صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/46

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وفي سنة 1934 عثر محمد بدر الدين العلوي احد معلمي اللغة العربية في الجامعة الاسلامية بعليكرة في الهند على مخطوط قديم في المكتبة الأصفية بحيدر آباد من كتاب « المختار من شعر بشار » للخالديين شاعري سيف الدولة وخازنيدار كتبه ، وشرحه لاسماعيل بن احمد التجيبي من ادباء القرن الخامس للهجرة . فعني بنسخه و تصحيحه ) وطبعه. على ان هذا المختار لا يشتمل على كثير من شعر بشار لما فيه من المقارنات بين كلامه وكلام القدماء والمحدثين . و انما فيه ابيات للشاعر لاتوجد في غيره من الكتب . میر نے اتيح لبشار ان يملك الشعر من ناحيتيه العبقرية والفن" . فهو من حيث الأولى شاعر قوي الطبع متوقد النفس يدعو القوافي فتنصاع اليه سلسة القياد . ومن حيث الثانية شاعر مرهف الاحساس بالجمال الفني يتصرف في الالفاظ والتعابير فيأتي بهـا طريقة دقيقة المدلول مزدانة منتقاة وسنحاول ان ندرس في هذا البحث خصائصه في مختلف الانواع الشعرية على قدر ما تبيح لنا اثاره الباقية الريجاء لم يكن في اخلاق بشار وصفاته ما يحبب الناس اليه ، فيصون لسانه عن تلبهم وتشهيرهم . ولا بد لمثله ان يكون بغيضاً مقيتاً ، وان يكثر اعداؤه فيتناولوه بالسنتهم ، وان يقوم فيهم شعراء يقارضونه الهجاء • وغير عجيب ان يكون هذا الهجاء فاحشاً مقذعاً، فان اخلاق بشار لاتستنكره، واخلاق عصره لا تتأباه . وقد ترك جرير والفرزدق من إقذاعها إرثاً عظيا لمن جاء بعدهما من الشعراء فانفقوا منه عن سعة . و كان بشار شديد الاعجاب بجرير فلا بدع أن يتعبر مثله في الهجاء، ويزيد عليه تفننا في استنباط المعاني الفاحشة ،يستمدها من الحضارة الجديدة وتبدل المكان والزمان على ان غاية جرير من الهجاء تختلف عن غاية بشار . فجرير كان يصطنعه ليرد