صفة جزيرة العرب/الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

معرفة أفضل البلاد المعمورة

أفضل البلاد المعمورة من شق الأرض الشمالي إلى الجزيرة الكبرى وهي الجزيرة التي يسميها بطليموس ما روي تقطع على أربعة أقاليم من عمران الشمال إلى الخامس فجنوبيها: اليمن وشماليها: الشأم وغربيها: شرم أيلة وما طردته من السواحل إلى الُقلزم وفسطاط مصر وشرقيها: عُمان والبحرين وكاظمة والبصرة وموسطها: الحجاز وأرض نجد والعروض وتسمى جزيرة العرب لأن اللسان العربي في كلها شائع وأن تفاضل ومبتدأ عرضها - على ما يقول الحسَّاب - على ساحل عدن اثنتا عشرة درجة وظل رأس الحمل في هذه المواضع: إصبعان ونصف عشر الإصبع وما يشرع منها بالشام على عرض اثنين وثلاثين جزءاً وسبع أصابع ونصف من الظل: بيت المقدس وما يشرع منها على عرض ثلاثة وثلاثين جزءاً وثماني أصابع إلا خمساً من الظل: الرَّملة من فلسطين وسلميَّة وبعلبك - معربة باعل بك - وقيساريَّة وصيداء والأنبار وبغداد من ناحية العراق وما يشرع منها على عرض أربع وثلاثين وثماني أصابع وعشر من الظل: حمص وعانات وصور وسرَّ من رآى من ناحية بابل وما يشرع على عرض خمس وثلاثين وثماني أصابع وخمسين من الظل: منبج وحلب وأذنة وأنطاكية وقنِّسرين وما يصالى المشرق بابل بخت فيها السعة أكثر من ناحية المشرق إلى حضرموت فبلد مهرة فعُمان ويميل البحر حيث ما دخل في تهامة الشيء بعد الشيء إلى المغرب حتى يكون مميلها من سواحل الحجاز إلى القُلزم نحو المغرب أكثر فصارت هذه الجزيرة تقطع على أشرف الأقاليم في موسطها وصار فيها ما تسامتها الشمس والكواكب الجارية مرتين في الثور والأسد وفي الجوزاء والسرطان وهي أقرب العمران من خط الاستواء وهي تحت برج من بروج البأس وبها البيت الحرام والبيت الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا ومقام إبراهيم عليه السلام وأم القرى ومخرج النبوة ومعدن الرسالة ومتبوأ إبراهيم منشأ إسماعيل ومولد محمد صلى الله تعالى عليهم أجمعين ومقطن آل الله ولذلك قال رسول الله لعتَّاب بن أسيد: " إني مستخلفك على آل الله " وإليها كان يسير آدم وبها كان قطونه وبها أرض يثرب مُهاجر النبي عليه السلام وحرمه ومركز الإسلام ومقام الإمامة وقطب الخلافة ودار العز ومحل الإمرة وبها الوادي المقدس طوى وطور سينا ومسجد إيلياء وآثار الأنبياء ومنابت الأتقياء ومحافد الأصفياء وعرصة المحشر وجبال الرحمة ومتعلّق السِّياحة والعبادة والسراة القاطعة من أعلى اليمن إلى أسفل الشأم وبها بقاع الفصاحة والصباحة واعتدال المزاج وحسن الألوان لا الصهبة ولا الزرقة ومتوسط النبات في الشَّعر لا القطط ولا السَّبط واسوداد الأحداق واحورار المقل مع الحميّة والأريحيّة والسخاء والكرم والجود بما تشح به الأنفس والصبر بساعة البأس وبها أفرس من ركب الخيل فهم لها حزم وحلاس وأحسن من امتطى الإبل فهم لها أرباب وأقباس وأوفى من تقلد ذمة وأبرع من نطق بحكمة وبها من يعد المئة بين حجة وعمرة ومن يزور قبر النبي قاصداً غير متطَّرق وبها المسجد المؤسس على التقوى وبها الممالك القديمة والآثار العظيمة مثل ناعط وغمدان وهكروريدان وبينون وغيمان وبرك الغماد وإرم ذات العماد وجميع ما اشتمل عليه الكتاب الثامن من الإكليل.


معرفة وضع هذه الجزيرة في المعمور 

من الأرض وموضعها منه أعلم أن الأرض ليست بمنسطحة ولا ببساط مستوي الوسط والأطراف ولكنها مقببة وذلك التقبيب لا يبين مع السعة إنما يبين تقبيبها بقياساتها إلى أجزاء الفلك فيقطع منها أفق كل قوم على خلاف ما يقطع عليه أفق الآخرين طولاً وعرضاً في جميع العمران ولذلك يظهر على أهل الجنوب كواكب لا يراها أهل الشمال ويظهر على أهل الشمال ما لا يراه أهل الجنوب ويكون عند هؤلاء نجوم أبدية الظهور والمسير حول القطب وهي عند أولئك تظهر وتغيب وسأضع لك في ذلك مقياساً بيناً للعامة من ذلك أن ارتفاع سهيل بصنعاء وما سامتها إذا حلق زيادة على عشرين درجة وارتفاعه بالحجاز قرب العشر وهو بالعراق لا يُرى إلا على خط الأفق ولا يرى بأرض الشمال وهناك لا تغيب بنات نعش وهي تغيب على المواضع التي يرى فيها سهيل فهذه شهادة العرض.

وأما شهادة الطول فتفاوت أوقات بدء الكسوفات ووسطها وانجلائها على خط فيما بين المشرق والمغرب فمن كان بلده أقرب إلى المشرق كانت ساعات هذه الأوقات من أول الليل والنهار أكثر ومن كان بلده أقرب إلى المغرب كانت ساعات هذه الأوقات من آخر الليل وآخر النهار منكوساً إلى أولهما أكثر فذلك دليل على تدوير موضع المساكن والأرض وأن دوائر الأفق متخالفة في جميع بقاع العامر ولو كان سطح الأرض صفيحة لكان منظر سهيل وبنات نعش واحداً.

واعلم أن العامر من الأرض ليس هو منها الكل ومن الدليل على ذلك: أن الشمس في يومي الاستواء لا تسامت أحداً من سكان الأرض إلا من كان منهم على خط الاستواء وهو منطقة الأرض الوسطى وهم أول سكان العامرة من جنوبيِّ الصين وجنوبيّ الهند وبلد الزنج والدِّيبجات ثم تميل إلى نحو الشمال في شهور الربيع إلى أن توافي رأس السرطان في منتهى طول النهار ولا تسامت إلا ما بين خط الاستواء والبلد الذي عرضه أربعة وعشرون جزءاً من الحجاز والعروض وما سامت ذلك شرقاً وغرباً ومن دخل عن هذا الخط في الشمال فإنه لا يسامتهم من الكواكب الجارية كوكب إلا أن يكون أقصى عرضه في الشمال يوافق أن يكون في رأس السرطان في أقصى عرضها فتبعد مسامتتها عن رأس الحمل اثنتين وثلاثين درجة فتسامت من كان عرض بلده هذا المقدار فبان لك أن العمران من نصف الأرض إلى جانبها الشمالي ولما كانت مدورة كان العمران على هذه الصورة: أول هذا العمران من خط الاستواء الذي لا عرض له إلى منقطع الإقليم السابع حتى يكون العرض وهو ارتفاع القطب خمسين جزءاً ونصف وهذا حد مساكن الأمم المعروفة وقد يخرج عن ذلك ما يكاد أن يسكن وينتجع إليه في الصيف أقاصي الخزر وأقاصي الترك والتَّغزغز والبرغر مما يصالي الروم وما وراء ذلك فإن نهاره يقصر ويتلاشى حتى يصير الليل عليه أغلب هو الموضع الذي يسمى الظلمات وكانت ملوك العرب تنافس في دخولها لأجل السمعة وبعد الصوت لا أن ثم غنيمةً ولا جوهراً مما ترويه العامة وفي بعض تلك المواضع هلك تبَّع الأقرن.

وأما ما خلف خط الاستواء إلى الجنوب فإن طباعه تكون على طباع شق الشمال سواء في جميع أحواله إلا قدر ما ذكرنا في كتاب سرائر الحكمة من اختلاف حالي الشمس في رأس أوجها ونقطة حضيضها وقد ذكر هرمس أن فيه أقاليم كمثل هذه الذي يحجر الناس عن بلوغه انفهاق البحر الأعظم دونه وشدة الخب فيه وسلطان الريح وعظم الموج وبعد المتناول وقد يكاد أن يتعذر المركب في خلجه التي منها بحر الزنج وبحر المشرق فكيف به وأكثر ما يمتنع به في الأوقات المسعفة البعد والسعة فأما بحر المغرب المظلم فإنما امتنع عن العابرين عليه لدخوله في الشمال وبعده عن مدار الكواكب فغلظ ماؤه وتكاثفت الأرواح عليه لعدم مسامتته الشمس وما سامتته الشمس من البحار فقد تلطفه وتنفي عنه كثيراً من غلظ الأرواح ويظهر فيه مرامي العنبر ومنابت الصدف وغير ذلك.


معرفة قسمة الأقاليم لهرمس الحكيم 

الأول: الهند والثاني: الحجاز واليمن والثالث: أرض مصر والرابع: أرض بابل والخامس: أرض الروم والسادس: ياجوج وماجوج والسابع: أرض الصين وجعل الإقليم الرابع وسطاً وجعل الستة الباقية مطيفة به حتى يتلقى الأول بالسابع عليه وجعلها قسمة مستوية يدخل في كل بلد من هذه المشهورة ما صاقبه ودخل في حيزه.

حدود هذا الإقليم الرابع وهو بابل: الحد الأول: الثَّعلبيَّة من أرض العرب والحد الثاني: شط نهر بلخ والحد الثالث: نصيبين والحد الرابع: الدَّيبل وهو حد الإقليم السابع الثاني: حده البحر مما يلي عُمان إلى جدَّة على ما دار به من اليمن إلى أرض الزنج والحبش إلى الثَّعلبية والأقليم الثالث: حده منتهى أرض الحبشة مما يلي أرض الحجاز إلى نصيبين إلى أقصى الشأم إلى البحر الذي بين أرض مصر وبين الشأم.

إلى وسط البحر الذي يلي الأندلس مما يلي المغرب وحد الأقليم الخامس: بحر الشأم إلى أقصى الروم مما يلي البحر إلى أرض الخزر وياجوج وماجوج إلى حد الإقليم الرابع وحد الإقليم السادس: أرض الصين إلى نهر بلخ إلى بحر الشأم الذي يلي المشرق وحد الإقليم السابع: من الهند إلى حد الإقليم الرابع إلى حد الإقليم السادس وجعل كل إقليم من هذه بتقدير سبعمئة فرسخ في سبعمئة وقد تخالف الناس في مقاديره.


معرفة قسمة الأقاليم لبطليموس 

وأما بطليموس وقدماء اليونانيين فإنهم رأوا ن طباع الأقاليم وجبلّتها لا تكون إلا طرائق من المشرق إلى المغرب متجاورة بعضها إلى بعض من خط الاستواء إلى حيث يقع القطب الشمالي خمسين درجة وهو ضِعْف الميْل وزيادة جزئين وكسر وقد حدَّ في قانونه عرض كل إقليم منها وساعات نهاره الأطول على وسطه دون طرفيه بقول من نقل عنه فجعل وسط


الإقليم الأول 

مدينة سبأ بمأرب من أرض اليمن وجعل العرض: ستة عشر جزءاً وربعاً وخمساً وساعات نهاره الأطول: ثلاث عشرة سواء وعرض


الإقليم الثاني 

منتهى الميل وهو ثلاثة وعشرون جزءاً وخمسة أسداس وساعات نهاره الأطول: ثلاث عشرة ونصف والثالث: إقليم إسكندرية وعرضه ثلاثون جزءاً وسدس وخمس جزء وساعاته: أربع عشرة والرابع: إقليم بابل وعرضه: ستة وثلاثون جزءاً وعشر وساعات نهاره الأطول: أربع عشرة ونصف والإقليم الخامس: عرضه أربعون جزءاً وتسعة أعشار وثلث عشر ساعة وساعاته: خمس عشرة ساعة والإقليم السادس: عرضه خمسة وأربعون جزءاً ونصف وسدس عشر وساعات نهاره الأطول: خمس عشرة ساعة ونصف.

والإقليم السابع: عرضه ثمانية وأربعون جزءاً ونصف وثلث عشر ونهاره الأطول: ست عشرة ساعة وقد حد أقاصيها وأدانيها وبعض ما تشتمل عليه من البلاد المشهورة فقال: إن الإقليم الأول يمر على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها على ما ذكرناه وابتداؤه حيث يكون نهاره الأطول: اثنتي عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة.

وعرضه: اثني عشر جزءاً ونصف وانتهاؤه حيث يكون نهاره الأطول: ثلاث عشرة ساعة وربع وعرضه: عشرون جزءاً وربع قال: ووسط هذا الإقليم مدينة سبأ ما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض وابتداؤه من المشرق من أقاصي بلاد الصين فيمر على جنوب الصين إلى سواحل البحر الذي في جنوب بلاد الهند والسند ويقطع البحر إلى جزيرة العرب وأرض اليمن وبحر جدة الماد إلى القٌلزم وبلاد الحبشة وما وراء النيل وجنوب بلاد البربر إلى أن ينتهي إلى حد بلاد المغرب وهو دون البحر لمظلم بمقدار ما نحن ذاكروه فيما بعد إن شاء الله تعالى.


الإقليم الثاني 

ويمر الإقليم الثاني على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما ذكرناه وابتداؤه من المكان الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الأول إلى حيث يكون نهاره الأطول ثلاث عشرة ساعة وخمسا وأربعين دقيقة وعرضه سبع وعشرون درجة وخمس قال: ووسط هذا الإقليم بتهامة من أرض العرب وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض وابتداؤه من المشرق من بلاد الصين فيمر ببلاد الهند والسند إلى حيث يلتقي البحر الأخضر - يريد بحر الزنج - وبحر البصرة ويقطع جزيرة العرب ومكة والحجاز وبحر القُلزم وصعيد مصر ويقطع النيل وأرض المغرب على وسط بلاد إفريقية وبلاد البربر إلى أن ينتهي إلى حد


الإقليم الثالث 

ويمر الإقليم الثالث على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قد ذكرناه وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الثاني إلى حيث يكون نهاره الأطول أربع عشرة ساعة وربعاً وعرضه ثلاثة وثلاثون جزءاً وثلث جزء ووسط هذا الإقليم بالتقريب في برية الكوفة مما يلي تيه بني إسرائيل أيام موسى عليه السلام وما كان في مثل عرضه من مواضع الأرض وابتداؤه من المشرق في شمال بلاد الصين والهند والسند والقندهار وكابل وفارس وسجستان وعسِّقلان وأرض مصر وبلاد برقة وإفريقية ومدينة القيروان إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دول البحر المظلم.


الإقليم الرابع 

ويمر الإقليم الرابع على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قد ذكرناه وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات

الإقليم الثالث وعرضه إلى حيث يكون نهاره الأطول أربع عشرة ساعة وثلاثة أرباع ساعة وعرضه ثمانياً وثلاثين درجة ونصف درجة وسط هذا الإقليم بالتقريب مدينة أصبهان وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض.

وابتداؤه من المشرق آخر أرض الصين وتبَّت وبلخ وخراسان والجبال وأرض الموصل وشمال الشأم وبعض الثغور وبحر الشأم وجزيرة قبرس وبلاد طنجة إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.


الإقليم الخامس 

ويمر الإقليم الخامس على وسطه إلى المشرق من المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قدمنا ذكره وابتداؤه من الموضع الذي انتهى إليه عرض الإقليم الرابع ساعاته إلى حيث يكون نهاره الأطول خمس عشرة ساعة وربعا وعرضه ثلاث وأربعون درجة ووسط هذا الإقليم بالتقريب مدينة مرو وما كان في مثل عرضها من مواضع الأرض فابتداؤه من المشرق داخل بلاد الترك وشمال خراسان واذربيجان وكور إرمينية وبلاد الروم سواحل بحر الشام والشمالية والأندلس إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.


الإقليم السادس 

ويمر الإقليم السادس على وسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون نهارها الأطول وعرضها ما قد تقدم ذكره وابتداؤه من الموضع الذي انتهت إليه ساعات الإقليم الخامس وعرضه إلى حيث يكون نهاره الأطول خمس عشرة ساعة وثلاثة أرباع وعرضه ستة وأربعون جزءاً ونصف وثلث ونصف عشر جزء.

ووسط هذا الإقليم بالتقريب أرض أرمنيية الشمالية وابتداؤه من المشرق داخل بلاد الترك إلى الشمال وبلاد الخزر.

ويقطع بحر جرجان إلى بلاد الروم والقسطنطينيّة وبلاد برجان إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.


الإقليم السابع 

ويمر الإقليم السابع بوسطه من المشرق إلى المغرب على المواضع التي يكون عرضها وساعات نهارها الأطول ما قد طواه الشرح وابتداؤه من الموضع الذي انتهى إليه عرض الإقليم السادس وساعاته إلى حيث يكون نهارها الأطول ست عشرة ساعة وربعاً وعرضه خمسين درجة ووسط هذا الإقليم بالتقريب المواضع الواغلة في شمال بلاد الترك وابتداؤه من المشرق من شمال بلادهم ويمر على ساحل بحر جرجان الشمالي وبحر الروم وبلاد برجان والصقالبة إلى أن ينتهي إلى حد المغرب من دون البحر المظلم.


معرفة ما بعد الإقليم السابع 

ثم منتهى عرض الإقليم السابع إلى عرض أربعة وخمسين جزءاً لا يخلو من هذه الأمم التي ذكرناها في الإقليم السابع هذا المقدار لهم متطّرق ومنجع لا يزال يتردد الفرق من التّغزغز والخزر وجيلان والبرغر والصقالبة فيه ثم تنقطع العمارة فيما بعد هذا العرض إلى الموضع الذي يكون بعده من وتد الأرض الشمالي الذي يكون على سمته القطب مقدار درج الميل وهي أربع وعشرون وزيادة ثلث درجة وذلك ما عرضه ست وستون درجة لأن من هذا المقدار إلى تسعين يبعد عن مدار الشمس ويفرط فيه البرد ولا يفارقه الثلج والجليد والضّريب والشفيف والصّقيع والقريس والبليل والهجا وغير ذلك مما يضاد نشوء الحيوان والنبات وقد فصّل بطليموس جميع المسكون والخراب على ربع ساعة ربع ساعة وسنذكر ما قال تلو هذا الباب إن شاء الله تعالى.


ما أتى عن بطليموس من تفصيل أجزاء شق الشمال 

قال بطليموس المهندس: نحن نجد الأرض تضطر العقل ببراهينها الهندسية أنها كريّة في جوف دائرة الفلك متجافياً عنها من كل جانب من جوانبها بتسعين جزءاً ويقطعها فلك الاستواء وهي معدّل النهار الدائر نطاقه من رأس الحمل إلى رأس الميزان ذاهباً ومن رأس الميزان إلى رأس الحمل راجعاً بقسمين متساويين في الأجزاء: أحدهما: الشق الجنوبي والثاني: الشق الشمالي والفارق بين هذين القسمين خط الاستواء من الأرض وهو نطاقها المحاذي لنطاق فلك الاستواء ووسط الاستواء قبة الأرض التي تحت قبة الفلك يريد رأس كرة الأرض ويقطع دائرة أفق القبة على نصف السماء علواً ونصفها سفلاً وينقسم الأرض على تلك الهيئة بقسمين: ظاهر وباطن فصارت أربعة أقسام: شمالي متعال وشمالي متسافل وجنوبي متعال وجنوبي متسافل والقسمة دائرة الأفق في هذه المواضع وفيما كان على خطه بنصفين متساويين صارت فيه الأيام مثل الليالي سواء سواء والساعات اثنتي عشرة من الليل والنهار أبداً والظل في رأس الحمل والميزان معدوم فإذا مالت الشمس في الشمال إلى رأس السرطان سقطت أظلالها إلى الشمال ويكون منتهى الظل الصيفي والشتوي بها خمس أصابع وثلث إصبع وتسامتهم الكواكب المحيرة إذا كانت في نقطة الربيع ونقطة الخريف ومن الكواكب الثابتة ما كان مداره على مار النهار يريد خط الاستواء ويرون الكواكب كلها طالعة وغاربة إذ كان قطب الكرة على دائرة أفقهم بعينها وقمن أن تكون هذه المواضع من الأرض في الغاية من اعتدال المزاج وذلك أن الشمس لا يطول لبثها عليهم في النقط التي على الرؤوس لسرعة حركتها من نقطتي الاعتدالين في الميل لأنها في المبدأ من قوس الميل فتأخذ في الطول درجة وفي العرض ميل عامتها ولا تبعد عنهم أكثر من درج الميل وهي أربعة وعشرون جزءاً غير سدس فيكون الصيف والشتاء هناك معتدل المزاج.

قال: وأما المساكن في هذه البلاد على هذا الخط فلست أقدر أن أقول في ذلك ما لا أحيط بعلمه لأنه لم يصر إليها إلى هذه الغاية أحد ممن عندنا وما يقال فيها فهو إلى أن يجري مجرى الحدس أقرب منه إلى أن يجري مجرى الخبر عن المشاهدة فهذه هي خواص خط الاستواء والدائرة العظمى التي هي تحت معدل النهار على جملة القول وما مال عن هذه الدائرة جنوباً وشمالاً تخالف عليه القطبان فظهر واحد وخفي واحد وبدت بذلك كواكب تكون أبديّة الظهور وخفي كواكب أبدية الخفاء مما تقارب القطبين ويقسم دوائر الأفق الدوائر المسامتة لهذين الشقين بقسمين مختلفين: من أعلى وأسفل فيكون الأعلى أعظم وأطول نهاراً والأسفل أشف وأقصر ليلاً في المسامتة فقط فأما على الشق الثاني من كل شق فعلى العكس وهو أن دوائر أرض الشمال المسامتة تنقطع بآفاقها ظاهراً على أكبر القسمين لمسامتتهم الدوائر المسامتة لأهل الجنوب ظاهراً على أصغر القسمين فيقصر عنهم النهار إذا كانت الشمس في دوائر الجنوب وكذلك فعل في الجنوب إذا حوّلت بميلها إلى الشمال وحيثما ظهر أحد القطبين فلا بد أن يكون عليه كواكب أبدية الظهور وحيث ما خفي فلا بد أن يكون عليه كواكب أبدية الخفاء انقضت الدائرة الأولى.

قال: وأما الدائرة الموازية الثانية: فهي التي تبلغ غاية النهار بها اثنتي عشرة ساعة وربعاً من ساعات الاعتدال يريد المستوية وبعد الدائرة من دائرة معدل النهار أربعة أجزاء وربع جزء وترسم مارة بالجزيرة المسماة: طبروباني وهذه الدائرة من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير أيضاً عند كل من تحتها على سمت الرؤوس مرتين وكذلك سبيل ما كان تحت سهمي الميل من رأس السرطان ورأس الجدي إلى الوتر المسامت خط الاستواء ويكون ظل رأس الحمل في هذه الدائرة ثلاثاً وخمسين دقيقة وخمس عشرة ثانية من إصبع ويقع المقاييس تحتها ويسقط الظل إذا كانت الشمس ما بين عشرة أجزاء ونصف من الحمل إلى تسعة عشر جزءاً ونصف وأربعا وعشرين ثانية وذلك في مئة درجة وتسع وخمسين درجة وهو ما بين الموضعين اللذين حددناهما في الحمل والسنبلة ويكون أطول ظلها في الشتاء ست أصابع وأربعاً وعشرين دقيقة وستاً وثلاثين ثانية من إصبع وذلك من تسعة عشر جزءاً ونصف من أجزاء السنبلة إلى عشرة أجزاء ونصف من أول الحمل فذلك مئتا درجة ودرجة ولا ظل لها أوقات توسط الشمس السماء على هذا الخط.

والدائرة الموازية الثالثة: هي الدائرة التي يصير أطول ما يكون من النهار فيها اثنتي عشرة ساعة ونصفاً وبعد هذه الدائرة من معدل النهار وخط الاستواء ثمانية أجزاء وخمس وعشرون دقيقة وترسم مارة بالخليج المسمى أو اليطيس وهذه الدائرة أيضاً من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير على سمت الرؤوس ممن يسكن تحتها مرتين والمقاييس فيها إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي إلى كل واحدة من الجهتين تسعة وستين جزءاً - يريد ما بين إحدى وعشرين درجة من الحمل إلى تسع درجات من السنبلة - ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها فالشمس إذا كانت تسير في هذه المئة والثمانية والثلاثين جزءاً كان وقوع أظلال المقاييس إلى ناحية الجنوب عنها وإذا كان مسيرها في الأجزاء الباقية - وهي مئتا جزء واثنان وعشرون جزءاً - كان وقوع الأظلال إلى ناحية الشمال عنها ويكون ظل رأس الحمل بها إصبعاً وستاً وأربعين دقيقة وخمساً وعشرين ثانية من إصبع ومبلغ ظلها في الانقلاب الصيفي ثلاث أصابع وثماني عشرة دقيقة وثمانياً وثلاثين ثانية من إصبع وظل الانقلاب الشتوي من رأس الجدي بها سبع أصابع وأربع وثمانون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الرابعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها اثنتي عشرة ساعة ونصفاً وربع ساعة وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار اثنا عشر جزءاً ونصف جزء وترسم مارة بالخليج المسمى أودوليطيقوس وهذه الدائرة أيضاً من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا صارت الشمس على سمت الرؤوس عند من يسكن تحتها أيضاً مرتين والمقاييس فيها إذا كان بعُد الشمس من الانقلاب الصيفي في رأس السرطان إلى كل واحدة من الجهتين سبعة وخمسين جزءاً وثلثي جزء ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها فالشمس ما دامت تسير في هذه المئة والخمسة عشر جزءاً وثلث جزء - يريد ما بين درجتين وثلث من الثور إلى سبع وعشرين درجة وثلثي درجة من الأسد - يكون وقوع إظلال المقاييس إلى ناحية الجنوب عنها فإذا كان مسيرها في أجزاء الفلك الباقية وهي مئتا جزء وأربعة وأربعون وثلثا جزء كان فيها إلى ناحية الشمال عنها ويكون ظل رأس الحمل على هذا الموضع إصبعين وتسعاً وثلاثين دقيقة وثلاثين ثانية من إصبع ومنتهى ظل الصيف في رأس السرطان: إصبعان وأربع وعشرون دقيقة وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع ومنتهى في ظل الشتاء في رأس الجدي: ثماني أصابع وخمسة أسداس إصبع.

والدائرة الموازية الخامسة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة عشر جزءاً وسبع وعشرون دقيقة وترسم مارة بالجزيرة المسماة ما روى - يريد مأرب أرض سبأ - وهذه الدائرة أيضاً من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذ كانت الشمس تصير على سمت الرؤوس عند من يسكن تحتها مرتين والمقاييس فيها إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي - يعني رأس السرطان إلى كل واحدة من الجهتين - خمسة وأربعين جزءاً ولا ظل لها في أوقات توسط الشمس السماء عليها مسامته لها - يريد بهذه الأجزاء من نصف الثور إلى أول السرطان إلى نصف برج الأسد - فإذا كانت الشمس تسير في هذه التسعين جزءاً كان وقوع الأظلال إلى ناحية الجنوب عنها وإذا كان مسيرها في باقي أجزاء الفلك - وهي مئتان وسبعون جزءاً - كان وقوع الأظلال إلى ناحية الشمال ويكون ظل رأس الحمل على هذا الموضع ثلاث أصابع واثنين وثلاثين دقيقة وثماني عشرة ثانية ويكون ظل رأس السرطان عليها إصبع وثلاث وثلاثون دقيقة واثنتا عشرة ثانية وظل رأس الجدي عليها عشر أصابع وعشر دقائق وست وثلاثون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية السادسة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة وربعاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدّل النهار عشرون جزءاً وأربع عشرة دقيقة وترسم مارَّة بالمواضع المسماة ناباطو يريد أجزاء الإقليم الأول فيما شارف مكة وهذه الدائرة أيضاً من الدوائر التي يقع الظل فيها إلى الجهتين إذا كانت الشمس تصير فيها على سمت الرؤوس مرتين والمقاييس في انتصاف النهار إذا كان بعد الشمس من الانقلاب الصيفي إلى كل واحدة من جهته أحداً وثلاثين جزءاً - يريد آخر جزءٍ من الثور وأول جزء من الأسد - ولا ظل للشمس في هذين الجزءين وهما في مسامتة هذا الموضع وإذا جازت من هذين الجزءين في الشمال وقعت الأظلال في الجنوب وإذا كان مسيرها في باقي أجزاء الفلك وهي مئتا جزء وثمانية وتسعون جزءاً كان سقوط الأظلال إلى ناحية الشمال وظل رأس الحمل في هذا الموضع أربع أصابع وعشرون دقيقة وست عشرة ثانية وعلى رأس السرطان خمس وأربعون دقيقة وأربع عشرة ثانية من إصبع وظل رأس الجدي أحد عشر إصبعاً وسبع وثلاثون دقيقة وخمس ثوان من إصبع.

والدائرة الموازية السابعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة ونصفاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثة وعشرون جزءاً وإحدى وخمسون دقيقة وهي سمت أقصى الميل وترسم مارة بالجزيرة المسماة سوينى - يريد الحجاز - وهذه الدائرة أول الدوائر التي تسمى ذوات ظل واحد وذلك أن أظلال المقاييس في انتصاف النهار لا تقع عند من يسكن تحتها في وقت من الأوقات إلى ناحية الجنوب لكن الشمس في الانقلاب الصيفي نفسه فقط تصير على سمت رؤوسهم ولا يرى للمقاييس حينئذ ظل وذلك أن بُعدهم عن معدل النهار هو بعد الانقلاب الصيفي عنه وأما سائر الزمان كله فإن أظلال المقاييس تقع عندهم إلى ناحية الشمال وظل رأس الحمل في هذا المكان خمس أصابع وثماني عشرة دقيقة وخمس وأربعون ثانية من إصبع ولا ظل لرأس السرطان كما ذكرنا لمسامتته هذا الوضع و ظل راس الجدي عليه ثلاث عشرة إصبعاً وإحدى عشرة دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع وجميع الدوائر التي هي أميل إلى الشمال من هذه الدائرة لا ظل لها جنوبيّ إلى أقصى الشمال إذ كانت الشمس لا تبلغهم.

والدائرة الموازية الثامنة: هي التي تصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثلاث عشرة ساعة ونصفا وربعاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار سبعة وعشرون جزءاً وخمس جزء وترسم مارة بالمدينة المسماة بطولامايس وهي المعروفة بأرميس فيبلاد تيبايس وظل رأس الحمل في هذا الموضع ست أصابع وعشر دقائق واثنتا عشرة ثانية من إصبع ويكون ظل الصيف في رأس السرطان اثنتين وأربعين واثنتي عشرة ثانية من إصبع ويكون ظل الشتاء عليه في رأس الجدي أربع عشرة إصبعاً وخمسين دقيقة وسبعا وثلاثين ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية التاسعة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربعٍ عشرة ساعة من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثون جزءاً واثنتان وعشرون دقيقة وترسم مارة بأسفل أرض مصر وما أخذها شرقاً وغربا وظل رأس الحمل في هذا الموضع سبع أصابع ودقيقتان وأربع عشرة ثانية من إصبع ويكون به الظل الصيفي من رأس السرطان إصبعاً واثنتين وعشرين دقيقة واثنتي عشرة ثانية من إصبع ويكون به ظل الشتاء من رأس الجدي ست عشرة إصبعاً وتسعاً وثلاثين دقيقة وأربع عشرة ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية العاشرة: هي التي يصير أطول ما يكون النهار فيها أربع عشرة ساعة وربعاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثة وثلاثون جزءاً وثماني عشرة دقيقة وترسم مارة بوسط بلاد الشام وظل رأس الحمل بها سبع أصابع وثلاث وخمسون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع والظل الصيفي من رأس السرطان إصبع وتسع وخمسون دقيقة وإحدى وخمسون ثانية من إصبع يكون إصبعين بالتقريب وظل الشتاء من رأس الجدي ثماني عشرة إصبعاً وخمس وثلاثون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الحادية عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربع عشرة ساعة ونصفاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وثلاثون جزءاً وترسم مارة بالجزيرة المسماة رودس يريد بابل وظل رأس الحمل هنالك ثماني أصابع ثلاث وأربعون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان إصبعان وأربع وثلاثون دقيقة وسبع وخمسون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي بها عشرون إصبعاً وتسع وثلاثون دقيقة وتسع وثلاثون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الثانية عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها أربع عشرة ساعة ونصفاً وربعاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وثلاثون جزءاً وخمس وثلاثون دقيقة وترسم مارة بالجزيرة المسماة بسمورنا وظل رأس الحمل فيها تسع أصابع وثلاث وثلاثون دقيقة وخمس وعشرون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان الصيفي ثلاث أصابع وست عشرة ثانية من إصبع وظل رأس السرطان الصيفي ثلاث أصابع وست عشرة ثانية من إصبع وظل رأس الجدي الشتوي اثنتان وعشرون إصبعاً وتسع وخمسون دقيقة وأربع وثلاثون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الثالثة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار بها خمس عشرة ساعة من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار أربعون جزءاً وست وخمسون دقيقة ترسم مارة بالبلاد المسماة السنطس وظل رأس الحمل بها عشر أصابع وأربع وعشرون دقيقة واثنتان وثلاثون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان الصيفي بها ثلاث أصابع وإحدى وأربعون دقيقة وعشر ثوان من إصبع وظل رأس الجدي الشتوي بها خمس وعشرون إصبعا وتسع وعشرون دقيقة وست عشرة ثانية.

والدائرة الموازية الرابعة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة وربعاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثلاثة وأربعون جزءاً وأربع دقائق وترسم مارة بالجزيرة المسماة ماساليا وظل رأس الحمل بها إحدى عشرة إصبعا وسبع عشرة دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان الصيفي بها أربع أصابع وثلاث عشرة دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع ومنتهى الظل الشتوي من رأس الجدي بها ثمان وعشرون إصبعا وأربع وعشرون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الخامسة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة ونصفاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسة وأربعون جزءاً ودقيقة واحدة وترسم مارة بوسط بحر )بُنْطُس( وظل رأس الحمل بها اثنتا عشرة إصبعا وست وعشرون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان الصيفي أربع أصابع وثمان وثلاثون دقيقة وثلاثون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي الشتوي إحدى وثلاثون إصبعا وثلاث دقائق وثمان وعشرون ثانية.

والدائرة الموازية السادسة عشر: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها خمس عشرة ساعة ونصفا وربعاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وأربعون جزءاً وإحدى وخمسون دقيقة ترسم مارة بعيون النهر المسمى اسطَروس وظل رأس الحمل بها اثنتا عشر إصبعا وثمان وأربعون دقيقة وست ثوان من إصبع منتهى ظل الصيف بها خمس أصابع وعشر إصبع ومنتهى ظل الشتاء بها أربع وثلاثون إصبعا وسبع عشر دقيقة وست والدائرة الموازية السابعة عشر: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها ست عشرة ساعة مستوية وبعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وأربعون جزءاً واثنتان وثلاثون دقيقة وترسم مارة بمخارج النهر المسمى بورسطانس وظل رأس الحمل به ثلاث عشرة إصبعا وأربع وثلاثون دقيقة.

وست وخمسون عشرة ثانية من إصبع والظل الصيفي من رأس السرطان خمس أصابع وإحدى وثلاثون دقيقة وخمس عشرة ثانية من إصبع والظل الشتوي من رأس الجدي سبع وثلاثون إصبعاً وتسع وأربعون دقيقة وسبع عشرة ثانية.

والدائرة الموازية الثامنة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة وربعاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسون جزءاً وأربع دقائق وترسم مارة بوسط البحيرة المسماة ما أوطس وظل رأس الحمل فيها أربع عشرة إصبعاً وخمس وعشرون دقيقة وخمس وأربعون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان خمس أصابعٍ وسبع وخمسون دقيقة وأربع وعشرون ثانية وظل رأس الجدي اثنتان وأربعون إصبعاً وثماني دقائق وست وثلاثون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية التاسعة عشرة: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة ونصفاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار واحد وخمسون جزءاً ونصف جزء وترسم مارة بأقاصي ناحية الجنوب من بلاد برطانيا وظل رأس الحمل هناك خمس عشرة إصبعاً ونصف سدس إصبع وظل رأس السرطان ست أصابع وسبع عشرة دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي خمس وأربعون إصبعاً وإحدى وأربعون ثانية من إصبع والدائرة الموازية العشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ست عشرة ساعة ونصفاً وربعاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار اثنان وخمسون جزءا وخمسون دقيقة وترسم مارة بمغايض رينس وظل رأس الحمل هناك خمس عشرة إصبعاً وسبع وأربعون دقيقة وعشرون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان ست أصابع وتسعٍ وثلاثون دقيقة وأربع وأربعون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي خمسون إصبعاً وثلاث وأربعون دقيقة وثمان وأربعون ثانية من إصبع والدائرة الموازية الحادية والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها سبع عشرة ساعة مستوية وبعد هذه الدائرة من معدل النهار أربعة وخمسون جزءاً ودقيقة واحدة وترسم مارة بمغايض طانايس وظل رأس الحمل هناك ست عشرة إصبعاً وإحدى وثلاثون دقيقة وثمان وثلاثون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان ست أصابع وثمان وخمسون دقيقة وخمسون دقيقة وخمسون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي خمس وخمسون إصبعاً وخمسون دقيقة واثنتان وخمسون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الثانية والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها سبع عشرة ساعة وربعاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار خمسة وخمسون جزءاً وترسم مارة بالموضع المسمى بريغانطيس من بلاد برطانيا الكبرى وظل رأس الحمل في هذا المكان سبع عشرة إصبعاً وثماني دقائق وظل رأس السرطان سبع أصابع وخمس عشرة دقيقة وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي ستون إصبعاً وست وخمسون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الثالثة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها سبع عشرة ساعة ونصفاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ستة وخمسون جزءاً وترسم مارة بوسط بلاد برطانيا الكبرى وظل رأس الحمل فيه سبع عشرة إصبعاً وسبع وأربعون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان سبع أصابع واثنتان وثلاثون دقيقة واثنتان وأربعون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي سبع وستون إصبعاً وست دقائق وتسع ثوانٍ من إصبع.

والدائرة الموازية الرابعة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيه سبع عشرة ساعة ونصفاً وربعاً من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار سبعة وخمسون جزءاً وترسم مارة بالموضع المسمى قاطورقطونيس من بلاد برطانيا وظل رأس الحمل في هذا المكان ثماني عشرة إصبعاً وتسع وعشرون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان سبع أصابع وخمسون دقيقة واثنتان وأربعون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي أربع وسبعون إصبعاً وسبع وثلاثون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية الخامسة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون من النهار فيها ثماني عشرة ساعة من ساعات الاستواء وبُعد هذه الدائرة من معدل النهار ثمانية وخمسون جزءاً وترسم مارة بنواحي الجنوب من بلاد برطانيا الصغرى وظل رأس الحمل في هذا الموضع تسع عشرة إصبعاً وخمس أصابع وظل رأس السرطان بها ثماني أصابع وثماني دقائق واثنتان وأربعون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي ثلاث وثمانون إصبعاً وست وخمسون دقيقة وست وثلاثون ثانية من إصبع.

والدائرة الموازية السادسة والعشرون: هي التي يصير مبلغ أطول ما يكون النهار فيها ثماني عشرة ساعة ونصفاً من ساعات الاستواء وبعد هذه الدائرة من معدل النهار تسعة وخمسون جزءاً ونصف جزء وترسم مارة بالمواضع الوسطى من بلاد برطانيا الصغرى وظل رأس الحمل هناك 0 و 25 و 3 وظل رأس السرطان 8 و 36 و 21 وظل رأس الجدي.

قال: وإنما لم نستعمل في هذه المواضع التفاصيل بربع ساعة من قبل أن الدوائر الموازية تصير حينئذ متقاربات متصلاً بعضها ببعض واختلاف الارتفاعات لا يجتمع منه عند ذلك ولا جزء واحد على التمام ومن قبل أنه لا يجب لنا نستقصي أمر الدوائر التي هي أميل من الدوائر التي ذكرناها إلى الشمال على مثال ما استقصينا شرح أمر تلك الدوائر ولذلك رأينا أن وضعنا أيضاً نسبة المقاييس إلى الأظلال فيها كما توضع وكما فعلنا في المواضع المعروفة المحدودة من الفصل.

فأما الموضع الذي مبلغ أطول ما يكون النهار فيه تسع عشر ساعة من ساعات الاستواء فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار أحد وستون جزءاً وترسم مارة بأقاصي الشمال من بلاد برطانيا الصغرى ولم يذكر ظلاً فانا علمناه وظل رأس الحمل هناك إحدى وعشرون إصبعاً وتسع وثلاثون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان تسع أصابع وخمس دقائق وثلاث وثلاثون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي مئة وثلاث وثلاثون إصبعاً.

والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من أيام النهار فيه تسع عشرة ساعة ونصف ساعة من ساعات الاستواء يكون بعد دائرته الموازية من معدل النهار اثنين وستين جزءاً وترسم مارة بالجزيرة المسماة أبودوهي اورنقى ولم يذكر ظلا وظل رأس الحمل هناك اثنتان وعشرون إصبعاً وأربع وثلاثون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان تسع أصابع وثلاث وعشرون دقيقة وسبع وعشرون ثانية من إصبع وظل رأس الجدي مئة وست وستون إصبعاً وخمس وعشرون دقيقة وسبع وخمسون ثانية من إصبع.

والموضع الذي مبلغ أول ما يكون النهار فيه عشرون ساعة من ساعات الاستواء يكون بعد دائرته الموازية من معدل النهار ثلاثة وستين جزءاً وترسم مارة بالجزيرة المسماة ثولي ولم يذكر ظلا وظل رأس الحمل هناك ثلاث وعشرون إصبعاً وثلاث وثلاثون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان تسع أصابع وست وأربعون دقيقة وتسع ثوان من إصبع وظل رأس الجدي عشرون ومئتا إصبع وثلاث وعشرون دقيقة وأربع وعشرون ثانية من إصبع.

والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من النهار فيه إحدى وعشرون ساعة من ساعات الاستواء فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار أربعة وستون جزءاً ونصف جزء وترسم مارة بأمم لا يعرفون ولا يعدون من الصقالبة ولم يذكر ظلاً وظل رأس الحمل هناك خمس وعشرون إصبعاً وسدس إصبع وظل رأس السرطان عشر أصابع.

.

.

وظل رأس الجدي أربع وستون وأربعمئة والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون من النهار فيه اثنتان وعشرون ساعة من ساعات الاستواء فإن بُعد تلك الدائرة الموازية من معدل النهار خمسة وستون جزءاً ونصف جزء وظل رأس الحمل هناك ست وعشرون إصبعاً وعشرون دقيقة وثلاثون ثانية من إصبع وظل رأس السرطان عشر أصابع وأربعون دقيقة وثماني عشرة ثانية وظل رأس الجدي ألف إصبع ومئة وخمسون إصبعاً وسبع عشرة دقيقة وتسع ثوان من إصبع.

والموضع الذي يكون مبلغ أطول أيامه ثلاث وعشرون ساعة من ساعات الاستواء يكون بعد الدائرة الموازية عليه من معدل النهار ستة وستين جزءا وظل رأس الحمل هناك ست وعشرون إصبعا وسبع وخمسون دقيقة من إصبع وظل رأس السرطان عشر أصابع وإحدى وخمسون دقيقة وسبع وعشرون ثانية ولا حدَّ لظل الجدي.

والموضع الذي مبلغ أطول ما يكون النهار فيه أربع وعشرون ساعة من ساعات الاستواء فإن بعد دائرته الموازية من معدل النهار ستة وستون جزءاً ونصف جزء قال: وهذه أول الدوائر التي يقع الظل فيها دائراً حول المقياس وكل ما انتصب وذلك أن الشمس لمَّا كانت لا تغيب هناك في الانقلاب الصيفي وحده - يريد رأس السرطان - صارت أظلال المقاييس تقع إلى جميع جهات الأفق وفي هذا الموضع دائرة الإنقلاب الصيفي الموازية لمعدل النهار دائمة الظهور ودائرة الانقلاب الشتوي الموازية لمعدل النهار دائمة الخفاء من قبل أنهما جميعاً يماسَّان الأفق فيه على المبادلة ويصير الدائرة المائلة أيضاً التي تمر بأوساط البروج هي الأفق إذا كان الطالع منها نقطة الاستواء الربيعي - أي رأس الحمل.

قال: فإن أحب محبٌّ من قبل الازدياد في العلم أن يبحث بوجه آخر من الدوائر أيضاً التي أميل إلى الشمال من الدوائر التي ذكرناها عن شيء من جمل ما يلزم فيها وجد الموضع الذي ارتفاع القطب الشمالي فيه سبعة وستون جزءاً بالتقريب وهي بُعده من معدل النهار الذي هو منطقة الاستواء لا يغيب هناك خمسة عشر جزءاً من الدائرة التي تمر أوساط البروج التي عن كل واحدة من جنبتي رأس السرطان - يريد من نصف الجوزاء إلى نصف السرطان - حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار وهناك ودور الأظلال إلى جميع جهات الأفق قريباً عن شهر واحد.

وحيث يكون ارتفاع القطب تسعة وستين جزءاً ونصف جزء فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي ثلاثين جزءاً لا تغيب أصلاً - يريد من أول الجوزاء إلى آخر السرطان - حتى يكون أطول ما يكون من النهار هناك ودور إظلال المقاييس قريباً من شهرين.

وحيث يكون ارتفاع القطب وبعد الدائرة الموازية من معدل النهار ثلاثة وسبعين جزءاً وثلث جزء فإنك تجد هناك ن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي خمسة وأربعين جزءاً لا تغيب - يريد ما بين نصف الثور ونصف الأسد - حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك ودور إظلال المقاييس يمتد إلى قريب من ثلاثة أشهر.

وحيث يكون ارتفاع القطب ثمانية وسبعين جزءاً وثلث جزء فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي ستين جزءاً لا تغيب وهي من أول الثور إلى آخر الأسد حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك ودور إظلال المقاييس قريباً من أربعة أشهر.

وحيث يكون ارتفاع القطب أربعة وثمانين جزءاً فإنك تجد هناك عن كل واحدة من جنبتي الانقلاب الصيفي خمسة وسبعين جزءاً لا تغيب وهي من نصف الحمل إلى نصف السنبلة حتى يكون مبلغ أطول ما يكون من النهار هناك قريباً من خمسة أشهر وتكون أظلال المقاييس تدور حولها قريباً من هذه المدة من الزمان.

وحيث يكون القطب الشمالي مرتفعاً عن الأفق أجزاء الربع بأسره وهي تسعون جزءاً فهناك النصف بأسره من الدوائر التي تمرُّ بأوساط البروج الذي هو أميل إلى الشمال عن دائرة معدل النهار لا يصير في وقت من الأوقات تحت الأرض والنصف الذي هو أميل إلى الجنوب بأسره لا يصير في وقت من الأوقات فوق الأرض حتى يكون كل سنة يوماً واحداً وليلة واحدة كل واحد منهما قريباً من ستة أشهر ويكون أظلال المقاييس في جميع الأوقات تدور حولها.

ومن خواص هذا الميل إلى القطب الشمالي أن يكون على سمت الرؤوس الوتد - يريد القطب - وأن يكون دائرة معدل النهار يقوم هناك مقام الدائرة الأبدية الظهور ومقام الدائرة الأبدية الخفاء ومقام دائرة الأفق إذ كانت تجعل النصف بأسره من الكرة الذي هو أميل منها إلى الشمال فوق الأرض في جميع الأوقات والنصف الذي هو أميل إلى الجنوب تحت الأرض - يريد أن نقطة القطب الشمالي هي موسط سماء الموضع ونقطة قطب الجنوب هي وتده الأسفل.

فجميع هذا الذي ذكره عنده على أحد عشر صنفاً وإحدى عشرة طريقة الطريقة الأولى: الكرة المنتصبة وساعاتها اثنتا عشرة ساعة مستوية وهي مدار خط الاستواء والطريقة الثانية: الخليج المسمى أواليطيس وساعاتها اثنتا عشرة ساعة ونصف وعرضها ثماني درجات وثلث درجة ونصف سدس وهذا ما بين خط الاستواء ومبدأ الإقليم الأول وقد جعل هذه الطريقة منه والطريقة الثالثة: الجزيرة المسماة مارويى وهي اليمن الإقليم الأول وساعاتها ثلاث عشرة ساعة وعرضها ستة عشر جزءاً وربع وخمس والطريقة الرابعة الجزيرة المسماة سويني يريد الحجاز وساعاتها ثلاث عشرة ونصف وعرضها مقطع الميل وهو ثلاث وعشرون درجة وإحدى وخمسون دقيقة والطريقة الخامسة: أسافل بلاد مصر وساعاتها أربع عشرة ساعة وعرضها ثلاثون جزءاً وخمس وسدس جزء.

والطريقة السادسة: الجزيرة المسماة رودس وهي بابل وساعاتها أربع عشرة ساعة ونصف عرضها ستة وثلاثون جزءاً والطريقة السابعة: البلاد المسماة ألسبنطس وساعاتها خمس عشرة وعرضها أربعون جزءاً وتسعة أعشار وثلث عشر من جزء والطريقة الثامنة: بوسط بحر بنطس وساعاتها خمس عشرة ونصف خمسة وأربعون جزءاً والطريقة التاسعة: بمغايض النهر المسمَّى بورسطانس وساعاتها ست عشرة وعرضها ثمانية وأربعون جزءاً ونصف وثلث عشر والطريقة العاشرة بأقاصي الجنوب من بلاد برطانيا وساعاتها ست عشرة ساعة ونصف وعرضها واحد وخمسون جزءاً ونصف والطريقة الحادية عشرة: بمغايض طانايس وساعاتها سبع عشرة وبُعدها أربعة وخمسون جزءاً وسدس عشر.

والأقاليم من هذه الطرائق السبع الجزيرة المسماة مارويى وهي اليمن من الإقليم الأول والثاني الجزيرة المسماة سوينى والثالث أسافل أرض مصر والرابع جزيرة رودس والخامس البلاد المسماة السبنطس والسادس وسط بحر بنطس والسابع مخرج النهر المسمى بورسطانس.


اختلاف الناس في العرض والطول 

أما العرض فإن من الناس من يعد الإقليم الأول من حد وتر خط الاستواء إلى أقصى حده من الشمال ومنهم من يجعل البحر الزِّنجي حاجزاً بين الإقليم الأول بين وسط خط الاستواء وذلك ما عرضه ثماني درجات وخمس وعشرون دقيقة وساعاته اثنتا عشرة ونصف ومن الخلفة في عرضه ما يخالف به حساب صنعاء في عرضها وعرض مأرب وظلهما وذلك أنهم يذكرون أن ظل رأس الحمل بصنعاء ثلاث أصابع وعشر وعرضها أربع عشرة ونصف ومأرب سبأ يكون مثل ذلك لأنها محاذية لها على خط السَّمت الطولي فهي مشرق صنعاء وصنعاء مغربها وبينهما مسافة يومين للمفرد وارتفاع سهيل عليها حسَّاب صنعاء وأما قياس طوله المأموني فقد يخالفهم شيئاً وهذا دليل على أن وسط هذا الإقليم وادي نجران من أرض اليمن ومكة آخر حد اليمن ومما يعدل قولهم أنا نجد عرض مدينة سبأ لبطليموس ستة عشر جزءاً وربعاً وخمسا من جزء وهي على ما ذكرناه ثم نجده جعل عرض ظفار أربعة عشر جزءاً وهذا من قياسه بظفار يشهد لحسّاب صنعاء لأن ظفار على ذائرة انتصاف نهار صنعاء من جهة الجنوب وبينهما بالتقريب ثلاثة أيام ولعل بطليموس أراد فلاة مأرب أرض سبأ فهي فلاة يشرع عليها بيحان ومأرب والجوف ونجران والهجيرة وأعراض ترج وبيشة وتبالة وكان أشهر هذه المواضع الشارعة على هذه الفلاة مدينة سبأ.

وأما الطول فإن أهل المغرب من اليونانيين والروم نظروا أقصى عماراتهم فكان ذلك منها بالقرب من البحر المظلم الآخذ على ما بين شمال المغرب وجنوبه فصيروه الحد ثم جعلوا نهاية الطول في المشرق على مسافة اثنتي عشرة ساعة وهو ثمانون ومئة درجة مستقيمة.

إذ كان جميع دوائر آفاق البلدان يقطع من الفلك ظاهراً وباطناً على هذا المقدار وأما أهل المشرق من الهند ومن يليهم ومن الصين وغيرها فإنهم خالفوا اليونانيين فجعلوا أول المشرق خلف الذي جعله أولئك بثلاث عشرة درجة ونصف وهو قدر ساعة إلا عشراً ثم جعلوا حد المغرب دون ما جعله أهله بهذا المقدار وصار كل واحد من الفرقتين يجعل قبة الأرض التي يحسب عليها مواضع الكواكب على تسعين درجة من حده الذي حده فأما أهل المشرق فإنهم جعلوا مبتدأ العمران من حيث يبلغه البالغ في أقاصي الصين كالمواضع التي يبلغها البالغ بعد حدود الأقاليم في الشمال ويكون أول مطلع الشمس على هذا الحد وهو نصف ليل أهل القبة التي وضع عليها حساب السِّند هند فمن عمل بأطوال بطليموس من هؤلاء فإنه ينقص من أطواله ثلاث عشرة درجة ونصفا ليكون ما يبقي بعد مدينته من المغرب ثم ينقص ذلك من مئة وثمانين فإن كان ما يبقى أقل من تسعين فمدينته خلف القبة إلى ما يلي المشرق وإن بقي أكثر من تسعين درجة فمدينته دون القبة إلى المغرب وإن بقي تسعون فهي تحت دائرة انتصاف نهار القبة ومثال ذلك أن بطليموس جعل طول ظفار باليمن ثمانية وسبعين جزءاً فإذا نقصناها من ثمانين ومئة جزء بقي مئة وجزءان وهو طولها من المشرق على حد المغربيين وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بأربعة أخماس ساعة فهذا المقدار لمن أخذ بقول بطليموس ومن أخذ بقول أصحاب السَّند هند فإنه ينقص من طول ظفار الذي ذكرناه ثلاث عشرة درجة ونصفاً فيبقى أربع وستون درجة ونصف وهو طولها من المغرب عند من يرى رأي أهل المشرق فإن نقص هذا الطول من طول ثمانين ومئة بقي مئة وخمسة عشر جزءاً ونصف وهو طولها من المشرق وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بساعة مستوية ونصف وخمس ساعة.

وطول صنعاء عند حسابها من المشرق مئة وثمانية عشر جزءاً وهو يخالف طول ظفار لبطليموس لأن طولهما لا يكون إلا واحداً.

ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض

على الجملة لما كانت الكواكب مشتركة التدبير في بقاع الأرض خالطة بين الوسط والطرف كان من حسن التأليف وانسياق النظام أن نذكر الكل ليعرف ما لجزيرة العرب من الطبائع الخاصيِّة والعاميَّة وأن يظهر ما وسمها به الحكماء مما في أهلها موجود ومعاين فأما في الجملة فإن العامر من الأرض الأعلى من ربيعها الشماليين هو عنده على ثلاث خبَّات متفاوتة.

فالخبَّة الأولى ما كان من خط الاستواء تحت مجاري الكواكب إلى مسامته منقطع الميل من رأس السرطان وذلك سمت ما بين مكة والمدينة وما حاذاه شرقاً وغرباً والخبَّة الثانية من هذا العرض إلى ما زاد على الميل مثل نصفه وذلك حيث يكون العرض ستة وثلاثين جزءاً من المشرق إلى المغرب والخبَّة الثالثة من هذا العرض إلى أقصى العمران ومسامته من الفلك مدار بنات نعش.

قال: فالذين مساكنهم فيما بين رأس الحمل ورأس السرطان وهو ما بين خط الاستواء وموسط الحجاز وما أخذ أخذه شرقاً وغرباً فقد يعرض لهم أن الشمس يحرقهم ممرها على سمت رؤوسهم فتكون أبدانهم سوداً وشعورهم سوداً جعدة كثيفة ووجوههم قحلة وجثثهم قصيفة وطبائعهم حارة وأخلاقهم في أكثر الأمر وحشية لدوام الحر في موضع مسكنهم واتصاله بهم.

قال: وهم الذين نسميهم باسم عام الحبش.

ولسنا نراهم على هذه الحال من الحرارة فقط بل يظهر الحر الشديد في الهواء المحيط بهم أيضاً في سائر الحيوان والنبات الذي عندهم.

قال أبو محمد: إن الحكيم وإن نسب هذه الخبة إلى الحبشة فإن الحبشة أقل من فيها وفيها من هو أشد سواداً منهم ومن هو أصفى منهم ألواناً ومن يخالف الجميع بالبياض وباعتدال الألوان وبالخضرة والأدمة مثل ساكني طرف هذه الخبة من الصين ومن جزيرة العرب ولذلك علل قد ذكرناها في كتاب سرائر الحكمة.

قال بطليموس: وأما الذين يسكنون تحت مدار بنات نعش فإنهم لما كان بعدهم عن فلك البروج وعن حرارة الشمس بعداً كثيراً صار البرد عليهم أغلب ولما كان ما يصل إليهم من الرطوبة شيء كثير غزير الغذاء ولم يكن هناك حرارة تنشفها صارت ألوانهم بيضاء وشعورهم سبطاً وأبدانهم عظيمة مخصبة وطبائعهم مائلة إلى البرد وأخلاق هؤلاء القوم أيضاً وحشية لدوام البرد في مواضع مساكنهم اتصاله وكلما وجد فيهم فهو موجود في دوابهم وثمارهم من العظم والقوة واختلاف التأليف.

وأما الذين يسكنون في الوسط فيما بين مدار بنات نعش ومدار رأس السرطان فإن الشمس لما كانت لا تصل إلى موضع سمت رؤوسهم - ولم يكن بعدها عنهم في أوقات انتصاف النهار بعداً كثيراً فكان مزاج هوائهم معتدلاً فكان قد يختلف إلا أنه لا يعرض له تغير كثير من الحر إلى البرد ومن البرد إلى الحر - صارت ألوان هؤلاء متوسطة ومقادير أبدانهم معتدلة وطبائعهم حسنة المزاج ومساكنهم متصلة وأخلاقهم أنيسة.

ومن كان من هؤلاء يميل إلى ناحية الجنوب فهو في أكثر الأمر أذكى وأحيل وأقوى على العلم بأمور الآلهة لقرب فلك البروج والكواكب المتحيرة من موضع سمت رؤوسهم وحركات أنفسهم تليق بحركات الكواكب في سرعة وقوفها على الشيء وإنها ذوات فحص ونظر في العلوم التي تسمى التعليمية - أي علم النجوم والحساب - كأنه يريد أداني بابل فبلد فارس فذاهبا إلى المغرب على أرض مصر وجزيرة يونان - ومن كان منهم بالجملة مائلاً إلى ناحية المشرق فهم أكثر تذكراً وأقوى انفساً ويظهرون جميع أمورهم لأن ناحية المشرق من طباع الشمس وهي ناحية نهارية مذكرة ومتيامنة كما يرى في الحيوان أن الأعضاء المتيامنة منه أقوى وأعون على الشدة والجلد ويكون دواب هذه الناحية أقوى وأعمل وأصبر من غيرها.

وأما الذين يميلون إلى ناحية المغرب فهم أكثر تأنيثاً وأنفسهم ألين ويخفون أمورهم في أكثر الأمر ويسترونها لأن هذه الناحية قمرية ومن شأن القمر أبداً أن يكون أول طلوعه وظهوره بعد الاجتماع من ناحية مهب الرياح الغربية المسماة بالدبور ولذلك يظن بهذه الناحية أنها ليلية مؤنثة متياسرة ضد الناحية الشرقية وكل واحدة من هذه النواحي الكلية يلزم أن يكون فيها أحوال جزئية من أحوال الأخلاق والسنن الطبيعية كما أن أحوال الهواء المحيط تختلف في المواضع التي ذكرناها حارة على أكثر الأمر أو باردة أو معتدلة على أكثر الأمر وتخص مواضع وبلداناً منها بالزيادة والنقصان إما لمرتبة الموضع في الوضع وإما لارتفاعه وانخفاضه وإما لمجاورته ما يجاوره.

وكما أن بعض الناس أيضاً فلاحون خاصة لسهولة أرضهم وغيرهم نواتي وملاحون لقرب البحر منهم وآخرون أهل خفض ودعة وأنس ويسار لخصب بلادهم وكثرة خيرها وكذلك يجد الإنسان طباعاً خاصية في كل واحدة من البلدان من المشاكلة الطبيعية التي فيما بين الأقاليم الجزئية وبين الكواكب والبروج وهذه الاختلافات التي ذكرناها إنما ذكرناها على أكثر الأمر لا على التبعيض على أنه لابد من أن نذكر جمل الأشياء لجزئية بالمقدار الذي ينتفع به.

ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض على التبعيض والتجزئة قال بطليموس الحكيم: لما انقسمت دائرة البروج بأربعة أقسام وهي - المثلثات لأن كل قسم منها ثلاثة أبراج على طبيعة من الطبائع الأربع التي هي النار والأرض والهواء والماء - انقسم عامر الأرض بأربعة أقسام كل قسم منها منسوب إلى قسم من المثلثات في الطباع لأن كل محيط بطبع ما أحاط به على قدر طبيعته فأول المثلثات النارية هي الحمل والأسد والقوس والمثلثة الثانية الترابية وهي الثور والسنبلة والجدي والمثلثة الثالثة الهوائية وهي الجوزاء والميزان والدَّلو والمثلثة الرابعة المائية وهي السرطان والعقرب والسمكة فمثلثة الحمل لشمال المغرب ووالي تدبيرها الأول المشتري لأنه شمالي ثم يليها بعده المريخ أنه مغربيّ ومثلثة الثور لمقابلة هذا القسم وهو جنوب المشرق ووالي تدبيرها الأول كوكب الزهرة لأنها جنوبية ثم يليها بعده زحل لأنه مشرقي ومثلثه الجوزاء لشمال المشرق وصاحب تدبيرها الأول زحل لأنه مشرقي ويليها بعده المشتري لأنه شمالي ومثلثه السرطان لما قابل هذا القسم وهو جنوب المغرب ووالي تدبيره الأول المريخ لأنه مغربي ثم يليه بعد الزُّهرة لأنها جنوبية.

قال: فلما كانت هذه الأشياء كذلك وكان وضع سكناها ينقسم إلى أربعة أرباع متساوية في العدد للمثلثات أما عرضه فينقسم بالخط الذي يمر ببحرنا - يعني بحر الاسكندرية - ويبتدأ من الموضع الذي يقول مجاز إيراقليس ويأخذ إلى الخليج الذي يقال له أيسطيقوس وهو بالظهر الجبلي الذي يليه من ناحية المشرق وبهذا الخط ينفصل ما بين الناحية الجنوبية والشمالية منه وينقسم طوله بالخط الذي يمر بالخليج العربي وباللُّجِّ الذي يقال له إيجيون وبفنطس وبالبحيرة التي يقال لها ماوطيس وهو الخط الذي يفصل به بين المشرق والمغرب فصارت هذه الأرباع المنقسمة بهذين الخطين موافقة في الوضع للمثلثات والربع الواحد من أرباع هذا الموضع المسكون كله - أعني الذي فيما بين الشمال والمغرب - هو في ناحية البلاد التي تسمى قالطوغالاطيا وهي التي يعمها اسم أوروفا وأمم هذا الربع الصقالبة وفرنجة والإسبان وترك المغرب في الروم وقالي قلا.

والربع الذي يقابل هذا الربع - يعني بين الصبا والجنوب - هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الشرقية وهي الجزء الجنوبي من آسيا العظمى والربع الثالث اعني الذي بين الشمال والصبا هو في ناحية البلاد التي يقال لها سقوتيا وهو الجزء الشمالي من أسيا العظمى والربع المقابل لهذا الربع أعني الذي فيما بين مهبِّ الدبور والجنوب هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الغربية وهي التي يعمها اسم بلاد ليبوا يريد بشمال المغرب أرض الروم فما غرب منها وبشمال المشرق خراسان وما شرق منها وبجنوب المشرق السند والهند وما شرق عنها وبجنوب المغرب الحبش والزنج وما غرب عنها.

قال أيضاً فإن لكل واحد من الأرباع التي تقدم ذكرها مما كان من أجزائه ما يلي وسط الأرض المسكونة كلها فوضعه بقياسه إلى جميع ذلك الربع الذي هو منه ضد وضعه من جميع الأرض المسكونة وذلك أن الربع المنسوب إلى أوروفا وهو الموضع بين الشمال والدبور من جميع الأرض المسكونة يكون وضع ما يلي منه وسط الأرض المسكونة يميل إلى الزاوية المقابلة للزاوية التي فيها ذلك الربع مائلاً إلى الجنوب والصّبا وكذلك الأمر في سائر الأرض حتى يكون من ذلك لكل واحد من الأرباع مشاكل للمثلثتين المقابلتين وتكون الأجزاء التي تلي الوسط منه مائلة إلى الأمر الذي مال إليه ذلك الجزء الذي هو خلاف ما يميل إليه بكليته ويكون سائر أجزائه موافقة لمثل كلية الربع وينبغي أن يؤخذ مع كواكب مثلثة ذلك الربع في المشاكلة الكواكب التي لها التدبير في تلك المثلثات الآخر وينبغي في جميع المساكن أن يؤخذ الكواكب المدبّرة لتلك المثلثات فقط في كل واحد من أرباعها ما خلا الأجزاء التي وسط العمران منها فإنه يؤخذ مع الكواكب المدبرة للمثلثات كوكب عطارد لأنه من حيز متوسط مشترك فيجب من هذا الترتيب أن يكون الأجزاء الموضوعة فيما بين الشمال والدبور من الربع الأول الذي هو فيما بين الشمال والدبور من الأرض المسكونة أعني الربع المنسوب إلى أوروفا مشاكلة للمثلث الذي فيما بين الشمال والدبور وهو مثلث الحمل والأسد والرّامي وبالواجب صار المدّبرين لها ربّاً هذا المثلث أعني المشتري والمرّيخ إذا كاناً منسوبين إلى العشيات والأمم الكلّية التي تسكن في هذه الأجزاء هي أهل بلاد الصقالبة بلاد برطانيا وغلاطيا وجرمانيا وباسطرنيا وإيطاليا وغاليا وأبوليا وسقيليا وطورينيا وقالطيقي وسبانيا وقد تمسى أكثر هذه الأسماء بالهاء فيقال غلاطية ويهمس فيه ويقال غالطية وإيطالية وأبولية وهي مدنية عظمية بمنزلة عمورية وسقيلية وهي سقيلية وطورينية بمنزلة قورينية وما كان منها مثل ملطية بمنزلة سلمية.

قال فيجب أن يكون أهل هذه البلدان في أكثر الأمر بسبب رياسة هذا المثلث وبسبب الكواكب التي تشترك في تدبيره غير خاضعين محبين للحرية والسلاح والتعب محاربين أصحاب سياسة ونظافة كبار الهمم ولما كان المشتري والمرّيخ مشتركين فيهم إذا كان في الحال المنسوبة إلى العشيات وكانت الأجزاء المتقدمة من هذا المثلث مذكرة والمتأخرة مؤنثة عرض لهذه الأمم أن لا يكون لهم غيرة في أمر النساء وصاروا مستخفين بمجامعتهن وهم في الذكورة أرغب وعليهم أغير ومن ارتكب ذلك منهم لا يرى أنه أتى فعلاً منكراً قبيحاً ومن ارتكب منه ذلك لا يرى أنه بالحقيقة عديم الرّجلة مسترخياً فيمتنع من أن يفعّل به ويأخذون أنفسهم بالّرجلة والمؤاساة والأمانة وصحبة القرب وباصطناع المعروف وهذه البلاد التي ذكرنا أولاً أما بلاد برطانيا منها أو بلاد غالاطيا وبلاد جرمانيا وبلاد بسطرانيا فتشاكل الحمل خاصة والمريخ ولذلك صار سكانها في أكثر الأمر وحشيين متهورين أخلاقهم قريبة من أخلاق السباع يعني متهورين لا دين لهم وأما بلاد إيطاليا منها وبلاد أبوليا وبلاد سقلية فإنها تشكل الأسد والشمس ولذلك صار سكانها أصحاب سياسة وأصحاب اصطناع المعروف وأصحاب مؤاساة وأما بلاد طورينيا منها وبلاد قالطيقيا وبلاد أسبانيا فإنها تشكل الرامي والمشتري ولذلك صار سكانها سليمي القلوب محبّي النظافة وأما الأجزاء التي في هذا الرّبع وما يقع في جزيرة العرب الماثلة إلى وسط الأرض المسكونة تراقا أي ترقة وما قادونيا أي مقدونية وهي أرض مصر وايلورية واللآس وحايا والأصل أحايا واقريطس الجزيرة والبلد التي تمسى وقلادس وسواحل آسيا الصغرى وهي سواحل مصر وجزيرة قبرص وهي الأجزاء التي مما يلي ناحية الجنوب والصبا من هذا الربع فهي تشكل مع ما قلنا المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والصّبا أعني مثلث الثور والعذراء والجدي وتشترك في تدبيره الزّهرة وزحل وعطارد أيضاً ولذلك صار سكان هذه البلدان متشاهبين في الصور أكثر من غيرهم معتدلي الأبدان والأنفس وهم أيضاً أصحاب سياسة أشداء غير خاضعين من أجل المرّيخ وهم أيضاً محبون للحرية ينفرد كل واحد منهم بسنة خاصية له وبرياسة لنفسه ويخترعون السنن من أجل المشتري وهم يحبون الموسيقى أي الأغاني المليحة والتعليم والجهاد والتنظيف في تدبيرهم من أجل الزّهرة وهم أصحاب مؤاساة يحبون إضافة الغرباء والعدل والكتاب واستعمال الكلام من أجل عطارد كاتمين للأسرار من أجل مشاكلتهم الزهرة إذا كانت منسوبة إلى العشيات وأيضاً فإن هذه البلدان إذا فصّلت وجزئت صار الذين يسكنون بلاد قوقلادس وسواحل آسيا الصغرى وقبرس مشاكلين خاصة للثور والزهرة ولذلك صاروا في أكثر الأمر مترفين محبين للنظافة معتنين بأمر البدن أي يؤثرون لذة الأبدان من المطعم والمشرب والملبس والملمس والشم والسماع وصار الذين يسكنون الآس وأحايا واقريطيس مشاكلين للعذراء وعطارد وهم لذلك أصحاب منطق خاصة يحبون التعليم ويقدمون العناية بأمر النفس على البدن أي يؤثرون لذة أرواحهم من الحكمة والعلم والنظر في غوامض الأمور وصار الذين يسكنون بلاد مقدونية وتراقا وإيلورية مشاركين للجدي وزحل ولذلك يحبون الملك وليست أخلاقهم بأنيسة ولا يشتركون في الأشياء السنية.

قسم ما بين المشرق والجنوب: وأما الربع الثاني الذي في الناحية الجنوبية من بلاد آسيا العظمى فإن النواحي منه التي تشتمل على بلاد الهند والصين ومكران وكرمان وفارس وبابل وملتقى النهرين وأثور ووضعها مائل إلى جهة الجنوب والصبا من جميع الأرض المسكونة بالواجب صارت مشاركة للمثلث الذي فيما بين الجنوب والصبا وهو مثلث الثور والعذراء والجدي والذي يدبر هذه البلدان الزهرة وزحل إذا كانا منسوبين إلى الغدوات ولذلك صارت طبائع سكان هذه البلدان تابعة لطبائع هذين المدبرين ولذلك إنهم يعظمون الزهرة ويسمونها إسيس ويسمون زحل مترا الشمس ومنهم كثير ممن يخبر بالأشياء التي تكون قبل حدوثها ويصونون الأعضاء المولدة بالتي في المولدة للطبع يعني المشتري والزهرة يريد بالولد القريع والأعضاء الرئيسية تعظيماً لمشابهتها من الكواكب وهم أصحاب حرارة كثيرو الجماع منهمكون فيه وهم أصحاب رقص ووثوب محبون للزينة والنظافة والبيع من أجل الزهرة ومن أجل زحل لا يأتدمون حد كثير في طعامهم ومنهم من لا يرى أكل اللحم مثل البراهمة وتدبيرهم من أجله تدبير بسيط ويظهرون مجامعة للنساء لا يستترون لذلك ولا يدفنون موتاهم لحال الشكل المنسوب إلى الغدوات ويبغضون فعل ذلك مع الذكورة جداً وفي بعض هذه البلدان من يستحسن نكاح الأمهات والأخوات والبنات ويولدونهن ويكفر بعضهم لبعض بالإشارة بالصدور قال أبو محمد التكفير أن يخر بذقنه هابطاً نحو صدره ويلقي له راحته ويقال هو معنى قول الله تعالى ويخرون للأذقان يبكون ويسمون مع ما ذكرنا إلى معالي الأمور ويتنافسون فيها لحال القوة المدبرة التي في القلب المشاكل لقوة الشمس وهم مع أكثر الأمر في اللباس والزينة وجميع أسباب البدن أصحاب ثم يفترق هذا التدبير على ثلاثة أوجه بعدد بروج المثلثة وأربابها فينفرد الثور والزهرة بهمذان وفارس والماهين والصين من المشرق بلبس الثياب المصبغات بمثل ألوان الزهرة ويغشون بها البدن كله ما خلا الصدر وبطيب الطعام والتنعم والترف والغضارة والطرب والسماع لطباع الزهرة وانفردت للسنبلة وعطارد ببابل وما حولها من العراق وملتقى النهرين الجزيرة والشام وبلاد أثور فصار أصحاب هذه البقاع أصحاب أدب وحكمة وعلم بالنجوم وخبرة بالعلوم التعليمية وأصحاب رصد للكواكب وقياس لهم ذكاء وفطنة وانفرد الجدي وزحل بأرض الهند والسند ومكران وسجستان وما والاها فلذلك مناظرهم قبح وألوانهم مسودة غير وضاء ولا صباح ولا نظافة شبيه أخلاقهم بأخلاق السباع جافية طرائقهم وأما سائر أجزاء هذا الربع الذي يلي وسط جميع الأرض المسكونة وما يقع في جزيرة العرب منها مثل إيدوما وأرض سورية وأرض فلسطين وبلاد اليهود العتيقة من إيليا وتسمى بالعبرانيّة يرشلم وتعربها العرب فتقول أوراشلم وبلاد الأعراب الخصيبة يريد فلاة العرب من نجد والحجاز والعروض وبلاد فونيقا يريد اليمن وما وإلى هذه البلدان فإنه يقبل أيضاً مشاكل المثلث المنسوب إلى ناحية الشمال والدبور وهو مثلث الحمل والأسد والرامي الذي يدبره المشتري والمريخ وعطارد أيضاً ولذلك صار أهل هذه البلدان أكثر تقلباً في التجارة من غيرهم أصحاب معاملات وأصحاب مكر وغش متهاونين للأموال للسخاء الذي فيهم ومعهم رجاحة عقل وذكاء وتدبير في الأخذ والعطاء ويحبون أنفسهم وهم بالجملة ذوو وجهين ولسانين لأجل مشاكلهم لهذه الكواكب فمن كان منهم في بلاد سورية وهي أرض بني إسرائيل وبلاد إيدوما وبلاد اليهود العتيقة فهم يشاكون الحمل والمريخ خاصة ولذلك صار هؤلاء متهورين لا يعرفون الله عز وجل حق معرفته.

قال أبو محمد: مصداق ذلك مسألة بني إسرائيل موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة وأن يجعل لهم إلاهاً يعبدونه لما رأوا أصحاب الأوثان في كثير من هذا قال بطليموس: وهم غاشون ذو خفة وطيش مع نجدة فيهم وهم أهل يسار وغنى وأما من كان في بلاد فونيقى يريد اليمن وبلاد تدمر وأصحاب البراري يريد مهرة فهم يشاكلون الأسد والشمس ولذلك صاروا سليمي الصدور رحماء القلوب محبين لعلم النجوم يعظمون الشمس خاصة من بين جميع النجوم ويسجدون لها وأما الذين في أرض نجد والحجاز وتهائمها فيشكلون القوس والمشتري فأهلها لذلك حسنة أخلاقهم جميلة هيئتهم سهل عيشهم يريد أنهم يجتزون بالدّر من أنعامهم ولهم نفاذ في التجارة والأخذ والأعطاء وملاءمة للمذاهب الجميلة والمعالي والرياسات وبلدهم خصب كثير الأفاويه و إنما سماها بطليموس أرض الأعراب لأجل أن أكثر العرب بادية وسماها خصبة لأنها أكثر البلاد كلا دون المزارع ولذلك اعتمد أهلها على المال السارح وحموه بالخيل إذ لا يحصون لهم ويريد أنها كثيرة الأفاويه بزهور الرمال مثل الأقحوان والخزامى وغير ذلك واليمن يجمع الورد وكثيراً من الأفاويه ولا يعدم بها أكثر الحشائش التي ذكرها ديوسقوريدس في كتابه المعروف بكتاب الحشائش مع نفيس الجواهر والمعدوم من العرض إلا بساحلها فيما يقارب وزن المثقال ويزيد عليه وبها مرامي العنبر على سيوفها ولمهرة وبني مجيد على سيفي بحر اليمن شرقاً وغرباً الجمال العنبرة وذلك أن مسائمها على الساحل وإذا اشتم الجمل العنبرية برك فلم يثر حتى يفقده صاحبه فيطلبه فيجده بالقرب منها فيلقطها فإن أبطأ عليه لم يبرح حتى تفتر قواه من الجوى وربما نفق فذلك خيفة عليها.

قسم ما بين المشرق والشمال: وأما الربع الثالث الذي في ناحية شمال المشرق من بلاد آسيا العظمى فإن ما يحوي من البلاد أرمينية العليا وأرمينية السفلى والسّغد ومدينتها سمرقند وطبرستان وجرجان وموقان وآذربيجان والخزر وجيلان واللان و ياجوج وماجوج وخراسان وتبت وأرض الترك وأرض التّغزغز وسوروما طقا وهي بلاد النساء اللواتي يقطعن أثداءهن ويلقين الحرب ولتدبير المشتري وزحل هذا القسم صار الغالب على أهل هذا القسم الغنى والجدة ويعظمون المشتري وما لهم من الجوهرتين العتيقتين كثير وهم أهل نظافة في المطعم والمشرب حكماء ينظرون في الأمور الإلهية وأخلاقهم أخلاق عدل أحرار وأنفسهم نبيلة قوية وهم مبغضون للشر يمقتون النميمة والسعاية مودّتهم صحيحة يسهل عليهم بذل أنفسهم للموت دون قراباتهم ومن استنصرهم في الأمور الحسنة المحمودة مقتصدون في مجامعة النساء أصحاب عفة وطهارة يلبسون اللباس الكبير الثمن ويجيزون الجوائز وهممهم رفيعة ولهم دهاء ومكر وتعمق بالرأي والنظر وذلك لاشتراك المشتري وزحل في المشرقية فينفرد الجوزاء وعطارد من هذا الحيز بجرجان وطبرستان وأرمينية وما صاقبها فصار أهل هذه المواضع أسرع حركة وأميل إلى الخبث وحسنت سيرتهم وظهر خيرهم وكثرت حيلهم ولطف مكرهم وانكتمت أسرارهم لأجل خفة حركة عطارد وطول اختفائه.

وينفرد الميزان والزهرة بأرض بلخ وأرض الشاش وماصاقبها فلذلك صار أهل هذه البلدة كثيري الأموال محبين للموسيقى مترفين وصار عليهم عيشهم ليناً نافعاً وينفرد الدلو وزحل بالسُّغد وسوروماطيقا بلاد النساء المقطعات الثدي وما أخذ أخذها يريد الترك والخزر فلذلك صار أهل هذه البلاد أعزاء أشداء أهل فظاظة وجفاء وأجسام قوية مع وحشية وزعارة وأخلاق كأخلاق السباع.

وأما باقي أجزاء هذا الربع الذي يلي وسط الأرض المسكونة وما يقع في جزيرة العرب منه أو يجاورها فآذربيجان وتخوم ديار ربيعة وديار مضر إلى ما يلي الجنوب والدبّور فإلى ما قارب شرق الثغور الشآمية وتسمى هذه البلاد باليونانية بيوتونية وفروجية وقبادوقية ولودية وقيليقية أي قالى قلا وجانب سورية وتدمر ويقبل أيضاً مشاكلة المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والدبور وهو مثلث السرطان والعقرب والسمكة ويشترك في تدبير المريخ والزهرة وعطارد أيضاً لاشتراكه ووقوع حصته في الوسط ولذلك صار أهل هذه البلاد في أكثر الأمر يعظمون الزهرة ويسمونها بأسماء كثيرة مختلفة في كل اسم ويسمون المريخ أدونيس وبأسماء أُخر ويتعبدون له وينسبون إلى هذين الكوكبين أسراراً يذهبون فيها مذهب النياحة وهم أشقياء أذلة الأنفس مكدودون مائلون إلى الشر والخساسة ويأخذون الأجرة على الخروج في العساكر والحرب والنهب والسبي ويصيرون في عداد العبيد ويملكون في الحرب من قبل أن حال المريخ والزهرة الحال الشرقية التي يلائمها وهم أهل غش وخيانة وسرف وبذالة وشرب وسكر ومن أجل أن شرف المريخ في الجدي وهو تثليث الزهرة وشرفها في الحوت وهو تثليث المريخ اشتدت نصيحة نسائهم لأزواجهن ومحبتهن لهم مكدودات متعوبات خاضعات فمن كان من هؤلاء في بلاد بتونية وفروجية فإنهم يشاكلون خاصة السرطان والقمر ولذلك صار رجالهم في أكثر الأمر أصحاب تقى وخضوع وصار في أكثر نسائهم بسبب تشريق القمر وتذكيره شكله - يريد أنه ولي بلداً من حيز المشرق وهو مغربي فانطلق طباعه هنالك - رجلة وترؤس ومحاربة بمنزلة النساء اللواتي يرهبن ويهربن من مجامعة الرجال وهن محبات للسلاح مقطعات للثدي اليمنى من أجل حاجتهن إلى الخروج في العساكر ويكشفن هذه الأعضاء عند المصافة في الحرب لينفين عنهن أن يظن بهن أن طبائعهن طبائع النساء وأما ناحية سورية من شرقها وفنقولية وقبادوقية وتدمر فيشاكلون العقرب والمريخ فلذلك صار أكثرهم متهورين في الدين سفهاء أهل جرأة وغش وخبث وكثرة شهوات ومصالاة تعب.

وأما بلاد لودية وقيليقية - أي قاليقلا - فإنهم يشاكلون الحوت والمشتري ولذلك صاروا خاصة كثيري الملك في الأموال والأمتعة والتجارات وهم أصحاب حرية ومؤاساة وأمانة في المعاملات يثق بعضهم ببعض في الأخذ والإعطاء.

قسم ما بين المغرب والجنوب: وأما الربع الرابع الذي لناحية جنوب المغرب وهو بلد السودان من الزنج والحبش والبجة والنوبة وفزّان وأرض القيروان ومن أفريقية فالقيروان والسوس فبلدان السودان العراة وغانة ويغلب عليها أسماء أخر مثل نوميدية وجاطولية وغير ذلك باللسان اليوناني فيشابه مثلثة السرطان ويدبره الزهرة والمريخ وهما ومغربيان - يريد أنهما من حيز المغرب - جنوبيان لأن الزهرة جنوبية وشرف المريخ جنوبي فلذلك عرض لكثير من أهل هذه البلدان بسبب اشتراك هذين الكوكبين أن يملك فيهم ملك وملكة إخوان من أم واحدة فيملك الرجل منهم على الرجال وتملك المرأة على النساء ويحفظون هذه السنَّة وهي دائمة يتوارثونها وطبائعهم حارة جداً ينهمكون في مجامعة النساء اللواتي يتزوجن قبل افتضاض أزواجهن لهن ونساء بعضهم مشتركة فيما بينهم لنهمهم وحرصهم في الباهية وهم متجملون محبون للزينة ويتزينون بزي النساء من أجل طباع الزهرة إلا أن لهم في أنفسهم رجلة وأنفسهم مذكرة يقدمون بها على الهلكة ويركبون بها على الخطر من أجل طباع المريخ ولهم خبث وشرارة وأفك وغش وغيلة ودغل فينفرد السرطان والقمر من هذه القسمة بإفريقية ونوميدية وماصاقبهما فلأن القمر على شكله من المغربية صار أهل هذه البلاد أهل اشتراك وتجارة وهم في غاية الخصب وأما النوبة وجميع الحبشة والزنج وما قاربهم من جنوب الهند فهم يشاكلون العقرب والمريخ فلذلك صارت أخلاقهم أخلاق السباع أشبه منها بأخلاق الناس وصاروا أهل مشاجرات وعداوات وخصومات وشنآن مستخفين بالحياة ليسوا برحماء بينهم ولا يشفق بعضهم على بعض وربما لم يشفقوا على نفوسهم على أن يتلفوها بالإحراق والخنق والتردي.

وأما فزّان وما قاربها والسوس وبلد بني أمية فاستولى عليهم المشتري والحوت فلذلك هم أحرار يتحابون فيهم انبساط وحب للعمل ليسوا بمتذللين ولا خاضعين ولهم شكر وتقى من أجل المشتري وهم يعظمونه ويسجدون له ويسمونه أمون وأما ما يصيب هذا الربع من وسط مسكون الأرض فأدون القيروان وتخوم مصر وأسوان وبلاد الحبشة الوسطى التي فيها باضع وسواكن وعيذاب وأرض المعادن وأرض اليمن من بحر عدن أبين فإنها مع دخولها في طباع حيزها ودخول اليمن خاصة من بينها في طباع ماقبلها من طباع ما بين المغرب والشمال ومثلثة الحمل واستيلاء الشمس والأسد عليها من بين هذه المثلثة فطبعها مشاكل طباع شمال المشرق المقابل لها ومقاسمة مثلثة الجوزاء ووالي تدبيرها زحل والمشتري وعطارد المشارك لهما إذا كانا مغربيين وهذه المواضع قريبة من مدار الكواكب الخمسة فلذلك اشتركت جميعها في تدبير هذه المواضع وأهله لذلك أهل تدين وتعبد وحب الله تعالى وتعظيم وإعلاق بأسبابه ويعظمون الجن ويحبون النوح ويدفنون موتاهم في الأرض ويخفونهم من أجل الشكل المنسوب إلى العشيات أي بمحاذاة الكواكب لهم في التغريب ويستعملون سنناً مختلفة وأدياناً شتى ويبذلون نفوسهم في طاعة ربهم ويموتون على ذلك صبراً واحتساباً وإذا ملكوا كانوا صبراء مقرين بالطاعة وإذا ملكوا كانوا أهل عظمة وجبروت كبيرة هممهم سخية أنفسهم ورجالهم يتخذون نساء كثيرة وكذلك نساؤهم يتخذن عدة رجال وهم منهمكون في الجماع وفيهم من ينكح الأخوات ورجالهم كثيرو النسل ونساؤهم سريعات الحمل كثير توليد بلادهم للأشياء وكثير من ذكرانهم أيضاً تكون نفوسهم ضعيفة مؤنثة ومنهم من يستخف بالأعضاء المولدة يريد من لا يتقي الحيض ويعتزله وما أشبه ذلك من أجل مشاركة الكواكب المنحسة للزهرة في التغريب.

فإذا فصل ما في الربع فإن بلاد القيروان وأرض مصر لاسيما أسافلها يشاكلون الجوزاء وعطارد فلذلك هم أصحاب فكر وفهم وفطنة في جميع الأشياء وخاصة في الفحص عن أمور الحكمة والعلم الغامض والأمور الإلهية وهم أصحاب كهانة ويعملون بمعرفة كل ما عملوه ويستعملون أسراراً مكتومة وهم بالجملة أقوياء على العلوم التعليمية.

وأما أهل تيبايس وأواسيس وطو وغلود وطيقي فإنهم يشاكلون الميزان والزهرة فلذلك صارت طبائعهم حارةً وهم أصحاب حركة وبلادهم بلاد مخصبة فهم متنعمون متوسعون.

فأما أهل اليمن وعدن أبين والحبش الأوسطون فلزحل والدلو وعلى شكلهما فأهلها لذلك يكثرون أكل اللحم والسمك وينتجعون من مواضع الجدب إلى الريف وعيشهم شبيه بعيش الوحش أي لا صبغ في طعامهم.

قال: فهذا ما وصفنا به مشاكلة الكواكب والبروج لكل واحدة من الأمم وخواصها في كثير من الأمر على سبيل الجمل ونحن واصفون مشاكلة كل واحدة من الأمم لكل واحد من البروج مفصّلاً على ما يليق بما تقدم من القول فيها ليسهل النظر في ذلك على هذه الجهة.

فالذي يشاكل الحمل من البلدان بلاد برطانيا ويقابل اطانيا وغلاطيا وجرمانيا وهي بلاد الصقالبة وباسطرانيا والذي يشاكله من البلدان التي تلي الوسط بلاد سوريا العتيقة وفلسطين وإيدوما وبلاد اليهود والذي يشاكل الثور بلاد فارانيا وفارس وميديا ومن البلدان التي في الوسط من العمران بلاد قوقلادس وقبرس وسواحل آسيا الصغرى.

والذي يشاكل التومين من الأقاصي جرجان وطبرستان وماطينا ومن الداني المتوسط القيروان ومار ماريقا وأسافل مصر.

وللسرطان من الطرف القاصي نوميديا وقار حدوينا وإفريقية ومن الداني المتوسط بيتونية وفروجيا وقولحيقا وللأسد من الطرف القاصي سقلية وإيطالية وغاليا وأبوليا ومن الداني المتوسط بلاد اليمن وهي قوانيا وحالديا وهي الكلدانيا وأورحينّا.

وللسنبلة من الطرف القاصي بابل وملتقى النهرين والجزيرة وبلاد أثوريا وقيليقيا ومن الداني المتوسط فنفوليا وألاس وأحايا وقريطس وأثور كأنه يريد بقيليقيا قالي قلا وبفنوليا جبل القبق وبالأس يونان وللميزان من الطرف القاصي بلاد بقطوانيا وهي بلاد بلخ وخراسان وبلاد سيريقا ومن الداني المتوسط تيبايس وأواسيس وطروغلود وطيقا.

وللعقرب من الطرف القاصي بلاد ماطاغونطس وماريطانيا وهي بلاد الأندلس وغاطوليا ومن الداني المتوسط بلاد سوريا وقوماجينا وقابادوقيا.

وللقوس من الطرف القاصي بلاد طورينيا وقالطيقا وبلاد سبانيا أي الإسبان ومن الداني أرض العرب العامرة.

وللجدي من الطرف القاصي أرض الهند ومكران وسجستان وتراقية ومن الداني مقدونية ومن أرض مصر واقريطيس وايلورية: وللدلو من الطرف القاصي أرض سمرقند والسّغد وآلسيانيا ومن الداني المتوسط أرض اليمن وعدن أبين الحبشة الأوسطون.

وللحوت من الطرف القاصي أرض فزَّان ونسمانيطيس وغارامانطيقا ومن الداني المتوسط لوديا وقيليقيا وقنفولية.

معرفة ما انفرد به عطارد في هذه القسمة: ولما كان جملة تدبير أرباع العامرة من الأرض للثلاثة العلوية والزهرة من كواكب السلفية ولم يدخل النيّران وعطارد فيها إلا بما اشتركتهما بيوتهما من المثلثات فاستولت بأكثر طباعها على ثلاثة مواضع من العامر فاستولت الشمس على المشرق فعمرت طباع زحل والمشتري فيه فأتت فيه بالملك الدائم والجبرية وطول المدد وإعلان الأشياء وبهائها وإظهار السر واستولى القمر على المغرب بملاءمته لطباعه فعمر فيه طباع الزهرة والمريخ فأظهر التأله ودفن الموتى وكتمان الأسرار وإخفاء كثير من الأشياء والوحي والنبوة والكتب والتنزيل والحدود والملك والمرِّيخ من بعضها لبعض على نحو زيادته إلى امتلائه ونقصانه إلى إخفائه واستولى عطارد على الوسط لقصر وتره وتوسط طباعه بين طبائع الكواكب مرة نحسا ومرة سعداً ومرة مذكراً ومرة مؤنثاً ومرة نهارياً ومرة ليليّاً ونحوه لأن بيته الجوزاء على الوسط من العمران وسامت هذا البيت ما بين مكة والمدينة فأظهر في هذا الموضع المنطق العجيب وجاء بالحكمة وفتح أبواب العلم من الذكاء والدهاء وخفة الأرواح والحركات ورقة حواشي الألسن وتوقد القلوب في أشياء يتصل ذكرها بذكر ما دخل من الأرباع في الوسط فاشتركت فيه طبائع المثلثات وكل ما ولي الكوكبان في المثلث على حيزهما أظهرا فضل الدلالة وإن وليا من المثلثات على غير حيزهما قلب ذلك الفضل فيكون نقصاناً وفساداً.

لزحل والمشتري اللذين هما للمشرق والشمال فإذا وليا فيما بين المغرب والجنوب كانت دلالتهما فاسدة وكذلك إذا دبرا قوماً في مغرب الأرض أو دبر المريخ والزهر والقمر بلداّ في المشرق أتت بالدلالة الفاسدة فأعلم.

تم الكتاب الأول من صفة البلاد ومشاركتها والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين.



معرفة أطوال مدن العرب المشهورة وعروضها

طول عدن من المشرق مئة وسبع عشرة درجة وطلوع الشمس عليها بعد طلوعها على القبة بساعة وأربعة أخماس ساعة وارتفاع القطب الشمالي وانخفاض القطب الجنوبي عليها وهو العرض اثنتا عشرة درجة بالتقريب.

طول الجند أزيد من طول عدن بنصف درجة وعرضها ثلاث عشرة درجة.

ظفار وصنعاء في الطول شيء واحد وطول كل واحدة منهما من المشرق مئة وثماني عشرة درجة تطلع عليهما الشمس بعد طلوعها على القبة بساعة ونصف وخمس وسدس من ساعة وعرض صنعاء على ما وجده أهلها أربع عشرة درجة ونصف وعرض ظفار ثلاث عشرة درجة ونصف وعرض مأرب أربع عشرة درجة وثلثا درجة وطولها من المشرق مئة وسبع عشرة درجة تطلع الشمس عليها كما تطلع على عدن.

وطول صعدة من المشرق مئة وثماني عشرة درجة ونصف تطلع الشمس عليها بعد طلوعها على القبة بساعتين غير عشر وعرضها خمس عشرة درجة وثلثا درجة.

وطول نجران من المشرق مئة وسبع عشرة درجة وخمسة أسداس درجة تطلع عليها الشمس قبل مطلعها على صعدة نحو من اثنين وعشرين جزءاً ونصف من ساعة وعرضها ست عشرة درجة.

عرض الفلج ثماني عشرة درجة وطولها مئة وخمسة عشرة درجة ونصف.

اليمامة: عرضها عشرون درجة وطولها مئة وخمس عشرة درجة.

البحرين عرضها.

.

وطولها مئة وثلاث عشرة درجة البصرة عرضها إحدى وثلاثون درجة وطولها مئة وسبع درجات.

الكوفة عرضها إحدى وثلاثون درجة وثلاثة أرباع وطولها مئة عشرة درجة وربع.

وعرض المهجم مثل عرض صنعاء وطولها مثل طول زبيد.

وعرض الخصوف مدينة حكم مثل عرض صعدة وطولها من المشرق مئة وتسع عشرة درجة.

وعرض عثر ست عشر درجة وربع وطولها من المشرق مئة وتسع عشرة درجة وربع.

وعرض شبام حضرموت مثل عرض ظفار وطولها من المشرق مئة وست عشرة درجة.

الاسعاء من مهرة وطولها من المشرق مئة واثنتا عشرة درجة وعرضها ست عشرة درجة ونصف وثلث عشرة.

وعرض مكة عن الفزاري ثلاث وعشرون درجة وثلث وعن حبش إحدى وعشرون درجة وهو أقِّمن وطولها عن الفزاري مئة وست عشرة درجة من المشرق وعن حبشٍ مئة وعشر وقال بعض أهل صنعاء: مئة وعشرون وهو أحرى.

وقال حبش طول المدينة مئة وثماني عشرة وعرضها درج الميل أربع وعشرون والفزاري يقول: عرضها ثلاثون إلا كسرا وذلك ما لا يوجد.

وقال: إن طول بيت المقدس مئة وسبع وعشرون وعرضه إحدى وثلاثون درجة وخمسة أسداس درجة.

دمشق طولها مئة وأربع وعشرون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة.

صفة معمور الأرض

وهو كتاب صفة جزيرة العرب قال أبو محمد: أما ذكر طبائع سكان جزيرة العرب فقد دخل في ذكر طبائع الكل وبقي ذكر مساكن هذه الجزيرة ومسالكها ومياهها وجبالها ومراعيها وأوديتها ونسبة كل موضع منها إلى سكانه ومالكه على حد الاختصار وعلى كم تجزأ هذه الجزيرة من جزء بلدي وفرق عملي وصقع سلطانيّ وجانب فلوي وحيِّز بدوي ليكون من نظر في هذا الكتاب كأنه مكان ذي القرنين مساح الأرض وتميم الداري جواب عامرها وخرِّيت سامرها ومشارف أقصاها وأدناها ليعرف وسيع أرض ربه وكثرة خلقه وسعة رزقه لا إله إلا الله العزيز الحكيم.


باب ما جاء عن ابن عباس 

رحمه الله تعالى في ذكر جزيرة العرب أما حديث عبد الله بن عباس في جزيرة العرب فإنه ما نقل لنا عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس من وجه وعن معاوية بن عميرة بن مخوس الكندي أنه سمع عبد الله بن عباس بن عبد المطلب وسأله رجل عن ولد نزار ابن معد قال: هم أربعة مضر وربيعة وإياد وانمار فكثر أولاد معد بن عدنان ابن أدد ونموا وتلاحقوا ومنازلهم مكة وما والاها من تهامة وانتشروا فيما يليهم من البلاد وتنافسوا في المنازل والمحال وأرض العرب يومئذ خاوية وليس فيها بتهامتها ونجدها وحجازها وعروضها كثير أحد لإخراب بخت نصرّ آيها وإجلاء أهلها إلا من كان اعتصم منهم برؤوس الجبال وشعابها ولحق بالمواضع التي لا يقدر عليه فيها أحد منتكبا لمسالك جنوده ومستنّ خيوله فارّا إليها منهم فاقتسموا الغور غور تهامة بينهم على سبعة أقسام لكل قسم ما يليه من ظواهر الحجاز ونجد وتهائم اليمن لمنازلهم ومجالهم ومسارح إنعامهم ومواشيهم وبلاد العرب كلها يومئذ على خمسة أقسام في جزيرة مطيفة - أي مديرة وطوف الجبل دوره ومنه الطواف حول الكعبة وطوائف من الناس فرق من أطراف الناس ويروي مطيقة من الطوق وهو ما دار بالعنق من هجار فضة وغيره - وهي جزيرة العرب التي صارت في قسم من انطق الله تبارك وتعالى باللسان العربي حين تبلبلت الألسن ببابل في زمان نمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح يوم قسم فالح بن عابر بن شالخ بن إرفخشد بن سام بن نوح الأرض بين أولاد نوح عليه السلام سام وحام ويافث.

وإنما سميت بلاد العرب الجزيرة لإحاطة البحار والأنهار بها من أقطارها وأطرارها وصاروا منها في مثل الجزيرة من جزائر البحر وذلك أن الفرات القافل الراجع من بلاد الروم يظهر بناحية قنَّسرين ثم انحطَّ على الجزيرة وسواد العراق حتى دفع في البحر من ناحية البصرة والأبلة وامتد إلى عبَّادان وأخذ البحر من ذلك الموضع مغرِّبا ببلاد العرب منعطفاً عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة ونفذ إلى القطيف وهجر وأسياف البحرين وقطر وعُمان والشِّحر ومال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن ودهلك واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن بلاد فرسان وحكم والأشعريين وعكٍّ ومضى إلى جدة ساحل مكة والجار ساحل المدينة وساحل الطور وخليج أيلة وساحل راية - كورة من كور مصر البحرية - حتى بلغ قلزم مصر وخالط بلادها وأقبل النيل من غربي هذا العنق من أعلى بلاد السودان مستطيلاً معارضاً للبحر معه حتى دفع في بحر مصر والشام - ثم اقبل ذلك البحر من مصر حتى بلغ بلاد فلسطين فمر بعسقلان وسواحلها وأتى على صور ساحل الأردنّ وعلى بيروت وذواتها من سواحل دمشق ثم نفذ إلى سواحل حمص وسواحل قنَّسرين حتى خالط الناحية التي أقبل منها الفرات منحطاً على أطراف قنَّسرين والجزيرة إلى سواد العراق.

فصارت بلاد العرب من هذه الجزيرة التي نزلوا بها وتدالدوا فيها على خمسة أقسام عند العرب وفي أشعارها: تهامة والحجاز ونجد والعروض واليمن وذلك أن جبل السراة وهو أعظم جبال العرب وأذكرها أقبل من قعرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمته العرب حجازاً لأنه حجز بين الغور وهو هابط وبين نجد وهو ظاهر فصار ما خلف ذلك الجبل في غربيه إلى أسياف البحر من بلاد الأشعريين وعكٍّ وحكم وكنانة وغيرها ودونها إلى ذات عرق والجحفة وما صاقبها وغار من أرضها - الغور غور تهامة وتهامة تجمع ذلك كله.

وصار ما دون ذلك الجبل من شرقيه من صحاري نجد إلى أطراف العراق والسماوة وما يليها نجداً ونجد تجمع ذلك كله.

وصار الجبل نفسه سراته وهو الحجاز وفي رواية الجر والجرّ سفح الجبل.

قال قيس بن الخطيم: سل المرء عبد الله بالجرِّ هل رأى كتائبنا في الحرب كيف مصاعها وصار ما احتجز به في شرقيه من الجبال وانحدر إلى ناحية فيد وجبلي طيّءٍ إلى المدينة وراجعاً إلى أرض مذحج من تثليث وما دونها إلى ناحية فيد حجاز فالعرب تسميه نجداً وجلساً وحجازاً والحجاز يجمع ذلك كله.

وصارت بلاد اليمامة والبحرين وما والاها العروض وفيها نجد وغور لقربها من البحار وانخفاض مواضع منها ومسايل أودية فيها والعروض يجمع ذلك كله.

وصار ما خلف تثليث وما قاربها إلى صنعاء وما والاها إلى حضرموت والشِّحر وعُمان وما يليها اليمن وفيها التهائم والنجد واليمن تجمع ذلك كله.

قال أبو محمد: وتأييد ذلك في جميع اليمن لهذه المواضع كتب العهود من الخلائف لولاة صنعاء اليمن ومخاليفها وعكّ وعُمان وحضرموت يريد بعك أرض تهامة وكان سعيد بن المسّيب يقول: إن الله تبارك وتعالى لما خلق الأرض مادت بأهلها فضربها بهذا الجبل يعني السراة ومبدؤه من اليمن حتى بلغ الشام فقطعته الأودية حتى انتهى إلى نخلة فكان منها حيص ويسوم ويسميان يسومين كما يقال القمران في الشمس والقمر والعمران في أبي بكر وعمر قال الراجز: يا ناق سيري قد بدا يسومان فاطويهما تبد قنان غزوان غزوان جبل عرفة العالي ثم طلعت الجبال بعد منه وكان منها الأبيض جبل العرج وقدس وآرة والأشعر والأجرد وهذه جبال ما بين مكة والمدينة عن يمين الخارج من مكة إلى المدينة ويسار الصادر إلى مكة وقد ذكرت العرب الحجاز والجلس وتهامة ونجد في أشعار كثيرة وكل ذلك يصدق ما وصفنا.

قال عمرو براق الثُّمالي من الأزد: أروى تهامة ثم أصبح جالساً بشعوف بين الشَّت والطُّباق وقد يقال فيه ابن برّاقة وإنما عمرو بن براقة من همدان ثم من نهم وكان شاعراً شجاعاً وهو القائل في كلمته الميمية: وكنت إذا قومٌ غزوتي غزوتهم فهل أنا في ذا يال همدان ظالم متى تجمع القلب الذكي وصارما وأنفا حميّاً تجتنبك المظالم وقالت ليلى بنت الحارث الكنانية: ألا منعت ثمالة ما يليها فغوراً بعد أو جلساً ثمالا وقال أميَّة بن أبي عائذ الهذلي: هذيل حموا قلب الحجاز وإنما حجاز هذيل يفرع الناس من عل وقال لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلابٍ: مرِّية حلَّت بفيد وجاورت أهل الحجاز فأين منك مرامها وقال هبيرة بن عمرو بن جرثومة النهدي: شهران في سراة بيشة وترج وتبالة فيما بين جرش وأول سراه الأزد وقال بعض بني مرة بن عوف في أيام عبد الملك بن مروان: أقمنا على عز الحجاز وأنتم بمنبطح البطحاء بين الأخاشب وعلى شريح بن الأحوص: أعزُّك بالحجاز وإن تقصَّ تجدني من أعزّة أهل نجد وقال طرفة بن العبد وذكر مقتل عمرو بن مامة يوم قضيب: ولكن دعا من قيس عيلان عصبةً يسوقون في أرض الحجاز البرابرا البرابر ههنا الغنم ويروى: يسوقون في أعلى الحجاز البرائر والبرائر ههنا جمع برير وهو ثمر الأرك وساف اشتم برائر بأعلى.

.

.

رنيِّة وتربة بين ديار بني بني هلال.

وقال المخبل السعدي: فإن تمنع سهول الأرض مني فإني سالك سبل العروض وقال جرير بن عطية بن الخطفى: هوى بتهامة وهوى بنجد فيلتئم التهائم والنّجود وذات عرقٍ فصل ما بين تهامة ونجد والحجاز وفيها يقول الشاعر: كأن المطايا لم تنخ بتهامةٍ إذا صعدت من ذات عرق صدورها ونحن بسهبٍ مشرفٍ غير منجد ولامتهمٍ فالعين بالدمع تشرق


معرفة تفصيل هذه الجزيرة 

عند أهل اليمن هي عند أهل اليمن يمن وشام فجنوبها اليمن وشمالها الشام ونجد وتهامة فالنجد ما أنجد منها عن السَّراة وظهر من رؤوسها ذاهباً إلى المشرق في استواء دون ما ينحدر إلى العروض وحجاز وهو ما حجز بين اليمن والشام وسراة هو ما استوسق واستطال في الأرض من جبال هذه الجزيرة مشبَّهاً بسراة الأديم وعروض وهو ما أعرض عن هذه المواضع شرقاً إلى حيز شمال المشرق وعراق وشحر فالعراق ما حاذى المياه العذبة والبحر من الأرض مأخوذ من عراقي الدلو والشَّحر مأخوذ من شحر الأرض وهو سبخ الأرض ومنابت الحموض وسنفصل صفة كل شق من هذه البلدان المنفردة بأسمائها فما كل منها من بلد ضيق استوعبنا ما فيه مثل العروض ونجران وما كان من بلد واسع تزيد أقل أجزائه على أكثر العروض فإنا نصفه صفة عامة متجاوزة ولا نسع غير ذلك لسعة البلاد وكثرة المساكن.


صفة اليمن الخضراء 

سميت اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها والبحر مطيف بها من المشرق إلى الجنوب فراجعاً إلى المغرب ويفصل بينها وبين باقي جزيرة العرب خط يأخذ من حدود عُمان ويبرين إلى حد ما بين اليمن واليمامة فإلى حدود الهجيرة وتثليت وأنهار جرش وكتنة منحدراً في السراة على شعف عنز إلى تهامة على أم جحدم إلى البحر حذاء جبل يقال له كدمُّل بالقرب من حمضة وذلك حد ما بين بلد كنانة واليمن من بطن تهامة وأول إحاطة البحر باليمن من ناحية دما فطنوى فالجمجة فرأس الفرتك فأطراف جبال اليحمد وما سقط وانقاد منها إلى ناحية الشِّحر فالشِّحر فغبّ الخيس فغب الغيث بطن من مهرة فغب القمر زنة قمر السماء فغب العقار بطن من مهرة فالخيرج فالأسعاء وفي المنتصف من هذا الساحل شرقاً بين عُمان وعدن ريسوت وهو موئل كالقلعة بل قلعة مبنية بنياناً على جبل والبحر محيط بها إلا من جانب واحد فالبر فمن أراد عدن فطريقه عليها فإن أراد أن يدخل دخل وإن أراد جاز الطريق ولم يلو عليها.

وبين الطريق الذي يفرق إليها والطريق المسلوك إلى عُمان مقدار ميل وبها سكن من الأزد من بني جديد وقد كان قوم من القمر في أول عصرنا بيَّتوا من بها ليلاً فقتلوا فممن قتل بها رجل يقال له: عمرو بن يوسف الجديدي من رؤوس أهلها أزدي والذين أبلوا ذاك من القمر بنو خنزريت وأخرجوا من بقي من أهلها منها فتفرقوا إلى بلاد الغيث من مهرة فسكنوا موضعاً يقال له حاسك ومرباط مدة ثم أعانتهم الثّغرا من مهرة حتى رجعوا إلى قلعتهم فلما دخلوا القلعة بعون الثّغرا خافت بنو خنزريت فخرجوا إلى البلدان وخرج رئيسهم محمد بن خالد بجماعة من بني خنزريت حتى دخلوا موضعاً يقال له رضاع برفع الراء وساكنه بنو ريام بطن من القمر فجاوروهم ولبني ريام حصن بعُمان عظيم لا يرام ويقال إن ساكن ريسوت القدماء البياسرة ونزلت عليهم جديد من الأزد فترأست فيهم ثم نهكتها مع جديد ناس من أحياء العرب غير مهرة وقد يتزوجون إلى مهرة ورأس من بها بعد ذلك موسى بن ربيع من العدس ثم ينعطف البحر على اليمن مغرباً وشمالاً من عدن فيمر بساحل لحجٍ وأبين وكثيب يرامس وهو رباط وسواحل بني مجيد من المندب فساحل العميرة فالعارة فإلى غلافقة ساحل زبيد فكمران فعطينة فالحردة إلى منفهق جابر وهو رأس غزير كثير الرياح حديدها إلى الشَّرجة ساحل بلد حكم فباحة جازان إلى عثَّر فرأس عثَّر وهو كثير الموج إلى ساحل حمضة فهذا ما يحيط باليمن من البحر.



ذكر جزائر البحر

وأما ما يجاور سواحل اليمن من الجزائر التي في البحر المحيط بها فدهلك.

وكمران وهي حصن لمن ملك يماني تهامة.

فجزائر فرسان فجزيرة زيلع وفيها سوق يجلب إليه المعزى من بلاد الحبش فتشترى أهبها ويرمى بأكثر مسالخيها في البحر.

وجزيرة بربرا وهي قاطعة من حد سواحل اليمن ملتحقة في البحر بعدن من نحو مطالع سهيل إلى ما شرق عنها وفيما صالى منها عدن وقابله جبل الدخان.

وجزيرة سقطرى وإليها ينسب الصبر السقطري وهي جزيرة بربرا مما يقطع بين عدن وبلد الزنج ثابتاً على السمت فإذا خرج الخارج من عدن إلى بلد الزنج أخذ كأنه يريد عمان وجزيرة سقطرى تماشيه عن يمينه حتى تنقطع ثم التوى بها من ناحية بحر الزنج وطول هذه الجزيرة ثمانون فرسخاً وفيها من جميع قبائل مهرة وبها نحو عشرة آلاف مقاتل وهم نصارى ويذكرون أن قوماً من بلد الروم طرحهم بها كسرى ثم نزلت بهم قبائل من مهرة فساكنوهم وتنصر معهم بعضهم وبها نخل كثير ويسقط إليها العنبر وبها دم الأخوين وهو الأيدع والصَّبر الكثير وأما أهل عدن فيقولون إنه لم يدخلها من الروم أحد ولكن أهلها الرهابنة ثم فنوا وسكنها مهرة وقوم من الشرُّاة وظهرت فيها دعوة الإسلام ثم كثر بها الشراة فعدوا على من بها من المسلمين فقتلوهم غير عشرة أناسية وبها مسجد بموضع يقال له السوق.



مدن اليمن التهامية

عدن جنوبية تهامية وهي أقدم أسواق العرب وهي ساحل يحيط به جبل لم يكن فيه طريق فقطع في الجبل باب بزبر الحديد وصار لها طريقاً إلى البر ودربا وموردها ماء يقال له الحيق أحساء في رمل في جانب فلاة إرم وبها في ذاتها بؤور ملح وشروب وسكنها المربون والحماحميون والملاحيون والمربون يقولون إنهم من ولد هارون ومن أهل عدن ابن مناذر الشاعر وابن أبي عمر المحدث.

ولحج بها الأصابح وهم ولد أصبح بن عمرو بن حارث ذي اصبح بن مالك بن زيد بن الغوث ابن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة وهو حمير الأصغر.

وأبين وبها مدينة خنفر والرواغ وبها بنو عامر من كندة قبيلة عزيزة.

وموزع والشِّقاق والمندب وهما لبني مجيد بن حيدان بن عمرو بن الحاف وفرسان قبيلة من تغلب وكانوا قديماً نصارى ولهم كنائس في جزائر الفرسان قد خربت وفيهم بأس قد يحاربهم بنو مجيد ويعملون التجارة إلى بلاد الحبش ولهم في السَّنة سفرة فينضم إليهم كثير من الناس ونسَّاب حمير يقولون إنهم من حمير.

والحصيب وهي قرية زبيد وهي للأشعريين وقد خالطهم بآخرة بنو واقد من ثقيف وقرى بواديها حيس وهي للرّكب من الأشعر والقحمة للأشاعرة وفيها من خولان وهمدان وذوال المعقر.

والكدراء مدينة يسكنها خليط من عك والأشعر وباديتها جميعاً من عك إلا النبذ من خولان قال عمرو بن زيد أخو بني حي بن عوف من خولان: ثم المهجم وهي مدينة سردد وأكثر بواديها وأهل البأس منهم خولان من أعلاها وأسفلها وشماليها لعكّ.

ومورٌ وبه مدينة تسمى بلحة لعكّ ومور أحد مشارب اليمن الكبار.

ثم الساعد من أرض حكم بن سعد قرية لحكم.

والسقيفتان قرية لحكم على وادي خلب ويكون بها وبالسَّاعد أشراف حكم بنو عبد الجد.

ثم الهجر قرية ضمد وجازان وفي بلد حكم قرى كثيرة يقال لها المخارف وصبيا.

ثم بيش وبه موالي قريش وساحله عثر وهو سوق عظيم شأنها وقد تثقله العرب فيقولون عثَّر وإلى حازة عثَّر تنسب الأسود التي يقال لها أسود عثر وأسود عتود.

وهي قرية من بواديها وقد ذكرها ابن مقبل فقال: جلوسها بها الشم العجاف كأنهم أسود بترج أو أسود بعتودا وأم جحدم قرية بين كنانة والأزد وهي حد اليمن.



مدن اليمن النجدية

وما شابه النجدية أول مدن اليمن التي على سمت نجدها الجند من رض السكاسك ومسجده يعد من المساجد الشريفة كان اختطَّه معاذ بن جبل ولا يزال به مجاورة وإليه زوَّار وجميع ما ذكرناه من قرى تهامة اليمانية فإنها تنسب في دواوين الخلفاء إلى عمل الجند.

وجبأ مدينة المعافر وهي لآل وجيشان مدينة يسكنها خليط من حمير من رعينيّ ورداعيِّ وصراريّ وغير ذلك وبالقرب منها قرى لها بوادٍ تنسب إليها مثل حجر وبدر والصهيب ويسكنها قوم من سبأ يقال لهم سبأ الصُّهيب وأما بدر فسكنها البحريون من الصَّدف ومنهم من سكن بلحج مع الأصابح كان منهم اوس بن عمرو قاتل الجوع وفيه يقول الشاعر وهو ابن البيلماني: ألا إن اوساً قاتل الجوع قد مضى وورَّث عزّاً لا تنال أطاوله ثم منكت مدينة السُّخطييِّن وهم بقية بيت المملكة من آل الصَّوَّار ولهم كرم وشرف متعال وهم قليل.

ثم ذمار وساكنها من حمير وفيها نفر من الأبناء والذِّماري المحدَّث منها ولم يزل بها وبالجند وجيشان علماء وفقهاء مثل أبي قرَّة صاحب المسند وعبد الرحمان بن عبد الله قاريء المساند.

ثم رداع وهي مدينة يسكنها خلط من حمير من الأسوديِّين ومن خولان وللجارب وعنس ويكتنفها في باديتها الربيعيون والزياديون وبلحارث وبنو حبيش من زبيد ومن أهلها أحمد بن عيسى الخولاني صاحب ارجوزة الحج وقد أثبتناها في آخر الكتاب وابن أبي منى الشاعر فارسي من الأبناء ورداع بين نجد حمير الذي عليه مصانع رعين وبين نجد مذحج الذي عليه ردمان وقرن وفي جنوبيها مدينة حصي وبترى والخنق من أرض السَّرو.

وهي أم اليمن وقطبها لأنها في الوسط منها ما بينها وبين عدن كما بينها وبين حد اليمن من أرض نجد والحجاز وكان اسمها في الجاهلية أزال ويسميها أهل الشام القصبة وتقول العرب: لابد من صنعا ولو طال السفر وينسب إلى صنعاء صنعاني مثل بهراء بهراني لأنهم رأوا النون أخف من الواو وخولان لا تنسب إليها إلا على بنية الأصل صنعاوي وكلهم يقولون في ساكن الكدراء كدراوي ولا يقولون كدراني وصنعاء أقدم مدن الأرض لأن سام بن نوح الذي أسَّها.

وقد جمعت أخبارها في القديم في كتاب الإكليل وأضربنا عن ذكر قديمها في هذا الموضع صفحا ولم يزل بها عالم وفقيه وحكيم وزاهد ومن يحب الله عز وجل المحبة المفرطة ويخشاه الخشية اليقظى على نحو ما ذكره بطليموس في طبائع أهل هذا الصُّقع وهم مع ذلك أهل تمييز لعارض الأمور وخدمة السلطان بأهبة وتملك وتنعم في المنازل ولهم صنائع في الأطعمة التي لا يلحق بها أطعمة بلد ولهم خط المصاحف الصنعاني المكسر والتحسين الذي لا يلحق بهم ولهم حقائق الشكل ذكرهم بذلك الخليل ولهم الشروط دون غيرهم ولا يكون لفقيه من أهل الأمصار شرط إلا ولهم أبلغ منه وأعذب لفظاً وأوقع معنى وأقرب اختصاراً.

ومنهم الخطباء كمطرِّف بن مازن وإبراهيم بن محمد بن يعفر بضم الياء وكسر الفاء.

وفيها العلماء كوهب بن منبه وأخويه هماَّم ومعقل وعبد الرّزَّاق وعبد الرحمن بن داود وابن الشرود وهشام بن يوسف ومطرِّف بن مازن المخترع لمفارع الغيول.

ومن أصحاب النجوم: دردان وابو عصمة وأبو جندة وابن عاصم وابن المنيذر وابن عبد الله وغيرهم.

ومن الشعراء مثل علقمة ذي جدن ووضَّاح اليمن ووفد بشعره على الوليد واغتيل بسبب أم البنين بنت بشر بن مروان وبكر بن مرداس وكان ظريفاً آدم حسن الهيئة والنظارة وكانت له ثياب بعدد أيام مخرجه من منزله في السنة وكان من تمام مروءته ألاَّ يخرج من منزله حتى يعقد شسعي نعله فلم يره أحد منقطع الشسع في طريق وكان شعره سائراً فخبرني ابن مرزا الأبناوي عن بعض من حدثه من أهل صنعاء عن أبيه قال: وافيت الحج فرأيت في الطواف فتى ظريفاً خفيف الروح يعصب به جماعة حتى قضى طوافه وصلاته فقلت: من هذا فقيل أبو نواس الحسن بن هاني فسلمت عليه وفاوضته وأخبرته بنفاق أشعاره وأخباره بصنعاء وسألته شيئاً منه فقال: تطلبني مثل هذا وعندكم بكر بن مرداس قال: قلت وإنه عندك بهذه المنزلة فقال: اما هو القائل: يا إخوتي إن الطبيب الذي ترجون أن يبرئني مسقمي وما ألى نصحاً ولكنه عن علم ما بي من سقام عمي فسائلوه عن عقاقيره وسائلوه ما الذي احتمي فإنما الطب لمن داؤه من مرَّة أو بلغم أو دم إلا بشم الحبِّ أو ضمه ومجِّ ريق من فم في فم فيا شفاء النفس من دائها داوي سقامي وارحمي ترحمي فلو بعينك إذا جننَّى ليل وأغفت أعين النوَّم طوفى على بابكم باكياً لحرِّ شجو في الحشا مضرم لخلت أني طائف محرمٌ في ساحة البيت إلى زمزم واستيقنت نفسك أن الهوى أشد ما يعلق بالمسلم فأعتقي عبدك مما به وأكرمي وجهك أن تظلمي وقال بكر أيضاً على لسان أعرابيين وفدا على يزيد بن الوليد والي اليمن وذكر اللحية: فقدنا لحانا ما أقل غناءها واضيع فيها الدهن يا ابن مطيع دهنّا ونفَّشناهما لأميرنا كخافيتي نسر هوى لوقوع فما ساقتا خيراً سوى الطول منهما وأنهما غمّ لكل ضجيع فيا ليتنا كنا سناطين منهما نؤمل كالأعراب كل ربيع فنسلب مالا لا نروِّع بعده مخافة عري أو مخفة جوع مدحه ومدح البرامكة وقاموا به على حد الفارسية واقتطعوا له من المهدي أموالاً بصنعاء وعقاراً وقد أثبتنا مرثيته ي أخيه وهي من أحسن شعر في كتاب الإكليل.

ومن شعراء صنعاء مرطل وكان هجاء للأشراف داخلاً في أعراضهم وفعل مثل ذلك بيعفر بن عبد الرحمن فجهز من نادمه فلما شرب ذات يوم مع أولئك الندامة وسكر حُمل فراشه على بعض ما ماسكه على لدابة وسروا به فوافوا به شبام إلى يعفر فانتبه وهو بين يديه فقال كيف أصبحت يا مرطل قال: في طختي يا سيدي يعني الوعاء الذي حمل من فراشه فضحك منه ومن عليه وسرحه فقطع لسانه بذلك الجميل عن أذاء الناس فلم يكن بالمرتفع.

ومن شعراء صنعاء بل من باديتها عبد الخالق بن أبي الطلح الشهابي وكان مطبوعا مفوّها مفلقاً وقد أثبتنا قصائد من شعره في الكتاب الأول من الإكليل مع أخبار بني شهاب.

ومن شعراء صنعاء نفسها إبراهيم ابن الجدوية وقد ذكرنا شيئاً من شعره في كتاب الإكليل وكان مطبوعاً في الشعر وكان في الرجز أبرع وكان ربما يشابه في بعض مذهبه الكميت في مثل كلمته في العلوي الناصر: ناصر الدين لم تزل منصورا شكر الله سعيك المشكورا وله في أبي الحسين الرسي مرثية وهي: وهت عضد الإسلام واندقَّ كاهله وغالت بينه في الأنام غوائله وكان يستغرق أكثر شعره هجاء السوقة والسقاط ومن احسن شعره كلمته في أسعد بن أبي يعفر وأولها: يا طائرين أخال البين فارتفعا أن النوى قد قضت أوطارها فقعا ولم يزل فيها من كتبة الديوان بلغاء غير مولدي الكلام ولا مستخفي المعاني ومعبدي الاستعارات مثل بني أبي رجا وغيرهم.

وكان بشر ابن أبي كبار البلوي من أبلغ الناس وكانت بلاغته تتهادى في البلاد وكان له فيها مأخذ لم يسبقه إليه أحد ولم يلحقه فيه وتعجب بلاغته ونفاستها وأنه فيها أوحد وأنه لا يشابه بلاغته البلغاء وإنه منفرد بحسن اختلاس القرآن اثبتنا منها عشر رسائل ليستدل بها على ما وراءها واقل الأثر دليل على قدر المؤثر.

كتب بشر إلى إبراهيم بن عبد الله الحجبيّ وإلى صنعاء لهرون الرشيد - وكان قدم صنعاء سنة اثنتين وثمانين ومئة فأقام بها سنة وشهراً ثم صرف - في بغي هشام الأبناوي عليه وكان قد عزم على أن يولي بشراً بعض نواحي اليمن فكسر غلَّته هشام بن يوسف: أما بعد فإن رآى الأمير أمتع الله به أن لا يعلم هشاماً ما يريد من صلتي فإنه لم يردني وآلي قط بخير ولم يفتح لي باب صلة فتكون منه خالصة لا يريد بها إلا وجه الله وحده ولا يرجو بها إلا ثوابه إلا عرض هشامٌ من دونها فثقلها وكرهها وأدار القياس فيها وضرب لها الأمثال وألقى الحيلة فيها إلى الكاتب والحاجب وقاسمهما بالله إني لكما لمن الناصحين ومدحني بما لا يسمع به من أخلاقي وانتقصني فيما لا يطمع بغيره مني ليكون ما أظهر من المدحة مصدِّقاً لما أسر من العيبة ثم زخرف ذلك بالموعظة وزينه بالنصيحة وقاربه بالمودة وأغراه من ناحية الشَّفقة وشهد عليه أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة إن غضب الله عليه إن كان من الكاذبين فإذا الحاجب يزلقني ببصره وإذا الكاتب يسلقني بلسانه وإذا الخادم يعرض عني بجانبه وإذا الوالي ينظرني نظر المغشي عليه من الموت فصارت وجوه النفع مردودة وأبواب الطمع مسدودة وأصبح الخير الذي كنت أرجوه هشيما تذروه الرياح والصلة التي كنت أشرفت ليها صعيداً زلقاً وأصبح ماؤها غورا فما أستطيع له طلباً فأسأل الذي جعل لكل نبي عدوّاً من المجرمين أن يكفيني شره ويصرف عني كيده فإنه يراني هو وقبيله من حيث لا أراهم.

والسلام.

وله إلى يزيد بن منصور - عامل أبي جعفر المنصور على اليمن وقدم إلى صنعاء في أول سنة أربع وخمسين ومئة فأقام بها باقي خلافة المنصور وسنة من خلافة المهدي وكان قدومه بعد الفرات بن سالم: أما بعد فإنه قدم عليَّ كتاب من الأمير حفظه الله مع رسوله نعمان الهمداني يأمرني أن أبعث إليه بفرض الفرات بن سالم - يريد بالفرض شيئاً كان فرضه على أهل اليمن - وأنا أخبر الأمير أكرمه الله أنه كان قدم علينا قبل كتابه كتاب الله تعالى مع رسوله محمد يأمرنا فيه أن نفرق ما جمع الفرات وأن نهدم ما بنى وأن نوالي من عادى وأن نُعادي من والى ونظرت في الرسالتين وقست بين الرسولين بغير تحيز عرض ولا لشبهة بحمد الله دخلت فرأيت أن لا انقض ما جاء به محمد بن عبد الله لما قدم به النعمان لعنه الله وغضب عليه.

وعلمت أنه من يزغ منا عن أمر الله يذقه من عذاب السعير فليقض الأمير حفظه الله في ما كان قاضياً ثم ليعجل ذلك ولا ينظرني فوالله إن العافية لفي عقابه وإن العقاب لفي عافيته وإن الموت لخير من الحياة معه إذا كان هذا الجد منه والحق عنده والسلام.

ولبشر أيضاً: أما بعد فإن من الناس من تحمُّل حاجته أهون من فحش طلبه ومنهم من حمل عداوته أخف من ثقل صداقته ومنهم من إفراط لائمته أحسن من قدر مدحته وإن الله خلق فلانا ليغم الدنيا ويقذر به أهلها فهو على قذره فيها من حجج الله على أهلها فأسأل لذي فتن الأرض بحياته وغم أهلها ببقائه أن يديل بطنها من ظهرها والسلام.

ومن بشر إلى الشافعي في عبد الله بن مصعب: أما بعد فإنك تسألني عن عبد الله كأنك هممت به إذ سرك القدوم عليه فلا تفعل يرحمك الله فإن الطمع بما عنده لا يخطر على القلب إلا من سوء التوكل على الله عز وجل وإن رجاء ما في يده لا يكون إلا بعد اليأس من روح الله لأنه يرى الإفتار الذي نهى الله عنه هو إسراف الذي يعذب الله عليه وإن الصدقة منسوخة وأن الضيافة مرفوعة وأن إيثار المرء على نفسه عند الخصاصة إحدى الكبائر الموجبة الهلكة وكأنه لم يسمع بالمعروف إلا في الجاهلية الأولى الذي قطع الله دابرهم ونهى المسلمين عن اتباع آثارهم وكأن الرجفة لم تصب أهل مدين عنده إلا لسخاء كان فيهم ولم يهلك الريح العقيم عاداً إلا لتوسع ذكر منهم وهو يخاف العقاب على الإنفاق ويرجو الثواب على الإقتار ويعد نفسه الفقر ويأمرها بالبخل خيفة أن ينزل به بعض قوارع الظالمين ويصيبه ما أصاب القوم المجرمين فأقم يرحمك الله على مكانك واصطبر على عسترك وتربص به الدوائر عسى الله أن يبدلنا وإياك خيراً منه زكاة وأقرب رحماً والسلام.

ومنه إلى بشَّار بن رضابة: أما بعد فإني رأيتك في أول زمانك تغدو على العلماء وتروح عنهم وتحدث عن الله وعن ملائكته ورسله وقد أصبحت تحدث عن معن وعن عمالَّه وعن أبي مسلم وعن أصحابه فبئس للظالمين بدلاً فمن خلَّفت على أهلك أو على من تتكل في هول سفرك أو بمن تثق في حال غربتك أبا الله أم عليه وكيف ولست أخشى عليك إلا من قبله لأنه قد اعذر إليك وأنذر فعصيت أمره وأطعت أعداءه وخرجت مغاضبا تظن أن لن يقدر عليك فاتق على نفسك الزلل وأنزل عن دابتك في كل جبل فإذا استويت أنت ومن معك على ظهورها فلا تقل: سبحان الذي سخر لنا هذا لأن الله تبارك وتعالى قد كره أن ومنه إلى الحجبي: أما بعد فإن الله وله الحمد قد كان عرّضني وجوها كثيرة وخيرني في مكاسب حلال وكنت بتوفيق الله عز وجل وإحسانه قد اخترت منها ناحية الأمير حفظه الله تعالى ورضيت به من كل مطلب واقتصرت على رجائه من كل مكسب فأثابه الله عز وجل بذلك فتحاً قريباً ومغانم كثيرة عجّلها وكان الله عزيزاً حكيماً وقد عرف الأمير حفظه الله تعالى طول مودتي له وقديم حرمتي وأني ممن أنفق من قبل الفتح وقاتل ثم إني لم أتعرب بعد الهجرة ولم أنافق بعد النصرة ولم أكن كحاطب حين ألقى بالمودّة ولا كتميم يوم نادوا من وراء الحجرات بل أقمت على مكانتي واصطبرت على عسرتي حتى جاء الفتح من عند الله وطلع الأمير حفظه الله فلما ظهر وتمكن ورجونا الغنى معه حين أيسر واثخن والعز تماماً على الذي أحسن قرّب الأحزاب وأدنى المخلَّفين من الأعراب وآثر بالفيء من لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وأصبحت أياديه عند المؤلفة قلوبهم ومن كان يلمزه في الصدقات منهم وصنائعه عند المعذّرين من الأعراب الذين جاؤوا من بعدهم ظاهرة في الآفاق وفي أنفسهم وأصبح نقباء العقبة وفقراء الهجرة ومساكين الصُّفة تفيض أعينهم حزناً ألا يجدوا ما ينفقون والسابقون الأولون منا ومن أهل النصرة مرجوون لأمر الله فإن رأى الأمير حفظه الله أن يعطف علينا من قبل أن يزيغ قلوب فريق منا فعل فإن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعا ولست أدري ماذا أعتذر به اليوم إلى الناس في أمري عن الأمير وهم يعلمون أني قد رأيت فيه ثلثي أملي ولم ابلغ في نفسي ربع رجائي أم ماذا ينتظر الأمير حفظه الله فيَّ بعد أن آتاه الله لملك وعلمه الحكمة ومكنه من خزائن الأرض وجعله في الدنيا وجيهاً وفي الإسلام مكيناً وعند الخليفة - أبقاه الله تعالى - مطاعاً أميناً فمن يفر الأمير بعد هذه النعمة أو من يعذره مع هذه الكرامة ومن يرضى منه بأقل من جبرانه إلا من سفه نفسه والسلام.

وكتب إلى يحيى بن خالد بن برمك يستمتع بالحجبيِّ: أما بعد حفظ الله أبا علي وحفظ لك ما استحفظك من دينك وأمانتك وخواتيم عملك أما ما تحب أن ينتهي إليك علمه من قدوم الحجبي علينا وما عمل به فينا وعلى ما أصبح المسلمون معه قبلنا فكل ذلك - بحمد الله ونعمه - على أفضل سرورك وأعظم رجائك ومنتهى أملك من سكون الدهماء وأمان السبل وحسن الحال وتتابع الأمطار وقد اصبح الناس بحمد الله رحماء بينهم لا يسمع إلا سلام سلاماً فلذلك أنَّ الحجبي لما قدم علينا فزع إلى خيار الناس وأهل الصلاح منهم فقربهم وأدناهم وغلظ على أهل الفجور والريبة وأبعدهم وأقصاهم وبعث لحملة القرآن فلما اجتمعوا إليه من أطراف البلاد وتخير الفقهاء وذوي الرأي منهم فجعلهم بطانته وأهل مشاورته وبعث كثرتهم عمالاً على كثير من نواحي عمله وعهد إليهم ما عهد إليه أمير المؤمنين في أخذ الصدقات والزكاة على وجوهها وقسم السُّهمان الخمسة موفَّرة بين أهلها وأعلمهم أن أمير المؤمنين لم يأمره ولا من قبله من ولاة اليمن وغيرها إلا بالعدل والإحسان وأن أمير المؤمنين يبرا إلى الله من ظلم كل ظالم وجور كل جائر وأنه قد خلع ما يتثقل به عن رقبته وجعله في دين الحجبيِّ وأمانته فلم يبق عند ذلك فرقة من فرق المسلمين ولا جماعة من الصالحين ولا أحد من الفقراء المساكين إلا دعا لأمير المؤمنين بطول البقاء ثم دعوا لك يا أبا علي بأفضل الدعاء ونشروا عنك أحسن الثناء لما ساقه الله إليهم بسببك وجعله بيمن مؤازرتك وأجراه لهم على لسانك ويدك ولما أخذ الحجبي فيهم من ورائك فإنا قد عرفناه بالرفق الذي ليس معه ضعف وبالشِّدَّة التي ليس معها عنف وبالجد الذي لا يخالطه هزل ثم هو مع ذلك قليل الغفلة شديد التهمة لا يتكل على كتابه ولا يفوض أمره إلى أمنائه ولا يطمئن إلى جلسائه حتى يتفقد الأشياء بنفسه فيورد ما حضر منها على عينه ويصدر ما غاب عنه منها على علمه لا يمنعه من مطالبة الصغير مزاولة الكبير قد أحكم السياسة ورسخ في التدبير فأشد الناس خوفاً لغضبه أرجاهم جميعاً لمثوبته وأقلهم أماناً لعقوبته أطولهم لزوماً لمجالسته قد أشغل كلا بنفسه فأقبل كل على شأنه فليس أحد يجاوز حده ولا يعدو قدره ولا يتكلم إلا فيما يعنيه ولسنا نراه بحمد الله يزداد في كل يوم إلا شدة ولا تزداد الأمور معه إلا إحكاماً فليس لمغتاب إليه سبيل ولا وله إلى الحجبي - وكان نهاه عن التعرض للوزراء ولأهل العراق: أما بعد فإنك كتبت إلي تنهاني عن السلطان وعن قربه ولست اعتذر إليك في ذلك إن دعاني السلطان سارعت وإن بطأ عني تعرضت فإن كان الله تبارك وتعالى أحل لك خدمة أمير المؤمنين ومنادمة الفضل ومسامرة جعفر وأباح لك أن تأخذ من أمولهم القناطير المقنطرة من الذهب والفضة وحرم عليَّ مكاتبة الشرط ومراسلة البرد والتخدُّم للخصيان والتعرض للدايات وحضر عليَّ من أموالهم ما أسد به الفورة وأواري به العورة فأنا الهالك وأنت الناجي وإن لم يكن الأمر على ذلك وكان لكل امريء منا ما اكتسب من الإثم فأنت الذي تولى كبره منهم وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه والسلام.

وله إلى يحيى بن خالد بن برمك: أما بعد فإني كتبت إليك كتباً لم أرَ لشيء منها جواباً ولست أمتع الله بك أتكبر عن مواترة الكتب إليك ولا أستنكف على تركك الكتاب إلي لأن مثلك لا يكتب إلى ضعيف مثلي إلا بعون الله وتأييده ولا يلقى الحكمة كتَّابه إلا بتوفيق الله عز وجل وإحسانه ولعلك أمتع الله بك لم يوافق نزول ذلك من ربك فإنه تبارك وتعالى يقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير.

والسلام.

وله أيضاً إلى علي بن سليمان - وكان قدومه إلى اليمن والياً لها عن المهدي سنة اثنتين وستين ومئة وأقام بها سنة ونصفاً -: أما بعد فإنه لما اختلط عليَّ من عقلي واشتبه علي من رأيي وشككت فيه من أمري فلست أشك في أن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يقدر عليَّ رزقي وأن يبتليني بالشدة على عيالي أطلعك على ذات طمعي ودلّك على وجه طلبي وجعلك جليساً لأهل حاجتي ثم ابتلاني بطلبها إليك فإذا ذكرتها أسفرت وأبشرت ووعدت من نفسك وعداً حسناً ففرقت نفقتي لإسفارك ووسعت على عيالي لإبشارك وتسلَّفت من إخواني لوعدك فإذا أتيتك منتجزاً عبست وبسرت ثم أدبرت واستكبرت وقد تصرمت النفقة وانقطع لرجاء وأيست من الطمع كما يئس الكفار من أصحاب القبور وأعظم ذلك عندي كربا وأشده جهداً أن غيرك يعرض عليَّ الحاجة التي طلبتها إليك فأكره أن تكون إلا بسببك وأن تجري إلا على يدك ولعمري ما كان ذلك إلا لسابق العلم في شقوتي بك فأسأل الله عز وجل الذي جعل جاهك من بليتي وحسن منزلتك من مصابي وطول حياتك فتنة لعيالي أن ينقلك إلى جنته قبل أن يرتد إليك طرفك والسلام.

ومن بشر إلى آخر: أما بعد فإني رأيتك في أمر دينك متصنعاً مخذولاً وفي أمر دنياك فاجراً مثبوراً وفيك خصال لا تجتمع في مسلم إلا بسوء سريرة أو مقارفة كبيرة أو إضمار عظيمة يع بها أولياء الله ويخص بها ولد رسول الله ومن آيات ذلك إنها تشمئز قلوب أهل الحرمين إذا ذكرت وتقشعر قلوب أهل المصريين إذا مدحت وأنهم لا يزدادون لك إلا بغضاً ولا في الشهادة عليك إلا قطعاً لمعرفتهم بك قديماً وعلمهم بحالك صغيراً وكبيراً فلعمري لئن كنت إلى يومك هذا كما زعموا إنك إذا من المستهزئين ولئن كنت قد نزعت عما عهدوا ما أخلصت لله إذن توبتك ولا صدقت نيتك وإن في إيمانك لضعفا وإن في نفسك لوهنا وإن في صدرك لكبرا وإن في قلبك لقساوة وإن في معيشتك لإسرافاً وما أحسبه صح في يدك من زينة الله التي أخرج لعباده وأرزاقه الطيبة التي بسطها على خلقه ما تبلغ به لذة ولا تقضي به ذمة لأن ذلك لم يصل إليك إلا ببغي المسلمين وبطالة المستهزئين وإفك المفترين فلا أحسبك إذا كنت بهذا وأشباهه تبرأ بشيء من كسبك عن شيء من دينك إلى أحد من غرمائك إلا صرت ممن يبرأ من ذلك إلى أهل الأرض غريماً لأهل السماء ولا تصل بشيء من جمعك أحداً من ذوي قرابتك إلا كانت مسألة الله إياك عن قطيعتهم أهون عليك من محاسبته إياك بما يصل إليهم ولا تنفق نفقة صغيرة ولا كبيرة إلا وقِّعت لك في سجين ولا ترفع منزلة إلا هبطت بك في أسفل السافلين وما سلم قلبك حتى عرفت به وصليت في المشرق إلا من ضعف قلبك ولا صح عقلك حتى رجب أهلك إلا من قلّة عقلك ولو نفرت في الأرض حيران على وجهك أو سرت إلى الجبال هارباً من خطيئتك أو ترممت العظام مع الكلاب أو ولغت فضول الماء مع السباع لكان ذلك بقدر جرمك خفضاً ودعة من جنائك وبقدر عملك رغدا من معيشتك ولو ابيضت عيناك من الحزن وعضضت على يديك فأبنتهما من الغبن وتقطع قلبك من الهم أو ذهبت نفسك حسرات لما كان ذلك أرش ما جرحت به من دينك ولا نذر ما لويت به من أمانتك ولا قيمة ما فاتك من ربك فإذا بلغت من نفسك المسكينة ما بلغت ورضيت عنك نفسك الضعيفة ما صنعت فلا تجعل مع الله إلاهاً آخر فتقعد ملوماً مخذولاً.

قال أبو محمد: ثم من بعد صنعاء من قرى همدان في نجدها بلدها ريدة وبها البئر المعطلة والقصر المشيد وهو تلفم وفيه يقول علقمة بن ذي جدن: وذا لعوة المشهور من رأس تلفم أزلن وكان الليث حامي الحقائق ويسكنها اللَّعويون وأثافت وتسمى أثافة بالهاء وبالتاء أكثر وخبرني الرئيس الكبارى من أهل أثافت قال كانت تسمى في لجاهلية درنى وإياها التي ذكرها الأعشى بقوله: أقول للشرب في درنى وقد ثملوا شيموا وكيف يشيمم الشارب الثمل وكان الأعشى كثيراً ما يتخرّف فيها وكان له بها معصرٌ للخمر يعصر فيه ما أجزل له أهل أثافت من أعنابهم ويروون في قصيدته البائية: أحب أثافت وقت القطاف ووقت عصارة أعنابها وخيوان: أرض خيوان بن مالك وهو من غرر بلد همدان وأكرمه تربة وأطيبه ثمرة ويسكنها المعيديون والرضوانيون وبنو نعيم وآل أبي عشن وآل أبي حجر من أشراف حاشد وهي الحد بين بكيل وحاشد وكان معيد جدهم مع علي عليه السلام فأغضبه فبات يكدم واسط كوره حتى أفناه ولحق بمعاوية ولم يزل بها نجد وفارس وشاعر ومن شعرائهم ابن أبي البلس وهو القائل في أبي الحسين يحيى بن الحسين الرَّسي في كلمة له سينية: لو أن سيفك يوم سجدة آدم قد كان جرّد ما عصى إبليس ثم من هذه السراة في بلد خولان بن عمرو بن الحاف مدينة صعدة وكانت تسمى في الجاهلية جُماع وكان بها في قديم الدهر قصر مشيد فصدر رجل من أهل الحجاز من بعض ملوك البحر فمر بذلك القصر وهو تعب فاستلقى على ظهره وتأمل سمكه فلما أعجبه قال: لقد صَّعده لقد صَّعده!! فسميت صعدة من يومئذ وقال بعض علماء العراق: إن النِّصال الصاعدية تنسب إلى صعدة وإنما يقال فيها الصعدية فإذا اضطر شاعر قال صاعدية في موضع صعدية.

وهي كورة بلاد خولان وموضع الدباغ في الجاهلية الجهلاء وذلك أنها في موسط بلاد القرظ وهو يدور عليها في مسافة يومين فحده من الجنوب خيوان وبلا وادعة ومن الشمال مهجرة في رأس المنضج من أرض بني حيف من وداعة أيضاً ومن المشرق مساقط برط في الغائط ومن المغرب معدن القفاعة من بلد الأجدود من خولان ثم لا مدينة بعدها من نجد اليمن وكان بها حروب وأيام قد ذكرناها في بعض كُتبنا وذكرنا من كان بها من شعراء خولان وكذلك نجران كان بها أيام وحروب وشعراء من بلحارث وهمدان وكان من شعرائها ابن البيلماني من الأبناء.



ما وقع باليمن من جبل السراة

وأوله اليمن أما جبل السراة الذي يصل ما بين أقصى اليمن والشام فإنه ليس بجبل واحد وإنما هي جبال متصلة على نسق واحد من أقصى اليمين إلى الشام في عرض أربعة أيام في جميع طول السراة يزيد كسر يوم في بعض هذه المواضع وقد ينقص مثله في بعضها فمبتدأ هذه السراة من أرض اليمن أرض المعافر فحيق بني مجيد فعرُّ عدن وهو جبل يحيط البحر به وهي تجمع مخلاف ذبحان والجؤة وجبأ وصبر وذخر وبرداد وصحارة والظَّباب والعشيش ورسيان وتباشعة ويسكن هذه المواضع نسل المعافرين يعفر ومن همدان ومن السكاسك وبني واقد ووادي الملح ويسكنه الأشعر وفيما بينه وبين تباشعة بلد العشورة قبيلة من الأشعر.

ثم يتصل ببلد المعافر في هذه السراة بلد الشراعب من حمير منها دخان ورؤوس نخلة ويصلاه من بلد الكلاع نخلان والثجة والسحول والملحة وظبا وقلامة والمذيخرة وريمة وقرعد وحرقة وملحَّة وموضان والخنن والرَّبادي وتعكر والزواحي وغور سراة الكلاع الجبجب ووحفات ووحاظة وقبلة بلد الكلاع قينان ومنوب وشيعان والصَّنع وهما الواديان وفيهما الورس الناهي ويخار وصيد مغرب الجميع في بلد الكلاع الوحش وهذا بلد لهمدان يعرف ببلد حاشد بلد ماشية.

ثم يتصل بسراة الكلاع سراة بني سيف من بلد الأحطوط وهم والسملال وحمض وسيَّة وحمر ونعمان من غربي هذه السراة وجبلان العركبة وهي بلد الشراحيين وآل أبي سلمة ووتيح.

ثم يتصل بهما سراة جبلان فأعلاها أنس والجبجب وسربة وجمع وأسفلها شجبان ووادي الشجبة وصيحان ورمع وباب كحلان والصلي وجبل برع والعرب وأرض لعسان من عك.

ثم يتصل بها سراة ألهان فظاهره ضوران ومذاب وألهان ومقرى والحقلين وعشار وبقلان ونقيل السود وحقل سهمان وجبل حضور وأسفلها وادي سهام وصابح والأخروج.

وأرض حراز وهي سبعة أسباع: حراز وهوزن ولهاب ومجيَّح وكرار ومسار وحراز المستحرزة ويجمعها حراز وسوقها الموزة وحراز تخالط أرض لعسان من الظهار ظهار ابن بشير النشقي من همدان وأسافل حضور وهي غوره مثل بلد الصَّيد وشم وماظخ.

ثم يتصل بها سراة المصانع وأعلاها جبل ذخار وحضور بني أزاد وبيت أقرع ومدع وحلملم وقارن والمحدد والعسم وأوسطها وغورها الباقر وشاحذ وتيس ونضار والماعز وجرابي وسارع وسمع وبكيل وسردد وحفاش وملحان وهي جبال ونسب جبل ملحان إلى ملحان رجل من حمير واسم الجبل ريشان وفج عكّ وبه المدَّهاقة والفاشق والمنصول ارض صحار من عك ولاعة وطمام والشوارق والحتر ومسوروالظلمة ولعرُّ وجبل التخلي وقيلاب ونمل وشرس وأرض أدران وحجَّة وعيَّان والمعيَّل وعولى وحملان والمخلفة من أرض حجور فراجعاً إلى فج عك.

ثم يتصل بهذه السراة قدم وأعلاها الظهرة وجعرم والحرف والقحمي وجعرة ومذرح وشظب ودرب بليع وقصر يشيع وأوسطها وغورها همل وقطابة والعرقة وموتك وحجَّة وقد يكون إلى سراة المصانع أميل ولكن الغالب عليها آل الريان من قدم والكلابح وباري والصرحة فذاهبا إلى جبل الشرف المطل على تهامة وهو جبل واسع وفيه قرى كثيرة مثل الخوقع والضالع والمقطع وسوقهم الأعظم الجريب يتسوّقه يوم وعده ما يزيد على عشرة آلاف إنسان.

ثم يتصل بهذا السرَّاة سراة عذر وهنوم وظاهر بلد الجواشة من الفائش فائش بكيل فبلد الشاكريين من أهل الدرب ونودة فالحفر من أعلى عصمان فمقتل 7سفران فبلد حرب بن عبد ودّ بن وادعة وهم بنو صريم وبنو ربيعة وبلد القطعيين والقشب فبلد بني سعد بن وادعة من بني معمر والهراثم وبني عبد فجبل سفيان فجبال الدهمان من بكيل ووسطها وغورها أخرف ونجد المطحن والشقيقة وهنوم وشعب عذر وسحيب وحرض وبلد حيران وقبر حجور وقبر عليَّان ورأس الحبش ومطرق وكريف خولان والحجابات ومرارات ووادي حيدان وأمير زنة أدبر.

ثم يتصل بها سراة خولان ويسمى القد فأولها من ظاهرها جبل أبذر لبني عوير من آل ربيعة من سعد فالدحض فالهلة وعدبوه فالمطرق جبل لبني كليب فالأسلاف فنغم فالخنفعر فالعرّ ومن وسطها وغورها أرض ساقين وحيدان وشعب وشعب حي وحرجب وأرض الشرو ومران والقفاعة والبار وخلب وجحفان وعرامى وغرابق وعرش ووسحة وغيلان ودفا وقيوان وبوصان وأرض الرَّسيَّة وارض بني حذيفة وارض الأبقور فمنحدر إلى أنافية فأبراق من ناحية بيش.

ثم يتلوها سراة جنب وبلد العرّعرّ المعصور وقرية جنب في هذا السراة الكبيبة وقال رجل جنبيِّ وقد جنّه الليل في بلد بني شاور: نظر وقد أمسى المعيَّل دوننا فعيَّان أمست دوننا فطمامها توقدها كحل العيون خرائد حبيب إلينا رأيها وكلامها غدا بيننا عرض الفلاة وطولها فداري يمانيها ودارك شامها فإن أك قد بدلت أرضاً بموطني يمانية غرباً أريضاً مقامها فقد اغتدي والبهدل النكس نائم بعيد الكرى عيناً قريراً منامها وأقطع مخشيَّ البلاد بفتية كأسد الشَّرى بيض جعاد جمامها رأيها: رؤيتها تقول العرب حيَّاً الله رأيك أي شخصك.

ثم الجبل الأسود إلى الشقرار وسعيا من أرض جرش وغور هذه البلاد هي أعلى زنيف وضنكان والبرك والمعقد وحرة كنانة ووسط أرض طود وحقوفتان ونجد الطار.

ثم يتلوها سراة عنز وسراة الحجر نجدها خثعم وغورهم بارق ثم سراة ناه من الأزد وبنو القرن وبنو الخالد نجدهم خثعم وغورهم قبائل من الأزد ثم سراة الخال لشكر نجدهم خثعم وغورهم قبائل من الأسد بن عمران ثم سراة زهران من الأزددوس وغامد والحر نجدهم بنو سواءة بن عامر وغورهم لهب وعويل من الأزد وبنو عمرو وبنو سواءة خليطي والدعوة عامرية.

ثم سراة بجيلة فنجدها بنو المعترف وأصلهم من تميم وقال لي بعضهم: إنهم من عكل وغورها بنو سعد من كنانة.

ثم سراة بني شبابة وعدوان وغورهم الليث ومركوب فيلملم ونجدهم فيه عدوان مما يصلى مطار.

ثم سراة الطائف غورها مكة ونجدها ديار هوازن من عكاظ والعبر.



أودية السراة

القاطعة فيها إلى تهامة حتى تنتهي في البحر أولها أودية موزع والشِّقاف يهريق فيها ذبحان والمعافر ففج وحرازة ووادي الملح من رسيان.

وبلد الركب فيلتقي هو ونخلة بحيس وجانب وادي نخلة يهريق في القرتب من جنوبي زبيد.

ووادي زبيد وهو بعيد المأتى وأول مسايله من ذي جزب وأشراف الشرفة.

وشرعة الغربيَّة ويريم فسحمر والأحطوط والسِّملال حتى يلتقى سيل سيَّة بالجبجبة فيمدها سيل لحج وملح ويلتقي الجميع سيل حمر وتجتمع كلها بحمض وأهله من حمير أهل حد ثم تمر بمعطّ الفيل ويضمها سيل نعمان ثم تنحدر كلها بلد الوحش فتتلقى بسيل السحول وبلد الكلاع وصدور بعدان وريمان.

ثم يلتقي بها أودية عنَّة ويجمعها الفنج والحفنة وحجر قمران والملاحيط إلى زبيد فيسقي جميع ما حف به إلى البحر.

ثم يتلوه وادي رمع وهو حار ضيق وأوله من أشراف جهران وغربي ذي خشران إلى وادي الشَّجبة ويهريق فيه من يمينه وجنوبي ألهان فأنس ومن شماله شمالي بلد جمع وسربة حتى يرد شجبان فشلك بين جبلان العركبة وجبلان ريمة وظهر بذوال فسقى مزارعها إلى البحر وفي أسفل موضع الماء الذي كان يسمى غسان.

ثم يتلوه وادي سهام وأوله ورأسه نقيل السَّود من صنعاء على بعض يوم إلى ما بين جنوبها ومغربها ويهريق في جانبه الأيمن جنوبي حضور وجنوبي الأخروج وجنوبي حراز ويهريق في جانبه الأيسر شمالي ألهان وعشار وبقلان وشمالي أنس وصيحان وشمالي جبلان ريمة والصُّلي وجبل برع ويظهر بالكدراء وواقر فيسقي ذلك الصُّقع إلى البحر فيهريق وادي العرب مما بين الكدراء وزبيد بناحية المقعر والأخوات التي بينه وبين الكدراء ومساقي وادي العرب فيما بين الكدراء زبيد بناحية المقعر والأخوات التبي بينه وبين الكدراء ومساقي وادي العرب فيا بين برع ومساقط جبلان ريمة وقعار.

ثم يتلوه وادي سردد ورأسه أهجر شبام أقيان فمساقط حضور من شمّ وماظخ وبلد الصَّيد ثم يهريق في أيمنه جبل تيس ونضار وبكيل وقيهمة وجنوبي حفاش ومن أيسره جبال حراز والأخروج ويظهر بالمهجم فيسقيها وما يليها إلى البحر.

ثم يتلوه وادي مور وهو ميزاب تهامة الأعظم ثم يتلوه في العظم وبعد المأتى زبيد ومساقي مور تأخذ غربي همدان جميعاً وبعض غربي خولان وبعض غربي حمير فأول شعابه ذخار وشربب من جبال 1 ذخار ومسور فالشوارق وتخلي وشمالي تيس ونضار والباقر والعضد وشاحذ وجرابي وسمع وجوانب ملحان والمضرب جبل في أصل ملحان فبلد صحار فبلد بني حارثة وبني رفاعة وحماد ويرد ويمدّ من حجور فعيَّان فأدران فحجة فنمل وشرس وقيلاب حتى يلتقي بمور الآتي من بلد خولان وشمالي بلد همدان ويمد ذلك مساقط الشرف شرقاً وجنوباً فهذا أحد فرعيه.

والفرع الثاني رأسه شعبة الهلَّة وعدبوه فالموقر والدحض وغربي أبذر وموطك ومحلا فبلد عذر وهنوم وبلد حجور ومساقط بلد وادعة وبلد الجواشة وبلد بني عبد البقر وأخرف ويلقى سيل الحفر وصرايم والكلابح وشظب وذرخان وبلد المرانييّن فبلد وثن شمالي موتك وحجة وما أخذ أخذ بلد قدم بن قادم ومن أيمنه سدّ ساقين وتضراع فيه أراب وحيدان وشرقي مطرق وكريف خولان ويسمى ما يصل إليه منه أمير فجنوب سحيلب وبلد العهرا.

ثم يتلوه واديا بني عبس من حكم ووادي حيران وخذلان مآتيهما من أسافل حجور.

ثم حرض وهو وسط من الأودية وله فرعان: فالجنوبي منهما من الشقيقة وما اكتنف المحجّة ومنها إلى حرض من بلد عذر وبلد حجور إلى المباح فالمرير والشمالي منهما نقيل مطرق وما اكتنف المسيل منه من بلد عذر وبلد بني شهاب بن العاقل إلى معين الحنش حتى يلتقي بالفرع الثاني بالسرين فينقحمان كلاهما اللصاب وهو أعلى وادي حرض ويمده الشعاب يمنة من بلد خولان ويسرة من بلد همدان ويصب إلى السقيفتين ويسقي ما أخذ أخذ هذه البلاد إلى البحر.

ثم وادي خلب وهو الذي يشرع على جانبيه الخصوف ومآتيه من القفاعة والبار وفروعه من رأس خلب بالقد من سراة خولان وهو يشاكل وادي حرض أو يزيد عليه وبينهما أودية تشرع في قاع تهامة وتسقى المخاريف من بلد حكم إلى البحر وهي دون هذين الواديين أولها مما يصالي حرض وادي تعشر ثم وادي الحيد ثم وادي الملحة ثم وادي لية ثم خلب.

ثم بعد وادي خلب وادي جازان ووادي ضمد ومآتيهما من غيلان جبل بني رازح ابن خولان وأشراف رغافة ومساقط عنم ويسقيان أرض ضمد وجازان إلى البحر وبينهما وبين خلب أودية دون مثل زائرة والفجا وشاية تسقى شمالي مخارف حكم ثم وادي صبيا وهو من مساقط بوصان والعر وأنافية ويسقي صبيا إلى نصر الأمان في صادَّة عثر ثم وادي بيش ومآتيه من قيوان وبلد بني عامر من الغور ودفا من شمالي بلد خولان وجنوبي بلد جنب.

ثم عتود واد صغير ثم وادي بيض ومآتيه من سراة جنب ثم ريم وعرمرم ومآتيهما من أشرف بلد سنحان وجنب.

قال محمد بن عبد الله بن إسماعيل السكسكي: جميع ما بين عدن ووادي نخلة من أرض شرعب من الأودية الكبار التي تنتهي إلى البحر من تلقاء المغرب أولها: إتحم من أودية السكاسك يرد العارة والعميرة من أرض بني مسيح ومصابُّه من يماني جبل أبي المغلِّس الصُّلو فنجد معادن فشرقي ذبحان فغربي جبل الرما من جبال السكاسك.

والثاني من أودية السكاسك وادي آديم مآتيه من يماني ذبحان ومن قلعة سودان من شرقيه وجبال ذات السريح من غربيه ينتهي بين أرض بني مسيح وأرض بني يحيى من بني مجيد وفي أديم يكون سحرة السكاسك وأصحاب صدح الغيث واستعارة اللبن وغير ذلك من فنون سحرهم وكهانتم والأخبار في فنونهم هذه مشهورة كثيرة.

والوادي الثالث: وادي حرازة مآتيه من جبال المطالع وشمالي ذبحان من نجد معادن وغربي جبل أبي المغلس الصِّلو ويماني الجبزية مورده الممحاط من أرض بني مجيد ثم يخرج بين موزع وبين الجريبة إلى البحر.

والوادي الرابع وهو وادي الحسيد مآتيه غرب صبر وجبل سامع جبل ابن أبي المغلس وعن يمينه الجبزية وعن شماله برداد ما بين جبلي صبر وذخر وجبأ وجميع قاع السامقة ويماني جبل ذخر فينتهي الموزع ثم يخرج المخا إلى البحر.

والوادي الخامس رسيان مآتيه الجند من شرقيه وشمالي جبل صبر ومن حدود الكلاع الثجَّة من يمانيها ونخلان ظبا والعلى والمنحج والعشش والمطلوع ووادي أبنة وجميع شعاب شظة وهي مآثر علي بن جعفر والشعبانية من وجوه صبر وقاع الأخباش ووادي الضَّباب إلى القرعاء من مناهل برداد وشرقي ذخر وشآميه وجميع الجريبة من أوطان الكلاع أرض القفاعة وأرض شرعب ومن بلد الركب جبال شمير والحدوم فتجتمع جميع مياه رسيان حتى يلتقي بالحسيد ويصبان في موزع وموزع وطن فرسان وحلال لهم من الركب ويلتقي بهذين الواديين وادي الشقاق وهو عن يمانيهما ولا يقاس بهما ومأتى الشَّقاق ممن جوار المعافر المحادة لبني مجيد حتى تخالط البحر عند الصُّحارى موضع كير النخيل والمزارع والسكن على شاطىء البحر وساكنه خلطاء من عك والرَّكب وبني مجيد وفرسان وكنانة.

ثم وادي نخلة ومصابه من قتاب بلد الكلاع من معاين وقرعد وبلد القفاعة وهي جنوبي الوادي ملتقى هذه المياه إلى الموكف ثم وادي نخلة فيه الموز والمضار والحنَّاء وجميع الخضر وإليه أيضاً بعد أن تنتهي إليه المياه من الموكف تنتهي إليه مياه ارض حبل وأرض شرعب وطلاق وحصن جوالة الذي قتل فيه جعفر بن إبراهيم المناخي وجبل الصّيرة وكل هذه جنوب وادي نخلة ومن شماليها جبل دمت وحميم وعذاق ووادي نزال والرواهد والوزيرة وجبل المرير والفواهة ثم يلقاه وادي الملح من أرض الرَّكب وجنوب نخلة فيسكبان بحيس ويقطعانها إلى البحر ومآتي الملح من المجعر والمعرام من جبل بلد شرعب وجبل الصِّيرة من شمالي الوادي وإليه من جنوبه عراصم من بلد الركب والحرجيّة فجبال معبر فدباس ثم يلتقي هو ونخلة بالقنا من رؤوس حيس منزل أبي جعفر بن النمر.

ثم وادي زبيد وقد ذكرناه وما بين بلد بني مجيد وأبين من الأودية المنتهية ذات الجنوب إلى حيَّز عدن فأول واد منها من تلقاء المشرق وادي الرَّغَّادة قوم من حمير فجبل صرر من أرض السكاسك فجبل الحشا من بلد السكاسك فبعدان وريمان والشّعر من بلد الكلاع وسخلان ودلال وميتم تبن ميتم وهي تبن ابن الرّوية غير تبن لحج والثَّجَّة من جبل التَّعكر مفضى هذه المياه إلى وادي الأحواض من السكَّاسك ويصب الأحواض من غربيه وروة من حصون السكَّاسك وجبل حمر من حصون السكاسك وهو غير حمر جبلان ثم ينتهي إلى جبل النسور وهو لحد بين السكاسك والأصنعة من حمير ومما يخالط هذا الوادي من غربيه أوطان السكاسك منها قرية الصّردف وأرض السَّلف والربيعيين ومنجل وجبل الصردف ثم تنتهي هذه المياه في وادي السوادن من شرقي الجند ثمَّ يصبّ فيه قيعان الأجناد فكلها من أجناد لألأة فإلى الفرحية من حازة جبل صبر من شرقيه نجد الصداري ووادي العرفة ووادي العرمة وهو موضع بني أبي كهيل السكسكي فشرقي جبل سامع فشرقي جبل الصِّلو جبل أبي المغلسّ وجميع مياه الدُّملوة قلعة ابن أبي المغلس التي تطلع بسلمين في السلم الأسفل منهما أربع عشرة ضلعاً والثاني فوق ذلك أربع عشرة ضلعاً بينهما المطبق وبيت الحرس على المطبق بينهما ورأس القلعة يكون أربعمائة ذراع في مثلها فيها المنازل والدور وفيها شجرة تدعى الكلهمه تظل مائة رجل وهي أشبه الشجر بالتُّمار وفيها مسجد جامع فيه منبر وهذه القلعة ثنية من جبل الصِّلو يكون سمكها وحدُّها من ناحية الجبل الذي هي منفردة منه مائة ذراع عن جنوبيها وهي عن شرقيها من خدير إلى رأس القلعة مسيرة سدس يوم ساعتين وكذلك هي من شماليها مما يصلى وادي الجنات وسوق الجؤة ومن غربيها بالضعف مما هي من يمانيها في السمك وبها مرابط خيل صاحبها وحصنه في الجبل الذي هي منفردة منه أعني الصلوِّ بينهما غلوة قوس ومنهلها الذي يشرب منه أهل القلعة مع السُّلّم الأسفل غيل بمأجل عذى خفيف عذب لا بعده وفيه كفايتهم وباب القلعة في شمالي القلعة وفي رأس القلعة بركة لطيفة ومياه هذه القلعة تهبط إلى وادي الجنات من شمالها ثم المآتي شمال سوق الجؤة إلى خدير ووادي الجنَّات هذا يشابه في الصفة وادي ضهر وهو كثير الغيول والمآجل والمسايل فيه الأعناب والورس مختلطة في أعاليه مع جميع الفواكه وأسفله جامع للموز وقصب السكر والأترج والخيار والذُّرة والقثاء والكزبرة وغير ذلك فيلتقي مياه هذا الوادي بما أمده مما ذكرنا بوادي ورزان الشاق في وسط خدير مما سمينا من صدور سامع والعرضة والنُّبيرة وهي قرية عبد الجبار بن ربيع الحوشبي في صدر صبر فإذا خاف طلع صبر إلى قلعة له تسمى ذات العم وهذه النُّبيرة كثيرة الأعناب والفواكه فيلتقي هذان الواديان وادي الجنات ووادي ورزان بجميع خدير إلى موضع يقال له كرش ثم يعترضهما وادي حرز مآتيه من شرقي جبال الصِّلو وشماليه الريِّسة وجنوبه جبل الرما فيلتقي هذه الأودية الثلاثة إلى مسير ساعة من كرش ثم يلقى هذه الأودية أودية السكاسك أيضاً من شرقيها وشمالها فمن شمالها وادي حقب ووادي ذابة فوادي ذابة هو وادي عبد الله بن أحمد السِّكسكي وعبد الله بن أبي تومة بن أحمد السكسكي وهما ببلد السكاسك وهو وادٍ موطَّى ينش لا شيء فيه سوى الذرة مآتيه جربان حصن عبد الله بن أحمد السكسكي وندمة قرية في أصل الجبل شمال الوادي وهو رأسه ومن شرقيه جبل حمر ويسكنه العوادر من السكاسك ووادي ذابة للأخاضر من السكاسك وهم رؤساؤهم وعهامة يسكنها الأعهوم من السكاسك شرقي الوادي ووادي الذوية وهو موضع موسى بن الهرامي حميري وفي رأس الوادي حصنه لطيف ومآتي هذا الوادي جبل الحشا شرقي الوادي ومنجل شمال الوادي وجبل حمر غربي الوادي ملتقى جميع هذه الأودية إلى جبل النسور ثم ينزل مثل ساعتين فيلتقيه وادي علصان ومآتي وادي علصان من شماليه جبل حرز وثعوبة ومن غربيه جبل أسحم ووادي صعة ومن شرقيه مجازع الطريق اليمني من محجة عدن إلى الجند وغيرها تلتقي هذه الأودية في لحج على مسيرة ساعة من قرية الجوار ثم يخرج هذا الوادي في الجوار ثم عند ثرى والجنيب وهما للواقدين ثم وسط الرَّعارع وهو سوق الواقديين ومدينتهم فور وهي قرية الأصابح ثم يخرج الغائط من لحج إلى بحر عدن.

والثاني وادي أبين وهو ما يلي لحج ومآتيه من شراد وبنا أرض رعين وقد ذكرناه.

الثالث وادي يرامس وهو دون هذين والرابع دثينة والخامس أحور وقد ذكرناهما.

جبال السكاسك: جبل الصرَّدف وجبل السودان من ظهر أديم.

جبال الأشعوب: الصِّلو الجامع لهم ثم بعد ذلك سامع ولحج وغير لحج ملح جبل صبر للحواشب جبال الرَّكب: ذخر وشمير ومعبر والجدون ودباس والمرير جبال جعدة: من جبالهم العظمى جبل حرير وهو غير حزيز وجبل ردفان وضرعة ومن حصونهم دون ذلك شكع والعسلم وحمرة.



مآثر هذه المواضع

مأثرة جبل السر ويسمى جبل الجناح فيظن من سمع هذا الاسم أن هذه المأثرة لشمر ذي الجناح وليس كذلك وهي مأثرة عظيمة تشابه بينون في الصفة وهي بالمعافر بالقرب من صحارة من شرقيها.

ومنها مصنعة وحاظة واسمها شباع وهي تشابه ناعط في القصور والكرف على باب القلعة من شرقيها موطاً في القاع وكريف درداع ويكون ستمائة ذراع في مثلها ومنها قلعة خدد معاندة لقلعة وحاظة بينهما ساعة من نهار وقلعة خدد هذه فيها قصر عظيم يقصر عنه الوصف.

والقلعة بطريقين على باب كل طريق ماؤه فطريق القلعة من جنوبها عليها كريف يسمى الوفيت منقور في الصفا الأسود وعمقه في الأرض خمسون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعاً والطول خمسون ذراعاً محجوز على جوانبه جدار يمنع السقوط فيه والماء الثاني من شمال الحصن على باب الحصن الثاني في جوبة من صفا كالبئر مطوي بالبلاط ودرج ينزل إليه من رأس الحصن بالسرج في الليل والنهار على مسيرة ساعة حتى يؤتى إلى الماء ولا يعلم من يكون على باب البئر من فوق ومنها خربة سلوق وكانت مدينة عظيمة بأرض خدير واسم بقعتها اليوم حبيل الريبة وهي آثار مدينة يوجد فيها خبث الحديد وقطاع الفضة والذهب والحُلى والنقد وإليها كانت العرب تنسب الدروع السلوقية والكلاب السَّلوقية.

ومنها جبل في مشرق وحاظة في رأس الجبل جثوة قصر منهدم باقية ذكر تشِّبه العرب قصر هرز لا يزال يوجد فيه الجوهر والذهب والناس يغزونه كما يغزون خربان الجوف.

وفي هذا النهج من المساجد الشريفة: مسجد الجند ومسجد نهرة وهو في رأس الشوافي من شمالي الجبل إلى جانب الحجر المسمى مسجد الحي ومسجد مُعاذ بصيد ومسجد جبل صنعان في رأس جبل الهان المشهور فيه البياض ليلة كل جمعة ويسمع فيه الأذان ولا يزال الزوار فيه من كل موضع ومسجد شاهر في رأس جبل ملحان وشاهر قرن في رأس جبل ملحان يقال إن فيه تسعا وتسعين عينا من الماء وهو مسجد شريف يقال: إنه لابد في آخر الزمان أن تظهر فيه علامة من نار أو غير ذلك والله أعلم.

ومنها الكنز المنظور المحظور بين جبل جرابي وجبل ملحان مقابلاً لشط الدّبة من وادي عيَّان ليس بعيان وهو إلى جانب جبل الظاهر المعروف بجبل المضرب من ملحان قد سار له وهمَّ به كثير من العرب فيحول بينهم وبينه تنيِّن مثل الحبل العظيم فلا يجدون إليه سبيلاً.

قرى بني مجيد: لبني مسيح منها أول قرية الواقدية لرؤسائهم وسادتهم ثم المنارة من علو البلد ومن سفلها العارة والعميرة والجروبة والممحاط والشقاق وموزع وقرية حنَّة قرى السَّكاسك: الجند والدّم والشرار وفيها يقول ابن أبان.

إن بالدم دارنا فالشرَّار فبسفحي عذامر فالعرار وذات السِّمكر والشفاهي والصَّردف والسُّودان وندبة وذات المعاقم والمحابير والضُّراهمة ومن الجبال التي تشاكل جبال الشام من ناحية هذا الحيز جبل صبر ومن جبلان جبل يامن بفتح الميم جزر اليمن الشرقي: وهي بمنزلة تهامة في الغربي أول هذا الحيّز مما يصلى عدن: تيه أبين وبه إرم ذات العماد فيما يقال وقد يقال: إن إرم ذات العماد دمشق لكثرة ما فيها من عمد الحجارة.

ثم أرض دثينة ويسقيها جبال السرو والكور من ناحية جنوبي السرو.

وأما مياه السرو الشرقية فتصب في جردان ومرخة قريب منها وهي موضع الأيزون وينتهي جردان إلى قريب من حضرموت.

وأما مرخة فتسقيها سراة مذحج السفلي وبيحان ويسقيها بلد ردمان وحصي وحريب ويسقيه جبال قرن من شرقيها.

ثم ميزاب اليمن الشرقي وهو أعظم أودية المشرق كما مور أعظم أودية المغرب وشعابه وفروعه كثيرة فأما من ناحية رداع فالعرش والمواضع التي قد ذكرها الرِّداعيَّ في قصيدته بالقرب من رداع وردمان وقرن وأذنة به بشران والجبل المشرفة على سيوق ومن جانب ذمار وبلد عنس جميعاً وهو مخلاف واسع وسمع به بينون وهكر وجميع ما ذكرناه في كتاب الاكليل من المحافد العنسَّية وبلد كومان وبلد الحدا وجبل إسبيل ورخمة وجبال بني وابش من مراد وجبال كداد وبلد قائفة من مراد والدقرار جبل بني مالك من مراد وفجاءة ومخلاف ذي جرة ويكلى وجيرة وجهران وهرَّان بسواد ذمار ومساقط بلد خولان من جنوبيِّه وما تيامن من القحف ورمك وموضح يكون هذه السيول وادي أذنة وتفضي إلى موضع السُّد بين مأزمي مأرب ويميل من خلف السُّد منه سبيبة إلى رحابة موضع النخل وترد سيول السُّويق وحبانين تلك البلاد الفلجين إلى أسفل الجنة اليمنى لمن هبط مأرب فتسقي بعد الجنتين أرض السَّبأين ثم الحرجة ثم حزمة البشريين ثم الروضة إلى نهيَّة دغل في طرف صهيد.

ثم من بعد مأرب أودية لطاف إلى الجوف مشاربها من شرفات ذي جرة ومن شرقي مخلاف خولان العالية منها العوهل الأعلى والعوهل الأسفل وحمض ويكون على هذه الأودية بنو الحارث بن كعب يسيمون النعم ثم أودية الرَّضراض وحريب نهم ومشاربها من جبال السرِّ صرع وسامك ومساقط بلد عذر مطرة وبلديام وهيلان وتحت سامك الرَّضراض وإليه ينسب معدن الرَّضراض وثمَّ قرية المعدن معدن الفضة وهو معدن لا نظير له في الغزر وخرِّب بعد قتل محمد بن يعفر وذلك إنه كان حدّاً بين نهمٍ من همدان ومرهبة ومراد وبلحارث وخولان العالية.

ثمَّ الجوف وهو منفهق من الأرض بين جبل نهم الشمالي الذي فيه أنف اللَّوذ وأوبن الجنوبي الموصل بهيلان من بعد.

.

.

وهينا وسعة ما بين الجبلين مرحلة في أسفل الجوف وطوله إلى أصحر وأشراف خبش مرحلة ونصف ويفضي إليه أربعة أودية كبار.

فأولها الخارد مخرجه مما بين جنوبه ومغربه ومساقي الخارد من فروع مختلفة فأولها من مخلاف خولان في شرقي صنعاء فيصب إليه غيمان وما أقبل من عصفان وثربان وظبوة وحزيز وإلى حزيز ينسب ثابت الحزيزي وقد روى عن عبد الله بن عمر وكان أبو سلمة فقيه أهل صنعاء يقول: أنا ممن أدركته دعوة النبي رأيت ثابتاً الحزيزي رأى ثابت عبد الله بن عمر صاحب رسول الله صلى لله عليه وسلم وما أقبل من عدورد وهو وادٍ يصب مع سامك ودبرة ووعلان وخدار إلى الحقلين والسهلين ونواحي بقلان وأعشار وما أقبل من أشراف نقيل السَّود فبيت بوس فجبل عيبان وجبل نقم وما بينهما من حقل صنعاء وشعوب ووادي سعوان ووادي السِّر ومطرة وفيها أودية كثيرة فجبل ذباب فزجان فشبام القصَّة تمرّ مياه هذه المواضع إلى خطم الغراب ووادي شرع من أسفل الصمع وحدقان ويلقى هذه الأودية سيل مخلاف مأذن من حضور المعلل وحقل سهمان ويعموم وبيت نعامة وبيت حنبص ومحيب ومسيب وحاز وبيت قرن وبيت رفح والبادات وريعان فوادي ضهر فعلمان فرحابة فالرَّحبة إلى حدقان وخطم الغراب ثم من المصانع وشبام أقيان وخلقة وحبابة وحضور بني أزد وبيت أقرع وقاعة وهند وهنيدة والبون عن آخره وغولة مثل ناهرة وضبَّاعين ولغابة والحيفة وسوق وخزامر وذي عرار وبيت ذانم وبيت شهير وحمدة وعجيب فصيحة فمساك فالأخباب وناعط وبلد الصَّيد وبه أودية من ظاهر همدان مثل يناعة وذي بين وما يسقيهما من ظاهر الصَّيد فيكون هذه المياه إلى ورور ويلقاها سيل العقل والكساد وصولان وأكانط ومشام النخلة ووادي محصم وما يسقط إليه من مدر وغتوة والخشب ولاميح وبلد ذبيان فيمر بالقحف وهرَّان والمناحي ويلتقي بمياه الخارد التي هبطت من صنعاء ومخاليفها فتلقي بالمناحي ثم يصبان بعمران وتعمل من أرض الجوف وهذا الجانب لبني نشق وبني عبد بن عليان وأما المناحي فلبني علوي.

والوادي الثاني: وادي خبش ويصب في موسط الجوف غربيه صادراً من خبش بعد ريّ نخيلها وزروعها وفروع هذا الوادي من سراة بلد وادعة وظاهرها ويمر بمواضع مما كان من بلاد بني معمر وبني عبد والهرائم فإنه ينحدر إلى خيوان فيسقيها ويمد باقيه سيل قيعتها وبوبان والأدمة وملساء ويلج الفج إلى خبش فتلقاه سيول بلد بني حرب بن وادعة من رميض وحوث ويضامُّه سيل الفقع والحواريين والمصرع وأثافت ودمَّاج وشواث وخرفان وجانب الكساد وقبلة ظاهر الصَّيد والعقل وجبل ذبيان الأكبر ورخمات وحاوتين والسبيع.

والوادي الثالث: يظهر في زاويته التي ما بين شماله ومغربه وفروعه من بلد خولان شرقي أبذر وبلاد دمَّاج ووتران والسرير والغليل وأسل وبلد دهمة من طلاح والعسَّتين واكتاف وحوام جدرة الجنوبية ومساقط برط والمراشي والفتول ويسقط أسيل أبذر على الأعين ثم العُقلة عقلة خطارير فمذاب فمجزر والحبط فحظيرة حوشم ومجزعة الغراب وعميش وشّجان وقصران وبلد رهم والعمشيّة والحلوى وطالعين وعظالم وشبراق وبركان وعيان وطمو ومساقط جبل سفيان وقبلة الأدمة والعبلة وأسحر والحاضنة والمقبرة ويلقي هذه المياه إلى ناحية الواغرة الشبا ويمدها سيل نعمان من بلد مرهبة ويظهر بغرق فيسقيها وينحدر إلى دار هاشم وموضع الداليين ويلتقي بالخارد مع سيل يحكش.

والرابع وادي المنبج: وفروعه من بلد يام القديمة وبلد مرهبة ملح وبرَّان ومسورة وجبال نهم مما يصالى مهنون من بلد خولان ويأتي قابل نهم الشمالي بأودية لطاف مثل أوبن وغيره ثم يشرع على الفرط وهو جانب الغائط وهومن ديار بلحارث أودية من بلد شاكر من برط وهو لدهمة ومن بلد وائلة وبلد أمير أودية منها حلف وقضيب والذي بين الجوف ونجران من الأعراض الكبار والنخيل وبه يفترق الطريق إلى الجوف ومأرب من وادي خب وهو العتيق ثم قضيب ثم حلف وكل هذه الأعراض من بلد شاكر.

ثم وادي نجران وفروعه من ثلاثة مواضع من بلد بني حيف من وادعة ومن بلد بني جماعة من خولان ومن بلد شاكر والحناجر من وادعةوبلد خولان فأما الشُّعبة اليمانية فإنها من شمالي وتران والسرير وغربي بلد شاكر إلى دمَّاج من أرض خولان ثم يخرج في الخانق من بلد خولان ثم يخرج في لهوة رحبان والحاوتان والغيل والبطنات والفقارة من بلد خولان ولقي سيل غربي صعدة من علاف البقعة وشعب عين والحدايق وفروة ونعمان وأفقين فالأسلاف فالفيض فالصحن فدقرار فالمواريد وضحيان فالخبت فبلد بني مالك من بني حيى فحضبر فالأخباب فنسرين فصعدة حتى يضامّ سيل دمَّاج بالخيبة من البطنة ويلقاهما سيل عكوان من شرقي دماج وقبلته وسيول شرقي كهلان فيضمّ إلى العشة ثم يلقاها وادي كشور فسيل جدرة وأداني أملح وأداني ضدح من بلد شاكر ولقيها بالفقارة سيل كتاف يصب بأسفل الحربا من وادي نحرد وبلد بني سابقة من وادعة ويمدها سيل قاضي دينه والدّحاض والركب حتى تصب في وادي العرض هو مسيل الفرعين الآخرين فالشمالي منهما من الثويلية والشفرات وعمدان وهضاض وبقعة وشرقي بلد جماعة من شمالها والغربي منها من شرقي بوصان ويسنم وقراط وبلد بني سلمان من بني حيى ودلعان وسروم والسّروم من بني جماعة وسروم بني سعد وأرض بني ثور فيجتمع كل هذه المياه من أسفل العرض بضيقتين وهما مضيق بين جبلين ويتقدم في شوكان من أعلى وادي نجران فيسقيه وينتهي في الغائط ثم يعترض بين نجران وتثليت أودية مثل حبونن وغيره من بلاد وادعة وبلد يام وزبيد سنحان وبلد جنب وسنذكر ديار هؤلاء القوم بعد إن شاء الله تعالى.

فلاة اليمن وتسمى الغائط: أما فلاة اليمن وغائطه فإنه صهيد وهي فلاة تتفرق من الدَّهناء من ناحية اليمامة والفلح ويشرع عليهاجزر اليمن من مصامة بني عامر بناحية ترج فتثليث فيما بين تثليث ودثينة وتفرق هذه الفلاة بين جزر اليمن من أسافل هذه الأودية وبين حضرموت من أربع مراحل وخمس فيما بين نجران وبيحان وأما ما خلف نجران إلى الشمال فأكثر لأن صهيد يقبل عن فرقين من الدهناء أحدهما من شرقي اليمامة ويبرين والثاني من غربي اليمامة وما بينهما وبين جبل الحضن فشرقي بلد بني هلال وشرقي أعراض نجد تبالة وترج وبيشة حتى يصدر عن المصامة وهي فلاة لا ماء فيها فمن أراد حضرموت من نجران والجوف جوف همدان ومأرب فمخرجه العبر منهل فيه آبار ومن قصدها من بيحان والسرَّو ودثينة فمخرجه من بلد مذحج ثم خرج أودية تصب من بلد مذحج إلى حضرموت حتى يصل إلى دهر وهو أول حضرموت من ذلك الجانب وهو لكندة وساكنه تجيب ثم إلى وادي رخية وفيه قرى منها صمع وسور بني حارثة.