صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/78

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦٢

بجانب القبرين ووضعته فيه: وبعد أن غمرته بالتراب أخذت قطعتين من الخشب وصنعت منهما صليبًا وغرسته فوق رأسه. ولما تحولت نحو الوجهة التي جاءت منها أوقفتها قائلًا: «ما غرَّكِ أيتها المرأة فجئتِ تدفنين لصًّا سارقًا»

فنظرت إليَّ بعينين غارقتين مكحولتين بأشباح الكآبة والشقاء وقالت: «هو زوجي الصالح ورفيقي الحنون ووالد أطفالي. خمسة أطفال يتضورون جوعًا أكبرهم في الثامنة وأصغرهم رضيع لم يُفطم … لم يكن زوجى لصًّا بل كان زارعًا يفلح أرض الدير ويستغلها ولا يحصل من الرهبان إلا على رغيف نتقاسمه عند المساء ولا تبقى منه لقمة إلى الصباح … مذ كان فتى وهو يسقي بعرق جبينه حقول الدير ويزرع عزم ساعديه في بساتينه. ولما ضعف وانتهبت أعوام العمل قواه وراودت الأمراض جسده أبعدوه قائلين: ( لم يعد الدير محتاجًا إليك فاذهب