صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/99

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.


فلما كانت الليلة ١٦


حكاية البنت الأولى زبيدة

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن كبيرة الصبايا لما تقدَّمت بين يدي أمير المؤمنين قالت: إن لي حديثًا عجيبًا، وهو أن هاتين الصبيتين أختاي من أبي من غير أمي، فمات والدنا، وخلف خمسة آلاف دينار، وكنت أنا أصغرهن سنًّا، فتجهَّزَتْ أختاي وتزوَّجت كل واحدة برجل ومكثتا مدة، ثم إن كل واحد من أزواجهما هيَّأ متجرًا وأخذ من زوجته ألف دينار، وسافرا مع بعضهما وتركاهما، فغابَا أربع سنين، وضيَّع زوجاهما المالَ وخسرَا، وتركاهما في بلاد الناس، فجاءتاني في هيئة الشحاذين، فلما رأيتهما ذُهِلت عنهما ولم أعرفهما، ثم إني لما عرفتهما قلت لهما: ما هذه الحال؟ فقالتا: يا أختنا، إن الكلام لا يفيد الآن، وقد جرى القلم بما حكم الله. فأرسلتهما إلى الحمام، وألبست كل واحدة حُلَّةً، وقلت لهما: يا أختَيَّ، أنتما الكبيرتان وأنا الصغيرة، وأنتما عوض عن أبي وأمي، والإرث الذي نابني معكما قد جعل الله فيه البركة، فكُلَا من زكاته، وأحوالي جليلة، وأنا وأنتما سواء. وأحسنتُ إليهما غاية الإحسان، فمكثتا عندي مدة سنة كاملة، وصار لهما مال من مالي، فقالتا: إن الزواج خير لنا، وليس لنا صبر عنه. فقلت لهما: يا أختَيَّ، لم تَرَيَا في الزواج خيرًا، فإن الرجل الجيد قليل في هذا الزمان، وقد جرَّبتما الزواج. فلم يقبلَا كلامي وتزوَّجَا بغير رضاي، فزوجتهما من مالي وسترتهما، ومضتا مع زوجَيْهما، فأقاموا مدة يسيرة، ولعب عليهما زوجاهما، وأخذَا ما كان معهما، وسافرَا وتركاهما، فجاءتا عندي وهما عريانتان واعتذرتا، وقالتَا: لا تؤاخذينا، فأنت أصغر منَّا سنًّا وأكمل عقلًا، وما بقينا نذكر الزواج أبدًا. فقلت: مرحبًا بكما يا أختَيَّ، ما عندي أعز منكما. وقبَّلتهما، وزِدتهما إكرامًا.