نُحِبُّها وَنْرَضاها، وَيُلائمُ ذَوْقُها ذَوْقَنا، وشُعورُها شُعورَنا، فكانَ لا بُدَّ لَهَا أَنْ تَعْرِفَ مَوَاقِعَ أهْوائِكُمْ، وَمَسارِحَ أَنظاركم، لَتَتَجَّملَ لَكُمْ بِمَا تُحِبُّونَ، فَرَاجَعَتْ فِهُرِسَ أَعمالكم في حياتكم صفحةً صفحةًَ فَلَمْ تَرَ فيهِ غَيْرَ أسْماءِ الْخَلِيعاتِ المُسْتَهْتِرَاتِ، وَالضَّاحِكَاتٍ اللَّاعباتِ، والإِعجابَ بِهِنَّ، والثناءَ على ذَكائِهنّ وفِطْنتِهِنَّ، فَتَخَلَّعَتْ واسْتَهْتَرَتْ لِتَبْلُغ رِضاكُم، وَتَنْزِلَ عِنْدَ مَحَبَّتكُمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَتْ إلَيْكُمْ بِهذا الثَّوبِ الرَّقيقٍِ الشَّفَّافِ تَعْرِضُ َنَفْسَها عَلَيْكُمْ عَرْضاً كما يَعْرِضُ النَّخَّاس أَمَتَهُ في سوق الرَّقِيقٍ َفأَعْرَضْتُم عنها، وَنَبَوْتُمْ بها.
وَقُلْتُمْ لها: إِنَّا لا نتزوج النِّسَاء الْعاهِرَاتِ، كَأَنَّكم لا تُبالُونَ أَنْ يَكُونَ نِسَاءُ الأُمَّةِ جميعاً ساقِطاتٍ إِذَا سَلِمَتْ لَكُم نساؤُكُمْ، فَرَجَعَتْ أَدْرَاجَهَا خَائِبَةً مُنْكَسِرَةً، وَقَدْ أَباها الخليعُ، وتَرَفَّع عنها المُحْتَشِمْ، فَلَمْ تَجِدْ بَيْنَ يَدَيْها غَيْرَ بابِ السُّقوطِ فَسَقَطْتَ.