صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/128

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١١٢

الحين يدعونني الأخ مبارك ولكنهم لم يعاملونى قط كأخٍ لهم، كانوا يتنعمون باللحوم والمآكل الشهية ويطعمونني الخبز اليابس والبقول المجففة ويتلذذون بالخمور والمشارب الطيبة ويسقونني الماء ممزوجًا بالدموع، ويتضجعون على الأسرة الناعمة وينيمونني على فراش حجري في غرفة مظلمة باردة بجانب زرائب الخنازير فكنت أقول في نفسى: متى أصير راهبًا يا ترى فأشارك هؤلاء السعداء بغبطتهم، وأصبح خليقًا بملذاتهم ومسراتهم فلا تقطع قلبي رائحة الطعام، ولا تعذب كبدي ألوان الخمور، ولا ترتعش روحي لصوت الرئيس. ولكن باطلًا كنت أتمنى وأحلم لأنني بقيت أرعى البقر في البَرِّيَّة وأنقل الحجارة الثقيلة على ظهري وأحفر التراب بساعدي، بقيت أفعل كل ذلك لبقاء الخبز الدنيء والمأوى الضيق لأنني لم أكن أعلم بأنه يوجد