صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/215

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

رأسه خاف منه فقال له الخادم هل أنت الذي كنت تشد الشعروقد سمعتك سيدتنا فاعتقد الوقاد أن السيدة اغتاظت من الانشاد فخاف وقال والله ما هو أنا فقال له الخادم ومن الذی كان ينشد الشعر فدلنی عليه فانك تعرفه لانك يقظان فخاف الوقاد على ضوء المكان وقال فی نفسه ربما يضره الخادم بشیء فقال له لم أعرفه فقال له الخادم والله انك تكذب فانه ما هنا قاعدا الا أنت فأنت تعرفه فقال له الوقاد أنا أقول لك الحق ان الذی كان ينشد الاشعار رجل عابر طريق وهو الذی أزعجنی وأقلقنی فالله يجازيه فقال له الخادم فاذا كنت تعرفه فدلنی عليه وأنا أمسكه وآخذه الى باب المحفة التی فيها سيدتنا وامسكه أنت بيدك فقال له اذهب أنت حتى آتيك به فتركه الخادم وانصرف ودخل وأعلم سيدته بذلك وقال ما أحد يعرفه لانه عابر سبيل فسكتت ثم ان ضوء المكان لما أفاق من غشيته رأى القمر قد وصل الى وسط السماء وهب عليه نسيم الاسحار فهيج فی قلبه البلابل والاشجان فحسس صوته وأراد أن ينشد فقال له الوقاد ماذا تريد أن تصنع فقال اريد أن أنشد شيأ من الشعر لاطفیء به لهیب قلبی قال له أما علمت بما جرى لی وما سلمت من القتل الا باخذ خاطر الخادم فقال له ضوء المكان وماذا جرى فاخبرنی بما وقع فقال يا سيدی قد أتاني الخادم وأنت مغشی عليك ومعه عصا طويلة من اللوز وجعل يتطلع في وجوه الناس وهم نائمون ويسأل على من کان ينشد الاشعار فلم يجد من هو مستيقظ غيري فسألنی فقلت له انه عابر سبيل فانصرف وسلمنی الله منه والا كان قتلنی فقال لی اذا سمعته ثانيا فائت به عندنا فلما سمع ضوء المكان ذلك بكي وقال من يمنعني من الانشاد فأنا انشد ويجری علی ما يجری فاني قريب من بلادي ولا أبالی باحد فقال له الوقاد أنت ما مرادك الا هلاك نفسك فقال له ضوء المكان لا بد من انشاد فقال له الوقاد قد وقع الفراق بيني وبينك من هنا وكان مرادی أن لا أفارقك حتى تدخل مدينتك وتجتمع بابيك وأمك وقد مضى لك عندی سنة ونصف وما حصل لك منی ما يضرك فما سبب انشادك الشعر ونحن فی غایة التعب من المشی والسهر والناس قد هجعوا يستريحون من التعب ومحتاجون الى النوم فقال ضوء المكان لا ارجع عما أنا فيه ثم هزته الاشجان فباح بالكتمان وجعل ينشد هذه الابيات

قف بالديار وحی الاربع الدرسا
ونادها فعساها ان تجيب عسی
فان أجنك ليل من توحشها
أوقد من الشوق فی ظلماتها قبسا
ان صل صل عذاريه فلا عجب
ان يجن لسعا وان اجتني لعسا
يا جنة فارقتها النفس مكرهة
لولا التأسی بدار الخلد مت أسى

وأنشد ايضا هذين البيتين

كنا وكانت الايام خادمة
والشمل مجتمع فی أبهج الوطن
من لی بدار أحبابی وكان بها
ضوء المكان وفيها نزهة الزمن

فلما فرغ من شعره صاح ثلاث صيحات ثم وقع مغشيا عليه فقام الوقاد وغطاه فلما سمعت