صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/41

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ۲۹ -

حينئذ تسمعك الدوحة صوتها . حينئذ تعلن الدوحة عن نفسها بتلك الصرخة الشديدة ـ صرخة الفناء والموت _ صوت انصداعها وانقصامها ، فهل أسمعتك الدوحة صوتها ساعة البذر والغرس المبارك حين نثرت بذرتها من حجور بعض الرياح الميمونة. هل أسمعتك صوتها ساعة اكتست حلل الورق النضر ووشى الزهر المفوف ( وما كان أمتعها ساعة واملأها بالافراح والمسار ) . كلا لم تسمعك الدوحة صوتها في تلك الاوقات الهنيئة ولم تنبس بحرف واحد اعلانا لهذه الحوادث المفرحة . انما أسمعتك صوتها ساعة المصاب والفجيعة - ساعة الموت والفناء

وهكذا رأينا ثروت وسط الزوبعة السياسية يكد ويعمل في أتم سكينة وصمت لاثرثرة ولا افتخار ولادعوى.ولااضاعة للوقت الثمين في المجادلات العقيمة المجدبة وخوض النظريات الخيالية المستحيلة ولا في الشقشقة الهدارة والجلجلة الطنانة . ولكنه وقف مجهوداته العظيمة على الكد الدائب وحصر هممه الجسيمة في العمل المتواصل. وبارك الله في الاعمال انها أجل وأعظم من الاقوال . الا انما الاعمال المملوءة بالروح حافلة بالحياة جياشة بمادتها الغزيرة الزاخرة . الاعمال طافحة بالحياة الصامتة التي هي برغم صمتها حقيقة مقررة واقعة حاضرة الخير حاصلة الارباح