صحيح ابن حبان/كتاب البر والإحسان

كتاب البر والإحسان


باب الصدق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

[ 271 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم

ذكر كتبة الله جل وعلا المرء عنده من الصديقين بمداومته على الصدق في الدنيا

[ 272 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا بشر بن خالد قال حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان ومنصور عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي قال لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا

ذكر رجاء دخول الجنان للدوام على الصدق في الدنيا

[ 273 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله إن الصدق ليهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعود الصدق ومجانبة الكذب في أسبابه

[ 274 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا

ذكر ما يجب على المرء من القول بالحق وإن كرهه الناس

[ 275 ] أخبرنا السامي قال حدثنا خلف بن هشام البزار حدثنا خالد بن عبد الله عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ألا لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بالحق إذا رآه

ذكر رضاء الله جل وعلا عمن التمس رضاه بسخط الناس

[ 276 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر الجعفي قال حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن عثمان بن واقد العمري عن أبيه عن محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله من التمس رضى الله بسخط الناس رضى الله تعالى عنه وأرضى الناس عنه ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إرضاء الله عند سخط المخلوقين

[ 277 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا شعبة عن واقد بن محمد عن بن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة أن رسول الله قال من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله ومن أسخط الله برضا الناس وكله الله إلى الناس

ذكر الزجر عن السكوت للمرء عن الحق إذا رأى المنكر أو عرفه ما لم يلق بنفسه إلى التهلكة

[ 278 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق إذا رآه أو عرفه قال أبو سعيد فما زال بنا البلاء حتى قصرنا وإنا لنبلغ في الشر

ذكر البيان بأن المرء يرد في القيامة الحوض على المصطفى بقوله الحق عند الأئمة في الدنيا

[ 279 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب عن مسعر عن أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله ونحن تسعة خمسة وأربعة أحد الفريقين من العرب والآخر من العجم فقال اسمعوا أو هل سمعتم إنه يكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد علي الحوض ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وهو وارد علي الحوض

ذكر رجاء تمكن المرء من رضوان الله جل وعلا في القيامة بقوله الحق عند الأئمة في الدنيا

[ 280 ] أخبرنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني أبو بكر ببغداد قال حدثنا علي بن خشرم قال حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن عمرو بن علقمة عن علقمة بن وقاص قال مر به رجل من أهل المدينة له شرف وهو جالس بسوق المدينة فقال علقمة يا فلان إن لك حرمة وإن لك حقا وإني قد رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء فتكلم عندهم وإني سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله قال قال رسول الله إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة قال علقمة انظر ويحك ماذا تقول وماذا تكلم به فرب كلام قد منعني ما سمعته من بلال بن الحارث

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 281 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا عبدة بن سليمان قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثني أبي عن جدي قال سمعت بلال بن الحارث المزني يقول قال رسول الله إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت فيكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه

ذكر الإخبار عن نفي الورود على الحوض يوم القيامة عمن صدق الأمراء بكذبهم

[ 282 ] أخبرنا علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني قال حدثنا محمد بن عصام بن يزيد قال حدثنا أبي قال حدثنا سفيان عن أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة قال خرج رسول الله ونحن تسعة وبيننا وسادة من آدم فقال سيكون من بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض أبو حصين عثمان بن عاصم قاله الشيخ

ذكر نفي الورود على حوض المصطفى عمن أعان الأمراء على ظلمهم أو صدقهم في كذبهم

[ 283 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا الملائي قال حدثنا سفيان عن أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله ونحن جلوس على وسادة من آدم فقال سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس يرد علي الحوض ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وهو وارد علي الحوض الملائي هو أبو نعيم الفضل بن دكين

ذكر الزجر عن تصديق الأمراء بكذبهم ومعونتهم على ظلمهم إذ فاعل ذلك لا يرد الحوض على المصطفى أعاذنا الله من ذلك

[ 284 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا حاتم بن أبي صغيرة أبو يونس القشيري عن سماك بن حرب عن عبد الله بن خباب عن أبيه قال كنا قعودا على باب النبي فخرج علينا فقال اسمعوا قلنا قد سمعنا قال اسمعوا قلنا قد سمعنا قال اسمعوا قلنا قد سمعنا قال إنه سيكون بعدي أمراء فلا تصدقوهم بكذبهم ولا تعينوهم على ظلمهم فإنه من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم لم يرد علي الحوض

ذكر الزجر عن أن يصدق المرء الأمراء على كذبهم أو يعينهم على ظلمهم

[ 285 ] أخبرنا علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني قال حدثنا محمد بن عصام بن يزيد بن مرة بن عجلان قال حدثنا أبي قال حدثنا سفيان عن أبي حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة قال خرج علينا رسول الله ونحن تسعة وبيننا وسادة من آدم فقال إنه سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض

ذكر التغليظ على من دخل على الأمراء يريد تصديق كذبهم ومعونة ظلمهم

[ 286 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا المقدمي قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن سليمان بن أبي سليمان عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال سيكون من بعدي أمراء يغشاهم غواش من الناس فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأنا منه بريء وهو مني بريء ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأنا منه وهو مني

ذكر إيجاب سخط الله جل وعلا للداخل على الأمراء القائل عندهم بما لا يأذن به الله ولا رسوله

[ 287 ] أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي قال حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده قال كنا معه جلوسا في السوق فمر به رجل من أهل المدينة له شرف فقال له يا بن أخي إن لك حقا وإنك لتدخل على هؤلاء الأمراء وتكلم عندهم وإني سمعت بلال بن الحارث صاحب رسول الله يقول سمعت رسول الله يقول إن العبد ليتكلم بالكلمة ولا يراها بلغت حيث بلغت فيكتب الله له بها رضاه إلى يوم القيامة وإن العبد ليتكلم بالكلمة لا يراها بلغت حيث بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه فانظر يا بن أخي ما تقول وما تكلم فرب كلام كثير قد منعني ما سمعت من بلال بن الحارث

ذكر الاستحباب للمرء أن يأمر بالمعروف من هو فوقه ومثله ودونه في الدين والدنيا إذا كان قصده فيه النصيحة دون التعيير

[ 288 ] أخبرنا الحسن بن سفيان ومحمد بن الحسن بن قتيبة واللفظ للحسن قالا حدثنا محمد بن المتوكل وهو بن أبي السري قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال قال عبد الله بن سلام إن الله تبارك وتعالى لما أراد هدى زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمة جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله قال فخرج رسول الله من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال يا رسول الله قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدا وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث وأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا فإن رأيت أن ترسل إليهم من يغيثهم به فعلت قال فنظر رسول الله إلى رجل جانبه أراه عمر فقال ما بقي منه شيء يا رسول الله قال زيد بن سعنة فدنوت إليه فقلت له يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا فقال لا يا يهودي ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ولا أسمي حائط بني فلان قلت نعم فبايعني فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا قال فأعطاها الرجل وقال اعجل عليهم وأغثهم بها قال زيد بن سعنة فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ونفر من أصحابه فلما صلى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه فأخذت بمجامع قميصه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت ألا تقضيني يا محمد حقي فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمطل ولقد كان لي بمخالطتكم علم قال ونظرت إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني ببصره وقال أي عدو الله أتقول لرسول الله ما أسمع وتفعل به ما أرى فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا عنقك ورسول الله ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته قال زيد فذهب بي عمر فقضاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر فقلت ما هذه الزيادة قال أمرني رسول الله أن أزيدك مكان ما رعتك فقلت أتعرفني يا عمر قال لا فمن أنت قلت أنا زيد بن سعنة قال الحبر قلت نعم الحبر قال فما دعاك أن تقول لرسول الله ما قلت وتفعل به ما فعلت فقلت يا عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما فقد أختبرتهما فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وأشهدك أن شطر مالي فإني أكثرها مالا صدقة على أمة محمد فقال عمر أو على بعضهم فإنك لا تسعهم كلهم قلت أو على بعضهم فرجع عمر وزيد إلى رسول الله فقال زيد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فآمن به وصدقه وشهد مع رسول الله مشاهد كثيرة ثم توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبرا رحم الله زيدا قال فسمعت الوليد يقول حدثني بهذا كله محمد بن حمزة عن أبيه عن جده عن عبد الله بن سلام

ذكر إعطاء الله جل وعلا الآمر بالمعروف ثواب العامل به من غير أن ينقص من أجره شيء

[ 289 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا بشر بن خالد العسكري قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا عمرو الشيباني عن أبي مسعود قال أتى رجل النبي فسأله فقال ما عندي ما أعطيك لكن ائت فلانا قال فأتى الرجل فأعطاه فقال رسول الله من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو عامله

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من استحلال النصرة على أعداء الله الكفرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دار الإسلام

[ 290 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا بن أبي فديك عن عمرو بن عثمان بن هانئ عن عاصم بن عمر بن عثمان عن عروة عن عائشة قالت دخل علي النبي فعرفت في وجهه أن قد حضره شيء فتوضأ وما كلم أحدا ثم خرج فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى يقول لكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم فما زاد عليهن حتى نزل

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الغيرة عند استحلال المحظورات

[ 291 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن شعيب والوليد قالا حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر أنها سمعت رسول الله يقول وهو على المنبر إنه لا شيء أغير من الله جل وعلا

ذكر الإخبار بأن غيرة الله تكون أشد من غيرة أولاد آدم

[ 292 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثني القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال المؤمن يغار والله أشد غيرة

ذكر وصف الشيء الذي من أجله يكون الله جل وعلا أشد غيرة

[ 293 ] أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي قال إن الله يغار والمؤمن يغار فغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 294 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير وعبدة بن سليمان عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله عن رسول الله قال ليس أحد أحب إليه المدح من الله فلذلك مدح نفسه وليس أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش

ذكر الإخبار عن الغيرة التي يحبها الله والتي يبغضها

[ 295 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا بن أبي عدي عن الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم التيمي عن بن عتيك الأنصاري عن أبيه قال قال رسول الله إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الله وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الله وإن من الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله فأما الخيلاء التي يحب الله أن يتخيل العبد بنفسه عند القتال وأن يتخيل عند الصداقة وأما الخيلاء التي يبغض الله فالخيلاء لغير الدين قال أبو حاتم بن عتيك هذا هو أبو سفيان بن جابر بن عتيك بن النعمان الأشهلي لأبيه صحبة

ذكر رجاء الأمن من غضب الله لمن لم يغضب لغير الله جل وعلا

[ 296 ] أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال حدثنا أحمد بن عيسى المصري قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمر قال قلت يا رسول الله ما يمنعني من غضب الله قال لا تغضب

ذكر الإخبار عن وصف القائم في حدود الله والمداهن فيها

[ 297 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن الشعبي قال سمعت النعمان بن بشير على منبرنا هذا يقول سمعت رسول الله ففرغت له سمعي وقلبي وعرفت أني لن أسمع أحدا على منبرنا هذا يقول سمعت رسول الله يقول مثل القائم على حدود الله والمداهن في حدود الله كمثل قوم كانوا في سفينة فاقترعوا منازلهم فصار مهراق الماء ومختلف القوم لرجل فضجر فأخذ القدوم وربما قال الفأس فقال أحدهم للآخر إن هذا يريد أن يغرقنا ويخرق سفينتكم وقال الآخر فإنما يخرق مكانه وسمعت رسول الله يقول إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد لها الجسد كله وسمعت رسول الله يقول المؤمنون تراحمهم ولطف بعضهم ببعض كجسد رجل واحد إذا اشتكى بعض جسده ألم له سائر جسده

ذكر تمثيل المصطفى الراكب حدود الله والمداهن فيها مع القائم بالحق بأصحاب مركب ركبوا لج البحر

[ 298 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن مطرف عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله يقول المداهن في حدود الله والراكب حدود الله والآمر بها والناهي عنها كمثل قوم استهموا في سفينة من سفن البحر فأصاب أحدهم مؤخر السفينة وأبعدها من المرفق وكانوا سفهاء وكانوا إذا أتوا على رجال القوم آذوهم فقالوا نحن أقرب أهل السفينة من المرفق وأبعدهم من الماء فتعالوا نخرق دف السفينة ثم نرده إذا استغنينا عنه فقال من ناوأه من السفهاء افعل فأهوى إلى فأس ليضرب بها أرض السفينة فأشرف عليه رجل رشيد فقال ما تصنع فقال نحن أقربكم من المرفق وأبعدكم منه أخرق دف السفينة فإذا استغنينا عنه سددناه فقال لا تفعل فإنك إن فعلت تهلك ونهلك

ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة لمن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر إذا تعرى فيهما عن العلل

[ 299 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو معمر القطيعي قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله على كل منسم من بني آدم صدقة كل يوم فقال رجل من القوم ومن يطيق هذا قال أمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة والحمل على الضعيف صدقة وكل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صدقة

ذكر استحقاق القوم الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر عن قدرة منهم عليه عموم العقاب من الله جل وعلا

[ 300 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه قال سمعت رسول الله يقول ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليهم ولا يغيروا إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا

ذكر ما يستحب للمرء استعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعوام الناس دون الأمراء الذين لا يأمن على نفسه منهم إن فعل ذلك

[ 301 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن مطرف عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله يقول مثل المداهن في حدود الله والآمر بها والناهي عنها كمثل قوم استهموا سفينة من سفن البحر فصار بعضهم في مؤخر السفينة وأبعدهم من المرفق وبعضهم في أعلى السفينة فكانوا إذا أرادوا الماء وهم في آخر السفينة آذوا رحالهم فقال بعضهم نحن أقرب من المرفق وأبعد من الماء نخرق دفة السفينة ونستقي فإذا استغنينا عنه سددناه فقال السفهاء منهم إفعلوا قال فأخذ الفأس فضرب عرض السفينة فقال رجل منهم رشيد ما تصنع قال نحن أقرب من المرفق وأبعد من الماء نكسر دف السفينة فنستقي فإذا استغنينا عنه سددناه فقال لا تفعل فإنك إذا تهلك ونهلك

ذكر توقع العقاب من الله جل وعلا لمن قدر على تغيير المعاصي ولم يغيرها

[ 302 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه قال سمعت رسول الله يقول ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يغيروا إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا

ذكر جواز زجر المرء المنكر بيده دون لسانه إذا لم يكن فيه تعد

[ 303 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا المقدمي وزحمويه قالا حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي قال سمعت النعمان بن راشد عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي ثعلبة الخشني قال قعد إلى النبي رجل وعليه خاتم من ذهب فقرع رسول الله يده بقضيب كان في يده ثم غفل عنه فألقى الرجل خاتمه ثم نظر إليه رسول الله قال أين خاتمك قال ألقيته قال أظننا قد أوجعناك وأغرمناك قال أبو حاتم النعمان بن راشد ربما أخطأ على الزهري

ذكر البيان بأن المنكر والظلم إذا ظهرا كان على من علم تغييرهما حذر عموم العقوبة إياهم بهما

[ 304 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال قرأ أبو بكر الصديق هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } قال إن الناس يضعون هذه الآية على غير موضعها ألا وإني سمعت رسول الله يقول إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أو قال المنكر فلم يغيروه عمهم الله بعقابه

ذكر البيان بأن المتأول للآي قد يخطىء في تأويله لها وإن كان من أهل الفضل والعلم

[ 305 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه عن النبي قال أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها الله { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقاب

ذكر وصف النهي عن المنكر إذا رآه المرء أو علمه

[ 306 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب الأحمسي قال أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة يوم العيد مروان بن الحكم فقام إليه رجل فقال الصلاة قبل الخطبة ومد بها صوته فقال ترك ما هناك أبا فلان فقال أبو سعيد الخدري أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله يقول من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذاك أضعف الإيمان

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به طارق بن شهاب

[ 307 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم وهناد بن السري قالا حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال أخرج مروان المنبر في يوم عيد وبدأ بالخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال يا مروان خالفت السنة أخرجت المنبر في يوم عيد ولم يكن يخرج وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها فقال أبو سعيد من هذا قالوا فلان بن فلان قال أبو سعيد أما هذا فقد قضى ما عليه زاد إسحاق سمعت رسول الله يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع أن يغيره بيده فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان

باب ما جاء في الطاعات وثوابها

ذكر الإخبار بأن أهل كل طاعة في الدنيا يدعون إلى الجنة من بابها

[ 308 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله قال من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبو بكر يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم

ذكر الإخبار عن إجازة إطلاق اسم القنوت على الطاعات

[ 309 ] أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعود نفسه أعمال الخير في أسبابه

[ 310 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة قال سمعت معاوية يحدث عن رسول الله قال الخير عادة والشر لجاجة من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

ذكر ما يستحب للمرء أن يقوم في أداء الشكر لله جل وعلا بإتيان الطاعات بأعضائه دون الذكر باللسان وحده

[ 311 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان حدثنا زياد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة يقول قام النبي حتى إذا تورمت قدماه فقيل له يا رسول الله أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا

ذكر العلة التي من أجلها كان يترك الأعمال الصالحة بحضرة الناس

[ 312 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني الليث عن عقيل عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي كانت تقول ما كان رسول الله يسبح سبحة الضحى وكانت عائشة تسبحها وكانت تقول إن رسول الله ترك كثيرا من العمل خشية أن يستن به فيفرض عليهم

ذكر العلة التي من أجلها كان يترك بعض الطاعات

[ 313 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن الزهري بن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت كان رسول الله ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الشكر لله جل وعلا بأعضائه على نعمه ولا سيما إذا كانت النعمة تعقب بلوى تعتريه

[ 314 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا همام بن يحيى حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي يقول إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن قال فأي المال أحب إليك قال الإبل فمسحه فذهب عنه قال وأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها قال وأتى الأقرع فقال أي شيء أحب إليك قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب عنه وأعطى شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك قال البقر قال فأعطي بقرة حافلة قال بارك الله لك فيها قال وأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك قال أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس فمسحه فرد الله إليه بصره قال فأي المال أحب إليك قال الغنم قال فأعطي شاة والدا وأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم قال ثم أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ بي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ به في سفري فقال الحقوق كثيرة فقال كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله المال فقال إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر فقال إن كنت كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت قال ثم أتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثل ما رد هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فقال قد كنت أعمى فرد الله علي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك

ذكر تفضل الله جل وعلا بإعطاء أجر الصائم الصابر للمفطر إذا شكر ربه جل وعلا

[ 315 ] أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد العابد الطاحي بالبصرة حدثنا نصر بن علي حدثنا معتمر بن سليمان عن معمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر قال أبو حاتم شكر الطاعم الذي يقوم بإزاء أجر الصائم الصابر هو أن يطعم المسلم ثم لا يعصي باريه يقويه ويتم شكره بإتيان طاعاته بجوارحه لأن الصائم قرن به الصبر لصبره عن المحظورات وكذلك قرن بالطاعم الشكر فيجب أن يكون هذا الشكر الذي يقوم بإزاء ذلك الصبر يقاربه أو يشاكله وهو ترك المحظورات على ما ذكرناه

ذكر الأخبار عما يجب على المرء من القيام في أداء الفرائض مع إتيان النوافل ثم إعطائه عن نفسه وعياله فيما بعد

[ 316 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن الخطاب البلدي الزاهد حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي فرأينها سيئة الهيئة فقلن ما لك ما في قريش رجل أغنى من بعلك قالت ما لنا منه شيء أما نهاره فصائم وأما ليله فقائم قال فدخل النبي فذكرن ذلك له فلقيه النبي فقال يا عثمان أما لك في أسوة قال وما ذاك يا رسول الله فداك أبي وأمي قال أما أنت فتقوم الليل وتصوم النهار وإن لأهلك عليك حقا وإن لجسدك عليك حقا صل ونم وصم وأفطر قال فأتتهم المرأة بعد ذلك عطرة كأنها عروس فقلن لها مه قالت أصابنا ما أصاب الناس

ذكر التغليظ على من خالف السنة التي ذكرناها

[ 317 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرني حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك يقول جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال الآخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الآخر أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا فجاء رسول الله فقال أنتم الذي قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني

ذكر ما يقوم مقام الجهاد النفل من الطاعات للمرء

[ 318 ] أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان أخبرنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال سمعت أبا العباس وهو السائب بن فروخ الشاعر المكي يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول جاء رجل الى النبي يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد

ذكر البيان بأن المرء مباح له أن يظهر ما أنعم الله عليه من التوفيق للطاعات إذا قصد بذلك التأسي فيه دون إعطاء النفس شهوتها من المدح عليها

[ 319 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس قال وجد رسول الله فلما أصبح قيل يا رسول الله إن أثر الوجع عليك بين قال إني على ما ترون قرأت البارحة السبع الطول

ذكر الإخبار بأن على المرء مع قيامه في النوافل إعطاء الحظ لنفسه وعياله

[ 320 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خثيمة حدثنا جعفر بن عون حدثنا أبو عميس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن رسول الله آخى بين سلمان وأبى الدرداء قال فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبتلة فقال ما شأنك قالت إن أخاك ليست له حاجة في الدنيا فلما جاء أبو الدرداء رحب به سليمان وقرب إليه الطعام فقال له سلمان اطعم قال إني صائم قال أقسمت عليك إلا طعمت فإني ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل معه وبات عنده فلما كان من الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان ثم قال يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا أعط كل ذي حق حقه صم وأفطر وقم ونم وائت أهلك فلما كان عند الصبح قال قم الآن فقاما فصليا ثم خرجا إلى الصلاة فلما صلى النبي قام إليه أبو الدرداء فأخبره بما قال سلمان فقال له رسول الله مثل ما قال سلمان

ذكر ما يستحب للمرء إتيان المبالغة في الطاعات وكذلك اجتناب المحظورات

[ 321 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا سفيان عن أبي يعفور عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة قالت كان النبي إذا دخل العشر أيقظ أهله وأحيى الليل وشد المئزر وقد ذكر سفيان مرة فيه وجد أبو يعفور اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس

ذكر ما يستحب للمرء لزوم المداومة على إتيان الطاعات

[ 322 ] أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا محمود بن خداش حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال سألت عائشة عن عمل رسول الله فقالت كان عمله ديمة

ذكر البيان بأن أحب الطاعات إلى الله جل وعلا ما واظب عليه المرء وإن قل

[ 323 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت كان أحب الأعمال إلى رسول الله الذي يدوم عليه صاحبه

ذكر استحباب الاجتهاد في أنواع الطاعات في أيام العشر من ذي الحجة

[ 324 ] أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط حدثنا أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء

ذكر الإخبار بأن عشر ذي الحجة وشهر رمضان في الفضل يكونان سيان

[ 325 ] أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي قال شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة

ذكر الإخبار عن استعمال الله جل وعلا أهل الطاعة بطاعته

[ 326 ] أخبرنا الصوفي ببغداد حدثنا الهيثم بن خارجة حدثنا الجراح بن مليح البهراني قال سمعت بكر بن زرعة الخولاني قال سمعت أبا عنبة الخولاني وهو من أصحاب النبي ممن صلى للقبلتين كلتيهما وأكل الدم في الجاهلية يقول سمعت رسول الله يقول لا يزال الله يغرس في هذا الدين بغرس يستعملهم في طاعته

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على الصالحين في زمانه دون السعي فيما يكدون فيه من الطاعات

[ 327 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أن زينب بنت جحش زوج النبي قالت خرج رسول الله وسام فزعا محمرا وجهه يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها قالت فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحين قال نعم إذا كثر الخبث

ذكر الإخبار بأن من تقرب إلى الله قدر شبر أو ذراع بالطاعة كانت الوسائل والمغفرة أقرب منه بباع

[ 328 ] أخبرنا سليمان بن الحسين بن المنهال أبن أخي الحجاج بن المنهال قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة عن النبي فيما يحكي عن الله جل وعلا قال الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحدة منهما قذفته في النار ومن اقترب إلي شبرا اقتربت منه ذراعا ومن اقترب مني ذراعا اقتربت منه باعا ومن جائني يمشي جئته أهرول ومن جاءني يهرول جئته أسعى ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ أكثر منهم وأطيب

ذكر إطلاق اسم الخير على الأفعال الصالحة إذا كانت من غير المسلمين

[ 329 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن بن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة فهل فيها أجر فقال النبي أسلمت على ما سلف لك من أجر

ذكر البيان بأن الأعمال التي يعملها من ليس بمسلم وإن كانت أعمالا صالحة لا تنفع في العقبي من عملها في الدنيا

[ 330 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القواريري قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت قلت لرسول الله إن بن جدعان في الجاهلية كان يقري الضيف ويحسن الجوار ويصل الرحم فهل ينفعه ذلك قال لا إنه لم يقل يوما قط اللهم اغفر لي خطيئتي يوم الدين

ذكر الإخبار بأن الكافر وإن كثرت أعمال الخير منه في الدنيا لم ينفعه منها شيء في العقبي

[ 331 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة عن النبي أنها سألته عن قوله { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار } فأين يكون الناس يومئذ فقال على الصراط قالت قلت يا رسول الله بن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه قال لا ينفعه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين

ذكر القصد الذي كان لأهل الجاهلية في استعمالهم الخير في أنسابهم

[ 332 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد الجوهري قال أنبأنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت مري بن قطري يحدث عن عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان يفعل ويفعل قال إن أباك أراد أمرا فأدركه يعني الذكر قال قلت يا رسول الله إني أسألك عن طعام لا أدعه إلا تحرجا قال لا تدع شيئا ضارعت النصرانية فيه قال قلت إني أرسل كلبي فيأخذ صيدا ولا أجد ما أذبح به إلا المروة أو العصا قال أمر الدم بما شئت واذكر اسم الله

ذكر ما يجب على المرء من التشمير في الطاعات وإن جرى قبلها منه ما يكره الله من المحظورات

[ 333 ] أخبرنا سليمان بن الحسن العطار بالبصرة حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد بن زيد حدثنا يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عمران بن حصين قال قيل يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار قال نعم قيل فما يعمل العاملون قال كل ميسر لما خلق

ذكر ما يجب على المرء من ترك الاتكال على قضاء الله دون التشمير فيما يقربه إليه

[ 334 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا محمد بن كثير العبدي حدثنا شعبة عن سليمان الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب أن النبي كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكت به في الأرض فقال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة فقال رجل ألا نتكل فقال اعملوا فكل ميسر ثم قرأ { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى }

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به سليمان الأعمش

[ 335 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا بشر بن خالد حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب عن النبي أنه كان في جنازة فأخذ عودا ينكت في الأرض فقال ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من الجنة أو من النار فقالوا يا رسول الله أفلا نتكل قال اعملوا كل ميسر فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى قال شعبة حدثني منصور بن المعتمر فلم أنكره من حديث سليمان

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على القضاء النافذ دون إتيان المأمورات والانزجار عن المحظورات

[ 336 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن جابر أنه قال قلت يا رسول الله أنعمل لأمر قد فرغ منه أم لأمر نأتنفه قال لأمر قد فرغ منه قال ففيم العمل إذا فقال رسول الله كل عامل ميسر لعمله

ذكر ما يجب على المرء من قلة الاغترار بكثرة إتيانه المأمورات وسعيه في أنواع الطاعات

[ 337 ] أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا بن علية حدثنا روح بن القاسم عن أبي الزبير عن جابر أن سراقة بن جعشم قال يا رسول الله أخبرنا عن أمرنا كأنا ننظر إليه أبما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير أو بما يستأنف قال لا بل بما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير قال ففيم العمل إذا قال اعملوا فكل ميسر قال سراقة فلا أكون أبدا أشد اجتهادا في العمل مني الآن

ذكر البيان بأن قوله فكل ميسر أراد به ميسر لما قدر له في سابق علمه من خير أو شر

[ 338 ] أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان المعدل بالفسطاط حدثنا الحارث بن مسكين حدثنا بن وهب أخبرني معاوية بن صالح عن راشد بن سعد حدثني عبد الرحمن بن قتادة السلمي وكان من أصحاب النبي قال سمعت رسول الله يقول خلق الله آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي قال قائل يا رسول الله فعلى ماذا نعمل قال على مواقع القدر

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على ما يأتي من الطاعات دون الابتهال إلى الخالق جل وعلا في إصلاح أواخر أعماله

[ 339 ] أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال أخبرنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن جابر قال سمعت أبا عبد رب يقول سمعت معاوية يقول سمعت رسول الله يقول إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا خبث أعلاه خبث أسفله

ذكر البيان بأن المرء يجب أن يعتمد من عمله على آخره دون أوائله

[ 340 ] أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي قال إنما الأعمال بالخواتيم

ذكر الإخبار بأن من وفق للعمل الصالح قبل موته كان ممن أريد به الخير

[ 341 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا علي بن حجر السعدي قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس بن مالك أن النبي قال إذا أراد الله بعبد خيرا يستعمله قيل كيف يستعمله يا رسول الله قال يوفقه لعمل صالح قبل الموت

ذكر الإخبار بأن فتح الله على المسلم العمل الصالح في آخر عمره من علامة إرادته جل وعلا له الخير

[ 342 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال أخبرني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبي قال سمعت عمرو بن الحمق الخزاعي قال قال رسول الله إذا أراد الله بعبد خير عسله قبل موته قيل وما عسله قبل موته قال يفتح له عمل صالح بين يدي موته حتى يرضى عنه

ذكر البيان بأن العمل الصالح الذي يفتح للمرء قبل موته من السبب الذي يلقي الله جل وعلا محبته في قلوب أهله وجيرانه به

[ 343 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه عن عمرو بن الحمق الخزاعي قال قال رسول الله إذا أراد الله بعبد خير عسله قبل موته قيل وما عسله قال يفتح له عمل صالح بين يدي موته حتى يرضى عنه

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة القنوط إذا وردت عليه حالة الفتور في الطاعات في بعض الإحايين

[ 344 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو قديد عبيد الله بن فضالة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس قال قال أصحاب رسول الله إنا إذا كنا عند النبي رأينا من أنفسنا ما نحب فإذا رجعنا إلى أهالينا فخالطناهم أنكرنا أنفسنا فذكروا ذلك للنبي فقال رسول الله لو تدومون على ما تكونون عندي في الحال لصافحتكم الملائكة حتى تظلكم بأجنحتها ولكن ساعة وساعة

ذكر الإخبار عما يجب على المرء المسلم من ترك القنوط من رحمة الله جل وعلا مع ترك الاتكال على سعة رحمته وإن كثرت أعماله

[ 345 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في الجنة أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من الجنة أحد

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الرجاء وترك القنوط مع لزومه القنوط وترك الرجاء

[ 346 ] أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال أبن أخي الحجاج بن المنهال حدثنا أحمد بن أبان القرشي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن رسول الله قال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنه لمن أهل الجنة

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الثقة بالله في أحواله عند قيامه بإتيان المأمورات وانزعاجه عن جميع المزجورات

[ 347 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني شريك بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن الله جل وعلا يقول من عادى لي وليا فقد آذاني وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فإن سألني عبدي أعطيته وإن استعاذني أعذته وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأكره مساءته قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه لا يعرف لهذا الحديث إلا طريقان اثنان هشام الكناني عن أنس وعبد الواحد بن ميمون عن عروة عن عائشة وكلا الطريقين لا يصح وإنما الصحيح ما ذكرناه

ذكر الأمر بالتشديد في الأمور وترك الاتكال على الطاعات

[ 348 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا ليث بن سعد عن بكير بن عبد الله الأشج عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله قال ما منكم من أحد ينجيه عمله فقال له رجل ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ولكن سددوا

ذكر الأخبار عما يجب على المرء من التسديد والمقاربة في الأعمال دون الإمعان في الطاعات حتى يشار إليه بالأصابع

[ 349 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي قال لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فإن كان صاحبها سادا وقاربا فارجوه وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه

ذكر الأمر بالمقاربة في الطاعات إذ الفوز في العقبي يكون بسعة رحمة الله لا بكثرة الأعمال

[ 350 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سفيان عن جابر قالا قال رسول الله سددوا وقاربوا ولا ينجي أحدا منكم عمله قلنا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمته

ذكر الأمر بالغدو والرواح والدلجة في الطاعات عند المقاربة فيها

[ 351 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا عمر بن علي المقدمي قال سمعت معن بن محمد قال سمعت سعيد بن أبي سعيد يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله قال إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والرواح وشيء من الدلجة

ذكر الأمر للمرء بإتيان الطاعات على الرفق من غير ترك حظ النفس فيها

[ 352 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال أخبر رسول الله أنه قال يعني نفسه لأقومن الليل ولأصومن النهار ما عشت فقال رسول الله أنت الذي تقول ذلك فقلت له قد قلته يا رسول الله فقال رسول الله فإنك لا تستطيع ذلك صم وأفطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر قال قلت إني أطيق أفضل من ذلك قال صم يوما وأفطر يومين قال قلت إني أطيق أفضل من ذلك قال صم يوما وأفطر يوما وذلك صيام داود وهو أعدل الصيام قال فقلت فإني أطيق أفضل من ذلك قال رسول الله لا أفضل من ذلك قال عبد الله ولأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله كان أحب إلي من أهلي ومالي قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله لا أفضل من ذلك يريد به لك لأنه علم ضعف عبد الله بن عمرو عما وطن نفسه عليه من الطاعات

ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر

[ 353 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثني الوليد قال حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى قال حدثني أبو سلمة قال حدثتني عائشة قالت قال رسول الله خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا قالت وكان أحب الأعمال إلى رسول الله ما دام عليه وإن قل وكان إذا صلى صلاة دام عليها قال يقول أبو سلمة قال الله عز وجل والذين هم على صلاتهم دائمون قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله إن الله لا يمل حتى تملوا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف صحة ما خوطب به في القصد على الحقيقة إلا بهذه الألفاظ

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من قبول ما رخص له بترك التحمل على النفس ما لا تطيق من الطاعات

[ 354 ] أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى قال حدثنا الحسين بن محمد الذارع قال حدثنا أبو محصن حصين بن نمير قال حدثنا هشام بن حسان عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه

ذكر الإخبار بأن على المرء قبول رخصة الله له في طاعته دون التحمل على النفس ما يشق عليها حمله

[ 355 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال رأى رسول الله رجلا في سفر في ظل شجرة يرشح عليه الماء فقال ما بال صاحبكم قالوا صائم يا رسول الله قال ليس من البر الصيام في السفر فعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها

ذكر ما يستحب للمرء الترفق بالطاعات وترك الحمل على النفس ما لا تطيق

[ 356 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت ما صام رسول الله شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان

ذكر الأمر بالقصد في الطاعات دون أن يحمل على النفس ما لا تطيق

[ 357 ] أخبرنا أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو الزهراني حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي حدثنا عيسى بن جارية عن جابر قال مر رسول الله على رجل قائم يصلي على صخرة فأتى ناحية مكة فمكث مليا ثم أقبل فوجد الرجل على حاله يصلي فجمع يديه ثم قال أيها الناس عليكم بالقصد عليكم بالقصد فإن الله لا يمل حتى تملوا

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم التسديد في أسبابه مع الاستبشار بما يأتي منها

[ 358 ] سمعت الفضل بن الحباب يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول سمعت محمدا يقول سمعت أبا هريرة يقول مر رسول الله على رهط من أصحابه يضحكون فقال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فأتاه جبريل فقال إن الله قال لك لم تقنط عبادي قال فرجع إليهم وقال سددوا وأبشروا

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الرفق في الطاعات وترك الحمل على النفس ما لا تطيق

[ 359 ] أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا شعيب عن الزهري عن عروة عن عائشة أن الحولاء بنت تويت بن حبيب بن أسد بن عبد العزى مرت بها وعندها رسول الله قالت فقلت هذه الحولاء بنت تويت وزعموا أنها لا تنام بالليل فقال رسول الله لا تنام بالليل خذوا من العمل ما تطيقون فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله لا يسأم الله حتى تسأموا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد فيما يخاطب به إلا بهذه الألفاظ

ذكر الزجر عن الاغترار بالفضائل التي رويت للمرء على الطاعات

[ 360 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني محمد بن إبراهيم التيمي قال حدثني شقيق بن سلمة قال حدثني حمران مولى عثمان قال رأيت عثمان قاعدا في المقاعد فدعا بوضوء فتوضأ ثم قال رأيت رسول الله في مقعدي هذا توضأ مثل وضوئي هذا ثم قال رسول الله من توضأ مثل وضوئي هذا غفر له ما تقدم من ذنبه ثم قال رسول الله ولا تغتروا

ذكر الاستحباب للمرء أن يكون له من كل خير حظ رجاء التخلص في العقبي بشيء منها

[ 361 ] أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني والحسين بن عبد الله القطان بالرقة وابن قتيبة واللفظ للحسن قالوا حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى بن الغساني قال حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر قال دخلت المسجد فإذا رسول الله جالس وحده قال يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما قال فقمت فركعتهما ثم عدت فجلست إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع استكثر أو استقل قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيل الله قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أكمل إيمانا قال أحسنهم خلقا قلت يا رسول الله فأي المؤمين أسلم قال من سلم الناس من لسانه ويده قال الصلاة أفضل قال طول القنوت قال قلت يا رسول الله فأي الهجرة أفضل قال من هجر السيئات قال قلت يا رسول الله فما الصيام قال فرض مجزىء وعند الله أضعاف كثيرة قال قلت يا رسول الله فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه قال قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل قال جهد المقل يسر إلى فقير قلت يا رسول الله فأي ما أنزل الله عليك أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة قال قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف وعشرون ألفا قلت يا رسول الله كم الرسل من ذلك قال ثلاث مائة وثلاثة عشر جما غفيرا قال قلت يا رسول الله من كان أولهم قال آدم قلت يا رسول الله أنبي مرسل قال نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا ثم قال يا أبا ذر أربعة سريانيون آدم وشيث وأخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب هود وشعيب وصالح ونبيك محمد قلت يا رسول الله كم كتابا أنزله الله قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث خمسون صحيفة وأنزل على أخنوخ ثلاثون صحيفة وأنزل على إبراهيم عشر صحائف وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن قال قلت يا رسول الله ما كانت صحيفة إبراهيم قال كانت أمثالا كلها أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع الله وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح وعجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء قلت يا رسول الله زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي قلت يا رسول الله زدني قال أحب المساكين وجالسهم قلت يا رسول الله زدني قال انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك قلت يا رسول الله زدني قال قل الحق وإن كان مرا قلت يا رسول الله زدني قال ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك أو تجد عليهم فيما تأتي ثم ضرب بيده على صدري فقال يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أبو إدريس الخولاني هذا هو عائد الله بن عبد الله ولد عام حنين في حياة رسول الله ومات بالشام سنة ثمانين ويحيى بن يحيى الغساني من كندة من أهل دمشق من فقهاء أهل الشام وقرائهم سمع أبا إدريس الخولاني وهو بن خمس عشرة سنة ومولده يوم راهط في أيام معاوية بن يزيد سنة أربع وستين وولاه سليمان بن عبد الملك قضاء الموصل سمع سعيد بن المسيب وأهل الحجاز فلم يزل على القضاء بها حتى ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة فأقره على الحكم فلم يزل عليها أيامه وعمر حتى مات بدمشق سنة ثلاث وثلاثين ومئة

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم العبادة في السر والعلانية رجاء النجاة في العقبي بها

[ 362 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن معاذ بن جبل قال كنت رديف النبي ما بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل فقال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال هل تدري ما حق الله على العباد قلت الله ورسوله أعلم قال أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قال ثم سار ساعة ثم قال هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك قلت الله ورسوله أعلم قال فإن حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إصلاح أحواله حتى يؤديه ذلك إلى محبة لقاء الله جل وعلا

[ 363 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج قال أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال قال الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه فإذا كره لقائي كرهت لقاءه

ذكر الاستدلال على محبة الله جل وعلا لتعظيم الناس عنده بمحبة خواص أهل العقل والدين إياه

[ 364 ] أخبرنا محمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن سهيل بن أبي صالح عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي قال إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه قال فيقول جبريل لأهل السماء إن ربكم أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ويوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا فمثل ذلك

ذكر الإخبار عن محبة أهل السماء والأرض العبد الذي يحبه الله جل وعلا

[ 365 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال إذا أحب الله العبد قال لجبريل قد أحببت فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض الله العبد قال مالك لا أحسبه إلا قال في البغض مثل ذلك قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه سمع هذا الخبر سهيل عن أبيه وسمع عن القعقاع بن حكيم عن أبيه

ذكر البيان بأن محبة من وصفنا قبل للمرء على الطاعات إنما هو تعجيل بشراه في الدنيا

[ 366 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد عن يحيى القطان عن شعبة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت قال قال أبو ذر يا رسول الله إن الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس قال تلك عاجل بشرى المؤمن

ذكر البيان بأن محمدة الناس للمرء وثناءهم عليه إنما هو بشراه في الدنيا

[ 367 ] أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا أحمد بن المقدام قال حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس قال ذلك بشرى المؤمن

ذكر البيان بأن الله جل وعلا يثني على من يحبه من المسلمين بأضعاف عمله من الخير والشر

[ 368 ] أخبرنا علي بن سعيد العسكري قال حدثنا أبو نشيط محمد بن هارون قال حدثنا المقرىء عن حيوة بن شريح قال حدثنا سالم بن غيلان قال سمعت أبا السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال إن الله إذا أحب عبدا أثنى عليه بسبعة أضعاف من الخير لم يعملها وإذا سخط على عبد أثنى عليه بسبعة أضعاف من الشر لم يعملها فصل

ذكر الإخبار عن إعداد الله جل وعلا لعباده المطيعين ما لا يصفه حس من حواسهم

[ 369 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي قال قال الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ومصداق ذلك في كتاب الله { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون }

ذكر الإخبار عما وعد الله جل وعلا المؤمنين في العقبي من الثواب على أعمالهم في الدنيا

[ 370 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا روح بن عبادة قال حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك في قوله { إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } قال نزلت على رسول الله مرجعه من الحديبية وإن أصحابه قد أصابتهم الكآبة والحزن فقال رسول الله أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا وما فيها فتلاها رسول الله عليهم فقالوا يا رسول الله بين الله لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله الآية بعدها { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } الآية

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به قتادة عن أنس

[ 371 ] أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث بن عبد الكريم بمرو حدثنا الحسين بن سعيد بن بنت علي بن الحسين بن واقد حدثني جدي علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي قال قال سفيان وحدثني الحسن عن أنس بن مالك في قوله { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } أنها نزلت على نبي الله مرجعه من الحديبية وأصحابه قد خالطهم الحزن والكآبة قد حيل بينهم وبين مسألتهم ونحروا البدن بالحديبية فقال رسول الله لقد نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا فقرأها عليهم إلى آخر الآية فقال رجل من القوم هنيئا مريئا لك يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } إلى آخر الآية

ذكر الخصال التي إذا استعملها المرء كان ضامنا بها على الله جل وعلا

[ 372 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا أبي قال حدثنا الليث بن سعد عن الحارث بن يعقوب عن قيس بن رافع القيسي عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو عن معاذ بن جبل عن رسول الله قال من جاهد في سبيل الله كان ضامنا على الله ومن عاد مريضا كان ضامنا على الله ومن غدا إلى مسجد أو راح كان ضامنا على الله ومن دخل على إمام يعززه كان ضامنا على الله ومن جلس في بيته لم يغتب إنسانا كان ضامنا على الله

ذكر الخصال التي يستوجب المرء بها الجنان من بارئه جل وعلا

[ 373 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني أبو كثير السحيمي عن أبيه قال سألت أبا ذر قلت دلني على عمل إذا عمل العبد به دخل الجنة قال سألت عن ذلك رسول الله فقال يؤمن بالله قال فقلت يا رسول الله إن مع الإيمان عملا قال يرضخ مما رزقه الله قلت وإن كان معدما لا شيء له قال يقول معروفا بلسانه قال قلت وإن كان عييا لا يبلغ عنه لسانه قال فيعين مغلوبا قلت فإن كان ضعيفا لا قدرة له قال فليصنع لأخرق قلت وإن كان أخرق قال فالتفت إلي وقال ما تريد أن تدع في صاحبك شيئا من الخير فليدع الناس من أذاه فقلت يا رسول الله إن هذه كلمة تيسير فقال والذي نفسي بيده ما من عبد يعمل بخصلة منها يريد بها ما عند الله إلا أخذت بيده يوم القيامة حتى تدخله الجنة قال أبو حاتم أبو كثير السحيمي اسمه يزيد بن عبد الله بن أذينة من ثقات أهل اليمامة

ذكر الخصال التي إذا استعملها المرء أو بعضها كان من أهل الجنة

[ 374 ] أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن عيسى بن عبد الرحمن عن طلحة اليامي عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال جاء أعرابي إلى النبي فقال يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة قال لئن كنت أقصرت الخطبة فقد أعرضت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة قال أوليستا بواحدة قال لا عتق النسمة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعطي في ثمنها والمنحة الوكوف والفيء على ذي الرحم القاطع فإن لم تطق ذاك فأطعم الجائع واسق الظمآن ومر بالمعروف وانه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير

ذكر كتبة الله جل وعلا أجر السر وأجر العلانية لمن عمل لله طاعة في السر والعلانية فاطلع عليه من غير وجود علة فيه عند ذلك

[ 375 ] أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا سعيد بن سنان أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل ويسره فإذا اطلع عليه سره قال له أجران أجر السر وأجر العلانية قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله إن الرجل يعمل العمل ويسره فإذا اطلع عليه سره معناه أنه يسره أن الله وفقه لذلك العمل فعسى يستن به فيه فإذا كان كذلك كتب له أجران وإذا سره ذلك لتعظيم الناس إياه أو ميلهم إليه كان ذلك ضربا من الرياء لا يكون له أجران ولا أجر واحد

ذكر الإخبار بأن مغفرة الله جل وعلا تكون أقرب إلى المطيع من تقربه بالطاعة إلى الباري جل وعلا

[ 376 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المتوكل قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثني أبي قال أنبأنا أنس بن مالك عن أبي هريرة قال قال رسول الله قال الله تبارك وتعالى إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة وإن هرولة سعيت إليه والله أوسع بالمغفرة

ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يجازي المؤمن على حسناته في الدنيا كما يجازي على سيئاته فيها

[ 377 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله قال إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة فأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا فإذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا

ذكر الخبر الدال على أن الحسنة الواحدة قد يرجى بها للمرء محو جنايات سلفت منه

[ 378 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا غالب بن وزير الغزي حدثنا وكيع قال حدثني الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر قال قال رسول الله تعبد عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعته ستين عاما فأمطرت الأرض فاخضرت فأشرف الراهب من صومعته فقال لو نزلت فذكرت الله لازددت خيرا فنزل ومعه رغيف أو رغيفان فبينما هو في الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلمها وتكلمه حتى غشيها ثم أغمي عليه فنزل الغدير يستحم فجاءه سائل فأومأ إليه أن يأخذ الرغيفين أو الرغيف ثم مات فوزنت عبادة ستين سنة بتلك الزينة فرجحت الزنية بحسناته ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته فرجحت حسناته فغفر له قال أبو حاتم سمع هذا الخبر غالب بن وزير عن وكيع ببيت المقدس ولم يحدث به بالعراق وهذا مما تفرد به أهل فلسطين عن وكيع ذكر تفضل الله جل وعلا على العامل حسنة بكتبها عشرا والعامل سيئة بواحدة

[ 379 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال وقال رسول الله عن الله جل وعلا قال إذا تحدث عبدي أن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل فإذا عملها فأنا أكتبي أن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها ما لم يفعلها فإذا فعلها فأنا أكتبها مثلها

ذكر البيان بأن تارك السيئة إذا اهتم بها يكتب الله له بفضله حسنة بها

[ 380 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي قال قال الله تبارك وتعالى إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها حسنة فإذا عملها فاكتبوها بعشر أمثالها وإذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها بمثلها فإن تركها فاكتبوها حسنة

ذكر تفضل الله جل وعلا بكتبه حسنة واحدة لمن هم بسيئة فلم يعملها وكتبه سيئة واحدة إذا عملها مع محوها عنه إذا تاب

[ 381 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر قال حدثنا زكريا بن يحيى الوقار حدثنا بن وهب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن الرسول عن الله جل وعلا قال إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له سيئة فإن تاب منها فامحوها عنه وإذا هم عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف

ذكر البيان بأن تارك السيئة إنما يكتب له بها حسنة إذا تركها لله

[ 382 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا شبابة عن ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي قال إن الله قال إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها مثلها فإن تركها من أجلي فاكتبوها حسنة فإن أراد أن يعمل حسنة فاكتبوها له حسنة فإن تركها من أجلي فاكتبوها حسنة فإن أراد أن يعمل حسنة فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له عشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف

ذكر تفضل الله جل وعلا على من هم بحسنة بكتبها له وإن لم يعملها وبكتبه عشرة أمثالها إذا عملها

[ 383 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال قال الله تبارك وتعالى إذا هم عبدي بالحسنة فلم يعملها كتبتها له حسنة فإن عملها كتبتها له عشر حسنات وإن هم عبدي بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها واحدة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله جل وعلا إذا هم عبدي أراد به إذا عزم فسمى العزم هما لأن العزم نهاية الهم والعرب في لغتها تطلق اسم البداءة على النهاية واسم النهاية على البداءة لأن الهم لا يكتب على المرء لأنه خاطر لا حكم له ويحتمل أن يكون الله يكتب لمن هم بالحسنة الحسنة وإن لم يعزم عليه ولا عمله لفضل الإسلام فتوفيق الله العبد للإسلام فضل تفضل به عليه وكتبته ما هم به من الحسنات ولما يعملها فضل وكتبته ما هم به من السيئات ولما يعملها لو كتبها لكان عدلا وفضله قد سبق عدله كما أن رحمته سبقت غضبه فمن فضله ورحمته ما لم يكتب على صبيان المسلمين ما يعملون من سيئة قبل البلوغ وكتب لهم ما يعملونه من حسنة كذلك هذا ولا فرق

ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يكتب للمرء بالحسنة الواحدة أكثر من عشرة أمثالها إذا شاء ذلك

[ 384 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا النضر بن شميل قال حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة عن رسول الله عن الله جل وعلا قال من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبتها بعشر أمثالها إلى سبع مائة وإن هم بسيئة فلم يعملها لم أكتب عليه فإن عملها كتبتها عليه سيئة واحدة

ذكر إعطاء الله جل وعلا العامل بطاعة الله ورسوله في آخر الزمان أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله

[ 385 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا بن المبارك عن عتبة بن أبي حكيم قال حدثني عمرو بن جارية اللخمي حدثنا أبو أمية الشعباني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية { لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت رسول الله فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك ودع أمر العوام فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قال وزادني غيره يا رسول الله أجر خمسين منهم قال خمسين منكم قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه يشبه أن يكون بن المبارك هو الذي قال وزادني غيره

ذكر الخبر الدال على أن الكبائر الجليلة قد تغفر بالنوافل القليلة

[ 386 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد عن هشام عن محمد عن أبي هريرة عن النبي إن امرأة بغيا رأت كلبا في حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له فسقته فغفر لها

ذكر الخبر الدال على أن ترك المرء بعض المحظورات لله جل وعلا عند قدرته عليه قد يرجى له به المغفرة للحوبات المتقدمة

[ 387 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن بن عمر قال سمعت النبي أكثر من عشرين مرة يقول كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من شيء فهوي امرأة فراودها على نفسها وأعطاها ستين دينارا فلما جلس منها بكت وأرعدت فقال لها ما لك فقالت إني والله لم أعمل هذا العمل قط وما عملته إلا من حاجة قال فندم ذو الكفل وقام من غير أن يكون منه شيء فأدركه الموت من ليلته فلما أصبح وجدوا على بابه مكتوبا إن الله قد غفر لك

باب الإخلاص وأعمال السر

[ 388 ] أخبرنا علي بن محمد القباني حدثنا عبد الله بن هاشم الطوسي حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه

[ 389 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أبي قال حدثنا عيسى بن يونس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من حفظ القلب والتعاهد لأعمال السر إذ الأسرار عند الله غير مكتومة

[ 390 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بخبر غريب قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن بن مسعود قال كنت مستترا بحجاب الكعبة وفي المسجد رجل من ثقيف وختناه قرشيان فقالوا ترون أن الله يسمع حديثنا فقال أحدهما إنه يسمع إذا رفعنا فقال رجل لئن كان يسمع إذا رفعنا ليسمعن إذا أخفينا وقال الآخر ما أرى إلا أن الله يسمع حديثنا قال بن مسعود فأتيت نبي الله فأخبرته بقولهم فأنزل الله { وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم } إلى آخر الآية فصلت

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر سمعه الأعمش عن أبي الضحى فقط

[ 391 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن وهب هو بن ربيعة عن بن مسعود قال إني لمستتر بأستار الكعبة إذ جاء ثلاثة نفر ثقفي وختناه قرشيان كثير شحم بطونهم قليل فقههم فتحدثوا الحديث بينهم فقال أحدهم أترى الله يسمع ما قلنا وقال الآخر إذا رفعنا سمع وإذا خفضنا لم يسمع وقال الآخر إن كان يسمع إذا رفعنا فإنه يسمع إذا خفضنا فأتيت النبي فذكرت ذلك له فأنزل الله { وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم } الآية

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إصلاح النية وإخلاص العمل في كل ما يتقرب به إلى الباري جل وعلا ولا سيما في نهاياتها

[ 392 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض بدمشق قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا بن جابر قال حدثنا أبو عبد رب قال سمعت معاوية على المنبر يقول سمعت رسول الله يقول إنما العمل كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا خبث أعلاه خبث أسفله

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من التفرغ لعبادة المولى جل وعلا في أسبابه

[ 393 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا على بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس عن عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة عن النبي قال إن الله جل وعلا يقول يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإن لا تفعل ملأت يدك شغلا ولم أسد فقرك

ذكر الإخبار بأن على المرء تعهد قلبه وعمله دون تعهده نفسه وماله

[ 394 ] أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا عمرو بن هشام الحراني قال حدثنا مخلد بن يزيد عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن الله لا ينظر إلى صوركم وأمواكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم

ذكر الإخبار بأن من لم يخلص عمله لمعبوده في الدنيا لم يثب عليه في العقبي

[ 395 ] أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان بالفسطاط قال حدثنا محمد بن هشام بن أبي خيرة قال حدثنا عبد الرحمن بن عثمان قال حدثنا شعبة قال حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله قال الله تبارك وتعالى أنا خير الشركاء من عمل عملا فأشرك فيه غيري فأنا منه بريء هو للذي أشرك به

ذكر الإخبار بأن المرء المسلم ينفعه إخلاصه حتى يحبط ما كان قبل الإسلام من السيئة وأن نفاقه لا تنفعه معه الأعمال الصالحة

[ 396 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله أيؤاخذ الله أحدنا بما كان يعمل في الجاهلية قال من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من التعاهد لسرائره وترك الإغضاء عن المحقرات

[ 397 ] أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي قال حدثنا علي بن المديني حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني معاوية بن صالح قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير بن الحضرمي قال حدثني أبي قال سمعت النواس بن سمعان الأنصاري يقول سألت رسول الله عن البر والإثم فقال البر حسن الخلق والإثم ما حك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس

ذكر الخبر الدال على أن المرء قد ينال بحسن السريرة وصلاح القلب ما لا ينال بكثرة الكد في الطاعات

[ 398 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال ليذكرن الله قوما في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم الدرجات العلى

ذكر بعض الخصال التي يستوجب المرء بها ما وصفناه دون كثرة النوافل والسعي في الطاعات

[ 399 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا محمد بن العلاء بن كريب حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

ذكر البيان بأن من فعل ما وصفنا كان من خير المسلمين

[ 400 ] أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول إن رجلا قال يا رسول الله أي المسلمين خير قال من سلم المسلمون من لسانه ويده

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الرياضة والمحافظة على أعمال السر

[ 401 ] أخبرنا محمد بن زهير بالأبلة قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال أخبرنا نوح بن قيس عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن بن عباس أنه قال كانت تصلي خلف رسول الله امرأة حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لأن لا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فكان إذا ركع نظر من تحت إبطه فأنزل الله في شأنها ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين

ذكر الإخبار عما يجب على المرء أن تحفظ من تحفظ أحواله في أوقات السر

[ 402 ] أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ألا أدلكم على شيء يكفر الخطايا ويزيد في الحسنات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء أو الطهور في المكاره وكثرة الخطا إلى هذا المسجد والصلاة بعد الصلاة وما من أحد يخرج من بيته متطهرا حتى يأتي المسجد فيصلي مع المسلمين أو مع الإمام ثم ينتظر الصلاة التي بعدها إلا قالت الملائكة اللهم اغفر له اللهم ارحمه فإذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج فإذا كبر الإمام فكبروا فإني أراكم من ورائي وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وخير صفوف الرجال المقدم وشر صفوف الرجال المؤخر وخير صفوف النساء المؤخر وشر صفوف النساء المقدم يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاحفظن أبصاركن من عورات الرجال فقلت لعبد الله بن أبي بكر ما يعني بذلك قال ضيق الأزر

ذكر الزجر عن ارتكاب المرء ما يكره الله عز وجل وعلا منه في الخلاء كما قد لا يرتكب مثله في الملاء

[ 403 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر من كتابه قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال قال رسول الله ما كره الله منك شيئا فلا تفعله إذا خلوت

ذكر نفي وجود الثواب على الأعمال في العقبي لمن أشرك بالله في عمله

[ 404 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال حدثني أبي عن زياد بن ميناء عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من الصحابة قال سمعت رسول الله يقول إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك

ذكر وصف إشراك المرء بالله جل وعلا في عمله

[ 405 ] أخبرنا محمد بن إبراهيم الدوري بالبصرة قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أن رسول الله قال بشر هذه الأمة بالنصر والسناء والتمكين فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب

ذكر إثبات نفي الثواب في العقبي عن من راءى وسمع في أعماله في الدنيا

[ 406 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا الملائي قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل قال سمعت جندبا يقول قال رسول الله ولم أسمع أحدا غيره يقول قال رسول الله فدنوت قريبا منه فسمعته يقول قال رسول الله من سمع يسمع الله به ومن راءى يرائي الله به

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به جندب

[ 407 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي حدثنا مسلم بن الحجاج أبو الحسين حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن إسماعيل بن سميع عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله من سمع يسمع الله به ومن راءى يرائي الله به

ذكر البيان بأن من راءى في عمله يكون في القيامة من أول من يدخل النار نعوذ بالله منها

[ 408 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال أنبأنا عبد الله بن المبارك قال أنبأنا حيوة بن شريح قال حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان المدني أن عقبة بن مسلم حدثه أن شفيا الأصبحي حدثه أنه دخل مسجد المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس فقال من هذا قالوا أبو هريرة قال فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس فلما سكت وخلا قلت له أنشدك بحقي لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله عقلته وعلمته فقال أبو هريرة أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله عقلته وعلمته ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكث قليلا ثم أفاق فقال لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول لله وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى فمكث كذلك ثم أفاق فمسح عن وجهه فقال أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله وأنا وهو في هذا البيت ما معه أحد غيري وغيره ثم نشغ نشغة شديدة ثم مال خارا على وجهه واشتد به طويلا ثم أفاق فقال حدثني رسول الله أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية فأول من يدعو به رجل جمع القرآن ورجل يقتل في سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله تبارك وتعالى للقارىء ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي قال بلى يا رب قال فماذا عملت فيما علمت قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار فيقول الله تبارك وتعالى له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت أن يقال فلان قارىء فقد قيل ذاك ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد قال بلى يا رب قال فماذا عملت فيما آتيتك قال كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة له كذبت ويقول الله بل إنما أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له في ماذا قتلت فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذاك ثم ضرب رسول الله ركبتي فقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة قال الوليد بن أبي الوليد فأخبرني عقبة أن شفيا هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا الخبر قال أبو عثمان الوليد وحدثني العلاء بن أبي حكيم أنه كان سيافا لمعاوية قال فدخل عليه رجل فحدثه بهذا عن أبي هريرة فقال معاوية قد فعل بهؤلاء مثل هذا فكيف بمن بقي من الناس ثم بكى معاوية بكاء شديدا حتى ظننا أنه هالك وقلنا قد جاءنا هذا الرجل بشر ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه فقال صدق الله ورسوله من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه ألفاظ الوعيد في الكتاب والسنن كلها مقرونة بشرط وهو إلا أن يتفضل الله جل وعلا على مرتكب تلك الخصال بالعفو وغفران تلك الخصال دون العقوبة عليها وكل ما في الكتاب والسنن من ألفاظ الوعد مقرونة بشرط وهو إلا أن يرتكب عاملها ما يستوجب به العقوبة على ذلك الفعل حتى يعاقب إن لم يتفضل عليه بالعفو ثم يعطى ذلك الثواب الذي وعد به من أجل ذلك الفعل

باب حق الوالدين

[ 409 ] أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عمران بن أبان حدثنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال صعد رسول الله المنبر فلما رقي عتبة قال آمين ثم رقي عتبة أخرى فقال آمين ثم رقي عتبة ثالثة فقال آمين ثم قال أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت آمين قال ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله قلت آمين فقال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل آمين فقلت آمين قال أبو حاتم في هذا الخبر دليل على أن المرء قد استحب له ترك الانتظار لنفسه ولا سيما إذا كان المرء ممن يتأسى بفعله وذاك أن المصطفى لما قال له جبريل من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله بادر بأن قال آمين وكذلك في قوله ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار أبعده الله فلما قال له ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله فلم يبادر إلى قوله آمين عند وجود حظ النفس فيه حتى قتال جبريل قل آمين قال قلت آمين أراد به التأسي به في ترك الانتصار للنفس بالنفس إذ الله جل وعلا هو ناصر أوليائه في الدارين وإن كرهوا نصرة الأنفس في الدنيا

ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب

[ 410 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم التاجر بمرو حدثنا حصين بن المثنى المروزي حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن رجلا أتى رسول الله يخاصم أباه في دين عليه فقال نبي الله أنت ومالك لأبيك قال أبو حاتم معناه أنه زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبيين وأمر ببره والرفق به في القول والفعل معا إلى أن يصل إليه ماله فقال له أنت ومالك لأبيك لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته عن غير طيب نفس من الابن به

ذكر الزجر عن السبب الذي يسب المرء والديه به

[ 411 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا الحسين بن الحسن قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مسعر بن كدام عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله من الكبائر أن يسب الرجل والديه قيل وكيف يسب الرجل والديه قال يتعرض للناس فيسب والديه

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر وهم فيه مسعر بن كدام

[ 412 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر ويحيى بن سعيد قالا حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه قال وكيف يسب الرجل والديه قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه

ذكر الزجر عن أن يرغب المرء عن آبائه إذ استعمال ذلك ضرب من الكفر

[ 413 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا هشيم قال سمعت الزهري يحدث عن عبيد الله بن عبد الله قال حدثني بن عباس قال انقلب عبد الرحمن بن عوف إلى منزله بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب فقال إن فلانا يقول لو قد مات عمر بايعت فلانا قال عمر إني قائم العشية في الناس وأحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم قال عبد الرحمن فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإن أولئك الذين يغلبون على مجلسك إذا أقمت في الناس فيطيروا بمقالتك ولا يضعوها مواضعها أمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة فتخلص بعلماء الناس وأشرافهم وتقول ما قلت متمكنا ويعون مقالتك ويضعونها مواضعها فقال عمر لئن قدمت المدينة سالما إن شاء الله لا تكلمن في أول مقام أقومه فقدم المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح في شدة الحر فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني فجلس إلى ركن المنبر الأيمن وجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن طلع عمر فقلت لسعيد أما إنه سيقول اليوم على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف قال وما عسى أن يقول فجلس عمر على المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن لم يعقلها فلا يحل لمسلم أن يكذب علي إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأ بها ورجم رسول الله ورجمنا بعده وأخاف إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزله الله والرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف وأيم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها ألا وإنا كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ثم إن رسول الله قال لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ألا وإنه بلغني أن فلانا قال لو قد مات عمر بايعت فلانا فمن بايع امرأ من غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له ولا للذي بايعه فلا يغترن أحد فيقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ألا وإنها كانت فلتة إلا أن الله وقى شرها وليس منكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ألا وإنه كان من خيرنا يوم توفى الله رسوله إن المهاجرين اجتمعوا إلى أبي بكر وتخلف عنا الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار ننظر ما صنعوا فخرجنا نؤمهم فلقينا رجلان صالحان منهم فقالا أين تذهبون يا معشر المهاجرين فقلت نريد إخواننا من الأنصار قال فلا عليكم أن لا تأتوهم اقضوا أمركم يا معشر المهاجرين فقلت والله لا نرجع حتى نأتيهم فجئناهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة وإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة قلت ما له قالوا وجع فلما جلسنا قام خطيبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وقد دفت إلينا يا معشر المسلمين منكم دافة وإذا هم قد أرادوا أن يختصوا بالأمر ويخرجونا من أصلنا قال عمر فلما سكت أردت أن أتكلم وقد كنت زورت مقالة قد أعجبتني أريد أن أقولها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد وكان أحلم مني وأوقر فأخذ بيدي وقال أجلس فكرهت أن أغضبه فتكلم فوالله ما ترك مما زورته في مقالتي إلا قال مثله في بديهته أو أفضل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله ولن يعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب دارا ونسبا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره شيئا من مقالته غيرها كان والله لأن أقدم فتضرب عنقي في أمر لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر فقال فتى الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فكثر اللغط وخشيت الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسطها فبايعته وبايعه المهاجرون والأنصار ونزونا على سعد فقال قائل قتلتم سعدا فقلت قتل الله سعدا فلم نجد شيئا هو أفضل من مبايعة أبي بكر خشيت إن فارقنا القوم أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فسادا واختلافا فبايعنا أبا بكر جميعا ورضينا به قال أبو حاتم قول عمر قتل الله سعدا يريد به في سبيل الله

ذكر الزجر عن الرغبة عن الآباء إذ رغبة المرء عن أبيه ضرب من الكفر

[ 414 ] أخبرنا الحسن بن سفيان بنسا وأحمد بن علي بن المثنى بالموصل والفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة واللفظ للحسن قالوا حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء بن أخي جويرية بن أسماء قال حدثنا عمي جويرية بن أسماء عن مالك بن أنس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أخبره أن عبد الله بن عباس أخبره أنه كان يقرىء عبد الرحمن بن عوف في خلافة عمر بن الخطاب قال فلم أر رجلا يجد من الاقشعريرة ما يجد عبد الرحمن عند القراءة قال بن عباس فجئت ألتمس عبد الرحمن يوما فلم أجده فانتظرته في بيته حتى رجع من عند عمر فلما رجع قال لي لو رأيت رجلا آنفا قال لعمر كذا وكذا وهو يومئذ بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب فذكر عبد الرحمن لابن عباس أن رجلا أتى إلى عمر فأخبره أن رجلا قال والله لو مات عمر لقد بايعت فلانا قال عمر حين بلغه ذلك إني لقائم إن شاء الله العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يغتصبون الأمة أمرهم فقال عبد الرحمن فقلت يا أمير الؤمنين لا تفعل ذلك يومك هذا فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإنهم هم الذين يغلبون على مجلسك فأخشى إن قلت فيهم اليوم مقالا أن يطيروا بها ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها أمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة وتخلص لعلماء الناس وأشرافهم فتقول ما قلت متمكنا فيعوا مقالتك ويضعوها على مواضعها قال عمر والله لئن قدمت المدينة صالحا لأكلمن بها الناس في أول مقام أقومه قال بن عباس فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة وجاء يوم الجمعة هجرت صكة الأعمى لما أخبرني عبد الرحمن فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني بالتهجير فجلس إلى ركن جانب المنبر الأيمن فجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته فلم ينشب عمر أن خرج فأقبل يؤم المنبر فقلت لسعيد بن زيد وعمر مقبل والله ليقولن أمير المؤمنين على هذا المنبر اليوم مقالة لم يقلها أحد قبله فأنكر ذلك سعيد بن زيد وقال ما عسى أن يقول ما لم يقله أحد قبله فلما جلس على المنبر أذن المؤذن فلما أن سكت قام عمر فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعيها فلا أحل له أن يكذب علي إن الله جل وعلا بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله ورجمنا بعده وأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا قد كنا نقرأ أن لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ثم إن رسول الله قال لا تطروني كما أطري بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه بلغني أن فلانا منكم يقول والله لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت فإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان من خيرنا حين توفى رسول الله وإن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا وتخلفت الأنصار عنا بأسرها واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فبينا نحن في منزل رسول الله إذ رجل ينادي من وراء الجدار اخرج إلي يا بن الخطاب فقلت إليك عني فإنا مشاغيل عنك فقال إنه قد حدث أمر لا بد منك فيه إن الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوهم قبل أن يحدثوا أمرا فيكون بينكم وبينهم فيه حرب فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نؤمهم فلقينا أبو عبيدة بن الجراح فأخذ أبو بكر بيده فمشى بيني وبينه حتى إذا دنونا منهم لقينا رجلان صالحان فذكرا الذي صنع القوم وقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلت نريد إخواننا من هؤلاء الأنصار قالا لا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم فإذا هم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين أظهرهم رجل مزمل فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة قلت فما له قالوا هو وجع فلما جلسنا تكلم خطيب الأنصار فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة من قومكم قال عمر وإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ويحطوا بنا منه قال فلما قضى مقالته أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر وكنت أداري من أبي بكر بعض الحدة فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر وهو كان أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا تكلم بمثلها أو أفضل في بديهته حتى سكت فتشهد أبو بكر وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الأنصار فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح فلم أكره من مقالته غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر إلا أن تغير نفسي عند الموت فلما قضى أبو بكر مقالته قال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش قال عمر فكثر اللغظ وارتفعت الأصوات حتى أشفقت الاختلاف قلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط أبو بكر يده فبايعه وبايعه المهاجرون والأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل من الأنصار قتلتم سعدا قال عمر فقلت وأنا مغضب قتل الله سعدا فإنه صاحب فتنة وشر وإنا والله ما رأينا فيما حضر من أمرنا أمر أقوى من بيعة أبي بكر فخشينا إن فارقنا القوم قبل أن تكون بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فسادا فلا يغترن امرؤ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت فقد كانت فلتة ولكن الله وقى شرها ألا وإنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر قال مالك أخبرني الزهري أن عروة بن الزبير أخبره أن الرجلين الأنصاريين اللذين لقيا المهاجرين هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي وزعم مالك أن الزهري سمع سعيد بن المسيب يزعم أن الذي قال يومئذ أنا جذيلها المحكك رجل من بني سلمة يقال له حباب بن المنذر قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قول عمر إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ولكن الله وقى شرها يريد أن بيعة أبي بكر كان ابتداؤها من غير ملأ والشيء الذي يكون عن غير ملأ يقال له الفلتة وقد يتوقع فيما لا يجتمع عليه الملأ الشر فقال وقى الله شرها يريد الشر المتوقع في الفلتات لا أن بيعة أبي بكر كان فيها شر

ذكر الإخبار عن نفي دخول الجنة عمن أدعى أبا غير أبيه

[ 415 ] أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا سريج بن يونس حدثنا هشيم أخبرنا خالد عن أبي عثمان قال لما أدعي زياد لقيت أبا بكرة فقلت ما هذا الذي صنعتم إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمع أذناي ووعاه قلبي أن رسول الله قال من ادعى أبا في الإسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكرة وأنا سمعته من رسول الله

ذكر تحريم الله جل وعلا الجنة على المنتمي إلى غير أبيه في الإسلام

[ 416 ] أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن خالد عن أبي عثمان عن سعد بن مالك قال سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله أنه قال من ادعى أبا في الإسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام قال فذكرت ذلك لأبي بكرة قال وأنا سمعته أذناي ووعاه قلبي من النبي

ذكر إيجاب لعنة الله جل وعلا وملائكته على الفاعل الفعلين اللذين تقدم ذكرنا لهما

[ 417 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خثيمة قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمين

ذكر وصف بر الوالدين لمن توفى أبواه في حياته

[ 418 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أنبأنا عبد الله عن عبد الرحمن بن سليمان عن أسيد بن علي بن عبيد الساعدي عن أبيه عن أبي أسيد قال أتى رسول الله رجل من بني سلمة وأنا عنده فقال يا رسول الله إن أبوي قد هلكا فهل بقي لي بعد موتهما من برهما شيء قال رسول الله نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهودهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما قال الرجل ما أكثر هذا يا رسول الله وأطيبه قال فاعمل به

ذكر البيان بأن إدخال المرء السرور على والديه في أسبابه يقوم مقام جهاد النفل

[ 419 ] أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ السراد بتستر قال حدثنا محمد بن معمر البحراني قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا بن جريج وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة قالوا حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل فقال يا رسول الله إني أريد أن أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما

ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر بر الوالدين على الجهاد النفل في سبيل الله

[ 420 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس وهو السائب بن فروخ عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل إلى رسول الله فقال يا رسول الله أجاهد فقال لك أبوان قال نعم قال ففيهما فجاهد

ذكر البيان بأن مجاهدة المرء في بر والديه هو المبالغة في برهما

[ 421 ] حدثنا أبو خليفة حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة حدثنا يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال يا رسول الله أتأذن لي في الجهاد قال ألك والدان قال نعم قال اذهب فبرهما فذهب وهو يحمل الركاب

ذكر البيان بأن بر الوالدين أفضل من جهاد التطوع

[ 422 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني حدثنا أبو الطاهر بن السرح حدثنا بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى رسول الله من اليمن فقال يا رسول الله إني هاجرت فقال رسول الله قد هجرت الشرك ولكنه الجهاد هل لك أحد باليمن قال أبواي قال أذنا لك قال لا قال ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما

ذكر ما يجب على المرء من بر الوالدين على جهاد التطوع

[ 423 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا شعيب بن إسحاق عن مسعر بن كدام عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا أتى النبي يبايعه على الهجرة وقد أسلم وقال قد تركت أبوي يبكيان قال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وأبى أن يخرج معه

ذكر استحباب المبالغة للمرء في بر والده رجاء اللحوق بالبررة فيه

[ 424 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا خالد وأبو عوانة قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه

ذكر رجاء دخول الجنان للمرء بالمبالغة في بر الوالد

[ 425 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خثيمة قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال إن أبي لم يزل بي حتى تزوجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك غير أنك إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله سمعته يقول الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دع قال فأحسب عطاء قال فطلقها

ذكر استحباب طلاق المرء امرأته بأمر أبيه إذا لم يفسد ذلك عليه دينه ولا كان فيه قطيعة رحم

[ 426 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا المقدمي قال حدثنا يحيى القطان وعمر بن علي عن بن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد الله بن عمر قال تزوج أبي امرأة وكرهها عمر فأمره بطلاقها فذكر ذلك للنبي فقال أطع أباك

ذكر البيان بأن النبي أمر بن عمر بطلاقها طاعة لأبيه

[ 427 ] أخبرنا الصوفي حدثنا علي بن الجعد أنبأنا بن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني بطلاقها فأبيت فذكر ذلك عمر للنبي فقال رسول الله يا عبد الله طلقها

ذكر استحباب بر المرء والده وإن كان مشركا فيما لا يكون فيه سخط الله جل وعلا

[ 428 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال حدثنا بن وهب قال أخبرني شبيب بن سعيد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال مر رسول الله على عبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل أجمة فقال قد غبر علينا بن أبي كبشة فقال ابنه عبد الله بن عبد الله والذي أكرمك والذي أنزل عليك الكتاب لئن شئت لآتينك برأسه فقال رسول الله لا ولكن بر أباك وأحسن صحبته قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أبو كبشة هذا والد أم أم رسول الله كان قد خرج إلى الشام فاستحسن دين النصارى فرجع إلى قريش وأظهره فعاتبته قريش حيث جاء بدين غير دينهم فكانت قريش تعير النبي وتنسبه إليه يعنون به أنه جاء بدين غير دينهم كما جاء أبو كبشة بدين غير دينهم

ذكر رجاء تمكن المرء من رضاء الله جل وعلا برضاء والده عنه

[ 429 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال حدثنا خالد بن الحارث عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله رضاء الله في رضاء الوالد وسخط الله في سخط الوالد

ذكر الاستحباب للمرء أن يصل إخوان أبيه بعده رجاء المبالغة في بره بعد مماته

[ 430 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا عبد الله عن حيوة بن شريح قال أخبرني الوليد بن أبي الوليد عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال سمعت رسول الله يقول إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به الوليد بن أبي الوليد

[ 431 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال حدثنا ليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أن رسول الله قال إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي

ذكر البيان بأن بر المرء بإخوان أبيه وصلته إياهم بعد موته من وصله رحمه في قبره

[ 432 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حزم بن أبي حزم عن ثابت البناني عن أبي بردة قال قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر فقال أتدري لم أتيتك قال قلت لا قال سمعت رسول الله يقول من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء وود فأحببت أن أصل ذاك

ذكر الإخبار عن إيثار المرء أمه بالبر على أبيه

[ 433 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك قال فيرون أن للأم ثلثي البر

ذكر إيثار المرء المبالغة في بر والدته على بر والده ما لم تطالبه بإثم

[ 434 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله فقال من أحق الناس بحسن صحبتي قال أمك فقال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك

ذكر استحباب بر المرء خالته إذا لم يكن له والدان

[ 435 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف بنسا قال حدثنا يعقوب الدورقي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا محمد بن سوقة عن أبي بكر بن حفص عن بن عمر قال أتى رسول الله رجل فقال يا رسول الله إني أذنبت ذنبا كبيرا فهل لي من توبة فقال له رسول الله ألك والدان قال لا قال فلك خالة قال نعم قال فبرها إذا

باب صلة الرحم وقطعها

ذكر حث المصطفى في مرضه الذي قبض فيه أمته على صلة الرحم

[ 436 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن سليمان التيمي عن قتادة عن أنس أن رسول الله قال في مرضه أرحامكم أرحامكم

ذكر إيجاب دخول الجنة للواصل رحمه إذا قرنه بسائر العبادات

[ 437 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا مروان بن معاوية عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة أن أبا أيوب الأنصاري أخبره أن أعرابيا عرض للنبي فأخذ بزمام ناقته فقال يا رسول الله أخبرني بأمر يدخلني الجنة وينجيني من النار قال فنظر إلى وجوه أصحابه وكف عن ناقته وقال لقد وفق أو هدي لا تشرك بالله شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم دع الناقة

ذكر إثبات طيب العيش في الأمن وكثرة البركة في الرزق للواصل رحمه

[ 438 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا كامل بن طلحة الجحدري قال حدثنا ليث بن سعد عن عقيل عن بن شهاب أنه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله من أحب أن ينشأ له في أجله ويبسط له في رزقه فليصل رحمه

ذكر البيان بأن طيب العيش في الأمن وكثرة البركة في الرزق للواصل رحمه إنما يكون ذلك إذا قرنه بتقوى الله

[ 439 ] أخبرنا بن ناجية بحران حدثنا هشام بن القاسم الحراني حدثنا بن وهب عن يونس عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليتق الله وليصل رحمه

ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا خبر أنس بن مالك الذي تقدم ذكرنا له

[ 440 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي قال حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي قال إن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا وما من أهل بيت يتواصلون فيحتاجون

ذكر تعوذ الرحم بالباري جل وعلا عند خلقه إياها من القطيعة وإخبار الله جل وعلا إياها بوصل من وصلها وقطع من قطعها

[ 441 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معاوية بن أبي مزرد قال سمعت عمي سعيد بن يسار أبا الحباب يحدث عن أبي هريرة قال قال رسول الله قال إن الله خلق الرحم حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذين من القطيعة قال نعم ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فهو لك قال رسول الله واقرؤوا إن شئتم { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم }

ذكر تشكي الرحم إلى الله جل وعلا من قطعها وأساء إليها

[ 442 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا شعبة عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة عن النبي قال الرحم شجنة من الرحمن معلقة بالعرش تقول يا رب إني قطعت إني أسيء إلي فيجيبها ربها أما ترضين أن أقطع من قطعك وأصل من وصلك

ذكر البيان بأن قوله الرحم شجنة من الرحمن أراد أنها مشتقة من اسم الرحمن

[ 443 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن رداد الليثي عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله قال الله تبارك وتعالى أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته

ذكر البيان بأن تشكي الرحم الذي وصفنا قبل إنما يكون في القيامة لا في الدنيا

[ 444 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الصمد قال حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الجبار قال سمعت محمد بن كعب القرظي أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله إن الرحم شجنة من الرحمن فإذا كان يوم القيامة تقول أي رب إني ظلمت إني أسيء إلي إني قطعت قال فيجيبها ربها ألا ترضين أن أقطع من قطعك وأصل من وصلك

ذكر وصف الواصل رحمه الذي يقع عليه اسم الواصل

[ 445 ] أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن فطر عن مجاهد قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافىء ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها

ذكر إيجاب الجنة لمن اتقى الله في الأخوات وأحسن صحبتهن

[ 446 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أيوب بن بشير عن سعيد الأعشى عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن دخل الجنة

ذكر المدة التي بصحبته إياهن يعطى هذا الأجر له بها

[ 447 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا المقدمي وإبراهيم بن الحسن العلاف قالا حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله من عال ابنتين أو أختين أو ثلاثا حتى يبن أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها والحديث على لفظ إبراهيم بن الحسن العلاف قال أبو حاتم قوله كنت أنا وهو في الجنة كهاتين أراد به في الدخول والسبق لا أن مرتبة من عال ابنتين أو أختين في الجنة كمرتبة المصطفى سواء

ذكر البيان بأن الإحسان إلى الأولاد قد يرتجى به النجاة من النار ودخول الجنة

[ 448 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن بن الهاد أن زياد بن أبي زياد مولى بن عياش حدثه عن عراك بن مالك قال سمعته يحدث عمر بن عبد العزيز عن عائشة قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتاها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني حنانها فذكرت الذي صنعت لرسول الله فقال إن الله قد أوجب لها الجنة وأعتقها بها من النار

ذكر وصية المصطفى بصلة الرحم وإن قطعت

[ 449 ] أخبرنا الحسن بن إسحاق الأصبهاني بالكرخ قال حدثنا إسماعيل بن يزيد القطان قال حدثنا أبو داود عن الأسود بن شيبان عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال أوصاني خليلي بخصال من الخير أوصاني بأن لا أنظر إلى من هو فوقي وأن أنظر إلى من هو دوني وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرا وأوصاني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة

ذكر معونة الله جل وعلا الواصل رحمه إذا قطعته

[ 450 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال أتى رجل فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ويسيئون إلي وأحسن إليهم ويجهلون علي وأحلم عنهم فقال رسول الله لئن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك المل رماد يكون فيه الشطبة

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به الدراوردي

[ 451 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا بندار قال حدثنا محمد قال حدثنا شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال النبي لئن كان كما تقول لكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك

ذكر الإباحة للمرأة وصل رحمها من المشركين إذا طمع في إسلامها

[ 452 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن هشام بن عروة عن أبيه قال سمعت أسماء بنت أبي بكر تقول قدمت أمي من مكة إلى المدينة في هدنة قريش وهي مشركة فقلت يا نبي الله إن أمي أتت راغبة أفأصلها فقال لها نبي الله نعم صليها

ذكر الإباحة للمرء صلة قرابته من أهل الشرك إذا طمع في إسلامهم

[ 453 ] أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا مخلد بن مالك السلمسيني قال حدثنا مصعب بن ماهان عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن أسماء سألت النبي عن أم لها مشركة قالت جاءتني راغبة راهبة أصلها قال نعم

ذكر نفي دخول الجنة عن القاطع رحمه

[ 454 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال حدثنا جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن النبي قال لا يدخل الجنة قاطع ليس هذا في الموطأ

ذكر ما يتوقع من تعجيل العقوبة للقاطع رحمه في الدنيا

[ 455 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا عبد الوارث عن عبد الله بن المبارك عن عيينة بن عبد الرحمن الغطفاني عن أبيه عن أبي بكرة قال قال رسول الله ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم

ذكر تعجيل الله جل وعلا العقوبة للقاطع رحمه في الدنيا

[ 456 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن عيينة بن عبد الرحمن قال سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة عن النبي قال ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغي

باب الرحمة

ذكر الأمر للمرء أن يرحم أطفال المسلمين رجاء رحمة الله جل وعلا إياه

[ 457 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أبصر الأقرع بن حابس التميمي النبي يقبل الحسن بن علي فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم فقال نبي الله من لا يرحم لا يرحم

ذكر الزجر عن ترك توقير الكبير أو رحمة الصغار من المسلمين

[ 458 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن بن عباس رفعه إلى النبي قال ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر

ذكر ما يستحب للمرء استعمال التعطف على صغار أولاد آدم

[ 459 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس أن النبي كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم

ذكر إيجاب دخول الجنة للمتكفل الأيتام إذا عدل في أمورهم وتجنب الحيف

[ 460 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قال رسول الله أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله هكذا أراد به في دخول الجنة لا أن كافل اليتيم تكون مرتبته مع مرتبة رسول الله في الجنة واحدة

ذكر البيان بأن الله جل وعلا إنما يرحم من عباده الرحماء

[ 461 ] أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال حدثنا هشام بن حسان عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد قال كنا عند النبي فجاء رسول امرأة من بناته فقال يا رسول الله أرسلت إليك ابنتك أن تأتيها فإن صبيا لها في الموت فقال ائتها فقل لها إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب قال فلم يلبث أن رجع فقال يا رسول الله إنها تقسم عليك إلا جئتها فقام رسول الله وقمنا معه رهط من الأنصار فدخلنا فرفع إليه الصبي ونفسه تقعقع في صدره ففاضت عيناه فقال له سعد بن عبادة ما هذا يا رسول الله قال رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء

ذكر الخبر الدال على أن الرحمة لا تكون إلا في السعداء

[ 462 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا شعبة قال كتب إلي منصور وقرأته عليه فقلت له أقول حدثني فقال أليس إذا قرأته علي فقد حدثتك به قال سمعت أبا عثمان يحدث عن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم وهو الصادق المصدوق يقول إن الرحمة لا تنزع إلا من شقي

ذكر الأمر للمرء أن يرحم أطفال المسلمين رجاء رحمة الله جل وعلا إياه

[ 463 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أبصر الأقرع بن حابس التميمي النبي يقبل الحسن بن علي فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم فقال نبي الله من لا يرحم لا يرحم

ذكر الزجر عن ترك توقير الكبير أو رحمة الصغير من المسلمين

[ 464 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن بن عباس رفعه إلى النبي قال ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر

ذكر نفي رحمة الله جل وعلا عمن لم يرحم الناس في الدنيا

[ 465 ] أخبرنا أبو عروبة قال أخبرنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة قال حدثني سليمان قال سمعت أبا ظبيان قال سمعت جرير بن عبد الله يقول سمعت رسول الله يقول من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

ذكر البيان بأن رحمة الله جل وعلا لا تنزع إلا من الأشقياء

[ 466 ] أخبرنا بن قحطبة قال حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن منصور عن أبي عثمان عن أبي هريرة عن النبي قال لا تنزع الرحمة إلا من شقي

ذكر الإخبار عن نفي رحمة الله جل وعلا في العقبي عمن لا يرحم عباده في الدنيا

[ 467 ] أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن زياد بن علاقة عن جرير بن عبد الله قال سمعت النبي يقول من لا يرحم الناس لا يرحمه الله

باب حسن الخلق

ذكر الأمر بالملاينة للناس في القول مع بسط الوجه لهم

[ 468 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاد حدثنا النضر بن شميل حدثنا أبو عامر الخزاز حدثنا أبو عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله لا تحقرن من المعروف شيئا فأن لم تجد فلاين الناس ووجهك إليهم منبسط

ذكر البيان بأن المرء إذا كان هينا لينا قريبا سهلا قد يرجى له النجاة من النار بها

[ 469 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن عمرو الأودي عن بن مسعود عن النبي قال إنما يحرم على النار كل هين لين قريب سهل

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبدة بن سليمان

[ 470 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني بالصغد قال حدثنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن عبد الله الأودي عن بن مسعود عن النبي قال ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار قالوا بلى يا رسول الله قال على كل هين لين قريب سهل

ذكر كتبة الله الصدقة للمداري أهل زمانه من غير ارتكاب ما يكره الله جل وعلا فيها

[ 471 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان ومحمد بن الحسن بن قيبة والحسين بن عبد الله بن يزيد في آخرين قالوا حدثنا المسيب بن واضح قال حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله مداراة الناس صدقة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه المداراة التي تكون صدقة للمداري هي تخلق الإنسان الأشياء المستحسنة مع من يدفع إلى عشرته ما لم يشبها بمعصية الله والمداهنة هي استعمال المرء الخصال التي تستحسن منه في العشرة وقد يشوبها ما يكره الله جل وعلا

ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة للمرء بالكلمة الطيبة يكلم بها أخاه المسلم

[ 472 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال حدثنا بن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي قال الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى المسجد صدقة

ذكر البيان بأن الكلام الطيب للمسلم يقوم مقام البذل لماله عند عدمه

[ 473 ] أخبرنا أبو خليفة حدثنا حفص بن عمر الحوضي عن شعبة عن محل بن خليفة عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة

ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة للمسلم بتبسمه في وجه أخيه المسلم

[ 474 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد قال حدثنا عبد الله بن الرومي قال حدثنا النضر بن محمد قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسول الله تبسمك في وجه أخيك صدقة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أبو زميل هذا هو سماك بن الوليد الحنفي يماني ثقة والنضر بن محمد القرشي مروزي صاحب الرأي وكانا في زمن واحد

ذكر الإخبار عن تشبيه المصطفى الكلمة الطيبة بالنخلة والخبيثة بالحنظل

[ 475 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا غسان بن الربيع عن حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك أن رسول الله أتي بقناع جزء فقال مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فقال هي النخلة { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } قال هي الحنظلة قال شعيب فأخبرت بذلك أبا العالية فقال كذلك كنا نسمع قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قول أنس إنه أتى بقناع جزء أراد به طبق رطب لأن أهل المدينة يسمون الطبق القناع والرطب الجزء

ذكر البيان بأن من أكثر ما يدخل الناس الجنة التقى وحسن الخلق

[ 476 ] أخبرنا محمد بن جعفر الكرخي ببلد الموصل قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا بن إدريس عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال سئل النبي ما أكثر ما يدخل الناس الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق قيل فما أكثر ما يدخل الناس النار قال الأجوفان الفم والفرج قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه بن إدريس هذا اسمه عبد الله بن يزيد بن عبد الرحمن الزعافري الأودي من ثقات الكوفة ومتقنيهم ولم يكن في عصره بالكوفة من لا يشرب غيره

ذكر البيان بأن من خيار الناس من كان أحسن خلقا

[ 477 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق قال قال عبد الله بن عمرو إن رسول الله لم يكن فاحشا ولا متفاحشا وكان يقول خياركم أحاسنكم أخلاقا

ذكر البيان بأن حسن الخلق من أفضل ما أعطي المرء في الدنيا

[ 478 ] أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا قال حدثنا هناد بن السري قال حدثنا وكيع عن مسعر والثوري عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال قالوا يا رسول الله ما أفضل ما أعطي المرء المسلم قال حسن الخلق

ذكر البيان بأن من أكمل المؤمنين إيمانا من كان أحسن خلقا

[ 479 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا بن إدريس قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله قال أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا

ذكر رجاء نوال المرء بحسن الخلق درجة القائم ليلة الصائم نهاره

[ 480 ] أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن عائشة قالت قال رسول الله إن المؤمن ليدرك بخلقه درجة الصائم القائم

ذكر البيان بأن الخلق الحسن من أثقل ما يجد المرء في ميزانه يوم القيامة

[ 481 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير وشعيب بن محرز والحوضي قالوا حدثنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة عن عطاء الكيخاراني عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي قال أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه عطاء هذا هو عطاء بن عبد الله وكيخاران موضع باليمن وأم الدرداء هي الصغرى واسمها هجيمة بنت حيي الأوصابية والكبرى خيرة بنت أبي حدرد الأنصارية لها صحبة

ذكر البيان بأن من أحب العباد إلى الله وأقربهم من النبي في القيامة من كان أحسن خلقا

[ 482 ] أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله قال إن أحبكم إلى الله وأقربكم مني أحسانكم أخلاقا وإن أبغضكم إلى الله وأبعدكم مني الثرثارون المتفيهقون المتشدقون

ذكر البيان بأن المرء قد ينتفع في داريه بحسن خلقه ما لا ينتفع فيهما بحسبه

[ 483 ] أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست وعبد الله بن محمود بن سليمان السعدي المروزي بمرو قالا حدثنا عبد الوارث بن عبد الله العتكي قال حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله كرم المرء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من تحسين الخلق عند طول عمره

[ 484 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثني بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله قال ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى يا رسول الله قال أطولكم أعمارا وأحسنكم أخلاقا

ذكر البيان بأن من حسن خلقه كان في القيامة ممن قرب مجلسه من المصطفى

[ 485 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا قاسم بن أبي شيبة قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن محمد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال في مجلس ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ثلاث مرات يقولها قلنا بلى يا رسول الله قال أحسنكم أخلاقا

ذكر البيان بأن من حسن خلقه في الدنيا كان من أحب الناس إلى الله تعالى

[ 486 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمرو النيسابوري قال حدثنا علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس قال حدثنا عثمان بن حكيم عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال كنا عند النبي كأن على رؤوسنا الرخم ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه ناس من الأعراب فقالوا يا رسول الله أفتنا في كذا أفتنا في كذا فقال أيها الناس إن الله قد وضع عنكم الحرج إلا امرأ اقترض من عرض أخيه فذاك الذي حرج وهلك قالوا أفنتداوى يا رسول الله قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء غير داء واحد قالوا وما هو يا رسول الله قال الهرم قالوا فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله قال أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا

باب العفو

ذكر الإخبار عما يجب على المرء من استعمال العفو وترك المجازاة على الشر بالشر

[ 487 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الفضل بن موسى قال حدثنا عيسى بن عبيد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال حدثني أبي بن كعب قال لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وسبعون ومنهم ستة فيهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار لئن أصبنا منهم يوما لنربين عليهم فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين فقال رجل لا قريش بعد اليوم فقال رسول الله كفوا عن القوم غير أربعة

ذكر ما يستحب للمرء أن لا ينتقم لنفسه من أحد اعترض عليها أو آذاها

[ 488 ] أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا أخبرنا هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله ضرب خادما قط ولا ضرب امرأة له قط ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا نيل منه شيء قط فينتقمه من صاحبه إلا أن يكون لله فإن كان لله انتقم له ولا عرض له أمران إلا أخذ بالذي هو أيسر حتى يكون إثما فإذا كان إثما كان أبعد الناس منه

باب إفشاء السلام وإطعام الطعام

[ 489 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله اعبدوا الرحمن وأفشوا السلام وأطعموا الطعام تدخلوا الجنان قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله اعبدوا الرحمن لفظة يشتمل استعمالها على شعب كثيرة باختلاف أحوال المخاطبين فيها قد تقدم ذكرنا لهذا الوصف فيما قبل وقوله أفشوا السلام لفظة أطلقت على العموم لا يجب استعماله في كل الأحوال لأن المرء إذا استعمل ذلك في كل الأحوال على كل إنسان ضاق به الأمر وخرج إلى ما ليس في وسعه وتكلف إلزام الفرائض بالرد على المسلمين وإذا كان الرد هو الفرض صار على الكفاية كان ابتداء السلام الذي ليس له تخصيص فرض أولى أن يكون على الكفاية وقوله أطعموا الطعام أمر ندب إلى استعماله وحث عليه قصدا لطلب الثواب

ذكر إيجاب الجنة لمن حسن كلامه وبذل سلامه

[ 490 ] أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه المقدام عن أبيه شريح عن أبيه أنه قال يا رسول الله أخبرني بشيء يوجب لي الجنة قال عليك بحسن الكلام وبذل السلام

ذكر إثبات السلامة في إفشاء السلام بين المسلمين

[ 491 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا أبو معاوية عن قنان بن عبد الله النهمي عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء عن رسول الله قال أفشوا السلام تسلموا

ذكر إباحة المصافحة للمسلمين عند السلام

[ 492 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة قال قلت لأنس بن مالك أكانت المصافحة على عهد رسول الله قال نعم قال قتادة وكان الحسن يصافح

ذكر كتبة الحسنات لمن سلم على أخيه المسلم بتمامه

[ 493 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال حدثنا محمد بن جعفر يعني بن أبي كثير عن يعقوب بن زيد التيمي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رجلا مر على رسول الله وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات ثم مر رجل آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجل آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حسنة فقام رجل من المجلس ولم يسلم فقال النبي ما أوشك ما نسي صاحبكم إذا جاء أحدكم إلى المجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس فإن قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة

ذكر الأمر بالسلام لمن أتى نادى قوم فجلس إليهم واستعمال مثله عند القيام

[ 494 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن وهب الرملي حدثنا المفضل بن فضالة عن بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله قال إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس فإذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة

ذكر الأمر بالسلام للمرء عند الانتهاء إلى نادى قوم مع استعماله مثله عند رجوعه عنهم

[ 495 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا نصر بن علي حدثنا بشر بن المفضل عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم وإذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة

ذكر الأمر بالسلام لمن أتى نادي قوم واستعمال مثله عند قيامه منه بالصلاة

[ 496 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة قال أبو عاصم وأخبرناه بن عجلان

ذكر الأمر بابتداء السلام للقليل على الكثير والماشي على القاعد والراكب على الماشي

[ 497 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا بن وهب عن حميد بن هانئ عن عمرو بن مالك عن فضالة بن عبيد عن النبي قال ليسلم الفارس على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير

ذكر البيان بأن الماشيين إذا بدأ أحدهما صاحبه بالسلام كان أفضل عند الله جل وعلا

[ 498 ] أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان قال حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن جابر قال قال رسول الله ليسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل

ذكر تضمن الله جل وعلا دخول الجنة للمسلم على أهله عند دخوله عليهم إن مات وكفايته ورزقه إن عاش

[ 499 ] أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا عثمان بن أبي العاتكة قال حدثني سليمان بن حبيب المحاربي عن أبي أمامة أن رسول الله قال ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي وإن مات أدخله الله الجنة من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه لم يطعم محمد بن المعافى ثمانية عشر سنة من طيبات الدنيا شيئا غير الحسو عند إفطاره

ذكر الزجر عن مبادرة أهل الكتاب بالسلام

[ 500 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا أبو عوانة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي قال لا تبادروا أهل الكتاب بالسلام فإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه

[ 501 ] أخبرنا محمد بن يعقوب الخطيب بالأهواز قال حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله لا تبدؤوا أهل الكتاب بالسلام وإذا رأيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه

ذكر إباحة رد السلام للمسلم على أهل الذمة

[ 502 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله إن اليهود إذا سلموا عليكم إنما يقول أحدهم السام عليك فقل وعليك

ذكر وصف رد السلام للمرء على أهل الكتاب إذا سلموا عليه

[ 503 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن يهوديا سلم على النبي وأصحابه فقال السام عليكم فقال النبي أتدرون ما قال قالوا نعم سلم علينا قال لا إنما قال السام عليكم أي تسامون دينكم فإذا سلم عليكم رجل من أهل الكتاب فقولوا وعليك

ذكر إيجاب الجنة للمرء بطيب الكلام وإطعام الطعام

[ 504 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا يحيى بن يحيى قال حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ عن المقدام بن هانئ عن بن هانئ أن هانئا لما وفد إلى رسول الله مع قومه فسمعهم يكنون هانئا أبا الحكم فدعاه رسول الله فقال إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم قال قومي إذا اختلفوا في شيء رضوا بي حكما فأحكم بينهم فقال إن ذلك لحسن فما لك من الولد قال شريح وعبد الله ومسلم قال فأيهم أكبر قال شريح قال فأنت أبو شريح فدعا له ولولده فلما أراد القوم الرجوع إلى بلادهم أعطى كل رجل منهم أرضا حيث أحب في بلاده قال أبو شريح يا رسول الله أخبرني بشيء يوجب لي الجنة قال طيب الكلام وبذل السلام وإطعام الطعام

ذكر البيان بأن إطعام الطعام وإفشاء السلام من الإسلام

[ 505 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف

ذكر الخبر الدال على أن إطعام الطعام من الإيمان

[ 506 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن منصور عن منصور بن أبي مزاحم قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت قال أبو حاتم أبو الأحوص سلام بن سليم وأبو حصين عثمان بن عاصم وأبو صالح ذكوان السمان وأبو هريرة عبد الله بن عمرو الدوسي

ذكر رجاء دخول الجنان لمن أطعم الطعام وأفشى السلام مع عبادة الرحمن

[ 507 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله اعبدوا الرحمن وأفشوا السلام وأطعموا الطعام تدخلوا الجنان

ذكر إيجاب دخول الجنة لمن أفشى السلام وأطعم الطعام وقرنهما بسائر العبادات

[ 508 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا همام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله أخبرني بشيء إذا عملته أو عملت به دخلت الجنة قال أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم بالليل والناس نيام تدخل الجنة بسلام

ذكر وصف الغرف التي أعدها الله لمن أطعم الطعام ودام على صلاة الليل وأفشى السلام

[ 509 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عباس بن عبد العظيم قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن بن معانق عن أبي مالك الأشعري عن النبي قال إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه بن معانق هذا اسمه عبد الله بن معانق الأشعري

باب الجار

ذكر الخبر الدال على أن مجانبة الرجل أذى جيرانه من الإيمان

[ 510 ] أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا أبو نصر التمار حدثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد وحميد وذكر الصوفي آخر معهما عن أنس بن مالك أن رسول الله قال المؤمن من أمنه الناس والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه

ذكر الإخبار عما عظم الله جل وعلا من حق الجوار

[ 511 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره أن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أن عائشة قالت قال رسول الله ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه

ذكر الاستحباب للمرء الإحسان إلى الجيران رجاء دخول الجنان به

[ 512 ] أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان ببغداد قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة عن النبي قال ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه

ذكر الأمر بإكثار الماء في مرقته والغرف لجيرانه بعده

[ 513 ] أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله إذا طبخت قدرا فأكثر مرقتها فإنه أوسع للأهل والجيران

ذكر البيان بأن غرف المرء من مرقته لجيرانه إنما يغرف لهم من غير إسراف ولا تقتير

[ 514 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي عمران عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر عن رسول الله قال إذا صنعت مرقة فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فاحسهم منها بمعروف

ذكر الزجر عن منع المرء جاره أن يضع الخشبة على حائطه

[ 515 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا محمد بن رمح قال حدثنا الليث بن سعد عن مالك بن أنس عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة على جداره قال بن رمح سمعت الليث يقول هذا أول ما لمالك عندنا وآخره قال أبو حاتم في قول الليث هذا أول ما لمالك عندنا وآخره دليل على أن الخبر الذي رواه قراد عن الليث عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة قصة المماليك خبر باطل لا أصل له

ذكر الزجر عن أذى الجيران إذ تركه من فعال المؤمنين

[ 516 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت

ذكر إعطاء الله جل وعلا من ستر عورة أخيه المسلم أجر موؤودة لو استحياها في قبرها

[ 517 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثنا إبراهيم بن نشيط الوعلاني عن كعب بن علقمة عن دخين أبي الهيثم كاتب عقبة بن عامر قال قلت لعقبة بن عامر إن لنا جيرانا يشربون الخمر وأنا داع الشرط ليأخذوهم فقال عقبة ويحك لا تفعل ولكن عظهم وهددهم قال إني نهيتهم فلم ينتهوا وإني داع الشرط ليأخذوهم فقال عقبة ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله يقول من ستر عورة مؤمن فكأنما استحيى موؤودة في قبرها

ذكر البيان بأن خير الجيران عند الله من كان خيرا لجاره في الدنيا

[ 518 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حيوة بن شريح عن شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره

ذكر الإخبار عن خير الأصحاب وخير الجيران

[ 519 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا بن المبارك حدثنا حيوة بن شريح عن شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره

ذكر ما يجب على المرء من التصبر عند أذى الجيران إياه

[ 520 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي فشكا إليه جارا له فقال النبي ثلاث مرات اصبر ثم قال له في الرابعة أو الثالثة اطرح متاعك في الطريق ففعل قال فجعل الناس يمرون به ويقولون ما لك فيقول آذاه جاره فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه جاره فقال رد متاعك لا والله لا أوذيك أبدا

فصل من البر والإحسان

[ 521 ] أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي العابد بالبصرة حدثنا نصر بن علي بن نصر أخبرنا أبي عن شعبة عن قرة بن خالد عن قرة بن موسى الهجيمي عن سليم بن جابر الهجيمي قال انتهيت إلى النبي وهو محتب في بردة له وإن هدبها لعلي قدميه فقلت يا رسول الله أوصني قال عليك باتقاء الله ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي وتكلم أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ولا يحبها الله وإن امرؤ عيرك بشيء يعلمه فيك فلا تعيره بشيء تعلمه منه دعه يكون وباله عليه وأجره لك ولا تسبن شيئا قال فما سببت بعده دابة ولا إنسانا قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله عليك باتقاء الله أمر فرض على المخاطبين كلهم أن يتقوا الله في كل الأحوال وإفراغ المرء الدلو في إناء المستسقي من إنائه وبسطه وجهه عند مكالمة أخيه المسلم فعلان قصد بالأمر بهما الندب والإرشاد قصدا لطلب الثواب

[ 522 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سلام بن مسكين عن عقيل بن طلحة قال حدثني أبو جري الهجيمي قال أتيت رسول الله فقلت يا رسول الله إنا قوم من أهل البادية فعلمنا شيئا ينفعنا الله به فقال لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة ولا يحبها الله وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم فيه فإن أجره لك ووباله على من قاله قال أبو حاتم الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة وهي الخيلاء فمتى عدمت الخيلاء لم يكن بإسبال الإزار بأس والزجر عن الشتيمة إذا شوتم المرء زجر عنه في ذلك الوقت وقبله وبعده وإن لم يشتم

ذكر البيان بأن طلاقة وجه المرء للمسلمين من المعروف

[ 523 ] أخبرنا محمد بن يعقوب الخطيب بالأهواز قال حدثنا عبد الملك بن هوذة بن خليفة قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا صالح بن رستم عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق فإذا صنعت مرقة فأكثر ماءها واغرف لجيرانك منها

ذكر الإخبار بأن على المرء تعقيب الإساءة بالإحسان ما قدر عليه في أسبابه

[ 524 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا بن وهب عن حرملة بن عمران التجيبي أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال يا نبي الله أوصني قال اعبد الله لا تشرك به شيئا قال يا نبي الله زدني قال إذا أسأت فأحسن قال يا رسول الله زدني قال استقم وليحسن خلقك

ذكر العلامة التي يستدل المرء بها على إحسانه

[ 525 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أبو قديد عبيد الله بن فضالة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله متى أكون محسنا قال إذا قال جيرانك أنت محسن فأنت محسن وإذا قالوا إنك مسيء فأنت مسيء

ذكر الإخبار عما يستدل به المرء على إحسانه ومساوئه

[ 526 ] أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز بالبصرة قال حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رجل للنبي كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت

ذكر البيان بأن من خير الناس من رجي خيره وأمن شره

[ 527 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال ألا أخبركم بخيركم من شركم فقال رجل بلى يا رسول الله قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره

ذكر الإخبار عن خير الناس وشرهم لنفسه ولغيره

[ 528 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله وقف على ناس جلوس فقال ألا أخبركم بخيركم من شركم قال فسكتوا قال ذلك ثلاث مرات فقال رجل بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره

ذكر بيان الصدقة للمرء بإرشاد الضال وهداية غير البصير

[ 529 ] أخبرنا محمد بن نصر بن نوفل بمرو بقرية سنج حدثنا أبو داود السنجي حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسول الله تبسمك في وجه أخيك صدقة لك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة

ذكر إجازة الله جل وعلا على الصراط من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في تفريج كربة

[ 530 ] أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ومحمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان وجماعة قالوا حدثنا إبراهيم بن هشام الغساني قال حدثنا أبي عن عروة بن رويم اللخمي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ بر أو تيسير عسر أجازه الله على الصراط يوم القيامة عند دحض الأقدام لفظ الخبر لابن قتيبة قاله الشيخ

ذكر الأمر للمرء بالتشفع إلى من بيده الحل والعقد في قضاء حوائج الناس

[ 531 ] أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز أبو عمرو حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا عمر بن علي المقدمي حدثنا الثوري عن بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال قال رسول الله إني أوتى فأسأل ويطلب إلي الحاجة وأنتم عندي فاشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب أو ما شاء قال الشيخ بن أبي بردة في هذا الخبر أراد به بن بن أبي بردة قال أبو حاتم وهو بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري

ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من بذل المجهود في قضاء حوائج المسلمين

[ 532 ] أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول لدغت رجلا منا عقرب ونحن مع رسول الله فقال رجل يا رسول الله أرقيه فقال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل

ذكر قضاء الله جل وعلا حوائج من كان يقضي حوائج المسلمين في الدنيا

[ 533 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة

ذكر تفريج الله جل وعلا الكرب يوم القيامة عمن كان يفرج الكرب في الدنيا عن المسلمين

[ 534 ] أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن واسع وأبي سورة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي قال من ستر أخاه المسلم ستره الله في الدنيا والآخرة ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

ذكر ما يستحب للمرء الإقبال على الضعفاء والقيام بأمورهم وإن كان استعمال مثله موجودا منه في غيرهم

[ 535 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر الجعفي قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أنزلت عبس وتولى في بن أم مكتوم الأعمى قالت أتى النبي فجعل يقول يا نبي الله أرشدني قالت وعند النبي رجل من عظماء المشركين فجعل النبي يعرض عنه ويقبل على الآخر فقال النبي يا فلان أترى بما أقول بأسا فيقول لا فنزلت عبس وتولى

ذكر رجاء الغفران لمن نحى الأذى عن طريق المسلمين

[ 536 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله قال بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه فشكر الله له فغفر له قال أبو حاتم الله جل وعلا أجل من أن يشكر عبيده إذ هو البادىء بالإحسان إليهم والمتفضل بإتمامها عليهم ولكن رضا الله جل وعلا بعمل العبد عنه يكون شكرا من الله جل وعلا على ذلك الفعل

ذكر رجاء مغفرة الله جل وعلا لمن نحى الأذى عن طريق المسلمين

[ 537 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله قال بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له

ذكر البيان بأن هذا الرجل الذي نحى غصن الشوك عن الطريق لم يعمل خيرا غيره

[ 538 ] أخبرنا عبد الرحمن بن زياد الكتاني بالأبلة حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير إلا غصن شوك كان على الطريق كان يؤذي الناس فعزله فغفر له

ذكر البيان بأن هذا الرجل غفر له ذنبه ما تقدم وما تأخر لذلك الفعل

[ 539 ] أخبرنا بن قتيبة حدثنا بحر بن نصر أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن بن حجيرة عن أبي هريرة عن رسول الله قال غفر لرجل أخذ غصن شوك عن طريق الناس ذنبه ما تقدم من ذنبه وما تأخر

ذكر رجاء الغفران لمن أماط الأذى عن الأشجار والحيطان إذا تأذى المسلمون به

[ 540 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان قال أخبرنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله قال نزع رجل لم يعمل خيرا قط غصن شوك عن الطريق إما كان في شجرة فقطعه فألقاه وإما كان موضوعا فأماطه فشكر الله له بها فأدخله الجنة قال أبو حاتم معنى قوله لم يعمل خيرا قط يريد به سوى الإسلام

ذكر استحباب المرء أن يميط الأذى عن طريق المسلمين إذ هو من الإيمان

[ 541 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن أبان بن صمعة عن أبي الوازع عن أبي برزة قال قلت يا رسول الله دلني على عمل أنتفع به قال نح الأذى عن طريق المسلمين قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أبان بن صمعة هذا والد عتبة الغلام وأبو الوازع اسمه جابر بن عمرو وأبو برزة اسمه نضلة بن عبيد

ذكر إعطاء الله جل وعلا الأجر لمن سقى كل ذات كبد حرى

[ 542 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعشم قال يا رسول الله الضالة ترد على حوضي فهل فيها أجر إن سقيتها قال اسقها فإن في كل ذات كبد حرى أجر

ذكر رجاء دخول الجنان لمن سقى ذوات الأربع إذا كانت عطشى

[ 543 ] أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال حدثنا عيسى بن حماد قال حدثنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم وزيد عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله قال دنا رجل إلى بئر فنزل فشرب منها وعلى البئر كلب يلهث فرحمه فنزع إحدى خفيه فغرف له فسقاه فشكر الله له فأدخله الجنة

ذكر الخبر الدال على أن الإحسان إلى ذوات الأربع قد يرجى به تكفير الخطايا في العقبي

[ 544 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج والحسين بن إدريس الأنصاري قالا أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله قال بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ بي فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له فقالوا يا رسول الله إن لنا في البهائم لأجرا فقال في كل ذات كبد رطبة أجر

ذكر الزجر عن ترك تعاهد المرء ذوات الأربع بالإحسان إليها

[ 545 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني ربيعة بن يزيد قال حدثني أبو كبشة السلولي أنه سمع سهل بن الحنظلية الأنصاري أن عيينة والأقرع سألا رسول الله شيئا فأمر معاوية أن يكتب به لهما ففعل وختمه رسول الله وأمره بدفعه إليهما فأما عيينة فقال ما فيه فقال فيه ما أمرت به فقبله وعقده في عمامته وأما الأقرع فقال أحمل صحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس فأخبر معاوية رسول الله بقولهما فخرج رسول الله في حاجته فمر ببعير مناخ على الباب المسجد من أول النهار ثم مر به من آخر النهار وهو على حاله فقال أين صاحب هذا البعير فابتغى فلم يوجد فقال رسول الله اتقوا الله في هذه البهائم اركبوها صحاحا وكلوها سمانا كالمتسخط آنفا إنه من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم قال يا رسول الله وما يغنيه قال ما يغديه ويعشيه قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه قوله يغديه ويعشيه أراد به على دائم الأوقات وفي قوله اركبوها صحاحا كالدليل على أن الناقة العجفاء الضعيفة يجب أن ينتكب ركوبها إلى أن تصح وفي قوله وكلوها سمانا دليل على أن الناقة المهزولة التي لا نقي لها يستحب ترك نحرها إلى أن تسمن

ذكر استحباب الإحسان إلى ذوات الأربع رجاء النجاة في العقبي به

[ 546 ] أخبرنا علي بن أحمد الجرجاني بحلب حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن النبي قال عذبت امرأة في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض أخبرناه علي بن أحمد في عقبه حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي بمثله

باب الرفق

ذكر استحباب الرفق للمرء في الأمور إذ الله جل وعلا يحبه

[ 547 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا معن بن عيسى عن مالك عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه ما روى مالك عن الأوزاعي إلا هذا الحديث وروى الأوزاعي عن مالك أربعة أحاديث

ذكر الاستدلال على حرمان الخير فيمن عدم الرفق في أموره

[ 548 ] أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان عن منصور عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عم النبي قال من يحرم الرفق يحرم الخير

ذكر البيان بأن الله جل وعلا يعين على الرفق بأن يعطي عليه ما لا يعطي على العنف

[ 549 ] أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي قال إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف

ذكر البيان بأن الرفق مما يزين الأشياء وضده يشينها

[ 550 ] أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله يبدو إلى هذه التلاع وقال لي يا عائشة فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه

ذكر الأمر بلزوم الرفق في الأشياء إذ دوامه عليه زينته في الدنيا والآخرة

[ 551 ] أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية بطرسوس قال حدثنا نوح بن حبيب البذشي القومسي قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة عن أنس عن النبي قال ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا كان الفحش في شيء قط إلا شانه

ذكر ما يجب على المرء من لزوم الرفق في جميع أسبابه

[ 552 ] أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني حيوة عن بن الهاد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى قال إن الله يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه

ذكر دعاء المصطفى لمن رفق بالمسلمين في أمورهم مع دعائه على من استعمل ضده فيهم

[ 553 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني حرملة بن عمران عن عبد الرحمن بن شماسة قال أتيت عائشة أسألها عن شيء فقالت سمعت رسول الله يقول في بيتي هذا اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به

باب الصحبة والمجالسة

ذكر الأمر للمرء أن لا يصحب إلا الصالحين ولا ينفق إلا عليهم

[ 554 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس حدثه عن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي

ذكر الزجر عن أن يصحب المرء إلا الصالحين ويؤكل طعامه إلا إياهم

[ 555 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن الصباح الدولابي قال حدثنا بن المبارك عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي

ذكر البيان بأن محبة المرء الصالحين وإن كان مقصرا في اللحوق بأعمالهم يبلغه في الجنة أن يكون معهم

[ 556 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن أبي شيبة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر أنه قال يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم قال إنك يا أبا ذر مع من أحببت قال فإني أحب الله ورسوله قال أنت يا أبا ذر مع من أحببت

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن خطاب هذا الخبر قصد به التخصيص دون العموم

[ 557 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال أتى النبي رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلا يحب القوم ولما يلحق بهم قال المرء مع من أحب

ذكر ما يستحب للمرء التبرك بالصالحين وأشباههم

[ 558 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال كنت عند رسول الله نازلا بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال فأتى رسول الله رجل أعرابي فقال ألا تنجز لي يا محمد ما وعدتني فقال له رسول الله أبشر فقال له الأعرابي لقد أكثرت علي من البشرى قال فأقبل رسول الله على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال إن هذا قد رد البشرى فاقبلا أنتما فقالا قبلنا يا رسول الله قال فدعا رسول الله بقدح فيه ماء ثم قال لهما اشربا منه وأفرغا على وجوهكما أو نحوركما فأخذا القدح ففعلا ما أمرهما به رسول الله فنادتنا أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما في إنائكما فأفضلا لها منه طائفة

ذكر استحباب التبرك للمرء بعشرة مشايخ أهل الدين والعقل

[ 559 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عمرو بن عثمان قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن المبارك بدرب الروم عن خالد الحذاء عن عكرمة عن بن عباس أن النبي قال البركة مع أكابركم قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه لم يحدث بن المبارك هذا الحديث بخراسان إنما حدث به بدرب الروم فسمع منه أهل الشام وليس هذا الحديث في كتب بن المبارك مرفوعا

ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر بطعامه وصحبته الأتقياء وأهل الفضل

[ 560 ] أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال سمعت حيوة بن شريح يقول أخبرني سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس التجيبي حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري أنه سمع النبي يقول لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي

ذكر الأمر بمجالسة الصالحين وأهل الدين دون أضدادهم من المسلمين

[ 561 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي قال مثل الجليس الصالح ومثل جليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه في هذا الخبر دليل على إباحة المقايسات في الدين

ذكر رجاء دخول الجنان للمرء مع من كان يحبه في الدنيا

[ 562 ] أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا عبد الرحمن بن عمرو البجلي قال حدثنا زهير بن معاوية عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي أن رجلا أتى النبي فقال يا محمد بصوت له جهوري فقلنا ويلك اخفض من صوتك فإنك قد نهيت عن هذا قال لا والله حتى أسمعه فقال له النبي بيده هاؤم فقال أرأيت رجلا أحب قوما ولما يلحق بهم قال ذلك مع من أحب قوله هاؤم أراد به رفع الصوت فوق صوت الأعرابي لئلا يأثم الأعرابي برفع صوته على رسول الله قاله الشيخ

ذكر البيان بأن هذا السائل إنما أخبر عن محبة الله جل وعلا ورسوله

[ 563 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا العباس بن الوليد النرسي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس قال قال رجل يا رسول الله متى الساعة قال ما أعددت لها قال إني أحب الله ورسوله قال فأنت مع من أحببت

ذكر إعطاء الله جل وعلا المسلم نيته في محبته القوم إن خيرا فخير وإن شرا فشر

[ 564 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا المبارك بن فضالة قال سمعت الحسن عن أنس بن مالك أن رجلا قال يا نبي الله متى الساعة قال أما إنها قائمة فما أعددت لها قال ما أعددت لها كثير عمل إلا أني أحب الله ورسوله قال رسول الله فإنك مع من أحببت ولك ما احتسبت

ذكر خبر شنع به بعض المعطلة على أهل الحديث حيث حرموا توفيق الإصابة لمعناه

[ 565 ] أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني حدثنا عبد الأعلى بن حماد وهدبة بن خالد قالا حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله متى تقوم الساعة وأقيمت الصلاة فلما قضى رسول الله صلاته قال أين السائل عن الساعة قال ها أنا ذا يا رسول الله قال إنها قائمة فما أعددت لها قال ما أعددت لها كبير عمل غير أني أحب الله ورسوله فقال النبي أنت مع من أحببت قال وعنده رجل من الأنصار يقال له محمد فقال إن يعش هذا فلا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة زاد هدبة قال أنس فنحن نحب الله ورسوله قال أبو حاتم هذا الخبر من الألفاظ التي أطلقت بتعيين خطاب مراده التحذير وذاك أن المصطفى أراد تحذير الناس عن الركون إلى هذه الدنيا بتعريفهم الشيء الذي يكون بخلدهم تقبل حقيقته من قرب الساعة عليهم دون اعتمادهم على ما يسمعون

ذكر البيان بأن من كان أحب لأخيه المسلم كان أفضل

[ 566 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سعد بن يزيد الفراء أبو الحسن قال حدثنا مبارك بن فضالة قال حدثنا ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله قال ما تحاب اثنان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه

ذكر الزجر عن أن يمكر المرء أخاه المسلم أو يخادعه في أسبابه

[ 567 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم قال حدثنا أبي عن عاصم عن زر عن عبد الله قال قال رسول الله من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار

ذكر الزجر عن أن يفسد المرء امرأة أخيه المسلم أو يخبث عبيده عليه

[ 568 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معاوية بن هشام قال حدثنا عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة عن النبي قال من خبث عبدا على أهله فليس منا ومن أفسد امرأة على زوجها فليس منا

ذكر الاستحباب للمرء أن يعلم أخاه محبته إياه لله جل وعلا

[ 569 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا الأزرق بن علي أبو الجهم قال حدثنا حسان بن إبراهيم قال حدثنا زهير بن محمد عن عبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة عن نافع قال سمعت بن عمر يقول بينا أنا جالس عند النبي إذ أتاه رجل فسلم عليه ثم ولى عنه فقلت يا رسول الله إني لأحب هذا لله قال فهل أعلمته ذاك قلت لا قال فأعلم ذاك أخاك قال فاتبعته فأدركته فأخذت بمنكبه فسلمت عليه وقلت والله إني لأحبك لله قال هو والله إني لأحبك لله قلت لولا النبي أمرني أن أعلمك لم أفعل تفرد بهذا الحديث الأزرق بن علي قاله الشيخ

ذكر الأمر للمرء إذا أحب أخاه في الله أن يعلمه ذلك

[ 570 ] أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول ببيروت قال حدثنا يزيد بن سنان قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا ثور بن يزيد عن حبيب بن عبيد عن المقدام بن معدي كرب أن النبي قال إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه

ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر لا أصل له أصلا

[ 571 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي كتابة قال حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال حدثني أبي قال حدثني ثابت عن أنس بن مالك قال كنت جالسا عند النبي إذ مر رجل فقال رجل من القوم يا رسول الله إني لأحب هذا الرجل قال هل أعلمته ذاك قال لا قال قم أعلمه فقام إليه فقال يا هذا والله إني لأحبك قال أحبك الذي أحببتني له

ذكر إثبات محبة الله جل وعلا للمتحابين فيه

[ 572 ] أخبرنا الهيثم بن خلف الدوري ببغداد قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى قال فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية فقال له هل له عليك من نعمة تربها قال لا غير أني أحبه في الله قال فإني رسول الله إليك إن الله جل وعلا قد أحبك كما أحببته فيه

ذكر وصف المتحابين في الله في القيامة عند حزن الناس وخوفهم في ذلك اليوم

[ 573 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثنا بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل من هم لعلنا نحبهم قال هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا انتساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

ذكر ظلال الله جل وعلا المتحابين فيه في ظله يوم القيامة جعلنا الله منهم بمنه وفضله

[ 574 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أبي الحباب عن أبي هريرة قال قال رسول الله يقول الله تبارك وتعالى أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي

ذكر إيجاب محبة الله جل وعلا للمتجالسين فيه والمتزاورين فيه

[ 575 ] أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن أبي إدريس الخولاني أنه قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي قال فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه وقلت والله إني لأحبك لله فقال آلله قلت آلله فأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه وقال أبشر فإني سمعت رسول الله يقول قال الله تبارك وتعالى وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أبو إدريس الخولاني اسمه عائذ الله بن عبد الله كان سيد قراء أهل الشام في زمانه وهو الذي أنكر على معاوية محاربته علي بن أبي طالب حين قال له من أنت حتى تقاتل عليا وتنازعه الخلافة ولست أنت مثله لست زوج فاطمة ولا بأبي الحسن والحسين ولا بابن عم النبي فأشفق معاوية أن يفسد قلوب قراء الشام فقال له إنما أطلب دم عثمان قال فليس علي قاتله قال لكنه يمنع قاتله عن أن يقتص منه قال اصبر حتى آتيه فأستخبره الحال فأتى عليا وسلم عليه ثم قال له من قتل عثمان قال الله قتله وأنا معه عنى وأنا معه مقتول وقيل أراد الله قتله وأنا حاربته فجمع جماعة قراء الشام وحثهم على القتال

ذكر إيجاب محبة الله جل وعلا الزائر أخاه المسلم فيه

[ 576 ] أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن صالح اليشكري حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرسل الله على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أزور أخا لي في هذه القرية فقال هل له عليك من نعمة تربها قال لا إلا أني أحبه في الله قال فإني رسول الله إليك إن الله قد أحبك كما أحببته فيه

ذكر إيجاب محبة الله للمتناصحين والمتباذلين فيه

[ 577 ] أخبرنا أبو يعلى حدثنا مخلد بن أبي زميل حدثنا أبو المليح الرقي عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني قال قلت لمعاذ بن جبل والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك ولا قرابة بيني وبينك قال فلأي شيء قلت لله قال فجذب حبوتي ثم قال أبشر إن كنت صادقا فإني سمعت رسول الله يقول المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء ثم قال فخرجت فأتيت عبادة بن الصامت فحدثته بحديث معاذ فقال عبادة بن الصامت سمعت رسول الله يقول عن ربه تبارك وتعالى حقت محبتي على المتحابين في وحقت محبتي على المتناصحين في وحقت محبتي على المتزاورين في وحقت محبتي على المتباذلين في وهم على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون بمكانهم قال أبو حاتم أبو مسلم الخولاني اسمه عبد الله بن ثوب يماني تابعي من أفضالهم وأخيارهم وهو الذي قال له العنسي أتشهد أني رسول الله قال لا قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم فأمر بنار عظيمة فأججت وخوفه أن يقذفه فيها إن لم يواته على مراده فأبى عليه فقذفه فيها فلم تضره فاستعظم ذلك وأمر بإخراجه من اليمن فأخرج فقصد المدينة فلقي عمر بن الخطاب فسأله من أين أقبل فأخبره فقال له ما فعل الفتى الذي أحرق فقال لم يحترق فتفرس فيه عمر أنه هو فقال أقسمت عليك بالله أنت أبو مسلم قال نعم فأخذ بيده عمر حتى ذهب به إلى أبي بكر فقص عليه القصة فسرا بذلك وقال أبو بكر الحمد لله الذي أرانا في هذه الأمة من أحرق فلم يحترق مثل إبراهيم وقيل إنه كان له امرأة صبيحة الوجه فأفسدتها عليه جارة له فدعا عليها وقال اللهم أعم من أفسد علي امرأتي فبينما المرأة تتعشي مع زوجها إذ قالت انطفأ السراج قال زوجها لا فقالت فقد عميت لا أبصر شيئا فأخبرت بدعوة أبي مسلم عليها فأتته فقالت أنا قد فعلت بامرأتك ذلك وأنا قد غررتها وقد تبت فادع الله يرد بصري إلي فدعا الله وقال اللهم رد بصرها فردها إليها

ذكر الاستحباب للمرء استمالة قلب أخيه المسلم بما لا يحظره الكتاب والسنة

[ 578 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن رجلا قام إلى النبي فقال أين أبي قال في النار فلما قفا دعاه فقال إن أبي وأباك في النار

ذكر تمثيل المصطفى الجليس الصالح بالعطار الذي من جالسه علق به ريحه وإن لم ينل منه

[ 579 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال حدثنا سفيان عن بريد بن عبد الله عن جده عن أبي موسى قال قال رسول الله مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يصبك منه أصابك ريحه ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يحرقك بشرره علق بك من ريحه

ذكر الزجر عن تناجي المسلمين بحضرة ثالث معهما

[ 580 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال قال رسول الله لا يتناجى اثنان دون ثالث

ذكر الزجر عن تناجي المسلمين وبحضرتهما إنسان ثالث

[ 581 ] أخبرنا الفضل بن حباب قال حدثنا الحوضي عن شعبة عن عبد الله بن دينار قال كنت قاعدا عند بن عمر أنا ورجل آخر فجاء رجل يكلمه فقال لهما استرخيا قال رسول الله لا يتناجى اثنان دون واحد

ذكر الخبر الدال على أن تناجي المسلمين بحضرة اثنين جائز

[ 582 ] أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن دينار قال كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق فجاء رجل يريد أن يناجيه وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه فدعا عبد الله بن عمر رجلا حتى كنا أربعة فقال لي وللرجل الذي دعا استرخيا فإني سمعت رسول الله يقول لا يتناجى اثنان دون واحد

ذكر الخبر المصرح بصحة ما ذكرناه قبل

[ 583 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله هو بن مسعود عن رسول الله قال إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما حتى يختلطوا بالناس فإن ذلك يحزنه

ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل

[ 584 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن بن عمر قال قال رسول الله لا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه قال أبو صالح فقلت لابن عمر فأربعة قال لا يضرك

ذكر الإخبار عن وصف المجالس بين المسلمين

[ 585 ] أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله المجالس ثلاثة سالم وغانم وشاجب

ذكر البيان بأن المجالس إذا تضايقت كان عليهم التوسع والتفسيح دون أن يقيم أحدهم آخر عن مجلسه

[ 586 ] أخبرنا أحمد بن الحسين الجرادي بالموصل قال حدثنا إسحاق بن زريق الرسعني قال حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني قال حدثنا سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال نهى رسول الله أن يقيم الرجل الرجل من مقعده فيقعد فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا

ذكر الزجر عن أن يقيم المرء أحدا من مجلسه ثم يقعد فيه

[ 587 ] أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا ليث بن سعد عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه

ذكر الإخبار بأن المرء أحق بموضعه إذا قام منه بعد رجوعه إليه من غيره

[ 588 ] أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به

ذكر إباحة اتكاء المرء على يساره إذا جلس

[ 589 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي حدثنا سلم بن جنادة حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال دخلت على رسول الله فرأيته متكئا على وسادة على يساره

ذكر البيان بأن تفرق القوم عن المجلس عن غير ذكر الله والصلاة على النبي يكون حسرة عليهم في القيامة

[ 590 ] أخبرنا أبو عمارة أحمد بن عمارة الحافظ بالكرج قال حدثنا أحمد بن عصام بن عبد المجيد قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا سفيان قال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ما اجتمع قوم في مجلس فتفرقوا من غير ذكر الله والصلاة على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة

ذكر البيان بأن الحسرة التي ذكرناها تلزم من ذكرناه وإن أدخل الجنة

[ 591 ] أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني بدمشق قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي قال ما قعد قوم مقعدا لا يذكرون الله فيه ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن أدخلوا الجنة للثواب

ذكر الزجر عن افتراق القوم عن مجلسهم بغير ذكر الله

[ 592 ] أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا بن مهدي عن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ما قعد قوم مقعدا لا يذكرون الله فيه ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة

ذكر الشيء الذي إذا قاله المرء عند القيام من مجلسه ختم له به إذا كان مجلس خير وكفارة له إذا كان مجلس لغو

[ 593 ] أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه عن عبد الله بن عمرو وأنه قال كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلس لغو أو مجلس باطل عند قيامه ثلاث مرات إلا كفرتهن عنه ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك قال عمرو حدثني بنحو ذلك عبد الرحمن بن أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله

ذكر مغفرة الله جل وعلا لقائل ما وصفنا ما كان في ذلك المجلس من لغو

[ 594 ] أخبرنا المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي قال حدثنا علي بن زياد اللحجي حدثنا أبو قرة عن بن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي أنه قال من جلس في مجلس كثر فيه لغطه ثم قال قبل أن يقوم سبحانك اللهم ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك

باب الجلوس على الطريق

[ 595 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو عامر عن زهير بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال إياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا من مجلسنا بد نتحدث فيها قال فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا ما حق الطريق قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه

[ 596 ] أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال نهى رسول الله عن أن تجلسوا بأفنية الصعدات قالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع ذلك ولا نطيقه قال إما لا فأدوا حقها قالوا وما حقها يا رسول الله قال رد التحية وتشميت العاطس إذا حمد الله وغض البصر وإرشاد السبيل

ذكر الأمر بالخصال التي يحتاج أن يستعملها من جلس على طريق المسلمين

[ 597 ] أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك حدثنا محمد بن عثمان العجلي حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال مر النبي على مجلس الأنصار فقال إن أبيتم إلا أن تجلسوا فاهدوا السبيل وردوا السلام وأغيثوا الملهوف

فصل في تشميت العاطس

ذكر ما يقال للعاطس إذا حمد الله عند عطاسه

[ 598 ] أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا علي بن خشرم قال حدثنا عيسى بن يونس عن بن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فليرد ما استطاع ولا يقل هاو فإنه إذا قال هاو ضحك منه الشيطان فإذا عطس أحدكم فقال الحمد لله فحق على من سمعه أن يقول يرحمك الله لم أسمع من محمد بن إسحاق فحق قاله الشيخ

ذكر ما يجيب به العاطس من يشمته بما وصفناه

[ 599 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا إسرائيل عن منصور عن هلال بن يساف قال كنا مع سالم بن عبيد في غزاة فعطس رجلا من القوم فقال السلام عليكم فقال سالم السلام عليك وعلى أمك فوجد الرجل في نفسه فقال له سالم كأنك وجدت في نفسك فقال ما كنت أحب أن تذكر أمي بخير ولا بشر فقال سالم كنا مع رسول الله في سفر فعطس رجل فقال السلام عليكم فقال رسول الله عليك وعلى أمك إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال أو قال الحمد لله رب العالمين وليقل له يرحمك الله وليقل هو يغفر الله لكم

ذكر إباحة ترك تشميت العاطس إذا لم يحمد الله جل وعلا

[ 600 ] أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا معاذ بن معاذ وجرير بن عبد الحميد قالا حدثنا سليمان التيمي قال حدثنا أنس بن مالك قال عطس رجلان عند النبي فشمت أو فسمت أحدهما وترك الآخر قال إن هذا حمد الله وإن هذا لم يحمده

ذكر ما يجب على المرء ترك التشميت للعاطس إذا لم يحمد الله

[ 601 ] أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا بن أبي عدي قال حدثنا سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال عطس رجلان عند النبي فشمت أحدهما أو قال فسمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقيل له رجلان عطسا فشمت أحدهما وتركت الآخر قال إن هذا حمد الله وإن هذا لم يحمده

ذكر وصف الرجلين اللذين عطسا عند المصطفى

[ 602 ] أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال حدثنا يزيد بن زريع عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال جلس رجلان عند رسول الله أحدهما أشرف من الآخر فعطس الشريف فلم يحمد الله وعطس الآخر فحمد الله فشمته النبي فقال يا رسول الله عطست فلم تشمتني وعطس هذا فشمته فقال إن هذا ذكر الله فذكرته وأنت نسيت الله فنسيتك

ذكر البيان بأن المزكوم يجب أن يشمت عند أول عطسته ثم يعفى عنه فيما بعد ذلك

[ 603 ] أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع قال حدثني أبي قال كنت قاعدا عند النبي فعطس رجل فقال النبي يرحمك الله ثم عطس أخرى فقال الرجل مزكوم

باب العزلة

ذكر البيان بأن العزلة عن الناس أفضل الأعمال بعد الجهاد في سبيل الله

[ 604 ] أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال حدثنا عبد الله قال أخبرنا بن أبي ذئب عن سعيد بن خالد القارظي عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب عن عطاء بن يسار عن بن عباس أن رسول الله خرج عليهم وهم جلوس في مجلس فقال ألا أخبركم بخير الناس منزلا فقلنا بلى يا رسول الله قال رجل آخذ برأس فرسه في سبيل الله حتى عقرت أو يقتل أفأخبركم بالذي يليه قلنا بلى يا رسول الله قال امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس أفأخبركم بشر الناس قلنا نعم يا رسول الله قال الذي يسأل بالله ولا يعطي به

ذكر البيان بأن الاعتزال في العبادة يلي الجهاد في سبيل الله في الفضل

[ 605 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه عن عطاء بن يسار عن بن عباس عن رسول الله أنه قال ألا أخبركم بخير الناس إن خير الناس رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله وأخبركم بالذي يتلوه رجل معتزل في غنمه يؤدي حق الله فيها وأخبركم بشر الناس رجل يسأل بالله ولا يعطي به

ذكر البيان بأن الاعتزال لمن تفرد بغنمه مع عبادة الله إنما يستحق الثواب الذي ذكرناه إذا لم يكن يؤذي الناس بلسانه ويده

[ 606 ] أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي ببغداد حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا يحيى بن حمزة عن الزبيدي عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال رجل جاهد في سبيل الله بماله ونفسه قال ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره