صروف المنايا ليس يودى قتيلها
صُروفُ المنايا ليسَ يُودى قَتيلها
صُروفُ المنايا ليسَ يُودى قَتيلها
ودارُ الرَّزايا لا يَصِحُّ عَلِيلُها
مُنِيتُ بِها مُسْتَكْرهاً فکجْتَوَيْتُها
كما يجتَوِي دارَ الهوانِ نزيلُها
يُشهِّي إليَّ الموتَ عِلْمِي بأمْرِها
ورُبَّ حَياةٍ لا يَسُرُّكَ طُولُها
وأكْدَرُ ما كانَتْ حياةُ نُفُوسِها
إذا ما صَفَتْ أذهانُها وعُقُولُها
ومَنْ ذا الذي يحْلُو لهُ العَيشُ بعدَما
رَأتْ كُلُّ نَفْسٍ أنَّ هذا سَبِيلُها
أَقِمْ مأْتَماً قد أُثْكِلَ الفضْلُ أهْلَهُ
وبَكّ المعالِي قدْ أجدَّ رحِيلُها
إذا أنْتَ كَلَّفْتَ المَدامِعَ حَمْلَ ما
عَناكَ مِنَ الأحْزانِ خَفَّ ثَقِيلُها
ويَا باكِيَ العَلْياءِ دُونَكَ عَبْرَةً
ملِيّاً بإسْعادِ الخليلِ هُمُولها
وَمُهْجَةَ مَخْزُونٍ تَخَوَّنَها الضَّنا
فلَمْ يَبْقَ إلاّ وجْدُها وغَليلُها
ألا بِکلتُّقى وَکلصَّالِحاتِ مُفَارِقٌ
طَوِيلٌ عَلَيْهِ بَثُّها وَعَوِيلُها
أصابَ الرَّدى نَفْساً عزِيزاً مُصابُها
كَرِيماً سَجاياها قَلِيلاً شُكُولُها
فأقْسَمْتُ ما رامَتْ منيعَ حجابِها الـ
ـمَنُونُ وَفِي غَيرِ الكِرامِ ذُحُولُها
وما زالَ ثَأْوُ الدَّهْرِ عندَ معاشِرٍ
يَشِيمُ النَّدى أيْمانَهُمْ وَيُخِيلُها
فمَنْ يَكُ مدفُوعاً عنِ المجْدِ قوْمُهُ
فإنَّ قَبيلَ المكْرُماتِ قَبيلُها
ومَنْ يَكُ مَنْسِيَّ الفِعالِ فإنَّهُ
مَدى الدَّهْرِ بالذِّكْرِ الجَمِيلِ كَفِيلُها
يطيبُ بقدْرِ الفائِحاتِ نَسيمُها
وتزْكُوا الفُرُوعُ الطَّيباتُ أُصُولُها
سَحابَةُ برٍ آنَ مِنْها انْقِشاعُها
وأيْكَةُ مجدٍ حانَ منها ذُبُولُها
أوَدُّ لَها سُقْيا الغَمامِ ولَوْ أشا
إذاً كَشَفَتْ صَوْبَ الغَمامِ سُيُولُها
وَكَيْفَ أُحَيِّي ساكِنَ الخُلْدِ بالحَيا
وَما ذُخِرَتْ إلاّ لَهُ سَلْسَبِيلُها
سيَشْرُفُ في دارِ الحِسابِ مقامُها
وَيَبْرُدُ فِي ظِلِّ الجِنانِ مَقِيلُها
نَلُوذُ بأَسْبابِ العزاءِ وإنَّهُ
لَيَقْبُحُ فِي حُكْمِ الوَفاءِ جَمِيلُها
وهَلْ يَنْفَعُ المَرْزِيَّ أنْ طالَ عتْبُهُ
عَلَى الدهَّرِ والأيَّامُ صَعْبٌ ذَلُولُها
فَلا يَثْلِمَنَّ الحُزْنُ قَلْبَكَ بَعْدَها
فَقِدْماً أبادَ المُرْهَفاتِ فُلُولُها
وماذا الذي يأْتِي بهِ لكَ قائِلٌ
وَأنْتَ قَؤُولُ المَكْرُماتِ فَعُولُها
إذا ابْنُ عليٍّ رامَ يوماً بحزْمِهِ
لِقاءَ خُطُوبِ الدَّهْرِ دَقَّ جَلِيلُها
وَما زِلْتَ مَمْلُوءًا مِنَ الهِمَمِ الَّتِي
تُقَصِّرُ أيّامَ الرَّدى وتُطِيلُها
يَنالُ مَدى المَجْدِ البَعِيدِ رَذِيُّها
ويَقْطَعُ في حَدِّ الزَِّمانِ كَليلُها
فقدْتَ فلمْ تَفْقَدْ عزاكَ وإنَّما
يُضَيِّعُ مَأثُورَ الأُمورِ جَهُولُها
عَلى أنَّ مَنْ فارَقْتَ بالأمْسِ لا تَفِي
بِحَقٍّ لَهُ أغْزارُ دَمْعٍ تُسِيلُها
وَمَا عُذْرُها أنْ لا يَشُقَّ مُصابُها
عَلى الدِّينِ وَکلدُّنْيا وَأنْتَ سَلِيلُها