملء الأرض مغفرة

ذكر إعطاء الله جل وعلا الأجر مرتين لمن أسلم من أهل الكتاب

[ 227 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا هشيم عن صالح بن صالح الهمداني عن الشعبي قال رأيت رجلا من أهل خراسان أتاه فقال يا أبا عمرو إن من قبلنا من أهل خراسان يقولون إذا عتق الرجل أمته ثم تزوجها فهو كالراكب بدنته فقال الشعبي حدثني أبو بردة عن أبيه أن رسول الله قال ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم أدرك النبي فآمن به واتبعه فله أجران وعبد مملوك يؤدي حق الله جل وعلا عليه وحق الذي عليه لمولاه فله أجران ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها وأدبها فأحسن أدبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران قال الشعبي للخراساني خذ هذا الحديث بغير شيء فقد كان الرجل يرحل إلى المدينة فيما هو دونه

ذكر الإخبار عما تفضل الله على المحسن في إسلامه بتضعيف الحسنات له

[ 228 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا العباس بن عبد العظيم قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف وكل سيئة يعملها يكتب له مثلها حتى يلقى الله جل وعلا

باب ما جاء في صفات المؤمنين

[ 229 ] أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان بالرقة قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا محمد بن شعيب عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

[ 230 ] أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح حدثنا محمد بن الصباح حدثنا عبيدة بن حميد عن بيان بن بشر عن عامر عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه

ذكر الأمر بمعونة المسلمين بعضهم بعضا في الأسباب التي تقربهم إلى الباري جل وعلا

[ 231 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى أن النبي قال إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا

ذكر تمثيل المصطفى المؤمنين بالبنيان الذي يمسك بعضه بعضا

[ 232 ] أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا عمرو بن علي بن مقدم حدثنا سفيان الثوري عن بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال قال رسول الله مثل المؤمنين فيما بينهم كمثل البنيان قال وأدخل أصابع يده في الأرض وقال يمسك بعضها بعضا

ذكر تمثيل المصطفى المؤمنين بما يجب أن يكونوا عليه من الشفقة والرأفة

[ 233 ] أخبرنا بن قحطبة حدثنا محمد بن الصباح حدثنا عبيدة بن حميد عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن الشعبي قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله يقول مثل المؤمن مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد

ذكر نفي الإيمان عمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه

[ 234 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي قال لا يؤمن أحدكم بالله حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

ذكر البيان بأن نفي الإيمان عمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه إنما هو نفي حقيقة الإيمان لا الإيمان نفسه مع البيان بأن ما يحب لأخيه أراد به الخير دون الشر

[ 235 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة قال حدثنا بن أبي عدي عن حسين المعلم عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي قال لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير

ذكر نفي الإيمان عمن لا يتحاب في الله جل وعلا

[ 236 ] أخبرنا محمد بن عبد الله الهاشمي قال حدثنا عبد الله بن عمر بن الرماح قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم

ذكر إثبات وجود حلاوة الإيمان لمن أحب قوما لله جل وعلا

[ 237 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله قال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما والرجل يحب القوم لا يحبهم إلا في الله والرجل إن قذف في النار أحب إليه من أن يرجع يهوديا أو نصرانيا

[ 238 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك أن رسول الله قال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد له نار فيقذف فيها

ذكر ما يجب على المسلم لأخيه المسلم من القيام في أداء حقوقه

[ 239 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا شيبان بن أبي شيبة حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال ثلاث كلهن على المسلم عيادة المريض وشهود الجنازة وتشميت العاطس إذا حمد الله

ذكر البيان بأن المصطفى لم يرد بهذا العدد المذكور نفيا عما وراءه

[ 240 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا يحيى القطان حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني أبي عن حكيم بن أفلح عن أبي مسعود عن النبي قال للمسلم على المسلم أربع خلال يعوده إذا مرض ويشهده إذا مات ويشمته إذا عطس ويجيبه إذا دعاه

ذكر البيان بأن هذا العدد الذي ذكره المصطفى في خبر أبي مسعود لم يرد به النفي عما وراءه

[ 241 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله يقول حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس

ذكر البيان بأن هذا العدد المذكور في خبر سعيد بن المسيب لم يرد به النفي عما وراءه

[ 242 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال حق المسلم على المسلم ست قالوا ما هن يا رسول الله قال إذا لقيه سلم عليه وإذا دعاه أجابه وإذا استنصح نصحه وإذا عطس فحمد الله يشمته وإذا مرض عاده وإذا مات صحبه

ذكر الإخبار عما يشبه المسلمين من الأشجار

[ 243 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو عمر الضرير قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أن رسول الله قال من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال عبد الله فأردت أن أقول هي النخلة فمنعني مكان أبي فقال رسول الله هي النخلة فذكرت ذلك لأبي فقال لو قلتها كان أحب إلي من كذا وكذا أحسبه قال حمر النعم

ذكر الإخبار عن وصف ما يشبه المسلم من الشجر

[ 244 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد عن بن عمر قال كنا جلوسا عند رسول الله إذ أتي بجمار فقال رسول الله من الشجر شجرة بركتها كالمسلم قال فأريت أنها النخلة ثم نظرت إلى القوم فإذا أنا عاشر عشرة وأنا أحدث القوم فسكت فقال رسول الله هي النخلة

[ 245 ] أخبرنا أبو الطيب محمد بن علي الصيرفي قال حدثنا أبو كامل الجحدري قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا أيوب عن أبي الخليل عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله يوما لأصحابه أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن قال فجعل القوم يتذاكرون شجرا من شجر الوادي قال عبد الله وألقي في نفسي أو روعي أنها النخلة قال فجعلت أريد أن أقول فأرى أسنانا من القوم فأهاب أن أتكلم فلم يكشفوا فقال رسول الله هي النخلة

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 246 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال وأخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع بن عمر قال قال رسول الله إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله وقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله قال هي النخلة فذكرت ذلك لعمر فقال لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلي من كذا وكذا

ذكر تمثيل المصطفى المؤمن بالنحلة في أكل الطيب ووضع الطيب

[ 247 ] أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين قال قال رسول الله مثل المؤمن مثل النحلة لا تأكل إلا طيبا ولا تضع إلا طيبا قال أبو حاتم شعبة واهم في قوله عدس إنما هو حدس كما قاله حماد بن سلمة وأولئك فصل

ذكر البيان بأن من أكفر إنسانا فهو كافر لا محالة

[ 248 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق حدثنا سلمة بن الفضل عن بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد قال قال رسول الله ما أكفر رجل قط إلا باء أحدهما بها إن كان كافرا وإلا كفر بتكفيره

[ 249 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أن رسول الله قال أيما رجل قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما

ذكر وصف قوله فقد باء به أحدهما

[ 250 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله أيما امرئ قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه

باب ما جاء في الشرك والنفاق

ذكر استحقاق دخول النار لا محالة من جعل لله ندا

[ 251 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا أبو عوانة عن المغيرة عن أبي وائل عن بن مسعود قال كلمتان سمعت إحداهما من رسول الله والأخرى أنا أقولها سمعت رسول الله يقول لا يلقى الله عبد يشرك به إلا أدخله النار وأنا أقول لا يلقى الله عبد لم يشرك به إلا أدخله الجنة

ذكر الخبر الدال على أن الإسلام ضد الشرك

[ 252 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال ليأخذن رجل بيد أبيه يوم القيامة يريد أن يدخله الجنة فينادى إن الجنة لا يدخلها مشرك إن الله قد حرم الجنة على كل مشرك فيقول أي رب أي رب أبي قال فيتحول في صورة قبيحة وريح منتنة فيتركه قال أبو سعيد كان أصحاب محمد يرون أنه إبراهيم ولم يزدهم رسول الله على ذلك

ذكر إطلاق اسم الظلم على الشرك بالله جل وعلا

[ 253 ] أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي بأنطاكية ومحمد بن إسحاق قالا حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا بن إدريس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت هذه الآية { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال أصحاب رسول الله أينا لم يظلم نفسه قال فنزلت { إن الشرك لظلم عظيم } قال بن إدريس حدثنيه أبي عن أبان بن تغلب عن الأعمش ثم لقيت الأعمش فحدثني به

ذكر إطلاق اسم النفاق على من أتى بجزء من أجزائه

[ 254 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا سلم بن جنادة حدثنا بن نمير عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منها كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبد الله بن مرة

[ 255 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا جرير عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصا من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق

[ 256 ] أخبرنا أحمد بن علي في عقبه قال حدثنا أبو الربيع حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي بمثله

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن خطاب هذا الخبر ورد لغير المسلمين

[ 257 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا أبو نصر التمار حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وحبيب عن الحسن قال قال رسول الله ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان

ذكر إطلاق اسم النفاق على غير المعدود إذا تخلف عن إتيان الجمعة ثلاثا

[ 258 ] أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان حدثنا يحيى بن داود حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان عن أبي الجعد الضمري قال قال رسول الله من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر فهو منافق

ذكر إطلاق اسم النفاق على المؤخر صلاة العصر إلى أن تكون الشمس بين قرني الشيطان

[ 259 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن بن عجلان عن العلاء بن عبد الرحمن قال دخلت على أنس بن مالك أنا وصاحب لي بعد الظهر فقال أصليتما العصر قال فقلنا لا قال فصليا عندكما في الحجرة ففرغنا وطول هو ثم انصرف إلينا فكان أول ما كلمنا به أن قال قال رسول الله تلك صلاة المنافقين يمهل أحدهم حتى إذا كانت الشمس على قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به العلاء بن عبد الرحمن

[ 260 ] أخبرنا أبو يعلى بالموصل حدثنا هارون بن معروف حدثنا بن وهب أخبرنا أسامة بن زيد عن بن شهاب عن عروة عن عائشة وحدثني أسامة بن زيد أن حفص بن عبيد الله بن أنس قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله ألا أخبركم بصلاة المنافقين يدع العصر حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر كنقرات الديك لا يذكر الله فيهن إلا قليلا

ذكر إثبات اسم المنافق على المؤخر صلاة العصر إلى اصفرار الشمس

[ 261 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر فقام يصلي العصر فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة أو ذكرها فقال سمعت رسول الله يقول تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين ثلاث مرات يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان أو على قرني الشيطان فنقر أربعا لم يذكر الله فيها إلا قليلا

ذكر البيان بأن تأخير صلاة العصر إلى أن يقرب اصفرار الشمس صلاة المنافقين

[ 262 ] أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا علي بن حجر السعدي قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر قال وداره بجنب المسجد فلما دخلنا عليه قال صليتم العصر قلنا إنما انصرفنا الساعة من الظهر قال فصلوا العصر فقمنا فصلينا العصر فلما انصرفنا قال سمعت رسول الله يقول تلك صلاة المنافقين يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 263 ] أخبرنا عمر بن محمد بن بجير الهمداني حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة أنه قال دخلت على أنس بن مالك وصاحب لي بعد الظهر فقال أصليتم العصر قال فقلنا لا قال فصليا عندنا في الحجرة ففرغنا وطول هو وانصرف إلينا فكان أول ما كلمنا به أن قال إن رسول الله قال تلك صلاة المنافقين يقعد أحدهم حتى إذا كانت على قرن الشيطان أو بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا

ذكر الإخبار عن وصف عشرة المنافق للمسلمين

[ 264 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عتبة بن عبد الله اليحمدي حدثنا بن المبارك عن محمد بن سوقة عن أبي جعفر عن عبيد بن عمير أنه كان يقص بمكة وعنده عبد الله بن عمر وعبد الله بن صفوان وناس من أصحاب النبي قال عبيد بن عمير إن رسول الله قال مثل المنافق كمثل الشاة بين الغنمين إن مالت إلى هذا الجانب نطحت وإن مالت إلى هذا الجانب نطحت قال بن عمر ليس هكذا فغضب عبيد بن عمير وقال ترد علي قال إني لم أرد عليك إلا أني شهدت رسول الله حين قال فقال عبد الله بن صفوان فكيف قال يا أبا عبد الرحمن قال بين الربيضين قال يا أبا عبد الرحمن بين الربيضين وبين الغنمين سواء قال كذا سمعت كذا سمعت كذا سمعت وكان بن عمر إذا سمع شيئا من رسول الله لم يعده ولم يقصر دونه

باب ما جاء في الصفات

[ 265 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى الذهلي حدثنا المقرىء حدثنا حرملة بن عمران التجيبي عن أبي يونس مولى أبي هريرة واسمه سليم بن جبير عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } إلى قوله { إن الله كان سميعا بصيرا } رأيت النبي يضع إبهامه على أذنه وأصبعه الدعاء على عينه قال أبو حاتم أراد بوضعه أصبعه على أذنه وعينه تعريف الناس أن الله جل وعلا لا يسمع بالأذن التي لها سماخ والتواء ولا يبصر بالعين التي لها أشفار وحدق وبياض جل ربنا وتعالى عن أن يشبه بخلقه في شيء من الأشياء بل يسمع ويبصر بلا آلة كيف يشاء

[ 266 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا يوسف بن موسى قال حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبي موسى قال قال رسول الله إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل النهار قبل الليل وعمل الليل قبل النهار حجابه النور لو كشف طبقها أحرق سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره واضع يده لمسيء الليل ليتوب بالنهار ولمسيء النهار ليتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها

ذكر الخبر الدال على أن كل صفة إذا وجدت في المخلوقين كان لهم بها النقص غير جائز إضافة مثلها إلى الباري جل وعلا

[ 267 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي قال قال الله تبارك وتعالى كذبني بن آدم ولم يكن له أن يكذبني ويشتمني بن آدم ولم يكن ينبغي له أن يشتمني فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني أو ليس أول خلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه في قوله أوليس أول خلق بأهون علي من إعادته فيه البيان الواضح أن الصفات التي توقع النقص على من وجدت فيه غير جائز إضافة مثلها إلى الله جل وعلا إذ القياس كان يوجب أن يطلق بدل هذه اللفظة بأهون علي بأصعب علي فتنكب لفظة التصعيب إذ هي من ألفاظ النقص وأبدلت بلفظ التهوين الذي لا يشوبه ذلك

ذكر خبر شنع به أهل البدع على أئمتنا حيث حرموا التوفيق لإدراك معناه

[ 268 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القواريري قال حدثنا حرمي بن عمارة قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي قال يلقى في النار فتقول هل من مزيد حتى يضع الرب جل وعلا قدمه فيها فتقول قط قط قال أبو حاتم هذا الخبر من الأحبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي عصي الله عليها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعا من الكفار والأمكنة في النار فتمتلىء فتقول قط قط تريد حسبي حسبي لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع قال الله جل وعلا لهم قدم صدق عند ربهم يريد موضع صدق لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه

ذكر الخبر الدال على أن هذه الألفاظ من هذا النوع أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم دون الحكم على ظواهرها

[ 269 ] أخبرنا محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بنسا قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي قال يقول الله جل وعلا للعبد يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني فيقول يا رب وكيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني ويقول يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني فيقول يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني فيقول يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول ألم تعلم أن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما إنك لو أطعمته وجدت ذلك عندي

ذكر الخبر الدال على أن هذه الأخبار أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس بينهم دون كيفيتها أو وجود حقائقها

[ 270 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان عن بن عجلان عن سعيد بن يسار أبي الحباب عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا كأنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه وفصيله حتى إن اللقمة أو التمرة لتأتي يوم القيامة مثل الجبل العظيم قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله إلا كأنما يضعها في يد الرحمن يبين لك أن هذه الأخبار أطلقت بألفاظ التمثيل دون وجود حقائقها أو الوقوف على كيفيتها إذ لم يتهيأ معرفة المخاطب بهذه إلا بالألفاظ التي أطلقت بها