صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/50

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

22 وقد اجاد بشار الغزل كما اجاد غيره من الفنون . وكانه شعر بعجزه عن تصبي النساء بجماله وحسن روائه ، فاتخذ من براءة فنه وسيلة لاغرائهن ، فنظم فيهن الغزل الرقيق الناعم فاقبلن عليه يزرنه في منزله ، و يجالسنه في البردان او الرقيق" ليستمعن الى شعره . حتى لم تبق غزلة في البصرة الا كانت له راوية . وغزل بشار شديد الخطر على العفاف ، لان صاحبه تعمد فيه اغراء النساء » وحضهن على الفجور ، فكان ذلك سباً لحمل المهدي على منعه من التشبيب . وقد جعل الحيث غزله بلغة سهلة لينة ، واوزان خفيفة رشيقة ، ليهون حفظه وفهمه على النساء ، ولا سيما الجواري العجميات و اكثره فيهن ، فلا يستصعين روايته . واعتمد على الصراحة ، فروى حوادثه معهن بقالب قصدي . وقد يعنى بتذليل الصعاب للمرأة التي تتجنب الفضيحة وتخشاها وهو الى ذلك يصنع مثلما يصنع الشعراء المتيمون ، فيكثر من الانين واللوعة، ووصف سقامه وسهره وحزنه ، فيخيل اليك انك تقرأ شعر رجل اضر به الحب حتى ادنفه . مع انه لم يقف قلبه على امرأة واحدة ليتألم ويسقم اذا ابتعد عنها ونزى انه لم يصدق في وصف حبه الا من تلك الناحية التي ذكر بها اللذة وتهالكه عـلى طلبها ، وإن أثر عندة واحبها أكثر من غيرها . و قد اكثر شاعرنا من وصف نحوله على ضخامة جثته حتى اخذ الناس يضحكون منه ، ويعابثونه نكاية له . قيل مر به بعض اهل الكوفة، وهو منبطح في دهليزه كانه جاموس ، فقال : « يا أبا معاذ من القائل؟ » : في حلي جسم فتى تاهل، أو هبت الريح به طاحا ا البردان والرقيق : حجرتان في منزل بشار . وكان البردان مجلس الصباح ، والرقيق مجلس العشاء م حلتي : ثوبي . طاح : ذهب وهلك