صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/12

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
ألف ليلة وليلة (الجزء الأول)

‏فلما كان في نصف الليل تذكَّرَ حاجةً نسيها في قصره، فرجع ودخل قصره، فوجد زوجته راقدة في فراشه، معانِقةً عبدًا أسود من العبيد، فلما رأى هذا اسودت الدنيا في وجهه، وقال في نفسه: إذا كان هذا الأمر قد وقع وأنا ما فارقتُ المدينةَ، فكيف حال هذه العاهرة إذا غبتُ عند أخي مدةً؟! ثم إنه سلَّ سيفه، وضرب الاثنين فقتلهما في الفراش، ورجع من وقته وساعته، وأمر بالرحيل، وسار إلى أن وصل إلى مدينة أخيه؛ ففرح أخوه بقدومه، ثم خرج إليه ولاقاه وسلَّمَ عليه وفرح به غايةَ الفرح، وزيَّنَ له المدينة، وجلس معه يتحدَّثَ بانشراح، فتذكَّر الملك ‏ شاه زمان ما كان من أمر زوجته؛ فحصل عنده غمٌّ زائد، واصفرَّ لونه، وضَعُفَ جسمُه، فلما رآه أخوه على هذه الحالة، ظنَّ في نفسه أن ذلك بسبب مفارقته بلاده وملكه، فترك سبيله ولم يسأل عن ذلك. ثم إنه قال له في بعض الأيام: يا أخي، إني أراك ضَعُفَ جسمُك واصفرَّ لونك! ففقال له: يا أخي، إن في باطني جرح. ولم يخبره بما رأى من زوجته، فقال: إني أريد أن تسافر معي إلى الصيد والقنص، لعلك ينشرح صدرك. فأبى ذلك، فسافر أخوه وحده إلى الصيد.

وكان في قصر الملك شبابيك تُطِلُّ على بستان أخيه، فنظر وإذا بباب القصر قد فُتِحَ، وخرج منه عشرون جارية، وعشرون عبدًا، وامرأةُ أخيه تمشي بينهم، وهي في غاية الحسن والجمال، حتى وصلوا إلى فسقية، وخلعوا ثيابهم، وجلسوا مع بعضهم، وإذا بامرأة الملك قالت: يا مسعود. فجاءها عبدٌ ‏أسود فعانَقَها وعانقته، وواقعها، وكذلك باقي العبيد فعلوا بالجواري، ولم يزالوا في بوس وعناق ونيك ونحو ذلك حتى ولَّى النهار، فلما رأى ذلك أخو الملك قال في نفسه: والله إن بَلِيَّتي أَخَفُّ من هذه البلية. وقد هان ما عنده من القهر والغم، وقال: هذا أعظم مما جرى لي. ولم يزل في أكل وشرب، وبعد هذا جاء أخوه من السفر فسلَّمَا على بعضهما، ونظر الملك شهريار إلى أخيه الملك شاه زمان وقد رُدَّ لونه، واحمرَّ وجهه، وصار يأكل بشهية بعدما كان قليلَ الأكل، فتعجَّبَ من ذلك، وقال: يا أخي، كنتُ أراك مصفرَّ اللون والوجه، والآن قد رُدَّ إليك لونك، فأخبرني بحالك. فقال له: أمَّا تغيُّرُ لوني فأذكره لك، واعفُ عني من إخبارك بِرَدِّ لوني. فقال له: أخبرني أولًا بتغيُّر لونك وضعفك حتى أسمعه. فقال له: يا أخي، اعلم أنك لما أرسلتَ وزيرك إليَّ يطلبني للحضور بين يدَيْك، جهَّزتُ حالي، وقد برزت من ‏مدينتي، ثم إني تذكَّرْتُ الخرزة التي أعطيتها لك في قصري فرجعت، فوجدتُ زوجتي معها عبد أسود وهو نائم في فراشي فقتلتهما، وجئتُ إليك وأنا متفكِّر في هذا الأمر، فهذا سبب تغيُّر لوني وضعفي، وأما ردُّ لوني فاعفُ عني من أن أذكره لك.

١٢