صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/31

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فتذيع بين الناس ويذيع معها الشعر الحمري ، بعد ان كاد يتلاشى في صدر الاسلام لولا الاخطل و الوليد بن يزيد - وزاد الناس اقبالا عليها إقدام بعض الخلفاء على شربها ، فقد كانوا يقيمون مجالس اللهو في قصورهم ، فتغني القيان لهم ، ويدور الغلمان عليهم بالكؤوس ، فيشربون ويلهون ويعيشون . وكانت بغداد وما جاورها من القرى حافلة بالحوانيت والدساكر فكان الشعراء يقصدونها للسكر واللهو ، فافتنوا في وصف الحمرة وكؤوسها ، وتأثيرها في نفس شار.ا . ووصف السكارى وعربدتهم ، والساقي والساقية والقينة والنديم ، فابدعوا في هذا الفن ايما ابداع واحدثوا فيه اشياء جديدة لم يسبقوا اليها . ونستطيع القول ان الشعر الحمري بلغ غاية الجمال في هذا العصر لو لم يشبه شي. كثير من التعهر والمجون المرح كانت بغداد مورداً عذباً لطوائف الشعراء، فاقبلوا عليها بينهلون من فيضها، فما ينضب معينه ولا يرتوون - فتكاثر عددهم ، وراحوا يتنافسون في مدح الخلفاء و الامراء مستدرين اكفهم ، وبالغين في مدحهم ، و الزلفي اليهم . فاصبح الغلو ميزة خاصة لهذا النوع من الشعر ، لانه جعل آلة للتكسب . ولان اولي الامر تبدلت اذواقهم بتبدل البيئة ، فخرجوا عن السذاجة الفطرية التي كان يتحلى بها الاوائل ، و استهوتهم ابية الملك وعزة السلطان، وهزتهم الحضارة الفارسية بما فيها من صور و الوان • فاصبحوا و في نفوسهم من الكبر والعتو، ما يحبب اليهم مغالاة الشعراء في مديحهم • وصاروا يرتاحون الى كاذب الأقوال ، كما كان اسلافهم يطمئنون الى صادقها ولم يربأ الشعراء بانفسهم عن الكذب والتعلق فماتت انفتهم ، واراقوا ماء وجوههم ، وعفروا جباههم على الاعتاب . وقل من صان نفسه عن الزلفي والتذلل . ه الرجاء ظل الهجاء على ما كان عليه في صدر الإسلام من فحش و اقذاع . وكثرت +