صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/73

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

TY حبه لها لما تأتى مصالحتها واعرض عنها ورووا انه رآها مرة في مأتم تندب وتلطم فقال : لا زال موتا دأب أصحابه ، وذاك أن أبصره ذالي فلو كان يحبها حقيقة لما تمنى تتابع الوفيات في اهلها واصحابها ، ليراها ابدأسافرة لاطمة نادية. فهذا حب وحشي يجعل صاحبه يتلذذ بالم محبوبه ، ولم يكن ابو نواس كذلك مع من يحب • و في الاغاني رواية عن بعض آل ثقيف يكذب فيها حب ابي نواس لجنان فيقول : « أن ذلك لم يكن الاعبئاً خرج منه . » وهذا ما نعتقده ، فان الشاعر لم يخلص في حبه لجارية ثقيف، لان نفسه الفاسقة صرفته عن الحب الصحيح ، ولم يصاحب الاماء والجواري الا للهو والعبث ، فلم يحظ عندهن لعلهن بامره . وقد تغزل بهن كثيراً، فكان هذا الغزل ضعيف العاطفة متكلفاً في اكثره ، ولا سيا العفيف منه . والغزل العفيف قليل في شعر ابي نواس ، وبعضه جميل ، لبراعة فنه وبعضه الآخر ضعيف ظاهر التكلف . لابي نواس في المدح لغة غير اللغة التي يتحدث بها الى الغلمان والاماء في الحمر والمجون والغزل . فاذا رأيت الطبع والسهولة والرقة في تلك ، فستلقى الرصانة و تخير الالفاظ ، وتكلف الغريب في هذه . فهو في عبثه يحادث الطبقة العامة على الاخص، فيفرغ معانيه في قالب لطيف لا يعسر فهمه ، فيحفظه الناس ، ويتغنى به القيان والمغنون. واما في مدحه فيتحدث الى طبقة خاصة تتألف من الخلفاء والامرا وهؤلاء يؤثرون اللغة الشريفة بلفظها الرصين ، واسلوبها القديم . فكان شاعرنا يجـاري اهواءهم ، ويغتنم من ذلك فرصة ليري اصحاب اللغة براعته في معرفة الغريب ، و اطلاعه على مذاهب العرب العرباء . فاذا هو كالشاعر الجاهلي ، يقف على الديار ، ا الداب : المادة والشان ، وهو مسهل الدأب