صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/26

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

شواهق، وحدائق نواضر الى نهور دو افق ، وسفائن مواخر. فاصبحوا اذا عمدوا الى التشبيه استمدوا اكثره من البساتين والحلي والرياش والطيوب ، فذاع عندهم تشبيه الخد بالتفاح والورد والياسمين، والبنان بالعناب. والعيون بالنرجس ، والحمر بالياقوت و الذهب . والكأس باللؤلؤ . وقوس السحاب باذيال مصبغة . والهلال بين الغيوم بزورق من فضة عليه حمولة من عنبر . وغير ذلك من الوان الحضارة الجديدة . على ان هذا الخيال كان يرافقه العقل ، فما يدعه ينطلق على هواه، كما كان ينطلق خيال الشاعر الجاهلي والاسلامي بل عني بتهذيبه وتنظيمه . فنشأ عن ذلك اتساق في الافكار ،فاصبح الشاعر اذا تغزل واراد الانتقال الى المدح لايثب اليه وثباً، بل يد جسراً يعبر عليه ، وهذا ما يسمونه حسن التخلص . ولا ريب في ان نقل الفلسفة والمنطق كان أثره بليغا في تنظيم افكار الشعراء ودقة خيالاتهم . واثر فيهم نقل العلوم فاستعملوا المواضيع العلمية في شعرهم ، ولم تكن معروفة من قبل ، كقصيدة صفوان الانصاري التي يصف بها معادن الارض راداً على بشار بعد ان مدح بشار ابليس ، وزعم ان النار خير من الارض . وحسبك ان تقرأ منها هذين البيتين لتعلم مبلغ تأثير العلوم الدخيلة في الشعر العباسي قال : وفيها ضروب القار والشب والنهى، وأصناف كبريت مطاولة الوقد ومن إثمد جون ، وكلس وفضة ، زمن توتياء في معادنه هندي و لكن هذا التجدد في اللفظ والمعنى لم يشمل ابناء العصر كلهم بل كان هناك جماعة المحافظين على القديم، يدافعون عنه دفاع المستميت،ويناهضون الجديد بجميع قواهم . حتى ان الشعراء المجددين كانوا يتكلفون الاساليب القديمة بعض الاحيان أرضاء لهؤلاء . T ا وفيها : الضمير يعود على الارض . ضروب : جمع ضرب وهو النوع . القار : الرفت . الشب : ملح ..دني يعرف عند العامة بالشبتة ، النهى : الزجاج . مطاولة الوقد : عاطلة في الاشتعال اند جون : كحل اسود ، التونياء : حجر يكتحل به E