صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/74

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

1A ويذكر الاحبة، ويصف ناقته حتى يتخلص الى ممدوحه فيسبغ عليه حلل الثناء فاذا انت قرأت هذا الشعر ، ورأيت ما فيه من جزالة وشدة أسر ، انكرت ان يكون ابو نواس صاحبه بعد ان عرفت الرقة والسهولة في خمرياته وغزله فابر نواس في مدحه محافظ اكثر منه مجدداً . متكلف مقلد على كره منه ، وغال احيانا حتى يبلغ حد الاحالة. وتكاد شخصيته لا تبين في بعض مدائحه لولا خاطرات منثورة بلمحها الناقد البصير . و لعل شخصيته تذوب في اكثرها عندما يمدح الرشيد والبرامكة لان الرشيد كان مهيداً، فيترصن في مدحه اكثر مما يترصن في مدح غيره من الأمراء الذين تقرب اليهم ونادمهم فاصبح له دالة عليهم . وهكذا كان شأنه في مدح البرامكةلان هؤلاء لم يقربوه كثيراً ، فتوسل اليهم بالمديح خشية منهم ، وطمعا في نوالهم و كان في مدح الامين اصدق عاطفة منه في مدح غيره . ولا غرو فانه احب الامين، وكان له خلا وندياً. واكثر ما ينعته بالشباب و الجمال ، وشرف الاخلاق ، وسخاء الكف ، وحسن التدين ، وغير ذلك من النعوت الحسنة . وله قصيدة قالها في العباس بن عبيد الله بن ابي جعفر المنصور هي من اطيب شعره واروعه ، تمثل ابلغ تمثيل لغة الشاعر واسلوبه في المدح . وقد استهلها بخطاب صاحب له ، خانه في مودته ، ومال الى غيره ، فتخلى ابو نواس منه ، وطرده عنه ، وافتخر عليه باصحابه ووفائه لهم ، وبسعة صدره وطول اناته في مداراة الخلان ، وان كانوا ينطوون على حقد و بغضاء ثم ينتقل انتقالاً بديعا الى وصف بعيره الذي قطع به القفار الى ممدوحه فيتخلص بذلك الى المدح فهذه القصيدة من ابلغ شعره الجدي و اشرفه لفظا ومعنى ،و او قعه رنة ونغماً . فقد ارتفع بها الشاعر ارتفاعاً ادهش الرواة وعلماء اللغة ، ففضلها أبو عبيدة على قصيدة أمرى القيس التي اولها : رب رام من بني تعل ولما سمعها ابن الأعرابي قال : « احسن و الله ، لو تقدم هذا الشعر في صدر الاسلام ، لكان في صدر الامثال السائرة . » وكان ابو نواس يقول : « اذا اردت