صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/140

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المصاطب ثم غسلا وجوههما وايديهما واستلذا بمرور النسيم فناما وجل من لا ينام وكان البستان يسمى بستان النزهة وهناك قصر يقال له قصر الفرجة وهو للخليفة هارون الرشيد وكان الخليفة اذا ضاق صدره يأتی الى البستان ويدخل ذلك القصر فيقعد فيه وكان القصر له ثمانون شباكا معلقا فيه ثمانون قنديلا وفي وسطه شمعدان كبير من الذهب فاذا دخله الخليفة أمر الجواری ان تفتح الشبابيك وامر اسحق النديم والجواری ان يغنوا الينشرح صدره ويزول همه وكان للبستان خولی شيخ كبير يقال له الشيخ ابراهيم واتفق انه خرج ليقضی حاجة من أشغاله فوجد المتفرجين معهم النساء واهل الريبة فغضب غضبا شديدا فصبر الشيخ ابراهیم حتى جاء عنده الخليفة فی بعض الايام فاعلمه بذلك فقال الخليفة كل من وجدته على باب البستان افعل به ما أردت فلما كان ذلك اليوم خرج الشيخ ابراهيم الخولی لقضاء حاجة عرضت له فوجد الاثنين نائمين علی البستان مغطيين بازار واحد فقال أما عرفا ان الخليفة أعطانی اذنا ان كل من لقيته قتلته ولكن أنا أضرب هذین ضربا خفيفا حتى لا يقترب أحد من باب البستان ثم قطع جريدة خضراء وخرج اليهما ورفع يده فبان بياض أبطه وأراد ضربهما فتفكر فی نفسه وقال يا ابراهيم كيف تضربهما ولم تعرف حالهما وقد يكونان غريبین أو من أبناء السبيل ورمتهما المقادير هنا فانا أكشف عن وجوههما وأنظر اليهما فرفع الازار عن وجوههما وقال هذان حسنان لا ينبغي ان أضربهما ثم غطي وجوههما وتقدم الى رجل علی نور الدين وجعل يكبسها ففتح عينيه فوجده شيخا كبيرا فاستحى علی نور الدين ولم رجليه واستوى قاعدا وأخذ يد الشيخ فقبلها فقال له يا ولدي من أين أنتم فقال له يا سيدی نحن غرباء وفرت الدمعة من عينه فقال الشيخ ابراهيم يا ولدی اعلم ان النبی أوصى بااكرام الغريب ثم قال له ياولدی أما تقوم وتدخل البستان وتتفرج فيه فينشرح صدرك فقال له نور الدين يا سيدی هذا البستان لمین قال يا ولدي هذا ورثته من أهلی وما كان قصد الشيخ ابراهيم بهذا الكلام الا ان يطمئنا ويدخلا البستان فلما سمع نور الدين كلامه شكره وقام هو وجاريته والشيخ ابراهيم قدامهما فدخلوا البستان فاذا هو بستان بابه مقنطرعليه كروم واعنابه مختلفة الالوان الاحمر كانه ياقوت والاسود كانه آبنوس فدخلوا تحت عريشة فوجدوا فيها الاثمار صنوان وغیر صنوان والاطيار تغرد بالحان على الاغصان والهزار يترنم والقمری ملا بصوته المكان والشحرور كانه في تغريده انسان والاشجار قد اينعت اثمارها من كل مأكول ومن فاكهة زوجان والمشمش ما بين كافوری ولوزی ومشمش خراسان والبرقوق كانه لون الحسان والقراسية تذهل عقل كل انسان والتين ما بين أحمر وأبيض وأخضر من أحسن الالوان والزهر كأنه اللؤلؤ والمرجان والورد يفضح بحمرته خدود الحسان والبنفسج كأنه الكبريت دنا من النيران والآس والمنتور والخزامى مع شقائق النعمان وتكالمت تلك الاوراق بمدامع الغمام وضحك ثغر الاقحوان وصار النرجس ناظر الى ورد بعيون السودان والاترج كانه أكواب والليمون كبنادق من ذهب وفرشت الارض بالزهر من سائر الالوان وأقبل الربيع فاشرق ببهجته المكان والنهر فی خرير والطير فی هدير والريح في صفير والزمان فی اعتدال