صفحة:الآثار النبوية (الطبعة الأولى).pdf/14

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٤ -

فيها على إسلامه، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه. ثم هداه الله إلى الإسلام فقدم المدينة وقصد المسجد فجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم تائباً مسلماً وأنشده قصيدته بانت سعاد المشهورة، فلما وصل إلى قوله:

إن الرسولَ لسيف يُستضَاء به
مهنَّد من سيوف الله مسلول

رمى صلى الله عليه وسلم إليه بردة كانت عليه1، فلما كان زمن معاوية رضي الله عنه أراد شراءها من كعب بعشرة آلاف درهم، فأرسل إليه يقول: ما كنت أوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً. فلما مات كعب اشتراها معاوية من أولاده بعشرين ألف درهم. قالوا: وهي التي عند الخلفاء العباسيين، وهو قول عز الدين بن الأثير في كتابيه: الكامل وأسد الغابة، والخوارزمي في مفاتيح العلوم، وابن هشام في شرح بانت سعاد، وأبي الفداء سلطان حماة في تاريخه، وابن حجر في الإصابة، ومؤرخين غيرهم كثيرين.

ولم يذكر ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية غير الرأي الثاني فقال: وقال الحافظ البيهقي: وأما البردة التي عند الخلفاء فقد روينا عن محمد ابن إسحق بن يسار في قصة تبوك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى أهل أيلة بردة مع كتابه الذي كتب لهم أماناً لهم، فاشتراها أبو العباس عبد الله بن محمد بثلثمائة دينار، يعني بذلك أول خلفاء بني العباس، وهو


  1. قال البغدادي في حاشيته على شرح ابن هشام على بانت سعاد: «ولهذا تسمت هذه القصيدة قصيدة البردة. وقد سمى الناس قصيدة البوصيري بقصيدة البردة تشبهاً بها للتبرك، والصواب تسميتها بالبرءة بالهمز لبرء ناظمها من الفالج».