صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/67

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
68

المدينة ستمائة رحى، ولها قهندز في أرفع موضع منها، ويسقيها نهر يسمّى المفروش. قال أبو عبيد البكري : فاس منقسمة قسمين، وهي مدينتان مسورتان، يقال لإحداهما عدوة القروبيين وللأخرى عدوة الأندلسيّين، وفي كلّ دار جدول ماء وعلى بابها رحى وبستان، وهي من أكثر بلاد المغرب ثمارا وخيرا وأكثر بلاد المغرب يهودا، منها يختلفون إلى سائر الآفاق، بها تفّاح حلو يعرف بالاطرابلسي حسن الطعم جدّا، يصلح بعدوة الأندلسيّين ولا يصلح بعدوة القروبيين، وسميذ عدوة الأندلسيّين أطيب من سميذ عدوة القروبيين، ورجال الأندلسيّين أشجع من رجال القروبيين، ونساؤهم أجمل، ورجال القروبيين أحمد من رجال الأندلسيّين ؛ قال إبراهيم الأصيلي :

دخلت فاسا وبي شوق إلى فاس
والجبن يأخذ بالعينين والرّاس
فلست أدخل فاسا ما حييت ولو
أعطيت فاسا وما فيها من النّاس


فيصور


بلاد بأرض الهند يجلب منها الكافور القيصوري وهو أحسن أنواعه. وذكروا أن الكافور يكثر في سنة فيها رعود وبروق ورجف وزلازل، وان قلّ ذلك كان نقصا في وجوده.

قبا


قرية على ميلين من مدينة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم. بها مسجد التّقوى وهو المسجد الذي ذكره الله تعالى : لمسجد أسس على التقوى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه، فيه رجال يحبّون أن يتطهّروا، والله يحبّ المطّهّرين. ولمّا قدم رسول الله، عليه السلام، قبا مهاجرا يريد المدينة، أسّس هذا المسجد ووضع بيده الكريمة أوّل حجر في محرابه، ووضع أبو بكر، رضي الله عنه، حجرا، ثمّ أخذ الناس في البناء وهو عامر إلى زماننا هذا، وسئل أهله عن تطهّرهم فقالوا : إنّا نجمع بين الحجر والماء. وبها مسجد الضّرار ويتطوّع الناس بهدمه، وبها بئر غرس كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يستطيب ماءها وبصق فيها، وقال : إن فيها عينا من عيون الجنّة.


قزدار


ناحية بأرض الهند. قال أبو الحسن المتكلّم : كنت مجتازا بناحية قزدار، فدخلت قرية من قراه فرأيت شيخا خياطا في مسجد فأودعت ثيابي عنده ومضيت. ثمّ رجعت من الغد فرأيت باب المسجد مفتوحا والرزمة يشدّها في المحراب، فقلت : ما أجهل هذا الخيّاط! فقال : افتقدت منها شيئا؟ قلت : لا. قال : فما سؤالك؟ فأقبلت أخاصمه وهو يضحك. قال : أنتم نشأتم في بلاد الظلم، وتعوّدتم أخلاق الأراذل التي توجب السرقة والخيانة وانّها لا تعرف ههنا،