صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/49

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

و تظاهر بالتشيع للعلويين شأن ابناء الفرس،فلما نار ابراهيم بن الحسن على المنصور ارسل اليه قصيدة يمدحه بها ويهدد الخليفة . فلما علم ان ابراهيم قتل لم يأنف من انكار تشيعه فقير القصيدة ، وجعلها في مدح المنصور وتهديد ابي مسلم وله اسلوب في المدح يطلعنا على حقيقة نفسه الطمّاعة المتعجرفة ، فهو يمدح الشخص ويهدده إلم يحسن صلته وقد يتوسل بالوعظ والارشاد ولا يخلو مدحه من قحة السؤال على تذمر لقلة العطاء فيحض ممدوحه على الجود والسخاء • ومدح بشار عقبة بن سلم امير البصرة فأحسن عطاءه فزاده مدحاً حتى قيل ان مدائحه فيه فوق كل مدائحه . وحدث ان وكيل عقبة أخر الجائزة عن بشار ثلاثة ايام ، فامر بشار غلامه بان يكتب على باب عقبة ابياتاً فيهـا يقول : « ان لم ترد حمدي فراقب ذمي . » فخاف عقبة وضاعف الجائزة وعجل بارسالها اليه ففي هذا كله ما يدلنا على كذب بشار وعدم اخلاصه لممدوحيه ، ولكنه كان يجيد المدح كما يجيد الهجاء ، فهو شاعر مبدع صادق الشعور الفني وان لم يكن صادق العاطفة . واسلوبه في المدح عليه مسحة البداوة في استهلالاته وتعابيره ، ولكنه يحليه بالمعاني الدقيقة الطريفة، ويرصعه بالاستعارات السائغة اللطيفة،فيخرج به عن خشونة البدو الى نعومة الحضر ، فاذا هو بين يديه وعليه جدة ريقة زاهية ، الغزل لم يعرف بشار للحب معنى صحيحاً ، ولا اختلج فؤاده لمرأى الجمال وهو لايراه . وانما كان في نفسه حس دقيق ضاعف العمى قوته ،فاذا به شديد الولوع باللذة يسعى اليها ويتطلبها بالحاف . وكائن ثارت نفسه لحديث معه ، او كف لمسها ، او طيب استنشقه . فهو فاسق القلب ، اباحي الحب، لا يفهم منه غير اللذة الحيوانية ، و لاغرو ان يخرج شعره صورة لنفسه الفاجرة فيظهر حافلا بالفحش والتعهر ا وكائن : وكم .