وخلعت رفوفه وكسرت طبقاته وشبابيكه وسخمت حيطانه بطين ونيلة وقالت ويلك يا كافور تعال ساعدنی واخرب هذه الدواليب وكسر هذه الأوانی والصينی فجئت اليها وأخرجت معها رفوف البيت وأتلفت ما عليها ودواليبه وأتلفت ما فيها ودرت على السقوف وعلى كل محل حتى أخرجت الجميع وأنا أصيح واسيداه ثم خرجت سيدتي مكشوفة الوجه بغطاء رأسها لا غير وخرج معها البنات والأولاد وقالوا يا كافور امشي قدامنا وأرنا مكان سيدك الذی هو ميت فيه تحت الحائط حتى نخرجه من تحت الردم ونحمله فی تابوت ونجیء به إلى البيت فنخرجه خرجة مليحة فمشيت قدامهم وأنا أصيح واسيداه وهم خلفی مكشوفوا الوجوه والرؤوس يصيحون وامصيبتاه وانكبتاه فلم يبق أحد من الرجال ولا من النساء ولا من الصبيان ولا صبية ولا عجوزة إلا جاءت معنا وصاروا كلهم يلطمون وهم فی شدة البكاء فمشيت بهم فی المدينة فسأل الناس عن الخبر فأخبروهم بما سمعوا منی فقال الناس لا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظيم اننا نمضی للوالی ونخبره فلما وصلوا إلى الوالی أخبروه وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
(وفی لیلة 54) قالت بلغنی أيها الملك السعيد أنهم لما وصلوا إلى الوالی وأخبروه قام الوالی وركب وأخذ معه الفعلة بالمساحی والقفف ومشوا تابعين أثری ومعهم كثير من الناس وأنا قدامهم أبكی وأصيح وأحثو التراب على رأسی وألطم على وجهی فلما دخلت عليهم ورآنی سيدی وأنا ألطم وأقول واسیدتاه من یحن علی بعد سیدتی یالیتنی کنت فداءها فلما رآنی سیدی بهت واصفر لونه وقال ما لك يا كافور وما هذا الحال وما الخبر فقلت له انك لما أرسلتنی إلى البيت لأجیء لك بالذي طلبته رحت إلى البيت ودخلته فرأيت الحائط التی فی القاعة وقعت فانهدمت القاعة كلها على سيدتی وأولادها فقال لی وهل سيدتك لم تسلم فقال لا ما سلم منهم أحد وأول من مات منهم سيدتی الكبيرة فقال وهل سلمت بنتی الصغيرة فقلت له لا فقال لی وما حال البغلة التی أركبها هل هی سالمة فقلت له لا يا سيدی فان حيطان البيت وحيطان الاصطبل انطبقت على جميع ما فی البيت حتى على الغنم والأوز والدجاج وصاروا كلهم كوم لحم وصاروا تحت الردم ولم يبق منهم أحد فقال لی ولا سيدك الكبير فقلت له لا فلم يسلم منهم أحد وفي هذه الساعة لم يبق دار ولا سكان ولم يبق من ذلك كله أثر وأما الغنم والأوز والدجاج فان الجميع أكلها القطط والكلاب فلما سمع سيدی كلامی صار الضياء فی وجهه ظلاما ولم يقدر أن يتمالك نفسه ولا عقله ولم يقدر أن يقف على قدميه بل جاءه الكساح وانكسر ظهره ومزق أثوابه ونتف لحيته ولطم على وجهه ورمى عمامته من فوق رأسه وما زال يلطم علی وجهه حتى سال منه الدم وصار يصيح آه وا أولاداه آه وا زوجتاه آه وا مصيبتاه من جرى له مثل ما جرى لی فصاحت التجار رفقاؤه لصياحه وبكوا معه ورثوا لحاله وشقوا أثوابهم وخرج سيدي من ذلك البستان وهو يلطم من شدة ما جرى له وأكثر اللطم على وجهه وصار كأنه سكران فبينما الجماعة خارجون من باب البستان واذا هم نظروا غبرة عظيمة وصياحات بأصوات مزعجة فنظروا إلى تلك الجهة فرأوا الجماعة المقبلين وهم الوالی