صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/31

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(٣٢)

من خلفه فلمّا رأى صاحب الروم كمال عقله وحسن جوابه وخطابه قال له: أمن بيت الخلافة أنت؟ قال: لا أنا رجل من العرب.

فكتب إلى عبد الملك: عجبت من قوم عندهم مثل هذا الرجل وولّوا غيره أمرهم! فقال عبد الملك للشعبي: حسدني عليك أراد أن أقتلك! فقال الشعبي: إنّما كهر أمير المؤمنين لأنّه لم يرك! فقال: لله درّك ما عدا ما في نفسي.

وحكي أن الشعبي جلس يوما للقضاء فاحتكم إليه زوجان وكانت المرأة من أجمل النساء فأظهرت المرأة حجّتها. فقال للزوج: هل لك ما تدفع هذه؟ فأنشأ يقول:

فتن الشّعبيّ لمّا رفع الطّرف إليها
فتنته بدلال وتخطّى حاجبيها
قال للجوّار قرّبها وقرّب شاهديها
فقضى جورا على الخصم ولم يقض عليها

قال الشعبي: دخلت على عبد الملك بن مروان فلمّا نظر إليّ تبسّم وقال:

فتن الشّعبيّ لمّا رفع الطّرف إليها

ثمّ قال: ما فعلت بقائل هذا؟ قلت: أوجعت ظهره ضربا يا أمير المؤمنين لما هتك حرمتي! فقال: أحسنت والله وأجملت!

وحكي أن الشعبي دخل على قوم وهم يذكرونه بالسوء فقال:

هنيئا مريئا غير داء مخامر
لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

وسبّه رجل فقال: يا هذا إن كنت صادقًا غفر الله لي وإن كنت كاذبًا غفر الله لك!

توفي سنة أربع ومائة عن اثنتين وثمانين سنة.


شمخ


قرية بأرض اليمن من عجائبها أن بها شقّا ينفذ إلى الجانب الآخر فمن لم يكن ولد رشدة لا يقدر على النفوذ فيه.

حكى رجل من مراد قال: وليّت صدقات فبينا أنا أقسمها إذ قال لي رجل: ألا أريك عجبا؟ قلت: نعم. فأدخلني شعب جبل فإذا أنا بسهم من سهام عاد كأكبر ما يكون من رماحنا مفوّقا تشبّث بذروة الجبل وعليه مكتوب:

ألا هل إلى أبيات شمخ بذي اللوى
لوى الرّمل من قبل الممات معاد
بلاد بها كنّا وكنّا نحبّها
إذ النّاس ناس والبلاد بلاد

ثمّ أخذ بيدي إلى الساحل فإذا بحجر يعلوه الماء طورا ويظهر أخرى وعليه مكتوب: يا ابن آدم يا عبد ربّه اتّق الله ولا تعجل في رزقك فإنّك لن تسبق رزقك ولن ترزق ما ليس لك ومن لم يصدّق فلينطح هذا الحجر حتى ينفجر!

شيلا

بلدة من أواخر بلاد الصين في غاية الطيب لا يرى بها ذو عاهة من صحّة هوائها وعذوبة مائها وطيب تربتها.

أهلها أحسن الناس صورة وأقلّها