صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/24

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٢٤–
هذه الازهار في منظرها
وشذاها مثل أزهار الربا

لاستبردت شعره لاول وهلة وأخذت تهزأ به كماهزأت بقول الآخر

كأننا والماء من حولنا
قوم جلوس حولهم ماء

بيد أن ذلك التشبيه نفسه لو يصدر من العالم بالنبات في الرد على من يدعي ان هذه الازهار ليس لها لون ولا نفحات عاطرة كالازهار التي تنبت على الربا لاصغيت اليه سمعك وتلقيته منه بكل وقار. وما ذاك الا لان الاول قابله بوصف كونه شاعراً ولم يأت فيه على عادة الشعراء بشيء من التخييل وأما الثاني فانما ألقاه اليك في صدد البحث عن الحقيقة فلا تنتظر منه أن يصله بشيء من عمل الخيال

والاستعارة يصنع فيها الخيال ما يصنع في التشبيه المجرد من الاداة الا انها تعرض عليك المشبه في صورة المشبه به على وجه أبلغ ولا سيما اذا أضيف اليها بعض معان عهـد اختصاصها بنوع المشبه به أعني ما يسميه البيانيون ترشيحا، ومن أبدع ما نسج على منوالها قول البارودي

من النفر الغر الذين سيوفهم
لها في حواشي كل داجية فجر
اذا استل منهم سيد غرب سیفه
تفزعت الافلاك والتفت الدهر