صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/41

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

عليه الاخوان محمد و ابراهيم ابنا عبدالله بن حسن بن الحسن بن علي ، فثار محمد في المدينة ، فبايعه اهلها ، و أفتي بصحة البيعة الإمام مالك بن أنس ، وثار ابراهيم بالبصرة ، و كان بشار منفياً عنها . فارسل اليه من الكوفة بقصيدته الميمية الشهيرة ، يحرضه بها على المنصور ، ويمدحه ويشير عليه ، ولكن الاخوين لم يوفقا بثورتها ، وظفر بها المنصور وقتلها - وابي الله ان تصل قصيدة الشاعر الضرير الى ابراهيم،او انها وصلت اليه وضاعت ، فلم يروها راوية . لان المنصور لم يطلع عليها الا بعد ان قلبها بشار وجعل التحريض فيها على ابي مسلم الخراساني ، والمدح والنصح للمنصور . ولو رويت لابي جعفر على حالها الاول لما سلمت عنق بشار . ولعل هذه القصيدة بعد تغييرها ، كانت السبب في اتصال الشاعر بالمنصور والحظوة عنده . على اننا لا نعتقد انه عاش منعماً في كنفه» او انه اكثر من مدحه . وقد عرف هذا الخليفة بيخله وجفاف يده حتى لقب بالدوانيقي " لالحافه في محاسبة العمال والصناع على الحبة والدانيق . ثار والمهدي ولما ولي المهدي الخلافة اتصل به بشار اتصالاً وثيقاً ، واخذ يفد اليه وياخذ جوائزه ، و كان شعره قد طار و تناقله الناس ، وكان المهدي شديد الحب للنساء،غيوراً عليهن . فبلغته ابيات لبشار فيها مجون و تعهر . فلما قدم عليه استنشده الشعر، فانشده اياه . فغضب الخليفة وقال : «ويلك أتعض الناس على الفجور ، وتقذف المحصنات المخبات . والله لئن قلت بعد هذا بيتأو احداً في نسيب لاتين على روحك . » فلما ألح على بشار في ترك الغزل ، شرع يمدحه ويقول انه قد ترك الغزل،وردع الغواني . ثم يأخذ في قص حوادثه الماضية ، فيتأسف عليها ، ويصف النساء اللواتي صاحبهن فلا يخلو كلامه من النزل . ولم يكن خبثه في هذا الأسلوب ليخفى على المهدي ، فاظهر له حفرة ، وحبس عنه عطاياه . فكان يمدحه فلا يحظى منه بشيء ، ولو جعل مدحه بغير تشيب · و الدوانيقي : نسبة الى الدوانيق جمع الدائق وهو سدس الدرهم بوزن الحبة من الحنطة .