صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/11

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–١١–

فقد وجب البحث فيها على طرز واحد، فعلى ما بين الآراء والمعتقدات من تباين في النتائج على الأكثر فان الطرفين من فصيلة واحدة تختلف عن فصيلة المعرفة اختلافات تاماً .

يرى القارئ أهمية المسائل التي نعالجها في هذا الكتاب وصعوبتها، فلقد تصورتها في سنين كثيرة تحت سماوات مختلفة، تارة وأنا أنعم النظر في الوف من الهياكل التي أقامها البشر منذ ثمانين قرناً تمجيداً لآلهتهِ التي استحوذت على خياله، وتارة وأنا تائه بين أساطين المعابد العظيمة العجيبة المنعكس ظلها على مياه النيل الجليل أو التي أقيمت على ضفتي نهر الغانج، وكيف أعجب لهذه العجائب من غير أن أفكر في القوى الخفية التي أوجدتها من العدم ؟

مصادفات الحياة ساقتني الى التنقيب عن فروع العلم الخالص وعلم النفس والتاريخ فاستطعت أن أدرس الطرق العالمية التي يصل بها الإنسان إلى المعرفة والى العوامل النفسية التي يتولد منها المعتقد، فالمعتقد والمعرفة هما التاريخ كله والحضارة كلها.


الفصل الثاني

طرق البحث في علم النفس

استعان علم النفس في تكوينه بطرق كثيرة، ولا نستفيد من هذه الطرق في بحثنا عن مسائل الآراء والمعتقدات، فسيرى القارئ من ذكرها مختصراً أننا لا نستطيع أن ننتفع بها في مباحثنا إلا قليلاً .

الطريقة الروحية . — الطريقة الروحية هي أقدم طريقة استعملت في البحث عن النفس، وقد امتد دور تطبيقها وحدها زمناً طويلاً، فالمفكر حسب هذه الطريقة كان يختلى في غرفة مطالعته متجرداً عن العالم الخارجي فیفكر في نفسه وفي ما استنبطهُ من النتائج في الكتب.