صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/5

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

كلِمَة

لم يكن الأصمعي نكرة ولا مجهولا لدى قراء العربية، ولكـن القليل من الناس من يعرف الحقيقة في سيرة هذا النابغ الذي لمعت شخصيته العلمية في المرحلة الأولى للحضارة الإسلامية وشغـل اللغويين وأرباب الأدب بآثاره الغزيرة القيمة، وما زال يشغلهم حتى اليوم لأن ما نشر عنه في ثنايا كتب التاريخ وسير الأعلام لم يتجاوز صفحات معدودة تناقلها المؤلفون بعضهم عن بعض مع قليل من التغيير والتحوير ؛ كما تبعثر القسم الأعظم من اخبـاره في الطرف والنوادر التي رواهـا عنه معارفه ومعاصروه ؛ وضاع الباقي من تاريخ حياته مع ما ضاع من تراثنا القديم .

وما كان الاصمعي ـ في حياته ـ محايداً ولا منطويا على نفسه وعلمه وأدبه، ولكنه كان عضواً فقالا في مجتمعه، غزير الحيوية، متدفق النشاط، واسع مجال الحركة والعمل ناوأ الشعوبيين، وقاد معسكر القومية العربية ضدهم في صراع عنصري فكري عنيف ودخل بلاط هارون الرشيد فتألق نجمه فيه، وقاوم مع من قاوم الجبهة الفارسية التي تزعمها البرامكة، وكان له أثر في مصرعهم وناضل عن عقيدته ومذهبه تجاه النزعات والاهواء المذهبية الناشبـة يومئذ ـ في مدينة البصرة فكثر خصومه وحاسدوه وشانئوه، وقالوا عنه ما ليس فيه، وحملوا عليه ما لم يكن له، ونسبوا اليه ـ بعد موته - ما هو براء منه ؛ فشوهوا الحقيقة في شخصه، وبنوا التناقض والفوضى في جوانب سيرته

– ٧ –