– ٢ –
البابُ من العلم، أو الكلمةُ من الصواب — وهو في البلد غير المأهول١— فيكتُبُه على الصخور مبادرةً للأَجَل، وكراهِيةً منه أنْ يَسْقُط٢ ذلك عمَّن بعدَه.
فكان صَنِيعهم في ذلك صنيعَ الوالد الشفيق على وَلدِه، الرحيم البَرِّ بهم، الَّذِي يجمع لهم الأموال والعُقَد٣: إِرادةَ أن لا تكون عليهم مؤُونةٌ في الطلبِ، وخَشْيَةَ عَجْزهِم، إنْ هم طلبوا.
فمُنتهى عِلْمِ عالِمنا في هذا الزمان أنْ يأخذ من عِلمهم، وغاية إحسانِ مُحسننا أنْ يقتديَ بسِيرتهم، وأحسنُ ما يُصيبُ من الحديثِ مُحَدِّثنا أنْ ينظر في كتبهم. فيكون كأنهُ إياهم يُحاوِرُ، ومنهم يستمع، وآثارَهم يتَّبع، وعلى أفعالهم يحتذي، وبهم يقتدي.