صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/52

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
53

حسام الدين أبو المؤيّد نعمان أن تلك الخاصيّة في المرة الأولى كراكب البحر فإنّه في المرّة الأولى يغشاه الدوار والغشيان وبعد ذلك لا يكون شيء من ذلك.

وقال الأمير أبو المؤيد : حضرت عند بعض الأمراء بتلك الديار فأحضر عندنا مجمرة عليها عود فرأيت وجه من كان قاعدا عندي انتفخ وشخصت عيناه وتغيّر عليه الحال وتهوّع فأمر أمّ المثوى بإزالة المجمرة متبسّما فرجع صاحبي إلى حاله! قلت له : ما الذي دهمك فإني رأيت منك على صفة كذا؟ فقال لي : وأنا أيضا رأيت منك مثل ما رأيت مني! فأخبرتنا أمّ المثوى أن هذا من خاصيّة هذا الحجر وأنا أردت أن أريكم شيئا عجيبا.


جاجلى


مدينة بأرض الهند حصينة جدّا على رأس جبل مشرف نصفها على البحر ونصفها على البرّ. قالوا : ما امتنع على الإسكندر شيء من بلاد الهند إلّا هذه المدينة.

قال مسعر بن المهلهل : أهل هذه المدينة كلّها من الكواكب يعظّمون قلب الأسد ولهم بيت رصد وحساب ومعرفة بعلم النجوم. وعمل الوهم في طباعهم إذا أرادوا حدوث حادث صرفوا همّتهم إليه وما زالوا به حتى حدث.

حكي أن بعض ملوكهم بعث إلى بعض الأكاسرة هدايا فيها صندوقان مقفّلان فلمّا فتحوهما كان في كلّ صندوق رجل قيل : من أنتما؟ قالا :نحن إذا أردنا شيئا صرفنا همّتنا إليه فيكون. فاستنكروا ذلك فقالا : إذا كان للملك عدوّ لا يندفع بالسيف فنحن نصرف همّتنا إليه فيموت! فقالوا لهما :اصرفا همّتكما إلى موتكما. قالا : اغلقوا علينا الباب. فأغلقوا ثمّ عادوا إليهما فوجدوهما ميتين فندموا على ذلك وعلموا أن قولهما صحيح.

وبهذه المدينة شجرة الدارصيني وهي شجر حرّ لا مالك له.

وأهل هذه المدينة لا يذبحون الحيوان ولا يأكلون السمك ومأكولهم البرّ والبيض.

جزيرة برطاييل


جزيرة قريبة من جزائر الزانج قال ابن الفقيه : سكّانها قوم وجوههم كالمجانّ المطرّقة وشعورهم كأذناب البراذين وبها الكركدن وبها جبال يسمع منها باللّيل صوت الطبل والدفّ والصياح المزعجة والبحريّون يقولون :إن الدجّال فيها ومنها يخرج.

وبها القرنفل ومنها يجلب وذلك أن التجّار ينزلون عليها ويضعون بضائعهم وأمتعتهم على الساحل ويعودون إلى مراكبهم ويلبثون فيها فإذا أصبحوا ذهبوا إلى أمتعتهم فيجدون إلى جانب كلّ شيء من البضاعة شيئا من القرنفل فإن رضيه أخذه وترك البضاعة وإن أخذوا البضاعة والقرنفل لم تقدر مراكبهم على السير حتى يردّوا أحدهما إلى مكانه