صفحة:أدباء العرب في الأعصر العباسية.pdf/77

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۳۹ وكان شديد الاعجاب تجرير ، وبهارته في الهجاء، فلذلك يحذو حذوه في اللذع والتعبير، ثم في رصانة العبارة، وجزالة اللفظ . فكأنه اراد ان يجعل هجاءه لقبائـل الاعراب صورة عن الهجو الذي تعودوه من شعراء صدر الاسلام فخاطبهم باللغة التي يألفون . ويبدو لنا في هذا القسم من الهجاء اطـلاع الشاعر على احوال العرب وعاداتهم واخبارهم ، ومثالبهم وايامهم و اما هجاؤه التكسي فلم يكن يصطنعه للالحاح في المسألة ، او لتهديد الممدوح ان لم يحسن صلاته فعل بشار . قابو نواس لم يكن على شيء من هذه الغلاظة ،وانما كان معجباً بشاعريته،عارفاً قدر نفسه، شديد الحرص على منزلته الادبية ،فإذا نجسه احد حقه نقم عليه وهجاه . وكان الى ذلك شديد التبذير لايفنيه القليل من العطاء ، فاذا قتر عليه الممدوح او ظهرت له منه جفوة ، رحل عنه وهجاه . فقد حقد على البرامكة وهجاهم اخبث هجاء لانهم استهانوا بمكانته ، وقدموا عليه أبان بن عبد الحميد اللاحقي ، وما كان أبان ليستحق هذه التقدمة . وهجا الخصيب بعد ان مدحه، لانه لم يلق منه ما كان يتوقعه ، او لان الخصيب ضاق ذرعاً بتبذيره، فطلب منهان يرحل عنه، وهيجا الهيثم بن عدي لان الهيثم لم يقرب مجلسه لما دخل عليه ، وكان لا يعرفه، وهيجا أبان بن عبد الحميد لان ابانا حسده فلم يضعه في المرتبة التي يستحقها عهد اليه البرامكة في تفريق الجوائز على الشعراء 11. واما هيجازه الشخصي العبثي فكان يتناول به العلماء والشعراء ، والبخلاء والثقلاء وسواهم . فمنه ما يقصد به الى المنافسة ، ومنه ما يقصد به الى الدعاب واكثره خال من الضغينة والكره . و لكنه حافل بالفحش و الرذيلة كهجائه النظام وابا عبيدة وعنان والرقاشي وغيرهم . ومما ينبغي ذكره ان لغته في هجوه السياسي اجزل واحكم من لغته في سائر هجائه، ولا سيما ما كان منه دعاباً فانه لا يخلو من لين و اسفاف وتكلف الصنعة . . طرده یکاد ابو نواس 'یعنی بطردياته عنايته بخمرياته ، فان الصيد كان من اسباب