صفحة:الأسلوب العلمي والتأريخ.pdf/1

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦٣
الأسلوب العلمي والتأريخ

الأسلوب العلمي والتأريخ
للدكتور أسد رستم
يعنى الدكتور أسد رستم بتأليف كتاب في مصطلح التاريخ
أو علم «المثودولوجية». وبعد أن بحث في جمع الأصول،
والعلوم الموصلة، ونقد الأصول، طرق موضوعين هامين هما
تنظيم العمل، وتفسير النص. فرأينا أن نعرضها نموذجاً لموضوع
جديد في آداب اللغة العربية لم يسبق أن طرقه باحث آخر.
تنظيم العمل

يجدر بالمؤرخ المدقق، بعد ولوج هذه الأبواب الثلاثة، أي بعد أن يكون قد جمع الأصول، ونقدها، وتمكن من العلوم الموصلة إلى فهمها، أن ينتج ما جمع من الأصول، ويتبع خطة عملية رشيدة في استخلاص المعلومات منها. وقد أدرك المنفعة من مثل هذا العمل خاصة الناس وعامتهم، وأجمعوا عليه في حياتهم الشخصية. فقالوا بوجوب ترتيب الثياب في الخزائن والجوارير، ووضع أواني المطبخ في محلات معينة لها، وذلك لتسهيل الوصول إليها وعدم ضياع الوقت في التفتيش عنها.

وعلى الرغم من هذا لا نزال نرى بعض علمائنا يقضون السنين الطوال في البحث والتنقيب وجمع المعلومات، وعندما تضطرهم الظروف للرجوع إليها، يستغلقُ الأمر عليهم ويعسر الوصول إلى ما يريدون مما جمعوا، إلا بعد العناء الطويل. ونحن نعرف صديقاً لنا قضى عمره في درس تاريخ لبنان الحديث، فوقف على جلائله ودقائقه، وأصبح أعرف الناس به، ولكنه قليل الترتيب في تدوين ما يعلم. فإنك لو طلبت إليه أن يطلعك على مرجع من المراجع التي أخذ عنها، ودخلت مكتبته، لو فعلت هذا لرأيته يطلب دفتراً قديماً هنا، وهامشاً هناك، وقصائص أوراق دَوَّن في الواحدة منها معلوماتٍ