صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/61

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
62

الصغرى والمتجر المربح وهي من بقيّة مدائن قوم لوط وإنّما نجت لأن أهلها لم يكونوا آتين بالفاحشة.


زويلة


مدينة بإفريقية غير مسورة في أوّل حدود السودان ولأهلها خاصيّة عجيبة في معرفة آثار القدم ليس لغيرهم تلك الخاصّية حتى يعرفون أثر قدم الغريب والبلدي والرجل والمرأة واللّص والعبد الآبق والأمة والذي يتولّى احتراس المدينة يعمد إلى دابّة يشدّ عليها حزمة من جرائد النخل بحيث ينال سعفه الأرض ثمّ يدور به حول المدينة فإذا أصبح ركب ودار حول المدينة فإن رأى أثرا خارجا تبعه حتى أدركه أينما توجّه.

وقد بنى عبد الله المهدي جدّ خلفاء مصر إلى جانب زويلة مدينة أخرى سمّاها المهديّة بينهما غلوة سهم. كان يسكن هو وأهله بالمهدّية وأسكن العامّة في زويلة وكانت دكاكينهم وأموالهم بالمهدية وبزويلة مساكنهم فكانوا يدخلون بالنهار زويلة للمعيشة ويخرجون باللّيل إلى أهاليهم فقيل للمهدي : إن رعيتك في هذا في عناء! فقال : لكن أنا في راحة لأني بالليل أفرّق بينهم وبين أموالهم وبالنهار أفرّق بينهم وبين أهاليهم فآمن غائلتهم بالليل والنهار!

السّند


ناحية بين الهند وكرمان وسجستان ؛ قالوا : السند والهند كانا أخوين من ولد توقير بن يقطن بن حام بن نوح عليه السلام.

بها بيت الذهب ؛ قال مسعر بن مهلهل : مشيت إلى بيت الذهب المشهور بها فإذا هو من ذهب في صحراء يكون أربعة فراسخ لا يقع عليها الثلج ويثلج ما حولها وفي هذا البيت ترصد الكواكب وهو بيت تعظّمه الهند والمجوس وهذه الصحراء تعرف بصحراء زردشت نبيّ المجوس ويقول أهل تلك الناحية : متى يخرج منه إنسان يطلب دولة لم يغلب ولا يهزم له عسكر حيث أراد.

وحكي أن الإسكندر لمّا فتح تلك البلاد ودخل هذا البيت أعجبه فكتب إلى أرسطاطاليس وأطنب في وصف قبّة هذا البيت فأجابه أرسطو : إني رأيتك تتعجّب من قبّة عملها الآدميون وتدع التعجّب من هذه القبّة المرفوعة فوقك وما زينت به من الكواكب وأنوار الليل والنهار! وسأل عثمان بن عفّان عبد الله بن عامر عن السند فقال : ماؤها وشل وتمرها دقل ولصّها بطل! إن قلّ الجيش بها ضاعوا وإن كثروا جاعوا! فترك عثمان غزوها.

وبها نهر مهران وهو نهر عرضه كعرض دجلة أو أكثر يقبل من المشرق آخذا إلى الجنوب متوجّها نحو المغرب ويقع في بحر فارس أسفل السند ؛ قال الاصطخري : نهر مهران يخرج من ظهر جبل