صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/23

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

والنقد والتحليل من صنف واحد ، وهنالك جمهرة من الظرفاء يعرفون بـ « المسجديين » ، يتخذون المسجد ندوة لهم ، فيطيلون مكوثهم فيه ، وغشيانهم له . ولم يكونوا ـ في الواقع - ولكنهم خليط من الناس ، فيهم الراوية والأديب الحكمة فتراهم يستطرفون من هذه الثقافات التي و يحضرون حلقـات الأساتذة المعروفين بالأدب والشاعر والعالم ومصطنع يزخر بها جو المسجد والظرف وخفة الروح ، ليستمتعوا بما يقع في مجالسهم من نادرة طريفة أو شعر رقيق او رواية فكهة ، او ملحة عذبة أو غلطة تنتثر حولها نكات لاذعة و بعض هؤلاء المسجديين لا يغرق في علم من العلوم ، ولكنهم يصيبون من هذا وذاك ، ثم يجلس بعضهم إلى بعض ، يتحدثون في شتى الأحاديث ويتجاذبون أطراف المسائل والنوادر على أن فيهم من كان ، فلا يكاد يلازم الحلقات بجد لأجل التحصيل والاغراق في الفائدة والعلم يبدأ بالأخرى ، ثم يعود في ساعات فراغه للاجتماع ينتهي من حتى بصحبه من هؤلاء المسجديين الظرفاء حلقة 6 ولم يكن لأساتذة المسجد من شيوخ الحلقات هؤلاء رواتب يتقاضونها من جانب حكومي او شبه حكومي لقاء اضاءة اوقاتهم في اعطاء الدروس (1) ؛ وانما كانوا يتبرعون بذلك في سبيل الخير والنفع العام ، ويرون في عملهم هذا شيئاً التقوى والتقرب إلى الله فكان بعضهم يشتغل بالمهن الحرة كالتجارة والصناعة لسد حاجته ، وكسب ما يعيش به ، ان لم يكن غنياً واسع الحال ؛ وامـا الفقير الضعيف منهم فيقبل فرضـاً من امير موسر او ثري من (1) كان بعض هؤلاء العلماء يشتغل بالتجارة ، وبعضهم يقبل الفرض ، وآخرون يعيشون في کفاف . - ۲۰ -