صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/18

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-١٨-

تختلف الناس فيما يتداعى اليهم من المعاني الى أن ترى صورا تتوارد على شخص متعاقبة وهي في خيال آخر لا تتقارن البتة ، قال أحد الفلاسفة إني لا أسأل عن السبب في ان معنى من المعاني يدعو آخر ويأخذ بناصيته ولكني أبحث في شيء آخر وهو ان المعنى الواحد قد يختلف تواليه باختلاف الاشخاص، ثم قال ويمكن الجواب عن هذا بأن الناس يختلفون في ميولهم وشعب وجهتهم في الحياة ، فكل معنى يدعو لصاحبه ما هو ألصق بميله وأقرب الى عمله

وإيضاح هـذا الجواب ان توالي المعاني يختلف باختلاف الاشخاص لاحد سببين (الاول) إن الدواعي والعواطف النفسية لها مدخل في تجاذب المعاني واسترسالها على الخيال ، فالطمع أو الحاجة أو الرهبة مثلا تستدعى المعاني العائدة الى المديح أو الاستعطاف ، والغرام يستدعى المعاني الغزلية ، والكآبة والاسف يستدعيان معاني الرثاء أو الشكوى ، والسرور يستدعي معاني اللائقة بالتهنئة ، والاعجاب بالنفس أو العشيرة يستدعي معاني الفخر والحماسة ، فالزاهد في الدنيا لا يسع خياله من معاني الاطراء والملق ما يسعه خيال الحريص عليها ، والخالي من عاطفة الغرام . لا يخطر على قلبه من معانى التشبيب ما يخطر على قلب