صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/24

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۸ و كان للشعراء القسط الأوفر من هذا العيش الخضيل . فان الخلفاء بعد ان استتب لهم الامر، ودانت لهم الاعداء ، و حضدوا شوكة الاحزاب، انصرفوا الى الحياة يتذوقون نعيمها ، والشعر من نعيم الحياة فقربوا الشعراء وجعلوهم ندماءهم . فايسر الشعراء واتسعت ذات يدهم ، فرقهوا واسرفوا في اللذة. فرقت طباعهم ولانت نفوسهم . ورق شعرهم ، ولانت الفاظه وقل استعمال الغريب فيه . والشعر مرآة النفس ، فاذا كانت النفس قاسية خشنة خرجت الالفاظ وحشية صلبة . واذا كانت لطيفة ناعمة خرجت الالفاظ سهلة لينة ولم يكن للشعراء الموالي حظ في صدر الاسلام ، فلم يرتفع شأنهم ولم يكثر عددهم . واما في هذا العصر فقد تكاثروا ونموا، واشتد خطرهم و نبغت منهم طائفة تقلدت زعامه الشعر واعترف لها الشعراء . وقد علمنا انهم يكرهون العرب،فانفوا ان يتشبهوا بهم، ويقلدوهم في ان اليهم و كان لهم من حضارتهم ومن عنصرهم العجمي ما يبعدهم من وحشي . فكان لهم الفضل في تجدد الالفاظ ، وفي تجدد المعاني اللفظ وبدوي المعنى التجرد اللفظي فاما التجدد اللفظي فلم يقتصر على تسهيل الالفاظ وتليينها ، بل تعداهما الى تزيينها وتنميقها . فقد عني الشاعر العباسي بتوشيتها كما عني بتوشية ثوبه وداره وماعونه . فاكثر من الاستعارات والتشابيه والتزمها التزاماً . وافتن في انواع البديع و تعمده تعمداً. واول من تكلفه وخرج به عن عفو الخاطر بشار بن برد ، فمسلم بن الوليد ، قابو نواس ، فأبو تمام - والحياة العباسية كانت تدعو الى هذا الوشي والتنميق من جميع نواحيها . فمن انغماس في الرخاء والترف ، الى تخلق باخلاق فارسية بلاغا الفن والتصنع لبعدها من السذاجة والفطرة . و دخل على لغة الشعر الفاظ غريبة دعت اليها الحاجة ، كالالفاظ العلمية والفلسفية