صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/66

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
67

فأهدى صاحب القلعة إلى السلطان هدايا كثيرة، منها طائر على هيئة القمري، خاصيّته إذا أحضر الطعام وفيه سمّ دمعت عيناه وجرى منهما ماء وتحجّر، فإذا تحجّر سحق وجعل على الجراحات الواسعة الحمها، وهذا الطائر لا يوجد إلّا في ذلك الموضع ولا يتفرّج إلّا فيه.

عدن


مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن، سميّت بعدن بن سنان بن إبراهيم، عليه السلام، لا ماء بها ولا مرعى، شربهم من عين بينها وبين عدن مسيرة يوم، وكان عدن فضاء في وسط جبل على ساحل البحر، والفضاء يحيط به الجبل من جميع الجوانب، فقطع لها باب بالحديد في الجبل فصار طريقا إلى البرّ. وإنّها مرفأ مراكب الهند وبلدة التجار ومرابح الهند، فلهذا يجتمع إليها الناس ويحمل إليها متاع الهند والسند والصين والحبشة وفارس والعراق، وقال الاصطخري : بها مغاص اللؤلؤ. بها جبل النار وهو جبل أحمر اللّون جدّا في وسط البحر ؛ قالوا : هو الجبل الذي تخرج منه النار التي هي من اشراط الساعة، وسكّان عدن يزعمون أنّهم من نسل هارون، عليه السلام، وهم المربّون. وبها البئر المعطّلة التي ذكرها الله تعالى في القرآن. ومن حديثها أن قوم صالح، عليه السلام، بعد وفاته تفرّقوا بفلسطين، فلحقت فرقة منهم بعدن، وكانوا إذا حبس عنهم المطر عطشوا وحملوا الماء من أرض بعيدة، فأعطاهم الله بئرا فتعجّبوا بها وبنوا عليها أركانا على عدد القبائل، كان لكلّ قبيلة فيها دلو. وكان لهم ملك عادل يسوسهم، فلمّا مات حزنوا عليه فمثل لهم الشيطان صنما على صورة ذلك الملك، وكلّم القوم من جوف الصنم : إني ألبسني ربي ثوب الالهيّة والآن لا آكل ولا أشرب، وأخبركم بالغيوب فاعبدوني فإني أقربكم إلى ربكم زلفى! ثمّ كان الصنم يأمرهم وينهاهم فمال إلى عبادة الصنم جميعهم، فبعث الله إليهم نبيّا فكذّبوه، فقال لهم نبيّهم : إن لم تتركوا عبادة الصنم يغور ماء بئركم! فقتلوه فأصبحوا لم يجدوا في البئر قطرة ماء. فمضوا إلى الصنم فلم يكلّمهم الشيطان لمّا عاين نزول ملائكة العذاب، فأتتهم صيحة فأهلكوا، فأخبر الله تعالى عنهم وعن أمثالهم : وكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطّلة وقصر مشيد. والقصر المشيد بحضر موت وقد مرّ ذكره، ويقال : إن سليمان بن داود، عليه السلام، حبس المردة مصفّدين في هذه البئر وهي محبسهم.

فاس


مدينة كبيرة مشهورة في بلاد بربر على برّ المغرب بين ثنيتين عظيمتين، والعمارة قد تصاعدت حتى بلغت مستواها، وقد تفجّرت كلّها عيونا تسيل إلى قرارة إلى نهر منبسط إلى الأرض ينساب إلى مروج خضر، وعليها داخل