صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/64

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
65

يوجد في شيء من البلاد وأمّا زبيبها فيضرب بحسنه المثل.

بها وجّ الطائف وإنّها واد نهى النبيّ عن أخذ صيدها واختلاء حشيشها.

بها حجر اللات تحت منارة مسجدها وهو صخرة كان في قديم الزمان يجلس عليه رجل يلتّ السويق للحجيج فلمّا مات قال عمرو بن لحيّ : إنّه لم يمت لكن دخل في هذه الصخرة! وأمر قومه بعبادة تلك الصخرة وكان في اللات والعزّى شيطانان يكلّمان الناس فاتّخذت ثقيف اللات طاغوتا وبنت لها بيتا وعظّمته وطافت به وهي صخرة بيضاء مربّعة فلمّا أسلمت ثقيف بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا سفيان بن حرب ومغيرة بن شعبة فهدماه والحجر اليوم تحت منارة مسجد الطائف.

وبها كرم الرهط كرم كان لعمرو بن العاص معروشا على ألف ألف خشبة شري كلّ خشبة درهم فلمّا حجّ سليمان بن عبد الملك أحبّ أن ينظر إليه فلمّا رآه قال : ما رأيت لأحد مثله لو لا أن هذه الحرة في وسطه! قالوا : ليس بحرّة بل مسطاح الزبيب. وكان زبيبه جمع في وسطه ليجفّ فرآه من بعيد فظنّه حرّة.

وبها سجن عارم وهو الحبس الذي حبس فيه عبد الله بن الزبير محمّد ابن الحنفية يزوره الناس ويتبرّكون به سيّما الشيعة سيّما الكيسانيّة ؛ قال كثير يخاطب ابن الزبير :

يخبّر من لا قيت أنّك عائد
بل العائد المحبوس في سجن عارم
ومن يلق هذا الشّيخ بالخيف من منى
من النّاس يعلم أنّه غير ظالم
سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه
وفكّاك أغلال وقاضي مغارم
أبى هو لا يشري هدى بضلالة
ولا يتّقي في الله لومة لائم
فما نعمة الدّنيا بباق لأهله
ولا شدّة البلوى بضربة لازم

وينسب إليها الحجّاج بن يوسف الثقفي من فحول الرجال كان أوّل أمره معلّما لوشاقية سليمان بن نعيم وزير عبد الملك بن مروان وكان فصيحا شاطرا قال عبد الملك لوزيره : إني إذا ترحّلت يتخلّف مني أقوام أريد شخصا يمنع الناس عن التخلّف. فاختار الوزير الحجّاج لذلك فرأى في بعض الأيّام أن الخليفة قد رحل وتخلّف عنه قوم من أصحاب الوزير فأمرهم بالرحيل فامتنعوا وشتموه في أمّه وأخته فأخذ الحجّاج النار وأضرمها في رحل الوزير فانتهى الخبر إلى عبد الملك فأحضر الحجّاج وقال : لم أحرقت رحل الوزير؟

فقال : لأنّهم خالفوا أمرك! فقال للحجّاج : ما عليك لو فعلت ذلك بغير الحرق؟ فقال الحجّاج : وما عليك لو عوّضته من ذلك ولا يخالف أحد بعد هذا أمرك! فأعجب الخليفة كلامه وما