صفحة:الأيضاح لمتن أيساغوجي في المنطق.pdf/4

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٤ –

درج هذا العلم في أحضان المدارس اليونانية التي كانت مصدر الإشعاع الفكري، والنور العلمي، والنظر الفلسفي، وكمن فيها مدة تسلط اليونان وعلو شأنهم، فلم يغادر بلادهم، ولم ينزح عن وطنه حيث رجاله ومحبوه

ولم يكن للعرب في جاهليتهم كلها ولا في أول عبده بالإسلام علم بالمنطق وقواعده إلا ما كان في فطرتهم وسلائقهم من استواه القول وبيان الحجة. ووضوح الدلالة. فلما جاء عصر الدولة العباسية، وكانت أغلبية العالم المعروف حينذاك، وأكثرية الأمم قد دخلت في الإسلام، وكان الحوار قد أخذ في المسائل الدينية مأخذًا غريبًا، والجدال بين الطوائف – التي أوجدها اختلاف نزعات الأمم الداخلية في دين الله – قد اشتد، والمناقشة قد اندلع لهبها: أمر الخليفة المأمون بترجمة هذا العلم ليكون عونًا لهم على المناظرة، وليشتد به ساعدهم في دحض مفتريات المبتدعة وأهل الضلال. ومن ذلك الحين عرف المنطق بقواعده، ووضعت طرقه لأهل اللسان العربي فتعلقوا به وخاضوا غماره، وحرصوا على تحصيله حتى كان من أثر هذا الحرص أن جعلوه في كل عام، وتكلموا به في كل موضوع.

ونبغ في هذا الفن وفي غيره من فنون الفلسفة رجال كثيرون كان لهم الباع الطويل واليد البيضاء في إعادة مجد اليونان العلمي