صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/24

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
ألف ليلة وليلة (الجزء الأول)

وقالت: يا سيدي، ليس لي رغبة في المال إلا بشرطين: الأول أن تزوِّجني به، والثاني أن أسحر مَن سحرَتْه وأحبسها؛ وإلا فلستُ آمن مكرها.

فلما سمعتُ أيها الجني كلامَ بنت الراعي قلتُ: ولك فوق ذلك جميع ما تحت يد أبيك من الأموال زيادة، وأما بنت عمي فدمُها لك مباح، فلما سمعتْ كلامي أخذت طاسة وملأتها ماء، ثم إنها عزمت عليها ورشَّت بها العجل، وقالت له: إن كان الله خلقك عجلًا فدُمْ على هذه الصفة ولا تتغير، وإن كنتَ مسحورًا فعُدْ إلى خلقَتِك الأولى بإذن الله تعالى. وإذا به انتفض، ثم صار إنسانًا، فوقعتُ عليه وقلتُ له: بالله عليك احْكِ لي جميع ما صنعَتْ بك وبأمك بنتُ عمي. فحكى لي جميع ما جرى لهما، فقلت: يا ولدي، قد قيَّضَ الله لك مَن خلَّصك وخلص حقك. ثم إني أيها الجني زوَّجتُه ابنة الراعي، ثم إنها سحرت ابنة عمي هذه الغزالة، وجئتُ إلى هنا فرأيتُ هؤلاء الجماعة فسألتهم عن حالهم، فأخبروني بما جرى لهذا التاجر، فجلستُ لأنظر ما يكون، وهذا حديثي.

فقال الجني: هذا حديث عجيب، وقد وهبتُ لك ثلث دمه، فعند ذلك تقدَّمَ الشيخ الثاني صاحب الكلبتين السلاقيتين، وقال له: اعلم يا سيد ملوك الجان أن هاتين الكلبتين أخواي، وأنا ثالثهما، ومات والدي وخلَّف لنا ثلاثة آلاف دينار، ففتحت أنا دكانًا أبيع فيه وأشتري، وسافر أخي بتجارته، وغاب عنَّا مدةَ سنة مع القوافل، ثمَّ أتى وما معه شيء، فقلت له: يا أخي، أَمَا أشرتُ عليك بعدم السفر؟! فبكى وقال: يا أخي، قدَّر الله — عز وجل — عليَّ بهذا ولم يَبْقَ لهذا الكلام فائدة، ولست أملك شيئًا. فأخذته وطلعت به إلى الدكان، ثم ذهبت به إلى الحمام وألبستُه حُلَّةً من الملابس الفاخرة، وأكلتُ أنا وإياه، وقلت له: يا أخي، إني أحسب ربح دكاني من السنة إلى السنة، ثم أقسمه دون رأس المال بيني وبينك. ثم إني عملتُ حسابَ الدكان من ربح مالي فوجدته ألفَيْ دينار؛ فحمدت الله — عز وجل — وفرحت غاية الفرح، وقسمت الربح بيني وبينه شطرين، وأقمنا مع بعضنا أيامًا، ثم إن أخويَّ طلبَا السفر أيضًا، وأرادَا أن أسافر معهما فلم أَرْضَ، وقلتُ لهما: أي شيء كسبتما في سفركما حتى أكسب أنا؟! فألحَّا عليَّ ولم أُطِعْهما، بل أقمنا في دكاكيننا نبيع ونشتري سنةً كاملة، وهما يعرضان عليَّ السفر حتى مضَتْ ستُّ سنوات كوامل، ثم وافقتهما على السفر وقلت لهما: يا أخويَّ، إننا نحسب ما عندنا من المال. فحسبناه فإذا هو ستة آلاف دينار، فقلت: ندفن نصفها تحت الأرض لينفعنا إذا أصابنا أمرٌ، ويأخذ كلُّ واحد منَّا ألفَ دينار ونتسبب فيها. قالَا: نِعْم الرأي. فأخذت المال وقسَّمتُه نصفين، ودفنت ثلاثة آلاف دينار، وأما الثلاثة آلاف دينار الأخرى، فأعطيت كلَّ واحد منَّا ألف

٢٤