صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/72

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

11 غرام لابي نواس غزل كثير ، فيه من المجون والصراحة ما يصور حقيقة هذا الشاعر المتهتك ، وكان اصدق عاطفة في غزل المذكر منه في غزل المؤنث لقلة اعتداده بالنساء . وقدحاول بعض اهله ان يزوجوه ليردوه عن غوايته فابي . وقيل انه تزوج جارية من أهل بيته، ولكنه ما امسى حتى طلقها ، ومن كانت هذه حاله ، فلا بدع ان تضعف فيه عاطفة النزل في النساء و لكنه عاشر بعض الاماء، وشبب بهن لا لانه احب واحدة منهن حبا صادقاً ، بل لانهن كن غير مصونات لا يتحرجن من مجالسة الخلعاء على الشراب . وكن الى ذلك يصلحن للمنادمة، لبراعتهن في الشعر والرواية والغناء . فابو نواس لم يعرف من الحب غير اشباع شهواته ، فصدف عن الحرائر المتحصنات ، وقنع منهن بالمتبذلات . و كان يؤثر الغلاميات على غيرهن ، وهن الجواري اللواتي كن يتزيين بزي الغلمان ، وكثيراً ما ذكرهن في شعره ، ووصف اشكالهن وازياء هن • وقيل انه احب جنان جارية آل عبد الوهاب الثقفي ، و كانت جميلة المنظر ، ادبية ظريفة ، تعرف الاخبار، وتروي الاشعار. ولماحجت حج معها ليجمعه و اياها المسير . واشتهر شعره بها ، فعرفت مولاتها فبعثت اليه : « ان اردت وهبتها لك . » فأخبرت جنان بذلك ، فرضيت ، ولكنها اشترطت عليه ان يقلع عن فجوره و قبح سيرته ، فابي ولم يضمن لها هذا الشرط . فحرم محبتها كما حرم محبة عنان جارية الناطفي وغيرهما من ظرائف الاماء ، وهذا يدلنا على ان حبه لجنان لم يكن صادقاً وقوياً كما تصوره بعض الرواة ، وانما كان يؤثرها على غيرها من الولائد ، حتى اذا هجرته لم يؤله هجرها . ورجت منه مرة ان ينقطع عن زيارتها لتكف ألسنة الناس عنها ، فعمد الى نكايتها و تشهيرها فقال : يا معشر الناس فاسمعوه وعوا : إن جناناً صديقة الحسن وروى صاحب الاغاني ان ابا نواس رآها مرة في ديار ثقيف فجبهته با کره فغضب وهجرها مدة ، فارسلت اليه رسولا تصالحه فرده ولم يصالحها . فاو صدق