مماليك الوزير نور الدين المتوفي فلم يهن عليه ولد سيده فذهب ذلك المملوك الى حسن بدر الدين فوجده منكس الرأس حزين القلب على فراق والده فاعلمه بما جرى فقال له هل فی الامرمهلة حتى أدخل فآخذ معی شيئامن الدنيا لاستعين به على الغربة فقال له المملوك انج بنفسك فلما سمع كلام المملوك غطى رأسه بذيله وخرج ماشيا الى أن صار خارج المدينة فسمع الناس يقولون ان السلطان أرسل الوزير الجديد الى بيت الوزير المتوفي ليختم على ماله وأما كنه ويقبض على ولده حسن بدرالدين ويطلع به اليه فيقتله وصارت الناس تتأسف على حسنه وجماله فلما سمع كلام الناس خرج الى غير مقصد ولم يعلم أين يذهب فلم يزل سائرا الى ان ساقته المقادير الى تربة والده فدخل المقبرة ومشى بين القبور الى أن جلس عند قبر أبيه وأزل ذيله من فوق رأسه فبينما هو جالس عند تربة أبيه اذ قدم عليه يهودی من البصرة وقال يا سيدی مالی أراك متغيرا فقال له انی كنت نائما فی هذه الساعة فرأيت أبی يعاتبنی على عدم زيارتی قبره فقمت وأنا مرعوب وخفت أن يفوت النهار ولم أزره فيصعب علی الامر فقال له اليهودی يا سيدی ان أباك كان أرسل مراكب تجارة وقدم منها البعض ومرادي أن اشتری منك وثق كل مركب قدمت بالف دينار ثم اخرج اليهودی كيسا ممتلئا من الذهب وعد منه الف دينار ودفعه الى حسن ابن الوزير ثم قال اليهودی اكتب لی ورقة واختمها فاخذ حسن ابن الوزير ورقة وكتب فيها كاتب هذه الورقة حسن بدر الدين ابن الوزير نورالدين قد باع اليهودی فلان جميع وثق كل مركب وردت من مراكب أبيه المسافرين بالف دينار وقبض الثمن على سبيل التعجيل فاخذ اليهودی الورقة وصار حسن يبكی ويتذكر ما كان فيه من العز والاقبال ثم دخل عليه الليل وأدركه النوم فنام عند قبر أبيه ولم يزل نائما حتى طلع القمر فتدحرجت رأسه عن القبر ونام على ظهره وصاروجهه یلمع فی القمر وكانت المقابر عامرة بالجن المؤمنين فخرجت جنية فنظرت وجه حسن وهو نائم فلما رأته تعجبت من حسنه وجماله وقالت سبحان الله ما هذا الشاب الا كانه من الحور العين ثم طارت الى الجو تطوف على عادتها فرات عفريتا طائرا فسلمت عليه وسلم عليها فقالت له من أين أقبلت قال من مصر فقالت له هل لك ان تروح معی حتى تنظر إلى حسن هذا الشاب النائم فی المقبرة فقال لها نعم فسارا حتى نزلا في المقبرة فقالت له هل رأيت فی عمرك مثل هذا فنظر العفريت اليه وقال سبحان من لا شبيه له ولكن يا أختی ان أردت حدثتك بما رأيت فقالت له حدثنی فقال لها انی رأيت مثل هذا الشاب فی أقليم مصر وهی بنت الوزير وقد علم بها الملك فخطبها من أبيها الوزیر شمس الدين فقال له يا مولانا السلطان أقبل عذری وارحم عبرتی فانك تعرف ان أخی نور الدين خرج من عندنا ولا نعلم أين هو وكان شريكی فی الوزارة وسبب خروجه انی جلست أتحدث معه فی شأن الزواج فغضب منی وخرج مغضبا وحكى للملك جميع ما جرى بينهما ثم قال للملك فكان ذلك سببا لغيظه وأنا حالف أن لا ازوج بنتی الا لابن أخی من يوم ولدتها أمها وذلك نحو ثمان عشرة سنة ومن مدة قريبة سمعت ان أخی تزوج بنت وزير البصرة وجاء منها بولد وأنا لا ازوج بنتی الا له كرامة لاخی ثم انی أرخت وقت زواجی وحمل زوجتی وولدة هذه البنت وهی باسم ابن عمها
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/73
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.