صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/10

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

حولها في منازل متفرقة ، كل منها باسم قبيلته ؛ ونزح اليها جماعات من سكان القرى والأرياف القريبة ؛ ثم هاجر اليهـا أسر وافراد من عناصر مختلفة وردت من فارس والهند والحبشة ، وكل ما يمكن ان يحمله البحر إلى سكان السواحل القاصية والدانية وانصهر هذا الخليط من النازحين في الأكثرية العربية ، فتكلم لغتها واعتنق دينها الإسلام

وهكذا لم تمض حقبة طويلة من الزمن عليها حتى اتسع العمران فيها وامتدت رقعتها الى عدة فراسخ مربعة ، وتضخم عدد قاطنيها خلال عصر واحد إلى ما يقرب من مائتي الف نسمة ، وتبلور في حوضهـا طبقات اجتماعية تميزت عن بعضها بنفوذها وثرائها ومنعتها وفي مقدمتها « الطبقة الخاصة » المتكونة من الأسر العريقة المنحدرة من الأمراء والقواد والولاة الذين حكموا المدينة ولعبوا أدواراً مهمة في تاريخ الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين وايام بني امية ؛ وجلهم من العرب من مختلف القبائل١

وكانت هذه الطبقة ذات ثراء واسع بفضل ما استولت عليـه من مقاطعات زراعية كبيرة خلال انشاء مدينة البصرة أو بعد ذلك بقليل ؛ وذات قوة وشكيمة لانتماء معظم أسرها الى تلك القبائل التي استوطنت اطراف المدينة واحتفظت ببأسها وشدتها وعنعناتها القبلية

وتليها « الطبقات الوسطى » على اختلاف درجاتها واصنافها وفيها

التجار والزراع والصناع وارباب المهن الحرة والعمال والكاسبون بكدهم


  1. ذكر المؤرخون عدداً كبيراً من هذه الأسر التي عاشت إلى عهد الاصمعي وعرفت بمكانتهـا الاجتماعية وسعة ثرائها كأسرة «المهلب » و « بنو نافع » و « أبناء معقل » و «آل قتيبة » و « أبناء عامر » و « البلاليون » واسرة « ابي بكرة » ، نسبة إلى كل من المهلب بن أبي صفرة ، ونافـع بن الحارث ، ومعقل بن يسار ، وقتيبة بن مسلم الباهلي بن عامر بن كريز ، وبلال بن أبي بردة ، ونفيع بن الحارث بن كلدة المعروف أبي بكرة وهو اخو زياد بن ابيه من أمه .. ولكل من هؤلاء وغيرهم تاريخ معروف .
– ۱۲ –