صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/14

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ۱٤ –

بينات قاطعة في هذا الموضوع، وسوف نرى أن كثيراً من مشاهير علماء الطبيعة زعموا أنهم عاشوا بين الاشباح وأن أحد اكابر الاساتذة في علم وظائف الأعضاء قص أنه استحضر الأموات وحادثهم وأن أستأذاً آخر ليس أقل فضلاً منه قال مؤكداً إنه رآی مقاتلاً لابساً خوذة خرج من جسم فتاة تامّ الاعضاء كما دل على ذلك خص دورته الدموية وآثار تنفسه.

تثبت لنا هذه الحوادث أن العقل عاجز عن التأثير في اكثر المعتقدات خطأ، ولكن لماذا يبدو من الانسان مهما تكن تربيته سذاجة متناهية عندما يدخل في ساحة المعتقد ؟ قد سعينا لاكتشاف هذا السر في توسيعنا نطاق البحث فدرسنا مصدر الحركة في أنواع الحيوان فظهر لنا أن ما أتي به العلماء من ایضاح لم يكن ناقصاً أو لاغياً الا لمحاولتهم تطبيق مناهج المنطق العقلى على حوادث لم يملها العقل أبداً، ثم بدا لنا أنه يوجد في حركات الحياة المعقدة – كما في عالم اللاشعور الذي هو باعث الحركة الحقيقي – انتظام لا تأثير للعقل فيه ولا يمكن تعيينه بالفاظ غير صريحة کالفظ « الغريزة » مثلاً.

و بتوغلى في هذه المواضيع تحققت وجود أنواع منطقية هي – مع ما بينها و بين المنطق العقلى من تباين – أرفع أو أدنى منه بحسب الأحوال، على هذه الصورة استطعت أن أضم إلى المنطق العقلى الذي علم منذ القديم والمنطق العاطفي الذي بُحث عنه منذ بضع سنين أنواعاً منطقية جديدة قد تنتضد وقد تتصادم مغيرة أوضاع نفسيتنا، والذي يسيطر منها على دائرة المعرفة لا علاقة له بالمعتقدات أصلاً، وهذا هو السر في كون العالم في الفكر النير قد يأتي بآراء عقلية متناقضة حسب وجوده في دائرة المعرفة أو في دائرة المعتقد.

وليس علينا أن نطالب علم النفس المزاول ايضاح تلك المسائل، فقد ذكر علماء النفس ولا سيما ویلیام جیمس « أن علماً يدب الانتقاد النظري في جميع مفاصله لسريع العطب » ثم قال « إننا ننتظر وميضاَ ينفذ ظلام الحقائق النفسية الأساسية »، ونحن مع كوننا لا نشاطر تماماً رأى هذا المفكر الشهير قوله « إن كتب علم النفس