صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/28

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
ألف ليلة وليلة (الجزء الأول)

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح، فقالت لها أختها: يا أختي، ما أحلى حديثك وأطيبه، وألذه وأعذبه! فقالت: وأين هذا ممَّا أحدثكم به الليلة القابلة إن عشتُ وأبقاني الملك؟ فقال الملك: واللهِ لا أقتلها حتى أسمع بقيةَ حديثها؛ لأنه عجيب. ثم باتَا تلك الليلة متعانقَيْن إلى الصباح، فخرج الملك إلى محل حكمه، ودخل عليه الوزير والعسكر، واحتبك الديوان، فحكم الملك وولَّى وعزَلَ، ونهى وأمَرَ إلى آخِر النهار، ثم انْفَضَّ الديوان، ودخل الملك شهريار إلى قصره. فلما أقبل الليل وقضى حاجته من بنت الوزير، قالت لها أختها دنيازاد: يا أختي، أَتمِمي لنا حديثك.

فقالت: حبًّا وكرامة، بلغني أيها الملك السعيد أن الشيخ الثالث لمَّا قال للجني حكايةً أعجب من الحكايتين، تعجَّبَ الجني غايةَ العجب، واهتَزَّ من الطرب، وقال: قد وهبتُ لك باقي جنايته وأطلقتُه لكم. فأقبل التاجر على الشيوخ وشكرهم وهنَّوه بالسلامة، ورجع كل واحد إلى بلده.

حكاية الصياد مع العفريت

وما هذه بأعجب من حكاية الصياد. فقال لها الملك: وما حكاية الصياد؟ قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان رجل صياد، وكان طاعنًا في السن، وله زوجة وثلاثة أولاد، وهو فقير الحال، وكان من عادته أنه يرمي شبكته كل يوم أربعَ مرات لا غير، ثم إنه خرج يومًا من الأيام في وقت الظهر إلى شاطئ البحر، وحطَّ مقطفه وطرح شبكته، وصبر إلى أن استقرت في الماء، ثم جمع خيطانها فوجدها ثقيلة، فجذبها فلم يقدر على ذلك، فذهب بالطرف إلى البر، ودقَّ وتِدًا وربطها فيه، ثم تعرَّى وغطس في الماء حول الشبكة، وما زال يعالج حتى أطلعها، ففرح ولبس ثيابه وأتى إلى الشبكة، فوجد فيها حمارًا ميتًا، فلما رأى ذلك حزن وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم قال: إن هذا الرزق عجيب، وأنشد يقول:

يَا خَائِضًا فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ وَالْهَلَكَةْ
أَقْصِرْ عَنَاكَ فَلَيْسَ الرِّزْقُ بِالْحَرَكَةْ

ثم إن الصياد لما رأى الحمار الميت خلَّصه من الشبكة وعصرها، فلما فرغ من عصرها نشرها، وبعد ذلك نزل البحر، وقال: باسم الله. وطرحها فيه، وصبر عليها حتى استقرت، ثم جذبها فثقلت ورسخت أكثر من الأول؛ فظنَّ أنه سمك فربط الشبكة، وتعرَّى

٢٨