صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/103

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٠٣ -

إن السلطان لما أراد الزحف عليهم أخرج اللواء النبوي من حجرة الخرقة الشريفة وسلمه للصدر الأعظم وشيخ الإسلام وقد فصل غيره من مؤرخي الترك هذا الخبر بأنهم لما أعلنوا بالعصيان أسرع الصدر الأعظم وعلماء الدولة وكبراؤها إلى قصر بشكطاش مقر السلطان وأعلموه بالخطب وانتقلوا معه إلى قصر طوبقبو الذي به الأمانات وتضرعوا إليه بإخراج اللواء الشريف فاستعظم الأمر وتمنع خشية من عطب يصيبه ثم ما زالوا به حتى رضي وذهب إلى حجرة الأمانات فأخرجه وحمله إليهم وهو يبكي وسلمه للصدر الأعظم وشيخ الإسلام فذهبا به إلى أت ميدان1 ومعهما المدفعية من جنود النظام الجديد لقتال أولئك البغاة ولما وصلوا إلى الميدان تقدم قاضي إستنبول وصاح قائلاً: من اختار اليكيجرية فليذهب إلى مراجلهم2 ومن اختار الإسلام فليضو إلى السنجق الشريف3 فأسرع أغلب الناس للانضمام إلى اللواء، ثم أطلقت المدافع على اليكيجرية وثكنتهم


  1. أت ميدان بتقديم المضاف إليه على المضاف كالقاعدة في التركية معناه ميدان اللحم لأنهم كانوا يوزعون فيه اللحم على اليكيجرية وكانت ثكنتهم مطلة عليه وقد أورده بهذا المعنى شمس الدين سامي في معجمه التركي ولكنه أورده في قاموس الأعلام بلفظ (آت ميدان) بمد أوله على أن معناه ميدان الخيل لأنهم كانوا يروضون فيه المهارى ويدربونها.
  2. كان من عادة اليكيجرية عند العصيان أن يقلبوا في الميادين مراجلهم التي يطبخون فيها طعامهم كأنهم يشيرون بذلك إلى رفضهم أكل طعام الدولة وخدمتها.
  3. السنجق أو السنجاق في التركية اللواء وكان يطلق في مصر على الكبير الحائز لرتبة أمير اللواء من أمراء الجراكسة الذين كانوا يحكمونها مدة العثمانيين، والظاهر أن أصله أمير سنجق ثم خفف بحذف جزئه الأول، كما يقال الآن للباشا من الجند لواء وأصله أمير لواء.