صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/30

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

العفيف، والحضري المتهتك . فاما الاول فلم يبق له حظ كبير في هذا العصر لشيوع الخلاعة والفسق في جميع الحواضر والامصار . ولان شعراء البادية كانوا يتهافتون على بغداد متكسبين ، فتستهويهم حضارتها ، ورخاء عيشها ، فتطيب لهم السكنى فيها ، فما يلبثون ان يدب فيهم الفساد ، فيتخلقوا باخلاق اهلها واما الثاني فقد ازداد شيوعاً وكثر اتباعه، وولدوا منه نوعاً جديداً صوروا به مبلغ ما انتهى اليه الفساد عندهم، وهذا النوع هو الذي يسمونه غزل المذكر ، و كان سبب ظهوره اختلاط العرب بالاعاجم المترفين وكثرة الرقيق من غلمان الترك والديلم و الروم . وربما اصطنع الشعراء غزل المذكر في الاناث تلطفاً و تكنية او مجاراة للوزن والقافية . وكان للمرأة العجمية نصيب من الرق، وكانت على جانب من العلم والادب) تقرض الشعر وتحسن الغناء ، ولا تتحرج من مجالسة الرجال ومنادمتهم فتحول الغزل اليها بعد ان كان في المرأة العربية ، وكثرت مجالس اللهو ، فكانت تعقد في دور الخلفاء والامراء كما تعقد في الحوانيت والمنازل الخاصة . وافرط الشعراء في المحجون لاتساع رزقهم ، وفرة اسباب لهوهم فخلعوا رداء الحيا.. وارادوا التغزل فتعروا ، واسرفوا في تعهرهم ، فكان شعر هم صورة لتلك البيئة المريضة الأخلاق وكان الغزل في الجاهلية والاسلام تمازجه الأنفة والرصانة،فاكتسى في العباسيين ثوب العبودية والمذلة . فصار الشاعر لا يطيب له الا ان يفرش خدوده موطئاً لاقدام حمليه ، والا ان يدعوه مولاه و. يده ومالك رقه. والاسراف في اللذة يولد الذل والعبودية في نفس طالبها ، لان النزول بالحب من الدرج الاعلى الى الدرك الأسفل تميت الأنفة، ويبعث الخنوع . ولا نرى حاجة الى التبسط في الكلام على الغزل الذي كانوا يوطئون به قصائد المدح ، فالتكلف ظاهر على اكثره ، لأن اصحابه كانوا ينظمونه ترسماً للاقدمين ، لا اندفاعاً الشعور الصادق . الشعر المري ولا غرو ان يكون للخمرة سهم وافر من هذه الحياة الائيمة،وهي آلة الإثم ، 4 +