صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/21

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وتشدداً . وهذه الصفات على تناقضها تجتمع فيهم محافظة على العرش، وذوداً عن حياضه . فاذا نظرت الى تساهلهم الديني ، واطلاقهم حرية الفكر ، فلا ينبغي ان تغفل عما كان يعانيه الافراد و الجماعات من ضغط وتنكيل . فالحرية عندهم مكفولة ما دامت بعيدة من سياسة الاحزاب ، والتساهل عندهم مباح ما دام لا يؤثر في الملك . و يحمل بنا ان نوضح هذه المسألة فنقول : ان الشعب العباسي لم يكن عربياً خالصاً بل خليط شعوب متعددة . فان المنصور لما بنى بغداد سنة 145ھ(٧٦٢م) وجعلها مقر الخلافة، بين العرب والفرس واهم اخرى عجمية كانت تسكن العراق،وتدين بالنصرانية وغير النصرانية . ورأى الخلفاء ان العناصر التي تدين بغير الاسلام لم تبرح قوية، وان عدداً غير قليل من الفرس المسلمين لم يكن لهم نصيب وافر من الايمان،لحداثة عهدهم بالاسلام ، و لتأثير الدين القديم في نفوسهم ، فقضت عليهم مصلحة الدولة باطلاق حرية الدين، فاطلقوها محافظة على الامن ، واسترضاء للعناصر الغربية . وكان اكثر هذه الشعوب التي اختلطت بالعرب على جانب عظيم من العلم والحضارة. فرأى الخلفاء ان يستغلوا معارفهم، ويستفيدوا منها . فاطلقوا لهم حرية الفكر والقلم ، فأكبوا على النقل والتأليف ، والحفوا العربية بكنوز ثمينة كانت العون الاكبر في نهضة العلوم والاداب ولئن افادت حرية الدين والفكر من ناحية لقد أضرت من ناحية اخرى . فانها نشرت الخلاعة والسكر والمحجون، وولدت البدع في الاسلام ،و انتجت الهزء بالاديان ، فكثر الشك وكثرت الزندقة واما الحرية السياسية فان الخلفاء رأوا من الحزم ان يخنقوهـا لئلا يعرضوا ا بنى المنصور بغداد بعد موقعة الهاشمية لما ثار به اهل خراسان على اثر مقتل ابي مسلم وكادوا يقتحمون به . وكان اهل الكوفة وهم في كثرتهم شيعيون، يفسدون عليه جنده . فكره البقاء في الهاشمية . وهي غير امينة لفرجامن الكوفة، ثملان:احها لبلاد الفرس .. في بداء وجعلها وسطاً بين العرب والعجم . ولم يكن بوسعه أن يعيد مقر الخلافة إلى دمشق لاخيها اموية ، ولانه لا . يريد ان يتمد نظره عن بلاد فارس