صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/61

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

يحضر من اهل خراسان . وحفاظاً و كان للامين عيون في خراسان، فكتبوا اليه يخبرونه بالامر . فجزع له وتوعد ابا نواس، وحرم عليه شرب الخمر، وذكرها في شعره، فكان صاحبنا يتألم لهذا المنع، فيطيع مكرها ، لاخوفاً من غضب الامين و بطشه، و انا حبا له على سمعته وربما مرت به ساعات فما يستلميع عن الحمر صبراً ، فيشربها غير مبال ، ويسب الامين ويهزأ به، والامين يتغاضى عنه، ولا يطيق ان يؤذيه . ورمي مرة بالثنوية وشهد عليه عدة نفر ، فأمر به الامين الى السجن ، فتذمر ابو نواس و شكا واستنجد بالمأمون اذ يقول أما الأمين فلست أرجو دفعه عني،فمن لي اليوم بالمأمون ! و كان المأمون يود ان يرى عنده شاعراً كأبي نواس فلما بلغه استنجاده به قال : « والله لئن لحقته لاغنيته عنى لا يؤمله . » على ان الشاعر لم يشأ ان يترك الامين مع ما لقي منه في آخر عهده . و كان من حقه ان يناصر المأمون لو جاري نزعته الشعوبية ، وميله الى الفرس . والشعوبية والفرس.نهم ، يظاهرون المأمون . ولكنه آثر البقاء مع الامين لأسباب منها انه كان يحبه وتلذ له معاشرته ومنادمته، فلاطاقة له بالابتعاد عنه . ومنها ان له من الدالة عليه ما لا يأمل ان ينال مثله عند المأمون . ومنها ان اهل خراسان شيعيون يشددون في امر الغفران كاصحاب الاعتزال . وكان ابو نواس عظيم الاتكال على عفو الله ، ففضل عليهم اهل السنة لانهم لا يحظرون العفو على مسلم ارتكب الكبيرة ، اذا خرج من الدنيا على غير توبة . بل يجعلون حكمه عند الله ، فاما ان يغفر له برحمته . واما ان يشفع به النبي اذ قال : « شفاعتي لاهل الكبائر من امتي. » واما أن يعذبه مقدار جرمه ثم يدخله الجنة برحمته ، ولا يجوز ان يخلد في النار مع الكفار •

. فهذه الاسباب كانت تدفع الشاعر الى ايثار الامين على اخيه ، مع ما رأى فيه من ضعف وخمول وتقلب آراء .