صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/68

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۶۲ تشبيه باحب الناس اليه . وقد سنحت له معان في وصفها لم يفتضها سواه ، فعرف بها ، و عرفت به ، وجعلته في هذا الفن نسيج وحده واذا وصف الحمرة صورها احسين الصور و احاطها با لطف التشابيه و الاستعارات . ووصف معها الكؤوس والنديم والساقي والحمار ومجلس لهوه . و قص اخباره الفاحشة لا متكتها ولا مستحياً. فهو صريح يؤثر المجاهرة، ويكره التستر، ويود ان يستوعب اللذة من جميع نواحيها، لئلا يفوته طرف منها . فتسمعه يقول : ألا فاسقني خمرا وقل لي : هي الخمر! ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر فكأنه اراد ان يلتذ سمعه بذكرها، كما التذت العين برؤيتها، واليد بلمسها ، والفم بذوقها ، والانف يشمها . أو لعله اراد المجاهرة بذكرها ، فامر الساقي ان ينادي باسمها . فاشعاره تطلعنا على صراحته ، فنراه مجاهراً بتعيده للخمر وسكره المتواصل؛ مجاهراً بفتكه ومجونه . وقديستوقفنا قوله : فعيش الفتى في سكرة بعد سكرة فإن طال هذا عنده قصر الدهر فكانه يريد ان يقصر أيام حياته بالسكرات المتواصلة ، لايعقبها صحو . وهذا شأن رجل لا يخلو عيشه من شقاء ويأس وحب انتحار . وابو نواس لم يكن بنجوة من مرارة العيش ، فقد ذاق طعم الحاجة ، وحبس و قهر مراراً وانتقص من قدره احياناً ، وكانت علته ترافقه وهو في ميعة شبابه . فلا غروان يبدو عليه شيء من التطير والقنوط ، فيؤثر ساعة السكر على ساعة الصحو لكي لا يشعر بشقاء نفسه . وقد يظل في شرب متواصل حتى يغلس فيرمن ثيابه او بسها ليشرب بها : فعت قميصاً سابريا وجبة ، وبعت إزارا معلم الطرفين ويؤثر اصطباحها عند صياح الديك ولذلك كثر اسراؤه ليلا الى بيوت الخمارين الى سابور ، وهي كورة في فارسر و نسبته شاذة . ا مصطفى البابي الحلبي لذهب